< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/23

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: المعاملات/المعاطاة / صياغة الأدلة الخاصة كالعموم متعاكس

 

المعاملات طبقات تبدأ بالبسيطة ثم تتركب

مر بنا مسلك عند الاعلام في المعاملات ان المعاملات طبقات، آباء ومواليد واحفاد وهلم جرا ان صح التعبير، والمراد بذلك ان المعاملات بالدقة تبدأ بالمعاملات البسيطة والعقود البسيطة ثم تتركب تنتج مواليد، ثم هذا التركب في الدرجة الثانية، ثم يحدث تركب في الدرجة الثالثة وهلم جرا، فالمعاملات تكوينا طبقات ماهويا، لان هذا نظام تكويني ماهوي.

اسباب الملكية الاولية وتراميها

وشبيه هذا البحث من جهة فقط بحث الأعلام في أسباب الملكية، قالوا هناك اسباب ابتدائية، انه الحيازة واحياء الارض وكذا، عبروا عنه باسباب الملكية الاولية، بعد ذلك تترامى الملكية بيع، كذا و كذا، فكيف هنا في اسباب الملكية ترامي الطبقات هكذا في المعاملات، لكن ليس هذا البحث في ترامي اسباب الملكية عين ما نحن فيه بل شبيه لان هناك في اسباب الملكية يعني السبب الاول مثل الاحياء او الحيازة زماني ورتبي وبعد ذلك ياتي البيع وبعد ذلك ارث، يعني بشكل حلقات تتبع بعضها البعض في اسباب الملكية.

اندماج طبقات المعاملات البسيطة والمركبة

اما هنا ليس من باب حلقات بل آباء المعاملات بنفسها تتواجد في الطبقة الثانية منضمة مندمجة مندكة، ثم الطبقة الثانية بنفسها تنوجد في الطبقة الثالثة بتركب اكثر واعقد، اذن اختلاف بين ترامي اسباب الملكية مع طبقات المعاملات.

الادلة الخاصة الواردة في المعاملات تسري للطبقات اللاحقة كالعموم

فاذن هذه ظاهرة تكوينية وليست اعتبارية ولا تخييلية، وهذه الظاهرة اسست منهج عند جملة من الاعلام وهو ان الادلة الخاصة الواردة في المعاملات البسيطة او قل المعاملات الآباء مثل دليل البيع او دليل الاجارة او دليل الهبة، هذه المعاملات وان لم تكن الاولية لكنه في البدايات، هذه المعاملات ادلتها هي بنفسها تسري وتشمل المعجون من هذه المركبات والمعاملات، تسري اليها، مثلا اذا منع الشارع عن الغرر في البيع، البيع بمفرده يمنع عنه الغرر او البيع المركب مع الاجارة مع الوكالة ايضا هو يمنع فيه الغرر، سواء ادلة الموانع او ادلة الصحة، فالادلة الخاصة بالعناوين الخاصة للمعاملات لها قابلية السريان الى الطبقات اللاحقة لسريان المعاملة المندمجة المندكة مع معاملات اخرى.

اذن هذا نوع من العموم في الدليل الخاص، مثلا ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾[1] يشمل حتى البيع المندك كل هذا البيع كبيع يحلله الله، ﴿تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ﴾[2] يحللها الشارع سواء بمفرده او تجارة افترض مع شيء آخر مثل الصلح او الاجارة مع انه ليس تجارة لكن الشارع يحلله.

المورد لايخص الدليل الوارد في غير الخصوصية النوعية

هذا البيان الصناعي لها ثمرات كثيرة سواء الان في باب المعاملات او في باب العبادات، نكتفي الان بباب المعاملات. وهذا البيان يعمم الادلة الخاصة وهذا نوع من الانطلاق من الدليل الخاص الى تعميم الدليل الخاص، هذا ليس من باب ان المورد لا يخصص العام، هذه القاعدة كصناعة اصولية يعني ان الدليل ورد في فرض لكنه يستظهر ان الدليل من راس لم يرد في فردية الفرد او صنفية الصنف وانما ورد في الطبيعة، طبعا هذه القاعدة الاصولية لها ضوابط.

في قاعدة ان المورد لا تخصص الوارد ذكروا ان الخصوصية الفردية قطعا لا تخصص الوارد، والخصوصية الصنفية مختلف فيها، اما الخصوصية النوعية قالوا تخصص الوارد الا بشاهد، فاذن ليس مطلقا خصوصية المورد لا تخصص الوارد بل بشرط ان يكون فرديا نعم لا تخصص، او تفصيل في الاصناف، اما في الخصوصية النوعية او الجنسية غالبا تخصص الوارد.

الدليل الوارد الخاص بالبيع يعم حالة الانفراد والانضمام التركيبي

اذن المشهور لديهم في مبحث خصوصية المورد لا تخصص الوارد تفصيل، وهذا الذي يذكروه في القاعدة الاصولية لا صلة لها بالذي نحن فيه، لان ما نحن فيه ان هذا المورد مثل البيع هذا طبيعته يسري تعميم احوالي ما اذا كان منفردا او منضمة الى معاملة أخرى، خصوصية البيع محافظ عليها في ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾[3] ، لا نريد ان نرفع اليد عنه، لكن نقول ان ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾[4] ليس مختصا بالبيع في حال واحد بل في كل الاحوال، اذن هذا البحث الذي نحن فيه بالقاعدة الاصولية.

المراد بما احل الله البيع ماهية البيع لا اسم البيع

العقود تابعة للماهيات ليس الاسماء

﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾[5] او ﴿تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ﴾[6] او دليل القرض في القرآن غير الصدقة، الذي نحن فيه المراد من البيع او القرض او الصدقة او التجارة او اي عنوان معاملي في القرآن او في الروايات، المراد به ما يسمى بيعا مثلا؟ لا، بل المراد ماهية البيع لا اسم البيع، اسم البيع مشير، المدار في الاحكام لاسيما في المعاملات على الماهية، هذا احد معاني ان العقود تابعة للماهية لا للاسماء.

وطبعا هذه قاعدة عجيبة وغريبة ان العقود تابعة للقصود، قاعدة معقدة جدا بعض الابحاث فيها القانون البشري الوضعي لم يستطع ان نحصم بعض ابحاث هذه القاعدة الى الآن، وفيه زوايا عديدة، هي اسم لقواعد، فالقصود هذه قواعد معقدة وليس فقط قاعدة واحدة، ولا اريد التفاصيل.

احد معاني العقود تابعة للقصود المدارية على الماهية

واحد معاني ان العقود تابعة للقصود ان العقود دائرة على الماهية وليس فقط على الاسم، مثلا الان القرض في البنوك يسمى وديعة لا يؤثر والماهية هي القرض، في التامين جملة من البيوعات تسمى تامين، هي بيوعات وليس تامينا.

اذن الفقيه ليس يدور مدار التسميات بل مدار الماهيات، الان في العرف الاجارة مع الرهن يسمونه رهن وليس رهنا بل هو قرض، بل يستفاد منه استفادة الرهن فسمي القرض رهنا لا انه رهن.

المعاملات تدور مدار الماهيات لا الاسماء وتعميم الدليل الخاص كالعام

فاذن ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾[7] يدور مدار الماهية لا مدار الاسم. واذا كانت المعاملات تدور مدار الماهيات ﴿أَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ﴾[8] دليل خاص يقول يسري هذا الحكم اينما ذهبت هذه الماهية منفردة او مندكة، هذا التمسك بالدليل الخاص للبيع او غيره نوع من التعميم للدليل الخاص، وهذا حرية بالانتباه.

تركب الادلة الخاصة انضمام ما بمثابة الدليل العام

فيمكننا ان نشرع المضاربة ولو لم يكن لها دليل خاص بنفس ادلة البيع والاجارة والوكالة، يا عجب العجاب! دليل خاص ينتج منه دليل خاص آخر، لذلك ذكرنا امس لنا انطلاق من العام الى الخاص ولنا انطلاق من الخاص الى العام وهذا غير ما ذكر في الاصول من ان المورد لا يخصص العام.

لاحظوا هذا الانطلاق من الخاص الى العموم عكس التمسك باوفوا بالعقود، العقد بيع واجارة ووكالة ومضاربة وتامين، كلها يصدق عليها العقود والمومنون عند شروطهم ويصدق عليها اوفوا بالعهد، وهذا انطلاق من الخاص الى العام، انصافا ظاهرة قانونية بديعة في اصول القانون.

اكثر من ذلك: عملية التمسك بالادلة صناعيا لها اطوار عجيبية وهذا طورين مر بنا، الجلسة اللاحقة نتعرض لاطوار الاخرى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo