< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبیهات الاستصحاب، تعارض الاستصحابین

مبنی الشیخ و النایینی فی تعارض الأصول العملیة بالعرض و بیان الضوابط فیه.

إذن مورد الضابطة الثانیة لتعارض الأصول العملیة بالعرض عند المیرزا الناییني والشیخ الأنصاري ما إذا لزم من العمل بالأصول المحرزة -خصوص الأصول المحرزة لاغیرها- المخالفة الالتزامیة و طبعاً تعرف فی علم الأصول بأنها هی المخالفة فی الإلتزام بالحکم و لو کان الحکم ظاهریاً علی خلاف الواقع و إن لم ینجز ذلک الی المخالفة العملیة للحکم الواقعي.

معنیان و مرحلتان من الإلتزام و المراد منهما فی المقام

مثلًا نفس الإلتزام بالحرمة الظاهریة مع العلم بوجود الحلیة فی الواقع، مخالفة إلتزامیة مع أنه لایلزم منه مخالفة عملیة، فالمخالفة الإلتزامیة تکون فی التبني مثل لزوم الإقرار بضروریات الأحکام و الإقرار یعني الإلتزام و في مقابل ذلک إنکار الضروریات.

الإلتزام قد تفسر بالإعتقاد و الإذعان و واجبةٌ و لیست محل البحث، لکن الإلتزام درجة أنزل منها یطلق علی البناء النفساني و التبني. فالإلتزام یطلق علی الدرجتین، درجة منها تعني الإعتقاد و لیست محل الکلام فی لزوم الموافقة الإلتزامیة أو حرمة المخالفة الإلتزامیة و هناک درجة أنزل تعني التبني النفساني، شبیه النیة فی العبادات، مثلاً أن تنوي وجوب الصلوة و تنوي وجوب الصوم غیر الإعتقاد بأصل ضرورة وجوب الصوم و الصلوة و إنما هی الفعل النفسانی و التبني للصوم، هذه لیست عملا بدنیاً بل عمل جوانحي نفساني و درجة من الالتزام. الکلام فی المخالفة الإلتزامیة و الموافقة الإلتزامیة في هذه الدرجة الثانیة لا الدرجة الأولی بمعنی الإعتقاد.

القیود الأربعة لسببیة المخالفة الإلتزامیة للتعارض بالعرض عند الشیخ و المیرزا.

فإذا لم یکن في البین مخالفة‌ عملیة بل إنما في البین مخالفة إلتزامیة، هل توجب تعارض الأصول العملیة بالعرض أم لا؟

مثل المثالین الذَین مرا بنا أمس. مثال من صلی صلوة الظهر و یرید أن یصلیَ صلوة العصر و کان قبل أن یدخل في صلوة الظهر علی علم بأنه کان محدثا لکنه غفل و ربما في فترة الغفلة قد توضؤ ثم بعد الصلوة إلتفت، حینئذ یجري قاعدة الفراغ في صلوة الظهر و یجری إستصحاب الحدث لصلوة العصر و علیه یتوضؤ. مع أنّا نعلم إما إستصحاب الحدث لیست تامة أو قاعدة ‌الفراغ بصحة صلوة الظهر غیر تامة وهذان الأصلان محرزان. کیف نلتزم بصحة صلوة الظهر و نلتزم ببقاء الحدث؟ نعلم بأن أحد الإلتزامین هنا و إن لم یلزم منه مخالفة عملیة‌ لکن أحد الإلتزامین مخالفة ‌للواقع یقینا، فهنا مخالفة إلتزامیة و إن لم تکن مخالفة عملیة‌ قطعیة.

المیرزا النایینی و الشیخ الأنصاری في مورد المخالفة الإلتزامیة بقیود یعتبرها سبب منشأ تعارض الأصول المحرزة. فی أیّ مورد؟ فی المورد الذی یکون هناک علم إجمالی منجز للمخالفة العملیة. مع أن الأصلیَن المحرزَین لایستلزمان المخالفة العملیة.

مثل مثال آخر مر بنا أمس، کِلَا الإنائین کانا نجسیَن ثم طهر أحدهما و التبس الطاهر، هنا یجری في کل منهما إستصحاب النجاسة فکلَا الأصلَین المحرزَین هنا منجّزان و لیسا مفرغین و مع کون الأصلَین العملیَین منجزین لایستلزمان المخالفة العملیة.

مر بنا أمس أن الأصول العملیة إنما تستلزم المخالفة العملیة إذا کان الأصول العملیة في کل الأطراف مرخّصة أو مفرّغة، هنا یستلزم المخالفة‌ العملیة القطعیة. أما إذا کان طرف واحد منجزا أو کل الأطراف فلایستلزم من العمل بالأصول العملیة هناک مخالفة عملیة قطعیة. لأن أحد الأطراف أو کلا من الأطراف منجز لکن مع ذلک مجموع الأصول العملیة‌ لایستلزم المخالفة العملیة لکنه یستلزم المخالفة الإلتزامیة فأین مبنی الشیخ الأنصاري و الناییني؟ یقولان: إذا لزم المخالفة الإلتزامیة مع وجود تنجیز المخالفة العملیة مع القید الثالث و هو أن الأصول العملیة المحرزة لاتستلزم المخالفة العملیة أبداً لکنها تستلزم المخالفة الإلتزامیة، هنا یقولان: المخالفة الإلتزامیة تستلزم التعارض فی الأصول المحرزة فقط مع قیود أربعة لهذه الضابطة الثانیة عند الشیخ و الناییني.

علی هذا، مثال الظهر و العصر لیس مثالا للضابطة الثانیة لأنه لیست فیه مخالفة ‌عملیة قطعیة، لکن مثال الإنائین یکون فیه مخالفة عملیة قطعیة لأنه إذا ارتکب کلیهما یخالف الواقع قطعًا فمثال الإنائین فیه مخالفة عملیة منجزة، لکن مثال الظهر و العصر لیس فیه المخالفة العملیة القطعیة. القید الثانی أن هنا الأصول العملیة لاتستلزم المخالفة العملیة‌ القطعیة یعنی في کلا الطرفین إستصحاب النجاسة منجز و لیس معذرا و إجراء الأصول لاتستلزم المخالفة العملیة مع أن المخالفة العملیة موجودة إلا أن الأصول لاترخص فی المخالفة العملیة هنا و القید الثالث هو محرزیة استصحاب النجاسة و القید الرابع هو وجود المخالفة الإلتزامیة فقط فی البین، هنا فی هذه الصورة مع القیود الأربعة الشیخ الأنصاري و المیرزا الناییني یلتزمان بتعارض إستصحابَی النجاسة فی المثال الثاني و هو مثال الإنائین، أما المخالفة ‌الإلتزمیة فی الظهر و العصر فیقولان لاتستلزمان التعارض لأن ضابطة منشأیة المخالفة الإلتزامیة عندهم لها أربعة قیود.

إلی هذا مورد البحث و مدعی الشیخ و الناییني صار واضحا بأن المخالفة الإلتزامیة بمجردها تستلزم التعارض بین الأصول العملیة المحرزة مع مخالفة عملیة موجودة فی البین، لکن الأصول لیست معذرة یعنی العمل بالأصول المحرزة لایرخص المخالفة العملیة القطعیة کما فی مثال الإنائین، إستصحاب النجاسة ‌فی الإنائین لایستلزم المخالفة‌ العملیة، بالعکس یستلزم الموافقة العملیة القطعیة فإذن المخالفة العملیة منجزة لکن العمل بالأصول العملیة لاتخالفها بل تخالف الواقع إلتزاما و لاتخالف الواقع عملا.

في هذه الصورة التی تجتمع علی أربعة قیود یذهب الشیخ الأنصاري و الناییني إلی أن المخالفة الإلتزامیة تستلزم التعارض بالعرض و نحن شرحنا أصل المدعی. إذن الشیخ الأنصاري و الناییني لایلتزمان بأن المخالفة الإلتزامیة توجب التعارض مطلقا بل توجب التعارض بقیود أربعة کما مر.

هذا بخلاف المتعارض بالذات ألذی مر بنا. التعارض بالذات مطلقا یوجب التعارض و تلاحظ فیه الرتبة أما التعارض بالعرض فهی أن المخالفة العملیة القطعیة توجب التعارض فی کل الأصول العملیة أما اذا کانت مخالفة إلتزامیة بقیود أربع عند الشیخ و الناییني خلافا للآخوند بأن الضابطة الثانیة لاتوجب التعارض و هو الصحیح. إذن هذا هو ملخص مدعی الشیخ الأنصاري فی التعارض بالعرض.

دلیل الشیخ الأنصاري علی مبناه

الشیخ الأنصاري قال الدلیل علی ذلک أنه روایات الإستصحاب جعلت فیها الغایة «لاتنقض الیقین بالشک لکن أنقضه بیقین آخر» العلم بالمخالفة الإلتزامیة هو یقین آخر و نقض و إذا کنا نعلم بنجاسة الإنائین و النجاسة الصادقة بکلا الإنائین قد انتقضت بالطهارة، أدلة الاستصحاب لاتشمله للقصور في أدلة الإستصحاب و لو لم یستلزم المخالفة العملیة القطعیة و لو إقتصر المخالفة فی المقام علی المخالفة الإلتزامیة لانه جعلت الغایة في دلیل الإستصحاب و یرفع الإستصحاب و هو «لکن أنقضه بیقین آخر» وهنا یقین آخر.

هذا المدعی فقط في الإستصحاب لکن في بقیة الأصول المحرزة لیس فیه هذا التعبیر و لو الشیخ عند تقریب حتی تعلم مثلا فی بقیة الأصول حتی في التنزیلی هکذا، فکلام الشیخ علی کل متزبزب بین أنه في خصوص الإستصحاب أو کل الأصول العملیة، غایة «حتی تعلم» جارٍ في کل الأصول العملیة، مثلا فی الطهارة، حتی تعلم أنه قذر أو في البرائة، رفع ما لایعلمون حتی تعلم و بعض تقریرات الشیخ یقول: المخالفة الإلتزامیة تستلزم التعارض بالعرض في کل الأصول العملیة ‌الشرعیة، بعض کلامه یوهم بهذا الشیء وإن کان بعض کلامه مختص بالإستصحاب و لیس مطلق الأصل المحرز. إن الناقض للاستصحاب لم یقتصر و لم یحصر فی المخالفة العملیة بل هو الیقین الناقض ولو کان المخالفة الإلتزامیة، علم بالمخالفة. هذا کلام الشیخ الانصاري

نذکر بعده إستدلال الناییني و الجلسة اللاحقة نذکر الإشکالات علی العلمین

دلیل المحقق الناییني علی مبناه

الناییني في إستدلاله یقول: لیس في خصوص الإستصحاب بل في کل الأصول المحرزة، یمتنع أن یتقرر من الشارع إحراز تعبدي بأن هذا نجس و هذا نجس، مع أنه لدینا علم بأن أحدهما طاهر فإذن الإحراز التعبدي یناقض الإحراز الوجداني و الإحراز التعبدي لایمکنه أن یناقض الإحراز الوجداني والإحراز التعبدي إعتبار و الإعتبار لایمکنه أن یتناقض مع التکوین. عندنا علم تکویني بأن أحدهما طاهر کیف نلتزم بأن کلیهما نجس و هو خلاف أصل ماهیة و هویة الإحراز. هذا مدعی المیرزا الناییني.

ماذا یرد علی هذه الإستدلال سنتعرض الیه إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo