< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، الاقوال في مقتضی القاعدة، القول بالاحتياط و القول بالجمع

تتمة للقول بالاحتياط

كان الكلام في الأقوال المعنونة علی مقتضی القاعدة، التخيير أو الترجيح أو الإحتياط أو الجمع، تارة علی صعيد المسئلة الأصولية و تارة علی صعيد المسئلة الفقهية. إن الموازين في المسئلة الأصولية تختلف عن الموازين في المسئلة الفقهية. نظير ما يقال أن الموازين في القضاء تختلف عن الموازين في الفتيا و المسئلة الفتوائية. ما الفرق بين الموازين في الفتيا يعني القواعد والضوابط التي يستند اليها الفقيه في الفتيا عن القواعد و الضوابط التي يستند اليها القاضي في القضاء؟ فيه فرق، تقريبا المسئلة الفتوائية مثل المسئلة الفقهية، أحكام الأشياء بحسب الحكم الأولي و ما شابه ذلك، أما في القضاء القضاء ناظر إلی الأبواب الفقهية و إلی الموازين الفتوائية يضيف عليها موازين أخری و هي موازين باب القضاء فالنسبة بين المسئلة القضائية و المسئلة الفتوائية نسبة طولية و هي ناظرية القضاء للفتواء، كذلك في الحقيقة الحكم الظاهري هو المسئلة الأصولية ناظر للحكم الواقعي الأولي و هو الفقهي. فإذاً أيضا المسئلة الأصولية نسبتها مع المسئلة الفقهية نسبة طولية. فالموازين في المسئلة الأصولية عموما و غالبا تختلف عن الموازين في المسئلة الفقهية و الأبواب الفقهية و ضوابط الباب.

أما موازين المسئلة الأصولية فمبحوثة عنها في علم الأصول، طبعا نفس المسئلة الأصولية ونفس علم الأصول تفرض فيها المراتب يعني المسئلة الأصولية فوق مسئلة أصولية أخری و ناظر لها و رتبته أبعد طولا و تفرض إلی ثلاثة مراتب أو أربعة أو ستة. يعني نفس علم الأصول أيضا طبقات كما أن علم الفقه أيضا طبقات. عندما يقال المسئلة الأصولية والمسئلة الفقهية هذا تقسيم إجمالي و إلا نفس المسئلة الفقيهة طبقات و المسئلة الأصولية أيضا هكذا، لكن إجمالا العلم الأصول يبحث عن الحكم الظاهري الكاشف والناظر و المعذر تجاه الحكم الأولي الفقهي في المسئلة الفقهية.

الكلام كل الكلام هذا المطلب، إن الإحتياط الذي بحث عنه علماء علم الأصول في العلم الإجمالي و منجزية العلم الإجمالي و ضوابط العلم الإجمالي و تنبهاته و البرائة و تنبيهات البرائة هذان القاعدتان في العلم الإجمالي من الاشتغال و البرائة نتيجتهما تطبق في المسئلة الفقهية، عندك علم إجمالي بأن احد الطرفين نجس أو علم إجمالي بأن صلوتك الظهر إما قصر أو تمام لو شككت، فيجب أن تحتاط بالمجيء بكلاالطرفين فالنتيجة تطبق في المسئلة الفقهية. هي قاعدة أصولية نتيجتها تطبق في المسئلة الفقهية فيقال هذا الإحتياط قاعدة أصولية لكن طبقت في الحكم الفقهي و المسئلة الفقهية. أما الإحتياط الذي ذكر في الإنسداد هو نفس العلم الإجمالي لكنه طبق في المسئلة الأصولية في باب الإنسداد، إشتغال عندنا علم إجمالي كبير بصدور الأحكام وا لحجج و علوم إجمالية كثيرة صورت في باب الإنسداد هذه العلوم الإجمالي طبقت في المسئلة الأصولية بأن في الحجج عندنا علما اجماليا لتكون النتيجة أصولية حجية الظنون و يسمونه الظن الإنسدادي فهنا لاحظ الإحتياط لم يعمل في الفقه بل يعمل في الأصول، بالعكس أحد محتملات الإنسداد هو أن الإحتياط في الفقه و المسئلة الفقهية ممتنع أو حرج أو غير مرغوب عند الشارع فلاتعمل قاعدة الإحتياط في المسئلة الفقهية بل عملت في المسئلة الأصولية، بالتالي مر بنا أن المسئلة الأصولية طبقات و ليست طبقة واحدة فنلاحظ أن قاعدة الإحتياط تارة تطبق في المسئلة الأصولية و تارة تطبق في المسئلة الفقهية و المسئلة الأصولية و هي الوقوف علی الحجج ومراتب الحجج و ما شابه ذلك من عمل الفقيه والمجتهد و ليس من عمل العامي فإذاً خلاصة البحث أن الإحتياط تارة في المسئلة الأصولية وعمل المجتهد وتارة في المسئلة الفقهية يعني في عمل المكلف كما أن التخيير كذلك، التخيير في الحجية و تارة في المسئلة الفقهية و الترجيح أيضا هكذا.

مثال كنا أمس فيه. نترك هذا المثال إلی مبحث قضاء معين و نخوض فيه.

الجمع الأصولي و الجمع الفقهي

كذلك القول بالجمع، عندنا الجمع في المسئلة الأصولية وتارة الجمع في المسئلة الفقهية.

الجمع إذا كان في الدلالة و المدلول شغل الدلالة والمدلول ليس من عمل العامي بل من عمل الفقيه فيعبر عنه الجمع في المسئلة الأصولية. المسئلة الأصولية ليست بضرورية أن تكون طبقة واحدة و مسئلة واحدة نفس المسئلة الأصولية قد تفرض مسائل أصولية ذات طبقات. فمثلا عندما يعرّف الجمع الدلالي ليس من الضروري ان يكون في المسئلة الأصولية فقط الجمع الدلالي يمكن ان يفرض بعده شيء آخر المهم الجمع في المسئلة الأصولية يعني الجمع من عمل الفقيه يعني للفقيه عمل يجمع بينهما، عمل إجتهادي وإستنباطي هذا هو المراد من الجمع الأصولي.

الجمع العملي يعني يأخذ بمفاد كلاالطرفين مثلا النص الوارد الذي أشار اليه الشيخ الأنصاري في الودعي الذي يستودع. ودّع مودع ودعيا درهما و مودع آخر ودعه درهمين فثلاثة دراهم صارت عند الودعي المستودع و ضاع أحد الدراهم بدون التفريط؟ فهذان الدرهمان الباقيان لمن؟ لصاحب الدرهمين أو صاحب الدرهم الواحد؟ واضح أن هذا الدرهم المردد فيه إما لصاحب الدرهم كلا أو لصاحب الدرهمين كلا. علم إجمالي عندنا بينما النص الوارد في ذلك هو أن يعطي صاحب الدرهمين درهما و نصفا و يعطي صاحب الدرهم نصفا من الدرهم من باب قاعدة العدل والإنصاف و هذه القاعدة جمعت بين الإحتمالين. هذا جمع عملي و الجمع العملي جمع فقهي و ليس جمعا أصوليا.

هذا النص في أبواب كيفية الحكم في كتاب القضاء و هذا مثال مهم و مرتبط ببحث التعارض. أبواب كيفية الحكم الباب الثاني عشر باب «حكم تعارض البينتين و ما ترجح به إحداهما و ما يحكم به عند فقد الترجيح» باب كامل ذكر فيه صاحب الوسائل قرابة من خمسة عشر رواية. هذه الروايات كلها فيها قضية للترجيح بالعدد أو الترجيح بالأمارات الأخرى فان فقد الترجيح يعمل بكلا البينتين للطرفين المتنازعين.

صاحب اليد جاء بالبينات و غير صاحب اليد أيضا جاء بالبينات و ليس بينهما ترجيح ماذا يصنع؟ تقسم الدار إلی نصفين أو بشكل آخر مذكور في الروايات. إجمالا هذه الروايات و فيه الثقات و المعتبرات و الموثقات. و الصور مختلفة إجمالا فيه بحوث قضائية مختلفة و لاندخل فيه إلا الجهة المشتركة بما نحن فيه. أن مع تعارض البينات ليس التساقط و ان كان في الشبهة الموضوعية و ليست شبهة حكمية لكن هذا الناموس الأصولية التي تقول بالتساقط لايختلف سواء في الشبهة الموضوعية أو الشبهة الحكمية لأنه أسس القائل بالتساقط و هو قول قديم حتی صاحب المعالم ينقله ممن عاصره لكن قليل أو نادر قائله و ليس كثير قائله أيّا ما كان هذا القائل سيما ما أصر عليه الميرزا الناييني علی القول بالتساقط لايعتمد علی أن تكون الشبهة الموضوعية أو الشبهة الحكمية بل يعتمد علی أن الأمارة و الكاشف التدافع فيها متناقض لأصل حقيقة الكشف، هذا البيان يصر علیه الميرزا الناييني و تلاميذه و السيد الخويي و تلاميذه. إذا كان هكذا لايفرق بين الشبهة الحكمية و الشبهة الموضوعية لأنها خاصية الامارة لكن بالعكس هذه الخمسة عشر رواية في نزاعات عديدة في الأعيان يفرض أن هذه البينات لاتتساقط بل يعمل بها بالجمع العملي لاالأصولي. الجمع بها مهما أمكن أولی من الطرح بالأولية المتعينة لاالندبية.

في الرواية «عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (عليه السلام)، أن أمير المؤمنين (عليه السلام) إختصم إليه رجلان في دابة، وكلاهما أقاما البينة أنه انتجها، فقضى بها للذي في يده وقال: لو لم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين». الكلام في الفقرة الأخيرة لأنه مع اليد الترجيح باليد ومع عدم الترجيح قال عليه السلام: لولم تكن في يده جعلتها بينهما نصفين. هذه البينة تقول كل الدابة له بينما تلك البينة تقول كل الدابة للثاني. هذا جمع عملي يعني عمل بمقدار بهذه البينة و بمقدار بهذه البينة و لم يسقطهما.

الرواية التي بعده «عن تميم بن طرفة أن رجلين عرفا بعيرا فأقام كل واحد منهما بينة، فجعله أمير المؤمنين (عليه السلام) بينهما.» هكذا و هذا الباب الثاني عشر من أبواب كيفية الحكم من كتاب القضاء، الروايات المستفيضة أن للبينات في باب القضاء عند التعارض لاتتراح و هذه القاعدة في باب القضاء لايحق و لايصح للقاضي أن يسقط البينات المتعارضة عند المتنازعين. في الدرجة الأولی يرجح و ان لم يمكن الترجيح بالموازين تصل النوبة إلی العمل لاالتخيير. يعني ما بين الترجيح و التخيير هو الجمع العملي سنخا يخالف التخيير و يغاير الترجيح.

السيد اليزدي رحمه الله عنده كتاب العروة الوثقی و هو كتاب قيم مع حواشيه و المراجعة إلی العروة و حواشيها أجسم بكثير علميا، فإذا عود الباحث نفسه الرجوع إلی العروة يغنی كثيرا. سيما مع الحواشي، المهم العيش في هذا الكتاب و هو العروة وحواشيها ضروري جدا يعلق و يثقل الملكة العلمية للباحث. يعني فيه خلاصات لجهود علمية كثيرة متن العروة و حواشيها يعني لو يتباحث الفاضلان في نفس العروة و حواشيها يعطي الانسان قوة علمية عجيبة، طبعا البحث فيها يعني النقاش في النكات. يصير دورة مركزة دقيقة هذا كان دأب رواد النجف قديما قبل خمسين أو ستين أو ثمانين دأبهم مباحثة العروة. رحمة الله علی أستاذنا السيد محمد الروحاني مع السيد علی بهشتي زميله و كانا من الدورة الأولی من السيد الخويي تباحثا في العروة خمسة عشر سنة. بحثا صناعيا. هذا متن العروة للسيد اليزدي الجرء الأول والثاني لكن عنده ملحقات العروة كل هذه العروة الجزء الأول و الثاني كأنما هي القسم الأول و ملحقات العروة القسم الثاني و فيه مبحث القضاء و فيه الصدقات و عدة كتب والمستوی العلمي فيها أكثر غوثا من المستوی العلمي في الجزئين الأولين من العروة و هذه الملحقات تستحق أن تباحث و مباحث مهمة و حساسة و دقيقة و صعبة و مباحثتها جدا مفيدة. هناك السيد اليزدي في ملحقات العروة في القضاء يؤسس أن الذي ورد في القضاء في الباب الثاني عشر من كيفية الحكم هذا ليس تعبدا خاصا في القضاء هذا هو مقتضی القاعدة عند تعارض الأمارات مطلقا سواء في الشبهة الحكمية أو الشبهة الموضوعية في القضاء أو غير القضاء. هذا الذي ذكره السيد اليزدي في ملحقات العروة.

سنواصل شرح الأقوال علی مقتضی القاعدة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo