< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/08/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض و التعادل و التراجيح

وصلنا إلی هذه النقطة أن الشيخ الأنصاري رحمه الله يبني في تعريف التعارض علی أنه التنافي بين مدلولي الدليلين باعتبار أن المدلولين إذا كان بينهما وفاق و لئام أيّ معنی للتعارض من ثم يجعل مركز التعارض التنافي بين المدلولين لاالدليلين و لاسيما ما قرره الأصوليون ان التعارض منشأه التناقض في الحكم علی صعيد المرتبة الإنشائية فعلی هذا التقرير للتعارض كأنما هذا داعم لكلام الشيخ أن التنافي مركزه المدلول و هو الحكم في مرتبة الإنشاء فمن ثم الشيخ الأنصاري يصر علی أن التعارض مركزه تنافي مدلولي الدليلين.

المرحوم الآخوند بإعتبارٍ يری أن هناك توفيقا دلاليا قد يكون في البين مثل ما إذا كان أحد الدليلين رتبته أقوی من الدليل الآخر، مثلا دليل اجتهادي و أصل عملي أو فيما بين الأدلة الإجتهادية مراتب أو في ما بين الأصول العملية مراتب فالاقوی رتبتا أو المقدم رتبتا يقدم علی الأضعف رتبتا و لو كان المدلولين متنافيين، فلاحظ المرحوم الآخوند علی أن الدلالة لها دور فالتنافي علی صعيد الإثبات و الدلالة هو امر مهم في بحث التعارض، الأدلة أن لاتكون في رتبة واحدة و كذا، فمن هذه الجهة جعل المرحوم الاخوند صاحب الكفاية مركز التنافي هي الدلالة تنافي الدليلين، لاالمدلول نفسه بل الدلالة و دليلية الدليل و هلم جرا.

علی كل، كل من القولين إختاره جماعة من الأعلام و ما شابه ذلك لكن الصحيح كما مر بنا في النقطة السابقة من التمهيد أن التنافي ماخوذ فيه كلاالحيثيتين، يعني مراتب الدلالة ماخوذة. كما مر بنا لدينا تعارض بحسب الدلالة ولدينا تعارض بحسب المدلول و ذات المدلول أو قل لدينا معالج موضوعي و لدينا معالج محمولي و عندنا معالج دلالي و معالج قانوني، القانوني يعني ذات المدلول في نفسه فبالدقة في الحقيقة حيثيات متعددة في التعارض مقررة و موجودة ومن ثم عكس التعارض المعالجة أيضا لها حيثيات متعددة، فالتعدد موجود من جهات عديدة وليس من جهة واحدة فالمعالج كما مر موضوعي و محمولي و كل منهما دلالي أو قانوني أيضا، ربما يقسم الدلالي و المدلولي و حتی القانوني يمكن أن يقسم المعالج الدلالي و المدلولي و العلاج الدلالي يقسم إلی المعالج الدلالي و المعالج المدلولي و هذه الحيثيات مهمة و يجب الالتفات اليه.

مربنا سابقا ذات المدلول بدون وصف المدلولية، هو الواقع في نفسه.إذا لوحظ ذات المدلول في نفسه و إذا لوحظ ذات المدلول بوصف المدلولية صار النظر إلی الحكم أو الشيء لكنه في أفق الوجود الدلالي لافي نفسه هذه حيثية ثانية و حيثية ثانية إذا لوحظت الدلالة لابحاظ ذات المدلول و المدلول بل الدلالة في نفسه يعني دليل إجتهادي و دليل أصل عملي، دليل الدليل كذا.

المهم فيمكن النظر إلی حيثية الدلالة في نفسه بغض النظر عن المدلول، فهذا في الحقيقة بينها إفتراق في الآثار حتی في المرجحات كما سيأتي، بحث أنه هل بين المرجحات ترتب طولي أو لا؟ هذه الأمور يجب أن تتم التحقيق فيها و ضروري جدا.

هناك مراتب في ذات المدلول و هناك مراتب في ذات المدلول بوصف المدلولية و هناك مراتب في الدلالة وكلها يمكن أن تكون منشأ للتوفيق و الجمع لرفع التعارض ويمكن أن تكون منشأ للتنافي والتعارض عكس التوفيق والجمع لذا المهارة الصناعية عند الفقيه و المستنبط أن يدقق في تعدد هذه الحيثيات. هذا مع العلم بأن كل حيثية فيها مراتب و هذه النكتة جدا مهم، تقسيم المعالج و المعالج يعني التوفيق في مقابل التنافي و بالتالي ينقسم التنافي أيضا هذه نكات يجب أن لايغفل عنها الانسان.

نقطة جديدة بعد بحث التعارض و يمكن التعارض أن يعرف بتعاريف عديدة جدا. نقطة جديدة و حساسة جدا. هذا بحث التعارض هو كله خطير و حساس. هذه النقطة أبداها علم الحديث و تسمی هذه النقطة عنوانها علل اختلاف الحديث يعني الأسباب والمناشئ بسببها يختلف الحديث مع بعضها البعض و هنا إختلاف الحديث ليس خصوص التعارض والتنافي بل المراد هنامطلق الإختلاف حتی لو لم يكن تعارضا، مستقرا كان أو غير المستقر.

مثلا الحديث يرويه الراوي تارة بشكل مختصر و تارة بشكل متوسط و تارة بشكل طويل. لماذا؟ لماذا هناك في الحديث نسخ؟ لماذا روي الحديث تارة بهذه الألفاظ وتارة بألفاظ أخری؟ و لو لم يكن بين الحديث في النقلين و الطريقين تعارض و تناف، لكن لم اختلف؟ هذا عنوان بحث حساس و مهم جدا جدا و يسمون علل إختلاف الحديث. هذا البحث شيئا فشيء تعلمون ان هناك فرق بين علم الحديث وعلم الدراية وعلم الرجال، ثلاثة علوم تختلف عن بعضها البعض، علم الحديث وهو الأساس و علم الدراية وعلم الرجال. ماذا الفرق بين علم الدراية و علم الحديث؟ و لو البعض يدمج العلمين حتی في التأليف و التدمين، نستطيع أن نقول في تعريف موجز.

هذه النقطة دورها علل اختلاف الحديث في التعارض أو في رفع التعارض أصل النقطة في هذا المطلب و عجيب هذه النقطة و نفيسة جدا في مراحل الإستنباط. علل اختلاف الحديث محطة أو باب حساس في علم الحديث أو علم الدراية و بكل صراحة ربما تجد أكابر متضلعة في علم الفقه و الأصول، لكنهم في علم الحديث مترجل و علم الدراية يعني ليس باع متين و دقيق. مع أن علم الحديث هو علم الدلالة، ربما يكون رجاليا كبيرا لكنه لاعلم له بعلم الحديث، الرجالي يعني الالمام بالكتب الرجالية و الأصول الرجالية و إن كان تلقائيا علم الرجال يجر إلی علم الحديث لان علم الحديث كما سنبين مقدم رتبتا علم الدراية و علی علم الرجال وعلی الفقه.

علی أية حال، المقصود أن هذه النقطة جدا حساسة علل اختلاف الحديث. سواء في الوقوف علی التعارض أو في العلاج و رفع التعارض نقطة جدا حساسة. هذه النقطة قدماء الأصوليين يثيرها بكثرة حتی كتاب القوانين و الفصول هذه النقطة في بداية التعارض أو في حجية الخبر الواحد هذه النقطة اثارها الأصوليون بقوة جيدة، بينما عند المتأخري الأعصار سيما هذا القرن الأخير أو القرنين الأخيرين بالأسف ندر الحديث عنها و الكلام عنها و هذا يسبب آفات و أوهاما في الإستنباط كثيرا، الكثير من الإستنباط يكون وهما. مر بنا الإستنباط التخيلي و الظاهري. هذا التخيلي أوهام، كلها بسبب عدم إتقان علم الحديث حتی كثير من الآراء الرجالية إذا لم يتقن الرجالي علم الحديث هذه تسبب أوهاما له يعني يتبنی علی المباني والمسائل و النتائج و يستدل بمواد من علم الحديث هذه المواد سراب و لاوجود لها وهو تخيلها. يقال، تلاميذ الناييني يقولون: أن المرحوم الناييني ستة أشهر بحث في آية بعد ذلك طلع ان الآية ليس هكذا، صاحب الحدائق في آية التيمم كثير من أسفار في الكتب الفقهية نقلت آية التيمم و آية الوضوء بحرف خطأ و تبدل الاستدلال، فسلامة المواد التي يتم الاستدلال بها من الآيات و الروايات عدم الاتقان وعدم الإلمام بها وعدم الجمع يسبب الأوهام الكثيرة جدا في الاستنباط. شبيه ثبت العرش ثم انقش. وهذا كثير جدا ولها تاريخ طويل وعريض يعني دخالة علم الحديث.

ربما واحد فحل من الفحول لكنه ليست في قدرته أن يراجع المصدر الأصلي من كتاب الحديث ربما ما فتح كتابا حديثيا. فدور علم الحديث في علم الرجال و علم الفقه حتی في المعارف دوره مهم جدا و لها تاثير كبير و الكثير صراحة غافلون، لان كل الاستدلال في العلوم الدينية قائم علی الحديث و أيضا علی آيات القرآن الكريم و عدم الإلمام حتی بالقران الكريم أو بالحديث، مثلا إن هذا المطلب في القرآن كم تعرض به، إختلفت ألفاظ الآيات أو لم تختلف؟ ما هي الأمور التي تتعرض القران الكريم في هذه الآيه؟ علی كل هذه طبع لاتاتي الباحث بين ليلة و ضحي بل يحتاج إلی المراس و تراكم الممارسة و كذلك في علم الحديث كم مصدر لنا في علم الحديث يعني الان لو تسأل الباحث الكبير كم كتاب علم الحديث من المصادر القديمة؟ نذكرها تعدادا و هل مطبوعة؟ هذه الأسماء لانستطيع أن نحصاها فضلا أن نلم بفهرستها و شئونها الخاصة، فكيف ندعي التتبع في الأدلة؟ طبيعي صعب و علی هذا تتبعنا دائما تتبع ناقص أو مخل و غير مجزئ، كذلك في الرجال، يقال لم يرو عنه أحد أو لايروي عن احد، رجال ليس في علم الرجال و الكتب الرجالية التي نعرفها و من اهم مصادر معرفة الراوي -ما يعبر عنه المفردة الرجالية- أن تلم في علم الحديث، لانه ميدان واقعي. أنظر هذا الرواي اين موقعيته و أين مدرسته و أين طبقته مثلا معجم رجال السيد الخويي مع أن السيد كثير الممارسة في علم الحديث -اصل كتاب معجم طبقات الرجال للسيد الخويي كان لتاسيس الدورة الحديثية لالتأسيس الدورة الرجالية، لذلك لاحظ، طابع عليه مثل طابع درايي طبعا ميزان قوية في الكتاب و ليس ميزان ضعف، طابع درايي فيه، طابع حديثي مثلا هذا المورد كم مورد في الكتب الأربعة روی و هو روی عن من؟ النسخ الموجودة يعني أصل هذا الكتاب دونه قبل أن يشرك فيه لجنة من تلاميذه، أصل هذا، كان ليكون بديلا عن الوسائل و النقائص الموجودة في الوسائل، لكن السيد الخويي لمّا اطلع أن السيد البروجردي ألّف جامع أحاديث الشيعة بدله، لان لايصير تكرار جهد. فمن ثم حول السيد الخويي هذا الجهد إلی الدورة الرجالية- المقصود ان علم الحديث دوره اين؟ غالب ما يذكره السيد الخويي إن لم نقل أكثر من الإحصائيات من الراوي ناقصة عما هو الموجود في الكتب الأربعة فضلا عن غير الكتب الأربعة و هذا مرات و كرات وقفنا عليه، فلاحظ الجرد الكامل شيء مهم مع ان هذا الجرد الكامل و الإحصائية الكاملة إلی النشاط العلمي للراوي و العلاقات العلمية للراوي و الموازين العلمية للراوي يرويه من المتون كلها مؤثرة في معرفة شخصية الراوي. في موارد بقدر الثلث أو الربع أو النصف ما حصلها السيد الخويي وهذا مهم و مؤثر في التعرف علی شخصية الراوي.

علی كل فلاحظ حتی علم الرجال إذا لم يكن هناك استقصاء و سلامتنا من علم الحديث، نتائجنا في علم الرجال وهمية، شبيه بالإستنباط و هو نوع من الإستنباط و ما أكثر الأوهام بسبب عدم الإلمام و الإستقصاء الميداني بعلم الحديث و ما أكثره. مثلا النجاشي، التوقيعات ينسبها إلی الناحية المقدسة يعني صاحب العصر و الزمان بينما التوقيع من الإمام الحسن العسكري و هذا يؤثر مع أن النجاشي نحرير و الإهمال إلی ماشاء الله، أصلا هذه الزيارة المقدسة المعروفة أنه من صاحب العصر و الزمان للامام الحسين، هي في الحقيقة للامام الهادي لان التعبير بالناحية المقدسة بدء من الإمام الهادي قبل الإمام الحسن العسكري و قبل صاحب العصر و الزمان لم؟ لانه مسجون و بدء أعلام الإمامية يعبرون عن الإمام بالناحية المقدسة لمّا تخرج من عندها توقيعات. أصل هذه الزيارة من الإمام الهادي و القرائن هكذا تشهد و هذا كبحث علمي أقول.

إذاً سلامة المواد شيء مهم في علم الرجال و علم الإستدلال و علم الفقه و الإلمام بعلم الحديث ضروري جدا.

الان تيسرت لنا بحمدلله في الصلوة و النكاح وا لحج مثلا الأمثلة فيها اثناعشر رواية صحيحة دالة علی عدم انفعال الماء القليل بالملاقاة و علی ضوء هذه الإثناعشر رواية صحيحة تعارض مع الروايات بانفعال القليل بالملاقاة، الفيض الكاشاني المحدث الكبير كتب كتاب الوافي متضلعا في علم الحديث، مال إلی أن الماء القليل لاينفعل بالملاقاة و حمل ذاك الروايات بالإستحباب و لافرق بين الماء القليل و الكر. هذا من أمثلة التعارض فبالتالي ذهب إلی هذا و صاحب الجواهر يقول لولا كذا و كذا أكفّر الفيض الكاشاني لأنه في قبال هذه الإثنا عشر رواية صحيحة كما ذكر أستاذه العلامة بحر العلوم ثلاثة مأة رواية في إنفعال الماء القليل و كيف نجعل ثلاثمأة رواية في مقابل اثناعشر رواية وهذا مخالف ضرورة الفقه و الفيض الكاشاني مخالف الضروري و كذا و جرجره و قال كانه منكر الضروري، مع أن الفيض الكاشاني متضلع في علم الحديث لكن هو بشر و يفوته و نحن نقّبنا الروايات و وجدنا هذه الروايات الاثناعشر كلها مقطعة و الكليني قطعها والكليني عجيب في التقطيع و أشد الكتب الأربعة تقطيعا و بالممارسة وقفت عليه و هذا انخلال خطير في الظهور، أقل الكتب الأربعة تقطيعا هو التذهيب لذلك التذهيب عكس ما هو المعروف عند أجيال العلماء من هذه الناحية أنا أجزم أن التهذيب هو أمتن لامن ناحية أخری و الشيخ نادرا يرتكب التقطيع و الصدوق في الفقيه يرتكبها و الكليني إلی ما شاءالله و هي السبب في حيرة العلماء في هذه الاثنا عشر رواية و اذا توصل الرواية إلی أصلها تعلن أن الرواية ليست في صدد عدم انفعال الماء القليل بالعكس يدل علی إنفعال الماء القليل. أنظر كيف انقلب الظهور و إن الفقيه إذا لايلم بعلم الحديث يصير كل نتائجه أوهاما لأن مواده ليست سليمة، الآن كثير من الآراء الرجالية و كثير من مباني السيد الخويي في الرجال سببها عدم الوقوف علی المواد الحديثية غفلوا عنها. حديث طويل و من اخطر بحوث التعارض هو هذا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo