< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: المعاملات/المعاطاة /قاعدة صياغة الأدلة الخاصة كدليل عام في المركبات والعكس كذلك

المضاربة ومقتضى المعاوضة

كان الكلام في ان تركب المعاملات يتخذ صياغات متعددة وكان المرحوم الآخوند قد نقض مسألة ان العوض يدخل في ملك من خرج عنه المعوض نقضه بالمضاربة، فان الربح فيها لا يدخل كله في ملك مالك المال، عامل المضاربة ياخذ المال الذي هو ملك صاحب راس المال ويتعاوض به تجارة وبيعا مع الآخرين، فبالتالي المال من مالك المال كعوض، والمعوض وهو المبيع لا يدخل كله في ملك صاحب راس المال، قسم منه يدخل في ملك صاحب راس المال وقسم من المبيع بقدر نسبة الربح من هذا المبيع يدخل في ملك العامل فيكون المبيع في المعاوضات الرابحة طبعا بل الغير الرابحة، المعاوضات الرابحة التي يجريها العامل المبيع يكون مشتركا في ملكيته بين مالك صاحب راس المال وعامل المضاربة، فهنا قد دخل شطر من العوض في غير من خرج منه العوض، او العكس ما شئت فعبر.

فاذن هذا يقتضي ان المعاوضات لا تقتضي دخول العوض او المعوض في ملك من خرج عنه الآخر، يمكن ان يتوزع، فهنا ثلاثة أطراف في المضاربة، في البداية طرفين وفي النهاية ثلاثة أطراف.

هذا نقض الآخوند على الشيخ الانصاري في المضاربة والمزارعة والمساقات وهكذا، ولو في المزارعة والمساقات ليس الربح كذا يصور، وكذا الاجارة في النمط الخاص من الاجارة التي مر ذكرها مرارا ان الاجرة لا تجعل مبلغا معينا بل نسبة من ربح المستاجر، هذا محصل كلام المرحوم الآخوند.

التحليل الصناعي لبساطة وتركب المعاملات لها آباء ومواليد

التامل في كلام صاحب الكفاية: هذا يعتمد على قضية التركب في المعاملات، هذا المبحث الحساس ولكن فيه مبحث حساس اكبر منه وهو قضية ان المعاملات عندنا نستطيع ان نعبر ان المعاملات لها آباء ولها مواليد، آباء يعني المعاملات الاصلية الاساسية التي من تركبها وجدت معاملات اخرى، وهذه المعاملات الاخرى نستطيع ان نقول جيل اول ثاني ثالث، يعني بتركبات معينة في الآباء يحدث الجيل الثاني، بتركبات اخرى في الجيل الثاني يحدث الجيل الثالث، وهلم جرا، وتزداد الاحتمالات والتصويرات المتعددة.

فاذن شيء مهم جدا في البحث المعاملي ان نحلل صناعيا بساطة المعاملة من تركبها ثم هذا التركب، تركب من البسيط او لا وهو تاسيس؟ هو تاسيس، دمج من البسيط لا ان المركب جعل عند العقلاء مستقلا عن الجعل البسيط، بل هذا جعل مندمج.

المعاملات المركبة ليست تأسيسية بل متوالدة عما قبلها

مثال: قضية الخلق، تارة الخلق من مادة الى تجوهر آخر ثم هذا التجوهر الى تجوهر آخر، هذا الخلق لا يقال له خلق لا من شيء، بل خلق من شيء، النطفة مضغة فخلقنا المضغة علقة، فالخلق للعلقة خلق وليس خلقا من لا شيء بل خلق من مادة، مثل بدن الانسان، ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً﴾[1] ، ليس العلقة لا من شيء، ﴿وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا﴾ [2] ﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا﴾[3] ، والى الآن البشر لم يهتدوا كيف بدن الانسان من الأرض، ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ﴾[4] ، وكذا و كذا، ونظرية الداروين بعيدة.

فهناك تخليق بعد تخليق، تارة تخليق من لا شيء فابداء، وتارة من شيء آخر. المعاملات ايضا هكذا، تاسيس وجيل ثاني وجيل ثالث وهلم جرا، يعني يمكن ان يندمج الجيل الثاني مع الجيل الاول ويمكن ان يندمج الجيل الثاني مع جيل ثاني آخر ولا مانع، فاذن هذه خطوة مهمة ان نكتشف الآباء المؤسسين في المعاملات.

الشرعية في تركب المعاملات تنسحب من الآباء الى المواليد

اذن هناك منهج معاملي عند جملة من الاعلام المحشين للعروة المحققين منهم وايضا عند محشين للمكاسب ان هذه المعاملات المركبة ليست تاسيسية بل هي توليدية متوالدة.

ثمرة هذا البحث:

احكام الماهيات المعاملية المركبة تندمج بصياغة قانونية

ان احكام الماهية البسيطة تسري في الاجيال المتوالدة مندمجة مع ماهيات بسيطة اخرى، وبالتالي ليست هذه الماهيات المركبة المواليد احكامها خلق الساعة تاسيس وانشاء جديد، بل هي نفس احكام ماهيات البسيطة تنضم و تندمج فيتكون منها الاحكام للمذيج والمندمج الا ما دل دليل آخر على دخول تعبد خاص على الخط والا فالقاعدة قتتضي ان احكام الماهيات البسيطة تسري وتنضم وتندمج بطريقة سياغة قانونية وهذه نكتة لطيفة.

الاجارة - نوع من البيع الخفيف

فاذن القول بان المعاملات مواليد وما شابه ذلك كما نقلت للاخوة جملة من المحشين للعروة بالدقة اجارة بضميمة الوكالة، يعيني يريد ان يقول ان المضاربة ليست تاسيس جعل جديد، والمزارعة، والمساقات وحتى الاجارة والبيع قال جملة من الاعلام والسيد اليزدي يذهب اليه ان الاجارة بيع خفيف لانه تمليك المنفعة، ونوع من التسليط على العين سواء مدة محدودة او الطويلة، فقالوا ان الفرق بين الاجارة والبيع كالفرق بين الزواج الدائم والزواج المنقطع، الزواج الدائم رقبة العين تروح، والزواج المنقطع مدة محدودة، فالاجارة مدة يعني تسليط على العين ايضا، وهذا تعبير الآخوند في باب الاجارة انه تمليك للعين على وجه مخصوص يعني مدة معينة.

على كل مع غض النظر عن صحة هذه الاقوال نريد ان نستكشف المنهج في المعاملات ان هناك منهج في المعاملات دوما على متابعة وملاحقة التحليل الصناعي لتداخل المعاملات بعضها مع بعض وتحليلها صناعيا، كيف تتركب وكيف تتوالد، وهذا منهج متين وسديد في المعاملة.

الأدلة الخاصة على المعاملات تصحح التركيب في المعاملات

نقطة أخرى: وعلى ضوء ذلك التركيب في في المعاملات لا يحتاج الى دليل خاص بل نفس ادلة صحة الآباء تدل على صحة المواليد، كانما شرعية نسب الآباء تنسحب الى شرعية نسب المواليد يعني ان لم يكن حتى اوفوا بالعقود، اوفوا بالعهد، تجارة عن تراض، بل كان فقط صحة البيع، وصحة الاجارة وغيرها، نستطيع من هذه الادلة الخاصة ان نركب دليلا للمواليد اي شكل اتخذت المواليد، حتى لو لم يكن لدينا عموم اوفوا بالعقود، عموم المومنون عند شروطهم، وعمومات اخرى، بل وجدت الادلة الخاصة فقط، لانها ليست بشرط لا، بل لا بشرط، هذا تخريج مهم جدا، من الذين تقيدون به جملة من الاعلام من محشين للعروة منهم السيد الكلبايكاني رحمة الله عليه. والجعالة ايضا نفس الكلام وانه نوع من الاجارة.

دمج هيئة صلاة جعفر الطيار في صلاة الفريضة

فاذن كيف السيد اليزدي رحمة الله عليه عنده في العروة في صلوات النوافل في صلاة جعفرالطيار انه هذه القاعدة مشروعية دمج صلاة جعفر الطيار في فريضة ممكن فضلا عن نافلة لكن بوجوه ثلاثة، وما صححها الا الوجه الثالث وهو ان لا تنوي صلاة جعفرالطيار بل تنوي صلاة الفريضة، قال: والمراد من الاحتساب تداخلهما فينوي بالصلاة كونها نافلة وصلاة جعفر ، ويحتمل أنه ينوي صلاة جعفر ويجتزىء بها عن النافلة ، ويحتمل أنه ينوي النافلة ويأتي بها بكيفية صلاة جعفر فيثاب ثوابها أيضاً ، وهل يجوز إتيان الفريضة بهذه الكيفية أولا؟ قولان ، لا يبعد الجواز على الاحتمال الاخير دون الأولين[5] ، وهو لم يحدد صلاة الفريضة ركعتين ركعتين او اربع ركعات، لم يقيد، والسيد الخوئي قال نعم يصح اذا كان صلاة القصر حیث علق علد قوله (اتیان الفریضة) وقال: أي المطابقة معها في الكم كفريضة الصبح ، أو مقصورة الظهرين ، دون المخالفة كالعشاءين ، للزوم التسليم على الركعتين كما تقدّم[6] ، لكن كلام السيد الخوئي فيه مسامحة لان الادلة التي يعتمد عليه السيد الخوئي لموافقة السيد الخوئي تشمل حتى اربع ركعات الظهر او العصر. او هكذا تشكل الركعتين الاولتين من الظهر اربع ركعات تاتي بركعتي جعفرا لطيار معها والثالث والرابع عادية، وتاتي بصلاة العصر الركعتين الاولتين منها وتجعل الثالث والرابع صلاة جعفرالطيار بدون ان يسلم، يعني تشكيلات متعددة.

ترك بعض المندوبات يجعلها مهجورة

من اين جاء هذا الكلام؟ لان كل ذكر مشروع في الصلاة، يعني مثلا الان انت اتممت الحمد والسورة لا يمنع ان تذكر الله اياما تريد، مرة اتيت بالتشهد المستحب الطويل في المشاية للزيارة فكان هناك رجل دين لا يكون معمم قال انا ستين سنة صاحبت العلماء هذا التشهد الذي جئت به ما جاءوا به، لكنه موجود في مستدرك الوسائل، انظر استغراب مستحبات حتى المنصوصة لانه غريبة. على اية حال كيف هذا التشهد، هكذا بعض عباراته: ..اللهم صل على محمد المصطفى ، وعلي المرتضى ، وفاطمة الزهراء ، والحسن والحسين ، وعلى الأئمة الراشدين من آل طه ويس ، اللهم صل على نورك الانور..[7] ، هذا افتى به المفيد والصدوق في التشهد عند مستحب الافضل هكذا الصلاة. المهم كثير من الاحكام لما تكون مهجورة كانما غريبة وشاذ في ذهن العوام حتى الفضلاء.

فاذن السيد اليزدي لاحظوا في دمج هيئة صلاة جعفر الطيار في الصلاة الفريضة لم يجد لها مانع لان عموم الذكر موجود في الفريضة يشمل لما ورد من اوامر خاصة وعند السيد اليزدي تصاب بثواب صلاة جعفر الطيار وان لو تنو الصلاة جعفر الطيار، نويت الصلاة الفريضة، ما فيه مانع، احسن من المستحبات المتروكة المستحباب بالنصوص الخاصة، انك في التشهد تدعو بالدعاء بعد التشهد قبل ان تقوم او قبل ان تسلم تدعو بدعاء طويل، ادعية واردة، في الركوع ادعية واردة حتى بنص خاص مهجورة، ادعية في السجود في كل السجدة متروكة الان.

احد الاعلام المجتهدين رحمة الله عليه من المحققين هو ينقل عن نفسه انه فترة من الفترات التزم ان ياتي بكل آداب الصلاة قال ان الصلاة تكلف ثلاث ساعات، صلاة واحدة، كان ياتي بكل الاشياء، والشهيد الاول او الشهيد الثاني الفيتين عنده كانما، يعني القضايا المندوبة في الصلاة الى ما شاء الله.

الأدلة الخاصة بالتركب الصناعي تولد عمومات

لاحظوا تستغربون لانه مهجور في الاذهان الذي يؤتى به في صلاة الميت ما هو؟ التشهد، ثم الصلاة على النبي ثم الدعاء للمؤمنين ثم الدعاء للمومنين، هذا الترتيب عينه يستحب في التشهد في آخر الصلاة، يعني تشهد ثم صلى ثم تدعو للمؤمنين ثم تدعو لنفسك، انظر هو منظومة واحدة، في تسبيحات الصلاة نفس القصة، حتى ىفي القنوت، يستحب فيه ان ما تبدا لا تبدا بالطلب بل بالتشهد او بالثناء على الله وهو كما يقول السيد المرتضى تشهد.

على كل حال ليس العمومات تقتضي صحة المواليد والمركبات سواء في العبادات او في المعاملات بل هذا الوجه الذي بنى عليه السيد اليزدي في بعض الموارد او السيد الكلبايكاني، الادلة الخاصة بالتركب تولد لنا عمومات، الادلة الخاصة تولد لنا عمومات.

كاشف الغطاء وبحر العلوم - الدليل العام يولد دليل الخاص - كالشهادة الثالثة

بحر العلوم والشيخ جعفر كاشف الغطاء وتبعهما على ذلك صاحب الجواهر عندهم اتجاه معاكس، ذهبوا ان الادلة العامة يمكن ان يستفاد منها ادلة خاصة، صاحب الجواهر قبل استاذيه بحر العلوم وكاشف الغطاء، كاشف الغطاء ذكر ذلك في تشهد الصلاة في كتاب كشف الغطاء وبحر العوم ذكر ذلك في الاذان في الشهادة الثالثة في الاذان في منظومته الفقهية، كلا العلمين قال بانه يمكن من مشروعية العام الوصول الى المشروعية الخاصة، كالنص الخاص في الشيء، عكس ما ذكرنا الان، يعني من الخاص انت تاتي الى امثلة مركبات عديدة كان الدليل الخاص انه العام، الان هذا الوجه عكس من العمومات نستطيع ان نذهب الى التشريع الخاص.

مثلا عند الشيخ جعفر كاشف الغطاء وعند بحر العلوم نفس الدليل العام الدال على رجحان وتاكيد زيارة الحسين بنفسه يدل على خصوصية زيارة الشعبانية لو جحد جاحد الادلة الخاصة مع ان الادلة الخاصة تامة.

صاحب الجواهر وجوب الشهادة الثالثة في الاذان والتشهد والتسليم

صاحب الجواهر يستفاد من العموم مشروعية الخصوص

لذلك صاحب الجواهر في الاذان في كتاب الصلاة في الجواهر قال: لو لا تسالم الأصحاب لأمكن دعوى الجزئية[8] یعنی لولا كراهة مخالفة المشهور لجزمنا بجزئية الشهادة الثالثة، طبعا هذا في الاذان والا داخل الصلاة ذهب الى الاستحباب كجزئية للشهادة الثالثة ثم عدل عن الاستحباب الى الوجوب التخييري للشهادة الثالثة في التشهد في كتاب الجواهر في بحث التسليم عدل من الاستحباب الى الوجوب، ذكر في الاذان واحد وذكر في التشهد اثنين وفي التسليم ثلاثة، صاحب الجواهر ذكر الشاهدة الثالثة في ثلاثة مواضع، في الاذان قال لولا كراهة مخالفة المشهور لقلنا بالجزئية بدون كلام، وفي باب التشهد في الصلاة قال بالاستحباب، وفي بدايات التسليم عدل عن الاستحباب الى الوجوب التخييري يعني في التسليم استدرك وقال ان ما ذكرنا في التشهد خطأ وانه واجب تخييرا، في التسليم رجع القهقرى الى التشهد، يعني قال بالشهادة الثالثة في التشهد لكن قال به في التسليم.

اجمالا صاحب الجواهر اذن هناك ذهب الى ان العموم يستفاد منه مشروعية الخصوص، بينما ان المنهج الذي ذكرنا الان من الخصوص نستفيد مشروعية العموم.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo