< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/03/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التنبیه الثامن: استصحاب الحادثین

الجهات المبحوثة

وصلنا الی التنبیه الثامن و هو استصحاب الحادثین

یقع البحث فی هذا التنبیه فی ثلاث جهات:

الجهة‌ الاولی: البحث عن التقسیمات الموضوعی.

الجهة الثانیة: البحث المحمولی.

الجهة الثالثة: معرفة جملة من المصادیق. (هذه الجهة الثالثة تتبع الجهة الاولی.)

 

الجهة الاولی

الجهة الاولی: فی هذه الجهة من البحث نعرف تقسیمات موضوعیة لهذا التنبیه و لنعلم ان معرفة المواضیع و ضبطها علی صعید الشبهة الحکمیة او الموضوعیة فی الاستنباط بالغ الاهمیة و عدم معرفتها یوجب الخلل فی استنباط الحکم.

و یجب ان نعلم ان هذه التقسیمات فی الشبهة الحکمیة لا الشبهة الموضوعیة، مر بنا مرارا ان الاصولیین قسموا الشبهة الحکمیة الی تنقیح الحکم الکلی و تنقیح الموضوع الکلی.

الشبهة الموضوعیة سببه یرجع الی اشتباهات خارجیة لکن الشبهة الحکمیة سببها یرجع الی اهمال الدلیل. کما ان الشبهة الموضوعیة تارة البحث فیها فی المحمول الجزئی او الموضوع الجزئی. و نفس الشبهة الحکمیة او الموضوعیة لها تقسیمات متعددة‌ ذکروها لضبط قالب القضیة ‌الکلیة الشرعیه او لضبط منشأ الشکل الخارجی،لان القواعد الفقهیه تنضبط اجراءها او الاعتماد علیها بحسب تقسبمات الشبهه الحکمیه و الموضوعیه.

 

التقسیم الاول: المراد من الحادثین لیس خصوص الشیئین بل قد یکون شیئ واحد بلحاظ وجوده حادث واحد و بلحاظ عدمه حادث آخر.

تارة یکون المراد من الحادثین شیئان مختلفان لکل منهما حالتان حادثان مثل الموت و حیاة الاب و الکفر و اسلام الولد، فی هذین الشیئین حادثان (موت الاب و اسلام الولد) لکل واحد منهما حالتان من العدم و الوجود و حینئد نشک فی التقدم او تاخر احد الحادثین علی الآخر، مثلا نشک فی ان موت الاب سابق و تعقبه اسلام الولد او اسلام الولد سابق تعقبه موت الاب، سواء کانا مجهولی التاریخ او کان واحد منهما معلوم التاریخ و الآخر مجهول التاریخ.

و تارة یکون المراد من الحادثین شیء واحد له حالتان متضادتان مثل الطهارة التی کانت موجودة ثم ارتفعت (بغض النظر عن مانعیة‌ الحدث) او حرمة اللباس الغصبی بغض النظر عن شرطیة الاباحة، فالشیء الواحد له حالتان (وجود و عدم) فالطارء علی الحالة الاولی السابقة حالة ثانیة.

التقسیم الثانی: الحادث الذی أخذ موضوع الحکم تارة یلاحظ بالاضافة الی الزمان ( کما سیذکر فی التقسیم الثالث) تارة الموضوع هو ترکب الحادثین او حالتی الحادث الواحد و تارة عنوان بسیط منتزع من الحادثین.

هذا التقسیم ناظر بالشقین الاخیرین و هو تقسیم دقیق و مهم و نوضحه اکثرا حتی یصیر واضحا.

تارة الدلیل وارد علی العنوان البسیط یعنی لیس الموضوع هو الشیء بلحاظ حالتیه بل ینتزع من ترکیب الحادثین او حالتی الشیء الواحد عنوانا بسیطا هو یأخذ موضوعا للحکم. مثلا البلوغ یعنی حالة ما اذا استمرت حیاة الشخص الی ما بعد السن المعین و یعبر عن هذا العنوان بالبلوغ و هو عنوان بسیط و ان کان منشأ انتزاعه مرکب من حیاة الشخص و استمرار حیاته الی ما بعد السن المعین.

فی المثال، فی باب المعاملات یقولون ان معاملات البالغ نافذة و البلوغ شرط صحة المعاملة.

فی هذه المسألة اذا نشک ان هذا الشخص بالغ او لا، اذا نستصحب حیاته الی السن المعین او نستصحب عدم البیع الی بعد السن المعین، هذا الاستصحاب لایفید، لان الموضوع فی الادلة لیس « بیع صدر من الشخص ما بعد السن المعین» بل موضوع الادلة هو عنوان البلوغ و لیس هذا الترکیب (الحیاة و استمراره باعتبار السن) هو موضوع الادلة بل هو عنوان بسیط متولد منه، البلوغ.

اذن یجب ان ندقق فی موضوع الادلة، هل هو عنوان بسیط منتزع من ترکب الحادثین او هو نفس الترکب؟

کذلک الصباوة، هی فی الحقیقة عنوان بسیط منتزع من حیاة الشخص الی ما قبل السن المعین، اذن حکم « معاملات الصبی غیر نافذة» و الحکم الشرعی ببطلان معاملاته حکم علی عنوان بسیط و لایمکننا ان نحرز عنوان الصباوة بمجرد استصحاب عدم البلوغ الی السن المعین الی حین البیع. هذا الاستصحاب لایثبت عنوان الصباوة لانها عنوان بسیط منتزع من ترکب الحادثین.

اذن هنا شیء مهم جدا، هل الحادثین او الحادث الوحد ذوالحالتین هو موضوع الادلة او العنوان البسیط المتولد منهما؟

مثال آخر: تارة موت الاب و اسلام الاب موضوع الارث و تارة ورد فی الادلة تقدم اسلام الابن علی موت الاب موضوعا للارث. عنوان التقدم عنوان بسیط منتزع من ترکب الجزئین و اذا نستصحب عدم موت الاب الی اسلام الولد لایثبت عنوان التقدم.

اذن هذا التقسیم بالغ الاهمیة و قبل ان ندخل فی الاستصحابات لابد ان نعلم، هل الموضوع فی الادلة هو عنوان بسیط من الحادثین او نفس الحادثین او الحادث الواحد ذوالحالتین.

انصافا السید الخویی رحمه الله قوی فی هذا النمط.

اذا لم یکن استصحاب عدم حادث واحد الی حدوث الحادث الآخر مثبتا لعنوان التقدم البسیط، هل یمکن اجراء الاستصحاب فی نفس العنوان البسیط؟ مثلا الصباوة او البلوغ او التقدم هل یمکننا ان نستصحب عدم تقدم اسلام الولد او عدم الصباوة؟

دققوا، هذا الاستصحاب لیس فی منشأ الانتزاع بل هو فی نفس العنوان المنتزع.

العنوان البسیط الذی اخذ موضوعا للحکم تارة اخذ منضما بنحو الترکیب الانضمامی مع بقیة اجزاء الموضوع و تارة اخذ موضوعا للحکم مع بقیة اجزاء الموضوع بنحو الترکیب النعتی.

اذا اخذ العنوان البسیط موضوعا بنحو الترکیب الانضمامی استصحاب عدمه مع ثبوت باقی اجزاء الموضوع یثبت الاثر، مثلا اذا اخذ عنوان تقدم اسلام الولد موضوعا للارث و نستصحب عدم تقدمه و ینضم الیه الجزء الآخر للموضوع، یثبت الاثر و حصة الورثة فی غیر هذا الولد.

اما اذا اخذ العنوان البسیط موضوعا بنحو الترکیب النعتی، صرف استصحاب عدمه لایفید.

مثلا، کل امرأة تحیض الی الخمسین الا القرشیة، اذا کان الموضوع لعدم الحیض الی الخمسین المرأة القرشیة بنحو الترکیب النعتی استصحاب عدم قرشیة هذه المرأة لایثبت شیئا. او نفترض ان القرشیة عنوان بسیط موضوعا لعدم الحیض مع بقیة اجزاء الموضوع بنحو الترکیب الانضمامی استصحابه یثمر و یفید.

مثال آخر: کل میت یجب تجهیزه الا الکافر.

الموضوع هو عنوان البسیط الکافر المرکب مع الموت بنحو الترکیب الانضمامی ( میت و غیرکافر) او بنحو الترکیب النعتی ( المیت الغیر الکافر) اذا کان هذا المیت مسلما فی زمان حیاته و نشک فی حدوث الکفر قبل مماته هل استصحاب عدم کفره یثبت الاثر او لا؟ اذا اخذ الکفر موضوعا بنحو الترکیب النعتی استصحاب عدم موته لایثبت الموضوع و المیت الغیر الکافر و اما اذا اخذ موضوعا بنحو الترکیب الانضمامی استصحاب عدم کفره یثبت الاثر.

انظروا، یمشی الاصولیون خطوة خطوة فی تحریر موضوع البحث.

التقسیم الثالث: تقسیم لطیف و مهم ذکره الاصولیون و ایضا السید الخویی ذکر اقساما لطیفة و ان فاته بعض الاقسام الذی ذکره صاحب الکفایة.

تارة الحادثان اخذ کل منهما بقبال الآخر مثلا موت الاب بالاضافة الی اسلام الابن و تارة هذان الحادثان لم یأخذا بقبال الآخر بل اخذا کل منهما الی الزمان.

مثلا موت الاب اخذ بالاضافة الی الزمان و اسلام الولد ایضا اخذ بالاضافة الی الزمان.

الحادث الواحد ذو الحالتین ایضا هکذا تارة یلاحظ بالاضافة الی الزمان و تارة یلاحظ بالاضافة الی حالتیه.

التقسیم الرابع: هذا الی حد ما ابتکار السید الخویی رحمه الله.

الشارع تارة رتب الاثر علی کل من الحادثین او الحالتین لحادث واحد و تارة رتب الاثر علی واحد منهما و الآخر لیس له محلا من الاعراب عند الشارع، لکن یحصل الاشتباه عند الاعلام بجریان الاستصحاب فیه و السید الخویی له مؤاخذة‌ علی الاعلام بالنسبة الی اجراء ‌الاستصحاب فی الحادث الذی لیس له اثر شرعی و مؤاخذته فی محله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo