< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

كان الكلام في تركب المعاملات.

الخلع معاملة مركبة كما مر، المباراة معاملة مركبة، البيع نستطيع ان نقول معاملة مركبة من تمليكين، فاذن البيع هل هو معاملة مركبة من هبتين؟ قد يكون نعم في بدايات التقنينات العقلائية للبيع هي هدية مقابل هدية، يعني الهدية مقابل هدية، هدية بشرط الهدية هدية معاوضية، وان كانت الهدية المعاوضية مر بنا مرارا في كلمات الفقهاء ثلاث صور، فهدية ثم يهدي الموهوب هدية في طرف آخر، ويسمى هدية معاوضية، سبحان الله، مع ان الهدية الثانية لم تشترط في الهدية الاولى، بل الهدية الثانية لم يشترط فيها مثلا التقييد بالهدية الأولى ولا الهدية الاولى قيدت بالثانية، طبعا باتجاه متعاكس، الاول اهدى الهدية للثاني، الموهوب صار واحد ثاني واهدى هدية ثانية.

﴿اذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها﴾ ذكر ائمة المعرفة ائمة اهل البيت عليهم السلام ان هذه الآية تنطبق على الهدية ايضا لان الهدية تحية، ومحيا يعني اول ما تتحايى معه تدعو له بالحياة او كذا او تتواجه معه التحايى والتحيي والمحيا، واذا حييتم اذا طبق حتى على الهدية ﴿فحيوا باحسن منها او ردوها﴾ يعني بالهدية الهدية.

فالهدية المعاوضية لها ثلاث صور:

يهدي هدية ثم ذاك المهدى يهدي هدية بداعي وليس بقيد، الداعي في باب المعاملات لا يعتبر قيدا معامليا لكن مع ذلك الشارع رتب آثارا كانما آثار التقييد، اي انه اذا اثيب الواهب الاول يعني اهدي اليه عوضا عن اهدائه، الهدية الاولى تصير لازمة والواهب الاول لا يستطيع ان يرجع في هديته، مع انه هبتين وهديتين منفكتين، مع ذلك تلزمان، هذه نكتة لطيفة جدا، يعني عندنا موارد في المعاملات يصير لزوم بشيء اجنبي من جهة التركب المعاملي لان الهدية الثانية حيث لم تقيد بالاولى للاولى قيدت بالثانية ولا الثانية قيدت بالاولى وانه بنحو الداعي فقط مع ان الشارع رتب عليه لزوم انقلاب الهدية الاولى من الجائزة الى اللازمة. وهذه نكتة لطيفة.

وهناك هدية اخرى ان يشترط في الهدية الاولى، هدية ثانية، ويسمى بالهدية المشروطة او معاوضية وهذه بلا شك يصير لازمة، اذا قيدت الهدية الاولى بقيد خارجي قيدت بهدية ثانية بحيث يصير شرط ضميمة، سواء بنحو شرط الفعل او شرط النتيجة، طبعا شرط الفعل اذا اشترطت امتثل الشرط تصير لازمة. هذه الصورة الثانية يعني تقييد الهدية الاولى بالهدية الثانية.

هنا ظاهر معاملية تستحق الالتفات، كيف ان الهدية الاولى مع انها في الاصل الهدية جائزة ويمكن ان يرجع فيه مع ذلك ما ان تقيد بهدية ثانية بنحو شرط النتيجة او بنحو شرط الفعل، كيف تنقل الهدية من الجائزة الى اللازمة، هذه تستدعي تحليلا صناعيا.

الصورة الاخرى في الهدية انه تقيد الهدية الاولى بالهدية الثانية تارة بنحو شرط الفعل يعني لابد ان يهدي، وتارة بنحو شرط النتيجة، وشرط الفعل يحتاج الى انشاء جديد ووجودها مستقل لكن لزومها مرتبط كما مر بنا في الامس، شرط الفعل انشائه مستقل ووجوده وصحته مستقل ولكن اللزوم مرتبط، بخلاف شرط النتيجة فان الانشاء فيه والوجود واللزوم مرتبط.

فهنا الهدية بقيد الهدية، الهدية الثانية مشروطة تارة بنحو شرط الفعل وتارة بنحو شرط النتيجة.

مر بنا امس ان الشرط تقييد وتعهد وهو تارة ضميمي خارجي وتارة الشرط داخلي.

سابقا مربنا ونسي ونعيد تذكيره وهو مهم جدا: هناك فارق بين الشرط الخارجي اياما كان نتيجة او فعلا، والشرط الداخلي، وسابقا مربنا، الفرق هو ان الشرط الداخلي شرط صحة، والشرط الخارجي شرط لزوم، بغض النظر عن شرط النتيجة وشرط الفعل، هذا تركب ووالف بين هذه القواعد امر يحتاج الى دقة مجهرية، شرط الضميمة قيد اللزوم والشرط الداخلي قيد صحة، القيد الخارجي قيد لزوم.

سوال: القيد الداخلي قد يكون شرط فعل، وهو يقنضي انه قيد لزوم وليس قيد صحة، الشرط يعني القيد، شرط اللزوم يعني قيد اللزوم، اذا كان شرط الفعل داخل المعاملة مثل الخلع، هنا الطلاق شرط فعل داخلي وليس خارجيا، هي بذلت عوض في مقابل ان يطلق، وقبل البذل والخلع على ان يطلق، فالطلاق اخذ في الخلع طلاق ايقاع، بنحو شرط الفعل.

هذه الفائدة معترضة صميمية في البحث ولا يكون اجنبيا: شرط الفعل والنتيجة يتصور في العقد ويتصور في الايقاع، يعني المعاملة تشترطها بنحو شرط الفعل او النتيجة يمكن، والايقاع ايضا يمكن ان تشترط، الخلع اشترط فيه الطلاق وهو شرط داخلي، الخلع اشترط فيه الطلاق وهو ايقاع، يعني الخلع معاملة والطلاق ايقاع، فالطلاق كايقاع اشترط في عقد الخلع والمباراة ولكنه بنحو شرط الفعل، يعني ان تفعله، لان انشاء الطلاق يختلف عن انشاء الخلع، لان انشاء الطلاق ينشأ بصيغة خاصة به تعبدا، فلا يمكن ان يكون انشاء الخلع هو بنفسه انشاء للطلاق.

فهنا نلاحظ ان الطلاق مثل ما يقال اساس باب الخلع التحليل الصناعي فيه، والتحليل الصناعي ضروري جدا في باب المعاملات والايقاعات، وفي ابواب كثيرة، التشهد بالشهادتين او الثلاثة ايقاع او عقد او ليس احدهما؟ الدعاء ايقاع او عهد ام ماذا؟ المهم هذه البحوث كلها في الابواب تستطيع ان تجري هذه التحليلات الصناعية، الصلاة انشاء ام ليست انشاء؟ شرب الماء انشاء تكويني وليس انشاء اعتباري، اما الصلاة فعل تكويني او انشاء اعتباري او غيره؟ هذه البحوث كلها يلزم التدقيق فيها، نرجع الى المعاملات، التحليل الصناعي مهم جدا في كل الابواب، سواء ماهية معاملية او ماهية عبادية.

فالطلاق في الخلع شرط داخلي نحو شرط الفعل، لان آلية الانشاء للطلاق تختلف عن آلية انشاء الخلع، كلمة اللخلع خالعتك، مختلع، اما لفظ الطلاق لابد فيه طالق، فاذن لفظ الطلاق يختلف عن الخلع، ولو انتفى اثناء الخلع تقول: قبلت الخلع هكذا وانت مختلعة بكذا فانت طالق، هنا انت طالق انشاء للطلاق، وشرط فعل لانه انفك انشاء الطلاق ولو باتصال زماني، بخلاف ما تقول: بعتك هذه الدار بثمن كذا على ان تخيط لي ثوبا، (على) جملة مرتبطة، جزء الجملة، فانشاء يمكن ان يكون بنحو شرط النتيجة و يمكن ان يكون بنحو شرط الفعل، اول على ان نعقد معاملة اخرى اجارى او معاملة آخر، بخلاف ما تقول: انت مختلعة او خالعتك بكذا فانت طالق، فانت طالق انشاء آخر وان وصله لكنه جملة مستقلة وان وصها زمانا، فاذن الطلاق في الخلع اشترط داخليا وليس خارجيا وبنحو شرط الفعل.

فشرط الفعل وشرط النتيجة يمكن ان يكون داخليا ويمكن ان يكون خارجيا، الشرط يعني التقييد والقيد داخل في المعاملة وتارة ضميمي وخارجي في المعاملة.

سؤال: انه داخلية الشرط تجعلها قيد صحة بغض النظر عن كونه شرط النتيجة او شرط الفعل، وخارجية القيد تجعلها قيد لزوم سواء ان يكون شرط فعل او شرط نتيجة.

فعندنا بحثين، بحث فوارق شرط الفعل وشرط النتيجة وعندنا بحث آخر وهو فوارق الشرط الداخلي عن الشرط الخارجي وهذا بحث آخر، كيف نركب بين هذين البحثين وكيف نلائم بينهما؟ لابد ان يلائم والملائمة لازمة من جهة ان القيد الداخلي مع كونه قيد صحة قيد يكون شرط فعل، وشرط الفعل قيد لزوم ولا يكون قيد صحة، فهذا سوال صناعي ولعله عويص.

كما ان القيد الخارجي قيد يكون بنحو شرط النتيجة واذا كان شرط النتيجة طبيعتا مرتبط وجودا وانشائا وصحة ولزوما ومندك، فاذا كان شرط النتيجة وقيد الصحة كيف يكون قيدا خارجيا وهو قيد لزوم؟ كانما نوع من التدافع.

فشرط الفعل وشرط النتيجة كليهما قابل للتصوير في الشرط الخارجي، ايضا شرط الفعل وشرط النتيجة كليهما قابل للتصوير في الشرط الداخلي كما في الخلع، الطلاق فيه شرط الفعل مع ان الشرط الداخلي اقتضائه ان يكون قيد صحة وليس فقط قيد لزوم، فكيف نوفق بين اقتضائين متنافيين؟

اضيف نكتة اخرى مرتبطة بنفس هذا البحث قد تسهل الوضوح في المطلب: مر بنا كلام الاعلام ان شرط الفعل فيه نظريتان وقولان، قول بانه وجوب تكليفي محض، بعتك هذه الدار بثمن كذا على ان تخيط لي ثوبا، الان خياطة الثوب مفاده وضعي او تكليفي او مفادهما او مفاد تكليفي بحت؟

جماعة كثيرين منهم السيد الخوئي ومن قديم الايام الفقهاء منقسمين الى قولين و فريقين، فريق يقول شرط الفعل مقتضاه ومفاده تكليفي محض.

وفريق يقول: ان شرط الفعل ـ مثلا السيد محسن الحكيم ـ من قديم الايام وانتهائا الى السيد محسن الحكيم يقول ان شرط الفعل فيه مفاد وضعي، ليس مفاده تكليفي محض، ونتبنى هذا الراي الثاني وهو اصح، وان شرط الفعل فيه مفاد وضعي وتكليفي.

واحد يقول ما الفرق بين شرط الفعل وبين شرط النتيجة؟ شرط النتيجة يعني وضعي وتكليفي، وشرط الفعل وضعي وتكليفي وما الفرق بين شرط النتيجة والفعل؟

عندنا مثل نذر الفعل ونذر النتيجة، لله علي ان اتصدق بهذه الشاة، تارة لله علي ان تكون هذه الشاة صدقة، وهذه شرط النتيجة والان بمجرد النذر خرجت من ملكه فانشأ النذر والتصدق معا بنحو شرط النتيجة، مر بنا ان شرط الفعل وشرط النتيجة ليس في المعاملات، شرط الفعل والنتيجة ايضا يتصور في باب النذر واليمين والعهد، فالفرق بين ان ينذر نذره بنحو شرط النتيجة وتارة ينذر بنحو شرط الفعل، لله علي ان اتصدق بهذه الشاة، بعد هذه تتم صدقتها والتصدق بها، وعلى كلام السيد الخوئي يقولون شرط الفعل في النذر فقط وجوب تكليفي محض ويجب عليك تكليفا ان تتصدق بهذه الشاة، اما هذه الشاة فلم يتعلق بها حق وضعي لله او للفقراء، اذا كان شرط الفعل، لله علي ان اتصدق، اما اذا قال: لله علي ان تكون هذه الشاة في سبيل الله، صدقة في سبيل الله، تلقائيا وبمجرد انشاء النذر انشئت الصدقة، هذا بنحو شرط النتيجة، فتخرج الشاة عن ملكه بمجرد النذر، هذه اذا كان بنحو شرط النتيجة.

الكلام هنا على المبنى الآخر مثل مبنى السيد محسن الحكيم في قبال السيد الخوئي وعشرة قرون عند الفقهاء هذان القولان، على مبنى من يقول نذر الفعل، نذر ان يتصدق بالشاة ايضا الحق وضعي، اذا كان وضعيا فما الفرق بينه و بين شرط النتيجة؟ لله علي ان اتصدق حق وضعي وتكليفي، ولله علي ان تكون هذه صدقة في سبيل الله هذا شرط نتيجة وضعي، ما الفرق؟

اذن شرط الفعل فيه قولان ونظريتان، مثل نذر الفعل ونذر النتيجة، انا اريد الفوارق بين شرط الفعل وشرط النتيجة، اذا كان في شرط الفعل فيه نظريتان كيف نرسم الفوارق بين شرط الفعل وشرط النتيجة؟ هذا بحث مهم، لازم ندقق فيه، ان شاء الله نواصل غدا.

وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo