< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/12

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كان الكلام في أن القيد الداخلي للمعاملة هو شرط الصحة، صحة للمعاملة المشروط فيها وليس قيد صحة لذات الشرط، والقيد الخارجي قيد لزوم لذات الشرط او نقول قيد لزوم حق ايضا للمشروط فيه، فلا ينافي شرط النتيجة، كما ان القيد الداخلي لا ينافي شرط الفعل، شرط الفعل قيد لزوم من حيث ذات الشرط ولكن القيد الداخلي قيد صحة في المشروط فيه.

نستعرض الان لاربع صور؛

فاذا صالح في معاملة فوقية احد طرفيها البيع واحد طرفيها الاجارة، كالخلع لان الطلاق ايضا شرط الفعل والبذل ثمن، هنا الخلع انعقد بمجرد الايجاب والقبول بين الزوج والزوجة، وقع الطلاق ام لا، فصحة الخلع غير متوقفة على وجود الطلاق وانشاء الطلاق لان الطلاق اخذ عوضا في الخلع بنحو شرط الفعل لا شرط النتيجة، فمن ثم تنفك صحته ووجوده عن وجود الخلع، فشرط الفعل ينفك وجوده وصحته عن المعاملة وعن الشرط، سواء شرط ضميمة او الشرط الداخلي، فرغم ان الطلاق اخذ بنحو الشرط الداخلي وجوده مستقل وصحته مستقلة.

الثمرة في الوجود والصحة والانشاء المستقل، فلو افترضنا ان المعاملة كانت فاسدة، مثلا الخلع كان فاسدا، الطلاق لا يكون فاسدا، او البيع والاجارة اذا كان نحو شرط الفعل، البيع والاجارة يقعان صحيحان اذا كانا بنحو شرط الفعل.

فاذن من النكات المهمة في شرط الفعل ان صحته لا وجودا ولا بقاءا غير مرهونة بصحة المعاملة سواء كان شرط الفعل داخل المعاملة او شرط ضميمة خارج المعاملة، ولابد ان نلتفت اليه، بخلاف شرط النتيجة سواء خارج المعاملة او داخل المعاملة وجوده وصحته وانشائه مرتبط بالمعاملة.

فشرط الفعل مستقل وجودا وصحة وانشاءا وغير مستقل لزوما سواء كان داخل المعاملة او خارج المعاملة، فصرف كون شرط الفعل داخل المعاملة لا يجعله مندكا في المعاملة من كل الزوايا بل يبقى شرط الفعل انشاءا ووجودا و صحة مستقلا عن المعاملة، ابتداءا وانتهاءا.

بينما شرط النتيجة مندك مرتبط انشاءا وصحة ووجودا ولزوما بالمعاملة، فلو فسدت المعاملة يفسد شرط النتيجة، يعني اذا تبين ان المعاملة كانت فاسدة يتبين ان شرط النتيجة فاسد ايضا.

المثال: السيد الخوئي وجماعة قليلة من القدماء وكثير من تلاميذ السيد الخوئي: النكاح اذا عقد بشرط تاخذه الزوجة الطلاق ان يكون وكيلا عن الزوج ووليها طرف ثالث، هنا فرق السيد الخوئي بين شرط النتيجة والفعل، اذا اشترطت الطلاق في النكاح بنحو شرط الفعل لابد من انشاء مستقل للوكالة بعد النكاح، وان يوكل الزوج الزوجة او الطرف الثالث في الطلاق، واذا لم يوكل الزوج لا يكون للزوجة صلاحية الطلاق، لانهه مستقلة اذا اخذت شرطا خارجا بنحو شرط الفعل، اما اذا اخذت الوكالة في الطلاق بنحو شرط النتيجة وجود الوكالة وصحتها وانشاءها ولزومها بنفس النكاح ومندك في النكاح واذا كان النكاح لازما فالوكالة لازمة. فاذا لم يوكل في شرط الفعل ياثم تكليفا ولا يلزم الفساد.

نكتة: اذا كان بنحو شرط الفعل فيصر مستقلا ابتداءا وانتهاءا واما اذا كان بنحو شرط النتيجة يندك وينضم انشاءا ووجودا وصحة وابتداءا وانتهاءا ولزوما بالنكاح، فلا يمكن فسخ الوكالة على مبنى السيد الخوئي اما على المبنى عندنا يمكن ولا اشكال.

كلامنا الان في نفسه شرط الفعل لكن يمكن ان يكون قواعد اخرى تقتضي شيئا آخر وهو بحث آخر.

المنهج هو ان البحث في القواعد والادلة والعمومات وغيرها غالبا يكون اقتضائيا حيثيا لا بتيا بقول مطلق، غالبا لا نقول دائما الكلام في القواعد الفقهية والاصولية وغيرها يكون اقتضائيا وحيثيا، مثلا تقول الان الماء حلال، الماء صار مغصوبا وهذا بحث آخر وحلية الماء لا تتصارع مع حرمة الغصب، حلية الماء بحث من حيث الطبيعة و حيثي.

فاذن شرط الفعل سواء كان داخليا او خارجيا مستقل انشاءا ووجودا و صحة ابتداءا وانتهاءا، لكن في اللزوم لا يكون مستقلا، اما شرط النتيجة مندك ومرتبط انشاءا ووجودا وصحة ولزوما.

لذلك المشهور على متأخري الاعصار حيث يحملون مفاد الادلة على الاقتضاء والبحث الحيثي عندهم التعارض نادر، التناقض تعارض وليس تعارضا لانا اذا حملنا المتعارضين على الاقتضاء يصير من قبيل التزاحم.

وبعبارة اخرى التعارض على هذا المبنى يكون اشبه بالسببية في التعارض، مر بنا في الامس في بحث الاصول ان الشيخ الانصاري يبين ان التعارض على القول بالسببية يتبدل سنخه من التعارض الى التزاحم، اذا دققنا هذا المبنى على الاقتضاء والطريقية في التعارض لايكون هناك تعارض وهو تزاحم، ما اقول ليس فيه تعارض بل المترائي الاولي هو التعارض لكن بعد الدقة يظهر انه تزاحم.

فهنا لما نقول ان شرط الفعل وشرط النتيجة وضوابطهما هكذا، هذا من باب الاقتضاء وليس بتا ونهائيا.

تكملة: شرط الفعل فيه مبنيين سبق ان اشرنا اليهما بنحو الاختصار سواء كان داخليا او خارجيا، نظرية ان شرط الفعل مؤداه واقتضائه تكليفي محض، مثلا لو جعلنا في الصلح بيعا مقابل اجارة، كليهما بنحو شرط الفعل، نفس البيع وضعي ونفس الاجارة وضعي، تكليفي محض يعني الزام الشرط تكليفي محض اما اذا اعطيت بانشاء الشرط في شرط الفعل على المبنى المشهور انشاء الشرط مؤداه تكليفي محض، نعم ذات شرط الفعل اذا انشأت بانشاء آخر فالانشاء الآخر له حكم نفسه اذا كان تكليفي فهو واذا كان وضعيا فهو، اذن شرط الفعل مؤداه تكليفي يعني الاشتراط في شرط الفعل مؤداه تكليفي محض.

ومن ثم المعاملات التي تاخذ مركبة بنحو شرط الفعل سواء الشرط الداخلي او الخارجي، هذه المعاملات يترتب عليه احكامها الخاصة ايضا وتندك وتذوب في المعاملة الفوقية فقط.

مثلا في الخلع شرط الطلاق ليس شرطا خارجا بل داخلي لكن شرط الفعل ومن ثم لو فسد او فسخته الزوجة بعد وقوع الطلاق، الطلاق يبقى حكمه على حاله، الان يتبدل الطلاق من طلاق البائن واللازم الى الرجعي وغير اللازم يمكن ان يفسخ الطلاق، ايقاع يمكن ان يفسخه، الرجوع يعني فسخ الطلاق، لكن ليس بمجرد فسخ المراة للخلع او تبين ان الطلاق فاسد الطلاق يفسد او ينحل، ياخذ الطلاق احكام نفسه، في شرط الفعل الايقاع او المعاملة ياخذ احكام نفسه غاية الامر ان اللزوم نعم، فاذا فسخ العقد الاصلي او تبين فساده اللزوم يرتفع من شرط الفعل لانه مربنا ان شرط الفعل في اللزوم مرتبط، اما في الصحة والانشاء وانتهاء الصحة ليس مرتبطا، فاذن في شرط الفعل تترتب عليه احكام الادلة الخاصة، هذا في شرط الفعل.

فمثلا على مبنى السيد الخوئي عندما يقال ان مؤدى شرط الفعل تكليفي محض يعني اشتراط شرط الفعل ثمرته تكليفية محض لا ذات الشرط نفسه، ذات الشرط قد يكون وضعيا في شرط الفعل، فلذلك يقولون في شرط الفعل شرط تكليفي، كانما شرط تكليف.

بخلاف شرط النتيجة، طبيعة النتيجة يعني الحكم الوضعي، فكانما في شرط الفعل تشترط حكما تكليفا، وفي شرط النتيجة تشترط حكما وضعيا. يعني يمكن ان نعبر ان شرط الفعل شرط حكم تكليفي، وشرط النتيجة شرط حكم وضعي. فالفرق جوهري بين شرط الفعل والنتيجة، نذر الفعل او النتيجة، كذلك المعاملة الاجارة والبيع في المعاملة الفوقية، اشترطت الاجارة بنحو شرط الفعل يعني اشترطت الحكم التكلفي في البيع، اشترطت الاجارة في مقابل البيع نحو شرط النتيجة يعني اشترطت الحكم الوضعي في البيع.

تكليف معاوضة عن تكليف وهذا عجيب!

سياتي في ان شاء الله في المعاطاة قال جماعة من الاعلام ان المعاطاة عبارة عن معاوضة اباحة مقابل اباحة، يعني تكليف في مقابل تكليف، يصير التعاوض بي التكاليف.

ففي شرط الفعل حتى الداخلي عبارة عن التقابل والتبادل بين الاحكام التكليفية، اذا كان احده شرط الفعل والآخر مال، تكليف في مقابل الوضع، في الخلع مثلا يعني الطلاق شرط الفعل والبذل العوض شرط نتيجة، تقول الزوجة لك كذا من المال مقابل ان تطلق مقابل ان تلزم نفسك تكليفا ان تطلق، في الخلع احد الطرفين شرط نتيجة وهو بذل المال والطرف الآخر تكليفي وهو الطلاق، اذن المعاملات عجيبة ويمكن تصويرها مختلفة! مثلا تكليف في مقابل تكليف، العوض مقابل عوض، التكليف مقابل العوض، وفي شرط النتيجة ايضا هكذا.

اذن شرط النتيجة وضع وشرط الفعل تكليفي محض على مبنى المشهور، احد القولين المشهورين في شرط الفعل.

القول الثاني المشهور في شرط الفعل وهو الذي نتبناه وتبناه السيد محسن الحكيم وكلا القولين قديمان.

قبل ان ادخل القول اذكر مثال: ما الفرق بين وجوب النفقة للارحام ووجوب النفقة للزوجة، وجوب النفقة للزوجة تكليفي ووضعي، وضعي يعني تملك الزوجة في ذمة الزوج دينا وهو النفقة، بينما وجوب النفقة في الارحام تكليفي محض، لا يملك الارحام وضعا مالا في ذمة المكلف، الوالدين او الاولاد، نعم يمكن للرحم يروح يستدين على ذمة المكلف، يقول انا ما عندي وهو ما ينفق، يروح يستدين على ذمة ذي الرحم، هنا يتبدل التكليف الى الوضع، او احد من ذي الرحم يلزم المكلف باجبار من المحكمة انه كذا، او غير هذه الطرق. وهذا البحث انه كيف يتبدل التكليف الى الوضع في الصناعة ولا ندخل فيه.

فالقول الاول عند احد القولين المشهورين تكليفي محض ويمكن تغييره الى الوضع لكن في الاصل تكليفي محض.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo