< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: كتاب البيع/المعاطاة /القول الثاني في شرط الفعل وتركّب المعاملات

 

خارج الفقه

( المعاطاة ) رقم الدرس (24)

القول الثاني في شرط الفعل وتركب المعاملات

الأحد 16 رجب 1445هـ

المرجع الديني سماحة آية الله الشيخ محمّد السند (دام ظلّه)

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على سيد الانام ونور الملك العلام البشير النذير والهادي الشفيع والسراج المنير والطهر الطاهر والعلم الزاهر والنور الباهر محمد وعلى آله الاوصياء الخلفاء الائمة الراشدين.

شرط النتيجة انشاءه مندمج مع المعاملة الداخلي او الخارجي

كان الكلام في كشيفية تركب المعاملات المستجدة، فمر بنا انه كثيرا ما يكون التركب في البدأ بشرط ضميمي لكن فشيئا فشيئا هذا الشرط يتحول الى الشرط الداخلي، فبعتك الدار بثمن، الباء شرط ولكن هذا الشرط ادرج داخل الماهية، بخلاف بعتك هذه الدار بكذا على، شرط لكن شرط خارجي.

ومر بنا ان كلا الشرطين الداخلي والخارجي في الحقيقة يمكن ان يكون شرط فعل او شرط نتيجة، ومر نا الفوارق بين شرط الفعل والنتيجة، وهذه الفوارق سواء في الشرط الداخلي او في الشرط الخارجي، هذه نكتة مهمة جدا يجب ان لا نغفل عنها. شرط الفعل انشاءه ووجوده والصحة له منفك عن المعاملة، سواء كان في الشرط الداخلي او في الشرط الخارجي، اما شرط النتيجة فانشائه ووجود الصحة فيه مندمج مع المعاملة سواء كان الشرط الداخلي او الشرط الخارجي.

فمقتضى شرط الفعل حتى لو كان داخليا تكليفي محض على احد القولين المشهورين، بينما شرط النتيجة شرط وضعي وتكليفي.

الشرط الداخلي للمعاملة قيد صحة والخارجي قيد لزوم

قبل ان نتعرض للقول الثاني في شرط الفعل نقول: مر بنا ان في الشرط الداخلي طبيعته كانما طبيعة وضعية قيد في الصحة، والشرط الخارجي قيد في اللزوم، كيف نوفق بين قيد الصحة الداخلي مع شرط الفعل؟ سبق ان بينا شيئا ما لا كله تماما، وكيف نوفق بين الشرط الخارجي مع شرط النتيجة؟ بينا شيئا ما لا كله، معنى قيد الصحة الداخلي في المعاملة الفوقية سواء طرفيه شرط الفعل او طرفيه شرط نتيجة، هو قيد صحة لا يتبدل.

بعض صور المعاطاة – إباحة مقابل إباحة

المثال: القدماء والمتأخرون في بعض صور المعاطاة مما كان المتعاطيين لا يهتمان بقصد التمليك، مثلا في الامور المحقرة اليسيرة، مثلا دخول الحمام العمومي، هذه قصده جاري، يحصل او لا يحصل، لا يكون مهما، احد منها يروح الحمام يتردد عليها عموم انتفاء الناس والعموم ينتفع وفي مقابل ان ينتفع يوصل مقدارا ماليا، فهنا اباحة في مقابل اباحة، والاباحة يمكن ان تكون بنحو شرط الفعل او بنحو شرط النتيجة، شرط الفعل يعني مثلا يتصالحان على ان يقوم كل منهما بانشاء الاذن هذا صار شرط الفعل، ان ياذن يعني ان يقوم بالاذن، وشرط النتيجة يتصالحان على ان يكون كل منهما ماذونا، فالاباحة والاذن من الايقاعات ومر بنا في الايقاع يمكن تصور شرط الفعل ويمكن تصور شرط النتيجة، شرط الفعل ان يوقع الايقاع ويحدثه، وشرط النتيجة في الايقاع النتيجة الوضعي في الايقاع يشترطها، فشرط النتيجة والفعل لا يختص بالعقود، فالاباحة في مقابل اباحة افترض بنحو شرط الفعل مع ذلك هنا الصلح هنا قيد نتيجة، هذا المقدار لم يتم بيانه بعد.

القيد الخارجي شرط نتيجة بلحاظ المشروط لا الشرط

كذلك في الشرط الخارجي فانه قيد لزوم وان كان شرط نتيجة، لان شرط النتيجة بلحاظ المشروط لا بلحاظ المشروط فيه، فما فيه تنافي كما مر، مثلا بعتك هذه الدار على هذا الثمن على ان تخيط لي ثوبا، خياطة الثوب دخالتها في البيع قيد لزوم وليس قيد صحة البيع، وان كان الشرط شرط نتيجة، مثل بعتك هذه الدار على هذا الثمن بشرط ان تخيط لي بنحو النتيجة، فالنتيجة بلحاظ ذات الشرط او قل ذات المشروط، اما بلحاظ المشروط فيه وهو البيع قيد لزوم وليس قيد صحة.

سوال: هل خياطة الثوب هنا شرط النتيجة او شرط الفعل بلحاظ اي عقد؟

الجواب: هذا بلحاظ باب الهبة، لان الهبة اعم من تمليك المنافع او تمليك الاعيان، والصدقة ايضا هكذا، بخلاف ما لو قال بعتك هذه الدار على ان تخيط لي ثوبا بدراهم كذا، يصير شرط اجارة، اما اذا قال على ان تخيط لي ثوبا يكون شرط هبة في البيع.

القول الثاني في شرط الفعل – حكم وضعي تكليفي

القول الثاني في شرط الفعل: ان شرط الفعل ايضا فيه حكم وضعي وتكليفي وليس هو حكم تكليفي محض، وهذه نظرية مهمة، هذه باب مفتوحة، فما هو شرط الفعل وشرط النتيجة؟ شرط القول على هذا ايضا مفاده وضعي وتكليفي، فما الفرق بين شرط النتيجة وشرط الفعل؟ نحن و السيد محسن الحكيم نتبنى على هذا المبنى، في نذر الفعل نذر ان يتصدق بالشاة تارة نذر نذر نتيجة، نذر ان هذه الشاة صدقة في سبيل الله، هذه نتيجة، يعني نتيجة الصدقة، الهبة بقصد القربة يصير صدقة، فتارة ينذر بنحو النتيجة، هي ملك ومملوك و خرجت، وتارة ينذرها بنحو الفعل، نذرت ان اتصدق بالشاة، هذه تصدق بالفعل، فشرط الفعل فيه حق فكيف يكون مفاده وضعي؟ القائل بان شرط الفعل مفاده وضعي، يقول ان فيه استحقاق وحق وليس فيه ملك، عندما انذر بهذه الشاة جعلت لله تعالى حق عليا ان اتصدق، ملكت الله عز وجل ملكية اعتبارية حقا عليا ان اتصدق، فحق الله تعالى وضعي وهذا التكليف تعلق في ذمتي بهذا الفعل يعني التصدق، التصدق بالشاة، فصار الحق يتعلق بالشاة بواسطة.

المثال: مر بنا الفرق بين القرض والاقراض، الاقراض يعني ان يقدم على القرض، والقرض هو نفس المعاوضة بين المال بعوض واقعي، فالعوض في القرض الواقعي بدل عن المال المقروض، فالعوض داخلي في القرض في العوض الواقعي، اما الاقراض فعل ما قبل الماهية، الاقدام على ايجاد الماهية قبل ان يدخل في وسط ذات الماهية، كذلك التصدق كفعل غير ماهية الصدقة، ذات داخل ماهية الصدقة، مقدمة ملاصقة مثلا، هنا حق الله عز وجل حينما نذرت بنحو شرط الفعل ان اتصدق بالشاة، حق الله تعلق بمقدمة الملاصقة ولم يتعلق مباشرة بذات الصدقة وبذات الشاة، حق وضعي لكن تعلق بالاقدام على التصدق لا بنفس الصدقة والشاة، لله علي ان اتصدق، مثل الاصداق، لا ذات الصدقة.

فهنا شرط فعل وليس شرط نتيجة، في شرط النتيجة الشاة تلقائيا يصير صدقة ومملوكا في سبيل الله، لله علي كون الشاة صدقة، يكون صدقة وحصل، هذا في شرط النتيجة. فتعلق الحق الوضعي بالفعل المتعلق بالتصدق بالشاة هل هو مانع عن التصرف في الشاة معاوضيا، تكليفا لا يجوز له ولكن وضعا يجوز ام لا؟ هذا بحث آخر.

نكتة: اكثر من ثلاثة عشر نوع من الحقوق استقصاها الفقهاء في الفقه، مائة والثلاثين خطأ، ومن باب المثال كي يلتفت الاخوان نشير للفرق بين الحق والملكية.

الفرق بين الحقوق والملكية والخمس والزكاة

الفرق بين الحق و الملكية: الكثير التزم بان الخمس حتى الزكاة ملك اصحاب الخمس في مالية العين وليس ملك اصحاب الخمس في ذات جسم العين ورقبته، مشاركة وشركة لكن ليس شركة مشاعا في رقبة العين، اصلا مشاركة او كلي في المعين هذا شيء آخر، الشركة والملكية هنا مع ان الخمس ملك لكنه ملك ليس في رقبة العين، بل في صفة المالية، هذا شبيه نوع من الهندسة والخارطة الخاصة، انظر المالية عرضة ليس في رقبة العين، المالية صفة، ورقبة العين جوهر جسماني. ومن ثم البعض يطلق على الخمس انه الحق وليس ملكا وكذلك الزكاة، ومقصودهم انه ليس ملكا في رقبة العين بل ملك في المالية، ولهذا فوارق واصل باب الخمس والزكاة تترتب على هذا المطلب.

فاذن المجهر الصناعي اجتماع الحكمين الوضعيين لا يعني انهما من سنخ واحد، شرط الفعل حق وضعي مفاد وضعي، لكنهما مختلفان، اجي بالمثال.

المثال: بعتك هذه الدار بثمن كذا على ان تخيط لي ثوبا، شرط الفعل، يعني حق وضعي في الاخاطة لا في منفعة الخياطة كمملوكه، بخلاف ما لو قلت له بعتك هذه الدار بثمن كذا على ان تكو الثوب مخيطة لي، هذا يصير مالكا للمنفعة.

الفارق بين المنفعة والانتفاع والملك والحق

الفرق بين المنفعة والانتفاع: الفقهاء في باب المعاملات فرقوا بين المنفعة والانتفاع، ما الفرق بينهما؟ قالوا باب العارية فرقها عن باب هبة المنافع او الاجارة ما هو؟ العارية اذن في الانتفاع، ليس تمليكا للمنفعة، يعني الجانب الايجادي، اما في هبة المنافع تمليك للمنفعة، فالانتفاع يختلف عن المنفعة، المنفعة مثل اسم المصدر مملوكه، اما الانتفاع ليس اسم مصدر بل حدث ايجادية، مثل الاقراض والقرض، الاقراض مقدمة متصلة بالقر ض وليس نفسه، والانتفاع والمنفعة من هذا القبيل، المصدر يوصل الى اسم المصدر.

حينئذ ناتي الى هذا القول: ان شرط الفعل مع انه وضعي لكن هذا الحق الوضعي يختلف عن شرط النتيجة، شرط النتيجة ملكية وتتعلق برقبة المنفعة او رقبة العين، بينما هنا في الحق، حق في جانب الايجاد. فاذن يبقى شرط الفعل وان كان مفاده وضعيا الا ان بينه وبين شرط النتيجة فرق.

شرط الفعل في الشرط الداخلي للمعاملة

الان تعالوا بنا الان كيف نصور في الشرط الداخلي شرط الفعل: مثل التصالح على ان يوقع هذا البيع الابياع، غير البيع مثل الاقراض والايجار وانهما غير القرض والاجارة، تارة الابياع والايجار شرط الفعل، وتارة بيع واجارة شرط نتيجة، الصلح الفوقي او المعاوضة الفوقية وضعية سواء طرفيها شرط الفعل او النتيجة، مثل شرط الفعل على هذا القول الثاني فان نتيجته استحقاق وهو وضعي لكن استحقاق في الايجاد، فاذن هذه المعاملة الفوقية وهذا القيد الداخلي ان يملك كل منها عن الآخر يعني يستحق هذا الابياع فيما اذا كان بنحو شرط الفعل.

تلون وتنوع طرفي المعاملة الفوقية لا يغير القيد الفوقي انه وضعي، يملك عليه الابياع في مكان شرط الفعل وفي مكان شرط النتيجة يملك هذه النتيجة، وكذلك هلم جرا.

اذن لاحظ تركب المعاملات، سنصل الى نقط وهي هذه:

النقطة الأولى: ما الفرق في المعاملة الفوقية بين ان يكون الطرفين او احدهما شرط نتيجة وبين ان يكون شرط فعل؟واضح ان شرط النتيجة ما يحتاج الى انشاء كما مر بنا وتلقائيا يحصل، بخلاف شرط الفعل فانه لابد ان يوقع، هذه نقطة.

الاندماج في المعاملات المركبة وعموم شرائطها

النقطة الثانية: هذه المعاملات التي دمجناها في ضمن معاملة فوقية تارة ندمجها بنحو شرط الفعل وتارة بنحو شرط النتيجة، يبج ان لا ننسى الفرق بين الدمجين، هذه المعاملات التي دمجناها هل يشترط فيها شرائطها ام لا؟ البيع لها شرائط صحة، والاجارة وغيرها، هذا السوال حساس وبحث مهم في تركب المعاملات المستجدة، وهو هل الاندماج في المعاملات يعفينا الشرائط الصحة الابعاضية للمعاملات؟ الصحيح انه لا يعفينا، سواء اشترطت بنحو شرط الفعل او النتيجة، والدليل عليه سنقيمه.

النقطة الثالثة: هل تترتب عليها احكامها أم أحكام أخرى عندما تدمج بعض المعاملات في بعض؟ الصحيح ان احكمها ايضا تبقى.

هذين النقطتين يجب ان نلتفت إليهما وهو لب اللباب الذي نريد ان نصل اليه في تركب المعاملات المستجدة.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo