< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كان الكلام في انه لا تدافع بين مقتضى القيد الداخلي وشرط الفعل، مقتضى القيد الداخلي الدخالة في الصحة بينما شرط الفعل اذا كان داخليا ليس ارتباط على صعيد الصحة بل ارتباط على صعيد اللزوم، لا تدافع بين هذين لان المراد من ان القيد الداخلي دخيل في الصحة هو صحة المشروط فيه لا صحة ذات الشرط، وشرط الفعل ارتباط ذات الشرط بالمشروط فيه ارتباط في اللزوم لا في الصحة فلا تدافع.

مثال: المعاملات الجديدة مبنية على هذا التنويع في الصور. لو اجريت مصالحة كالتامين مثلا، وهو نوع من المصالحة والمعاوضة، وهذه المصالحة او المعاوضة طرف منها بيع بنحو شرط الفعل، وطرف منها تمليك مال بنحو شرط النتيجة، نفس المعاملة المركبة لما تتركب من معاملتين ممكن احدى المعاملتين بنحو شرط الفعل والاخرى بنحو شرط النتيجة، طبعا اصل تصور هذا البحث مهم.

مثال آخر: البيع هناك جملة من الاعلام المحققين المحشين للمكاسب او قبلهم قالوا بان البيع بالدقة هبة معاوضية، معاوضة بين هبتين بنحو شرط النتيجة، معاوضة بين هبتين، ساذكر بالرد نظر آخرين معترضين على هذا التصوير. فجماعة من الاعلام ذكروا ان البيع في الحقيقة تركيب متولد من معاملتين بسيطتين اسبط منه رتبة، فالبيع ليس من المعاملات البسيطة الابتدائية، الهبة وتمليك الهبة هو من المعاملات الابتدائية.

ومر بنا ان الايجاب بمفرده والقبول بمفرده ليس عقدا، بل ايقاع مشروط، فاذن الفقهاء في التحليل الصناعي يحاولون يعلمون مجهر التحليل الصناعي، هذا هو عمدة صناعة باب المعاملات، التحليل الصناعي المجهري للايقاعات والمعاملات. الايقاع المشروط يعني مشروط بان يقبل الآخر، والقبول ايضا ايقاع مشروك و عهد، مر نا ان الايجاب بمفرده عهد، العهد البسيط ايقاع وليس عقدا، واذا كان مشروطا فما يقع منجزا فعليا وقوعا الا ان يتحقق شرطه، ربط العهدين عقد، فالايجاب بمفرده عهد وايقاع مشروط.

فائدة مهمة: بين الفقهاء في قاعدة المومنون عند شروطهم وفي باب الايقاع حيث وبيس صناعي هل الايقاع قابل لان يكون مشروطا بشرط ام لا؟ هذا المبحث في نفسه مستقل كبروي مهم، مثلا العتق الطلاق والنذر والعهود المنفردة التي ايقاع، وغيرها، طبعا مبحث معقدة ولن اتناوله ولن ادخل فيه لكن احد الزوايا ما الدليل عليه، انظر استطعنا ان نحلل مجهريا ماهية البيع وكل العقود انها ايقاعات مشروطة، هل قاعدة المؤمنون عند شروطهم تشمل شروط الايقاع غير شروط العقود؟ هذا مبحث كبروي وله ثمار كثيرة ولا اريد ادخل فيه.

فاذن بالدقة ايجاب البيع بمفرده ايقاع، وقبول البيع بمفرده ايقاع، وايقاع مع ايقاع يصير عقدا.

مر بنا سابقا انه في البيع ايجابان وقبولان عقد البيع متشكل من عقدين لا من عقد واحد، عقد بين عقدين، باعتبار ان في البيع تمليك المبيع من البايع للمشتري، المشتري لابد ان يقبل التمليك ويدخل في ملكه، والا لا ينتقل تمليك البايع للمبيع للمشتري، المبيع مفاده كايقاع لا ينتقل من البايع الى المشتري الا ان يقبل المشتري دخول المبيع في ملكه، هذا عقد، عقد ثاني وهو تمليك المشتري ثاني الثمن للبايع، تمليك المشتري للمثن قبول البايع لتملك الثمن عقد، فالمبيع بمفرده عقد، والثمن في نفسه بمفرده عقد، ثم هذين العقدين متشارطين ومترابطين. البايع يقول ملكت المبيع هل قلبت المبيع بشرط، هذا عقد بشرط في الثمن.

اذن بالدقة البيع نتصور انه عقد واحد هو ايقاعين وعقدين مرتبطين، كل ما تحلل تنظر الدقة اكثر، اذن قضية تركب المعاملات ليست امرا نشاذ بل هو امر تتركب.

في نظرية في المعنى الحرفي التزم بها جملة من القدماء والمتاخرين واقعا نظرية تحفة، ولم نحصر حقيقة المعنى الحرفي في هذه النظرية لكنه زاوية من زوايا المعنى الحرفي، شبيه البحث في المعاملات المستجدة وتركب المعاملات المستجدة في باب المعاملات.

بيان هذه النظرية والزاوية في المعنى الحرفي: بالدقة المعنى الحرفي يفرق عن المعنى الاسمي ان المعنى الحرفي دمج المعاني الاسمية بعضها مع بعض بشكل مدموج غير مفصل وغير ملحوظ بشكل متميز مستقل، بل مندمج متناهي بعضها في بعض، يعني نظر الى المعنى بنحو الحرفية، ابهام عن التمييز والتفاصيل، اندماج و تفاصيل وخلط. مثلا اشلونك اذا ندقق فيه او اي اسماء الفعل في كل لغات البشر غير الفعل غير الاسم وغير المصدر، اسماء الفعل سيما ببركة اللغة العربية التي هي اللغة الاقوى في العالم وبقية اللغات اثتثمرت الجهود في اللغة العربية حتى اللغة الانكليزية او الفرنسية وكثير من اللغات استنساخ للجهود في اللغة العربية، لانه مرتبطة بالمعنى.

اياما كان ففي كل اللغات عندنا اسماء افعال واسماء الافعال في كل اللغات هي جمل في الاصل وليس مفردا، جمل دمجت فصار مفردة واجدة، فداخل هذه المفردة هي تركيب اندماجي ينظر اليه الذهن بنحو المفردة، مثل البيع فانه تمليك المبيع موجود وتملك المبيع موجود وتمليك الثمن وتملك الثمن موجود، ايقاع و عقد، ربط العقدين.

كل هذه موجودة فيه، هذه حقيقة موجودة في المعنى المدمج ملفوف، هذا التحليل ليس تلاعبا وليس خيالا وليس ذخرفا وليس استحسانا وليس استضواء، كثير من التحليل الصناعي لا يأنسون بها وهذا خطأ، ويقول جئ بالمعاني المفصلة في ادلة مفصلة ما يوجد في الادلة المفصلة لا يقبل، يكون عندنا دليل مفصل ودليل اندماجي، مثلا يمشي السيد الخوئي على جمودية وحرفية الدليل التفصيلي مع الاحترام العظيم للسيد الخوئي، اذا خاض الكمباني، او النائيني او اليزدي يقول لا بئس ويخوض واذا لم يخض يرجع.

مثلا بعض الاخباريين وبعض الاصوليين جموديين على التفصيل يقولون هذا التحليل استحسان ما انزل الله به من سلطان، استحسان، استضواء، بل ائتوا براهين تحليلية ماهوية، مع ان المحقق الحلي رحمة الله عليه والكركي في هذا المنهج وشيئا ما العلامة الحلي ان المعنى الواحد كيف يفكك ماهويا اجناسه و فصوله، طولا وعرضا، هذا ليس استحسانا او تشهيا او تاويلا اختراعيا. فالبعض يقول بالدليل الخاص الناص، بالتحليل لا يقبل، يعني اذا اجرى الشيخ الانصاري في ماهية البيع كلها خذعبلات! بل يقبلون النص المفصل ولا يقبلون النص المجمل.

نرجمع، فالمعنى الحرفي الاندماجي، فاسماء الافعال بالدقة في كل اللغات هي جمل كبست واندمجت وضغطت وصارت مفردة، يعني العقل ينظر اليها كفردة، العقل عنده قدرة التحليل والتركيب والدمج والتفصيل، هذه قدرة العقل.

احد المباحث العقلية التي هجرت مع الاسف حتى في المنطق والفلسفة، صناعية التحليل والتفكير، وصناعة التحليل والتفكير كما يقول ابن سينا وكلامه صحيح اصل باب البرهان قائم على صناعة التحليل والتركيب، مثلا الوسط اذا يقول صغرى وكبرى والنتيجة، الوسط ما هو؟ هو العنصر المشترك بين الصغرى والكبرى، كيف انت تكتشف الاوسط المشترط؟ بالتحليل، بتحليل الجنس والفصل وغيره. طبعا التحليل يلزم الشواهد كي لا يكون التشهي.

مثلا الان دعوى ودعوى كثيرة عند المعاصرين تفتقر الى صناعة التحليل، وبعضها مجرد دعوى بلا برهان، ومثلا يقولون هو ارتكاز العرف! ما معنى ارتكاز العرف، الشهادة الثالثة كلام الآدميين! ما معنى كونه كلام الآدميين؟ بس دعوى بلا دليل، اصلا كيف كلام الآدميين؟! ما معلوم. فصناعة التحليل والتركيب مهمة جدا.

 

اذن اسماء الافعال يلاحظها العقل انه مفردة لكنها هي مركب يعني جملة مركبة، وهي جملتين، اذن عندنا تصور او لا يكون عندنا تصور؟ اذا كان تصور المفردة فيها جملة والجملة فيها تصديق! بحث خطير مهم.

الان اكتشف في عملية المنطق الجديد ان التصور البسيط ما عندنا الا التصور الاول، بل التصور الاول هو تصديق، التفكيك بين التصور والتصديق كيف يمكن؟ لان المفردة اذا كانت جملة فاين التصور صارت تصديقا؟ نعم تتستطيع ان تقول تصور نسبي او تصديق نسبي وهذا صحيح، اما التصور المطلق ما عندنا.

فقضية ان المعاملات البسيطة مركب، يعني هي ليست مفردة بل مركبة، مركبة بمرحلة واحدة او مراحل، تركيب بعد تركيب، وفي الوهلة الاولى نلتفت اليه نظن انه بسيط البيع بسيط، لا، بل هي عبارة عن عملية الدمج بعد الدمج، وبعد ما دمجت ينظر اليها الذهن كانها مفردة واحدة.

فاذن التحليل الصناعي للمعاملات امر بالغ الاهمية، لان نفكك الاجزاء والعناصر، هذه نكتة مهمة جدا وهي منهج استنباط في كل العلوم، صناعة التحليل والتركيب.

اذن في البيع بالدقة ركب، فليس التركيب شيئا شاذا، التركيب بين المعاملات او الايقاعات او العهود، تقريبا اذا تراجعون المحققين المحشين المكاسب يتفقون على ان العقد تركيب عهدين، لكن لازم ننظر هذين العهدين بسيطين يعني تركيب ايقاعين او غير بسيطين يعني تركيب عقدين، والعقدين الاسبقين رتبة ربما يكون مركبا من ايقاعين، يجب التحليل. هذا بالنسبة الى البيع هكذا.

لاحظنا ايضا في الارتباط الشرط الضميمي فانه ارتباط، هذه بيت القصيدة، كيف ان الشرط الضميمي يتحول الى الشرط الداخلي؟ او بعبارة اخرى كيف يتحول ويتحور الشرط الضميمي والقيد الخارجي عقلائيا في التقنين الى القيد الداخلي؟

الجواب: اذا جعلت المعاملة الفوقية اساسا سوف يتبدل الشرط والتقابل الى القيد الداخلي، اما اذا جعل القيد الخارجي ذيلا وتبعا يبقى خارجيا لكن نحتاج الى المزيد من التحليل، وهو ما الفرق بالدقة؟ اليس الشرط الخارجي نوع من الارتباط او نوع من التقابل؟ ما الفرق؟

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo