< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فوارق الشرط الداخلي والخارجي والنتيجة والفعل

 

كان الكلام في كيفية تركب وتركيب المعاملات، تارة التركيب انضمامي يعني تقييد خارجي وتارة التركيب داخلي يعني التقييد داخلي، والتقييد الداخلي فيما مر يعني فيما يعنيه معاملة فوقية مثلا صلح بين معاملة كالبيع في مقابل معاملة أخرى مثلا بيع آخر، فكم عوض لدينا؟ أربعة ابعاض، بيع الاول فيه العوضين والبيع الثاني فيه العوضين، والبيع الاول برمته عوض عن البيع الثاني برمته، هنا التعاوض بين المعاملتين.

فهذا التعاوض ضمن معاملة فوقية، مثلا اجارة مقابل اجارة، فيها ايضا اربعة اعواض، ممكن تصوير جعالة مقابل جعالة، ويمكن تنوع بيع مقابل اجارة، او بيع مقابل هبة، كل هذه ممكن تصويرها، الهبة ليست معاوضة لكنها عقد فمعاملة معاوضية في مقابل عقد غير معاوضي، يمكن تصوير بيع مقابل عارية، العارية عقد لكنها عقد اذني، يعني يستفيد من عارية هذه العين، الان مثلا وجود المال ولو ليس بملك للانسان، وجود مال ضخم بيد الانسان ماذون فيه ولو لم يكن ملكه هو بنفسه اعتبار مال كبير، فيمكن بيع مقابل عارية، مقابل وديعة.

فاذن يمكن معاملة فوقية في مقابل غيرها، فلما يقال مقابلة اذن تقييد داخلي الان ان ما يقال تقييد داخلي هذا ليست تقييدا في داخل البيع او داخل البيع الثاني او الاجارة الثانية، وخارجا عن ذات البيع الاول وخارجا عن ذات البيع الثاني لو افترضنا بيعا في مقابل بيع.

فهذا التقييد الخارجي خارج عن ماهية البيع الاول والثاني، في حين ان الاندماج ضمن معاملة فوقية اندماج داخلي بلحاظ المعاملة الفوقية، شبيه ما تقول انا دخلت مثلا ارضا معينة أو بلادا معينة، دخلت الارض لكن لم تدخل تلك المدينة من تلك الارض، مجموع من المدن المتفرقة يجمعها اراضي واسعة تسمى الدولة الفلانية، ففيه اجتماع وفيه نوع تفكك وافتراق، فهنا هذه المعاملة الاولى في مقابل المعاملة البيعية الثانية التقييد لم يتقلقل في ذات البيع الاول او الثاني ولكنه في ضمن المعاملة الفوقية ضمهما بعضهما الى بعض.

ويمكن تصوير بيع في مقابل مال، هذا المال غير المبيع المقابل للثمن، البيع المقابل للثمن بيع، هذا البيع برمته قد يقابل بثمن. او الجعالة مثل واحد يريد رغبة واحد في بيع داره يقول: لان اقدمت على بيع دارك لي فلك هذا المثقال من الذهب، يمكن وهذا المثقال من الذهب لم يقع مقابل الدار، وانما وقع مقابل عقد البيع، وربما يعبر هذا المثقال من الذهب او المثاقيل من الذهب مقابل الاقدام على البيع.

فاذن هذه المعاملة الفوقية قابلة للتصوير بصور عديدة جدا، ويمكن تعقيد التركيب، ان هذا التركيب مع ذاك التركب وتركيب في تركيب من ضمن مجموعة من المعاملات تتركب بشكل عنقود العنب، ولابد من التدقيق والدراسة فيه، وفي الحقيقة المعاملات الحديثة المستجدة قد تتركب من افرع ضمن عنقود عنبي بشكل معين، يمكن تصويرها.

وهذا يختلف دخول البيع مقابل البيع او مقابل الاجارة او مقابل هبة، او مقابل ما شئت ان تصور ضمن معاملة فوقية، فهاتين المعاملتين منضمتان في منطقة داخلية في المعاملة الفوقية، وان كان هاتين المعاملتين لم تدخل احداهما في ذات الاخرى، اذن ما الرابط بينهما؟ ليس الربط بينهما الشرط الضميمي الخارجي، الربط بينهما المعاملة الفوقية.

فلاحظ الان بعتك هذه الدار بشرط ان تخيط لي ثوبا هذا ايضا ارتباط، شروط معروفة معهودة ضميمية هي ايضا ارتباط وتقييد ولكن الارتباط شيء خارجي ولا يندرجان في معاملة فوقية، بل بيع مستقل ضم اليه وقيد لزوم البيع بشرط خارجي، ومر بنا الشرط الخارجي قيد لزوم بينما هنا قيد صحة في المعاملة الفوقية.

ما الفرق؟ فيه الفرق دعونا نخطي خطوة خطوة، فيه فوارق كثيرة.

اذن الارتباط يمكن على نحوين: نحو شرط الضميمة خارجية، وهذا ليس تركبا خارجيا للمعاملات بالنسبة الى المعاملة الأولى، بينما تارة ضمن معاملة فوقية يصير تركبا اندماجيا في المعاملة الفوقية. هذه خطوة فارق بين التصويرين، كما ان الارتباط الضميمي هو الآخر على نحوين، هذا الارتباط الشرط الخارجي بعتك هذه الدار بثمن كذا على ان تخيط لي ثوبا كان خياطة الثوب هبة.

كما يتصور هبة الاعيان تتصور هبة المنافع ولو عندهم كلام هل يجوز وهل تتسع هل الهبة شاملة للمنافع كما تشمل الاعيان ام لا؟ هذا بحث آخر، يمكن ان يتصور لانه بيع الدار بثمن كذا بشرط ان تخيط لي ثوبا هذه خياطة الثوب منفعة او اشترطت مجانا يعني هبة تمليك مجاني، فكما يصح تمليك الاعيان في الهبة او الهدية يمكن تمليك المنافع.

فيمكن ان يقول بعتك هذه الدار بثمن كذا على ان تخيط لي ثوبا يعني مجانا او على ان تخيط لي ثوبا باجرة كذا صار بيعا بشرط الاجارة لا بشرط هبة المنفعة.

تمليك المنافع بعوض اجارة وتمليك المنافع بلا عوض يصير هدية، ومن ثم لدينا صدقة المنفعة ما صدقة العين، انه السكنى والعمرى والرقبى ما يملك العين بل يملك المنفعة ما دام الموهوب له مثلا او ما دام الواهب مثلا، العمرى صدقة المنافع من دون التصدق بالعين، يعني مجانا بقصد ان يصير وقف المنفعة، يعني هبة المنفعة، الهبة بالمعنى الاعم جنس للصدقات والاوقاف غاية الامر الصدقات والاوقاف بقصد القربة او شروط اخرى.

انظر هذه البحوث في المعاملات تفتح آليات وطرق وضروب كثيرة لتصوير تركب المعاملات.

فهنا ايضا بيع بشرط الاجارة او بشرط هبة المنفعة، هذه بشرط معاملة اخرى هبة المنفعة او الاجارة، هذا الشرط يمكن تصويره ايضا بتصويرين:

اندماج وارتباط اكيد فهو شرط النتيجة

ارتباط اقل ومتوسط فهو شرط الفعل.

مثلا ابيعك هذه الدار بثمن كذا على ان تؤجرني، تؤجرني فعل يعني لابد ان ينشئ الاجارة بانشاء مستقل، هنا في الحقيقة اذا كان شرط الفعل الاجارة التي اشترطت في البيع انشاءها مستقل وموجود صحتها اذن ما الذي ارتبط منها بالبيع اذا كان شرطها مستقل؟ ابيعك هذه الدار في المعاملة الثانية اذا كان ايجادها وانشاءها مستقل وصحتها مستقلة، ما الذي ارتبط بينها؟ الارتباط من طرفين والارتباط في اللزوم، لزوم هذه المعاملة مرتبط مع لزوم هذه المعاملة في شرط الفعل، في شرط الضميمة، فاذا فسخ هذا البيع او تبين فساده يمكن ان يتزلزل لزوم المعاملة الاخرى، اما اذا افترض فساد البيع الاول هل تفسد صحة البيع الثاني او الاجارة الثانية؟ لا تفسد الصحة اذا كان بنحو شرط الفعل لانه انشأ بانشاء مستقل، لزومه يتزلزل، فهذا ارتباط بنحو شرط الفعل، وهو ارتباط في اللزوم فقط وليس في اصل الصحة والوجود، هذه من هويات الاولية لشرط الفعل وفرقها عن شرط النتيجة.

اما في شرط النتيجة لو كان بنحو شرط النتيجة الارتباط في الصحة، لان انشاء البيع الاول هو انشاء بالمعاملة الاخرى التي اشترطت كالبيع مثلا هو بنفسه انشاء للمعاملة الثانية، فوجودا وانشاءً ـ الانشاء قبل الوجود الانشاء علة ـ انشاء وعلة ووجودا ولزوما فضلا عن لزوم الارتباط فشرط النتيجة اوثق او الصق ارتباطا، يعني كانما الاندماج اقوى مع انه شرط الضميمة وخارجي.

اذن لابد في الاستنباط لابد ان يلتفت المستنبط ان هذا شرط الضميمة شرط نتيجة او شرط الفعل، اذا كان شرط الفعل صحته مستقلة، وانشائه مستقل ويجب انشاء آخر ولزومه مرتبط بلزوم هذه المعاملة.

مثل ما مر بنا في الخلع، الخلع طلاق مستقل انشائه عن انشاء الخلع، الخلع عقد، طرفه ايقاع وطرفه الآخر بذل الزوجة، انظر هذا شيء مركب، لذلك الخلع لو سئلت ايها الباحث هل نحتاج في الخلع لصحته لدليل خارجي؟ الجواب لا، القواعد العامة تقتضي صحة الخلع، نعم انقلاب العدة من الرجعية الى البائن يحتاج الى تعبد، والا اصل الخلع او المبارات صحتها مقتضى القواعد العامة.

فاذن ايها المستنبط في الفقه يجب ان تلتفت ان الخلع تاسيسي والقواعد العامة اسستها، فقط انقلاب العدة من عدة الرجعية الى البائن في الطلاق الخلعي هذا للتعبد وصحيح، الاحكام الخاصة للخلع يحتاج الى الدليل الخاص والا الاحكام العامة في الخلع تقتضيها القواعد، تركب ايقاع وعوض، معاملة ومعاملة، والايقاع معاملة بالمعنى الاعم.

ومن ثم الزوج اذا فسخت الخلع لان انشاء الطلاق مستقل فصحته تبقى ولا تتزلزل بل لزومه يتبدل من طلاق البائن الى طلاق الرجعي، وهو يرجع عن طلاقه يعني يمكن له ان يرجع عن طلاقه، فلزوم الطلاق وهو كونه طلاق بائن مرتبط ومرهون بالعوض.

ومن ثم في روايات الواردة في العقد المنقطعة قبل ما نقف على هذه الروايات الشريفة في بحث النكاح ذكرنا انه اصل العقد المنقطع تقتضي صحته القواعد، يعني اشتباه العامة والطرف الآخر ما يلتفت ان القواعد العامة يقتضي صحته، فالبحث قواعدي في محله، نعم بعض الآثار الخاصة موجودة او غير موجودة تحتاج الى البحث.

مثلا هل منع التوارث بين الزوجين على القاعدة اذا اشترط عدم التوارث ام لا؟ هذا بحث آخر، طبعا اذا كان على مقتضى القاعدة يمكن لاحد الورثة ـ هذه مسئلة مبحوثة وهو غير الزوجية ـ وارث بالنسب وليس بالنسب، يمكن للوارث بالسبب ان يدخل في صلح مع الورثة الآخرين قبل موت المورث، مثلا يقول اعطوني كذا وانا ارفع يدي عن ارثي قبل حصول موته، يمكن او لا يمكن؟ محل نقاش بين الاعلام. فهل يمكن ان يستشهد بموارد في المنقطع؟ لان في المنقطع روايات وفيه تفاصيل.

المهم انه في بحث المعاملات انظر احد المناهج في الاستنباط الفقهي الاشباه والنظائر، وما هو اختلاف هذا المنهج عن القياس؟ على كل ما اريد ان ادخل فيه وهو بحث علمي.

فالمهم كيف تستطيع ان تقف على الاشباه والنظائر؟ عن طريق التحليل ان هذا التركب بنحو الداخلي او الترطب بشرط الضميمة، وتحليل هذه المعاملات شيء مهم. كيف الان صورنا ان شرط الضميمة على نحوين من الارتباط وهكذا تبين الارتباط، بعينه في شرط الداخلي ضمن معاملة فوقية هذا ايضا شرط تذكرون يسمى التقييد الداخلي شرطا وطبعا محل بحث علمي بين الفقهاء.

قاعدة المؤمنون عند شروطهم خاصة بالشرط الضميمي فقط او هي شاملة لكل تعهد؟ هذا شيء مهم جدا، التعهد الابتدائي الوعد، التعهد العقدي مثل التعهد بين الاثنين القسم الثاني، التعهد ضمن شرط الضميمة هذا القسم الثالث،وقسم رابع تهعد مع الله عز وجل، اربعة اقسام من العهود، قالوا فيه خامس وهو موجود في الروايات وفي كلام الفقهاء وهو التعهد بالدخول في الدين في العقائد والالتزام لما تقول اشهد يعني اقر يعني تعهد، مع من تتعهد؟ تتعهد مع الله، انظر التحليل الدقيق في ماهية التشهد، موجود في روايات كثيرة في ذيل ﴿يا ايها الذين آمنوا اوفوا بالعقود﴾ وردت روايات مستفيضة تعرض لها السيد اليزدي ومحشي المكاسب ان هذه التشهد الاولى والثانية والثالثة تعهد مع الله.

على اية حال حقيقة الماهيات في المعاملات وغيره مهم جدا، عندنا خمسة اقسام من الشروط وربما اكثر والله اعلم، فهل المؤمنون عند شروطهم شاملة للاقسام ام لا؟ بحث، فاذن نفس بعتك هذا بهذا نوع مشارطة وتقييد وتعهد، فالشرط والشروط تعهد.

الذي مر بنا الان شرط الضميمة على نمطين، شرط النتيجة وشرط الفعل هذا ما مر بنا في الشرط الخارجي، هذا بعينه يتصور في الشرط الداخلي وقد يكون شرط نتيجة وقد يكون شرط الفعل.

دقق وانظر ما الفرق الماهوي بين الجعالة والاجارة؟ الجعالة نمط من الاجارة او لا؟ قد يقال الاجارة شرط بنحو شرط النتيجة والجعالة بنحو شرط الفعل، كيف؟ في الاجارة الاجير يملك المستاجر المنفعة كما ان المستاجر يملك الاجير الاجرة، اما في الجعالة العامل لا يملك المستاجر المنفعة حين العقد، من اتى بالعين الضائعة لي فله كذا، فما العقد فيه، لطيف، في الجعالة كيف العقد من طرف واحد، هذا سؤال عند الاعلام في الجعالة، هي ايقاع او عقد؟ كأنه في ابتداءها ايقاع وبعدها يصير عقدا، هل الجعالة ماهيتها وعد ابتدائي ايقاع او عقد؟ هل انشاء الطرف الآخر معاطاتي يعني بعمله قبل الانشاء او انه عقد ينفصل الايجاب عن القبول ولو بمدة.

اصلا نفس البيع ايجاب البيع ايقاع، عجيب! ايجاب البيع بمفرده بدون القبول ايقاع، مع انه ايقاع مرتبط بانشاء الغير، قبول المشتري ايقاع غير مستقل طبعا لكنه ايقاع فبالدقة الايجاب عهد والعهد ايقاع لكن ايقاع مرتبط معلق مقيد.

احد الامور الغامضة التي بلبل فيه بين الاعلام في بحث المعاملات، هل يمكن تقييد الايقاع ام لا؟ اعتقت عبدي بشرط كذا، اوقفت هذه الارض للصبية بشرط، فالايقاع يمكن تقييده ام لا؟ اذا بنينا على ان الايجاب ايقاع ولكنه مقيد ومعلق، يمكن، القبول ايقاع فيلتحم الايقاعان والعهدان والمقيدان، هكذا يقيم الاعلام تحليل هذه المعاملات.

فكما مر بنا الان في شرط الضميمة انه على نمطين شرط فعل وشرط نتيجة كذلك الاشتراط الداخلي يمكن ان يكون بنحو شرط النتيجة ويمكن ان يكون بنحو شرط الفعل، ثمرة شرط النتيجة الارتباط في الصحة، وثمرة شرط الفعل الارتباط في اللزوم، وقد يكون هذه في المعاملة الداخلية احداهما اشترط بنحو شرط النتيجة والآخر اشترط بنحو شرط الفعل.

لاحظوا الخلع، تمليك الزوجة للبذل بنحو شرط النتيجة اما طلاق الزوج بنحو شرط الفعل ولابد له من انشاء مستقل عن الخلع يعني كلمة اخرى مستقلة عن كلمة الخلع وان اتي بهما في انشاء واحد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo