< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الشرط الداخلي إندماجي والخارجي مستقل نسبي️

 

كان الكلام في أنه هل المعاوضة تقابل و تبادل وتعاوض اي يحل شيء مكان شيء من كلا الطرفين يشغل شيء مكان شيئا آخر والعكس كذلك، تبادل من الطرفين، التبادل ايضا بهذا المعنى، تعاوض عوض جبر يعني كل يجبر مكان الثاني، اذا انتقل الثاني، الاول مكانه، الثاني يجبر مكان الاول والاول يجبر مكان الثاني اذا نقل الثاني.

فالتقابل في النقل، تبادل في المكان، تعاوض اي جبر وتجابر، يقال ان جبرئيل على نبينا وعلى آله وعليه السلام سمي جبرئيل لانه يجبر فيوضات على ما دون من عالم الدنيا، «ئيل» باللغة العبرية يعني «الله» فجبرئيل مظهر جبر الله عز وجل لحاجيات وفاقات المخلوقات، ئيل عبرية، سبحان الله اسماء الملائكة كلها عبرية، اسرافيل، عزرائيل وكذا غيره، فالتعاوض بمعنى جبر، احدهما يجبر المكان الخالي للآخر.

عمدا انا ركزت على هذا المطلب لكي نبين ان الكلام في المعاوضة تقابل موجود وتجابر وتعاوض موجود، وتبادل موجود بين العوضين او بين ملكيتي العوضين، يعني تعاوض في الملكية، تبادل في الملكية، ومعنى العبارة الموجودة في حواشي المكاسب عند الاعلام «تبادل في الملكية» يعني ان احدهما اي احد العوضين بدل جابر عوض عن الآخر في الملكية، بحيث اذا خرج المبيع عن ملكية البايع انتقل الثمن ويجبر الفرار الذي حصل من خروج المبيع عن ملكية البايع وهو يحل محله.

ظاهر الميرزا على الايراواني يوافق الشيخ الانصاري ويخالف السيد اليزدي والآخوند والكمباني والسيد الخوئي و جماعة ممن لم يشترطوا في المعاوضة ان يدخل العوض في ملكية من خرج عنه المعوض، هذا مبنى الشيخ الانصاري والعلامة الحلي وغيرهم من الاعلام، بينما خلافا للسيد اليزدي ونقلنا كلامه الامس والآخوند ان شاء الله نذكر قيوده و تفصيله، والميرزا علي الايرواني يوافق في حاشيته في حين لسانه عرفي وسلس لكنه دقيق انصافا وفيه دقة بلغة سهلة عرفية.

ويستدل الميرزا علي الايرواني للشيخ الانصاري ويقول: لما تقول هل التقابل بين العوضين فقط او بين العوضين والملكيتين، ترديد هذا النزاع، فاذا لم يدخل العوض حيث خرج المعوض سيكون تقابل بين العوضين، دون التقابل بين الملكيتين، هذا من حيث التصور نتصور ام لا؟ التصور مهم، اهم من التصديق به.

المهم الايرواني هكذا يستدل ويقول: التقابل بين عوضين من دون تقابل بين الملكيتين هذا امر محال، لان التقابل والتبادل بين العوضين فيماذا وفي اي شيء؟ لابد ان تفرض ظرف للتبادل ومحل ومورد، هذا دعوى الميرزا علي الايرواني.

طبعا يرده الاعلم، رده السيد اليزدي والآخوند والكمباني ردوه، يردوه ويقولون: التقابل بين العوضين اذا افترضنا تقابل محصور بين العوضين فقط لا بين ملكيتين، يعني بهذا المعنى انا الطرف الثالث انما املكك ايها البايع الثمن اذا ملكت المبيع للمشتري يعني الزيد، انا لست مشريا، المشتري زيد، لكني دافع للثمن، فهنا انتقال الثمن من الثالث غير المشتري الى البايع قيد وقوبل بانتقال المبيع للمشتري، فاذن استطعنا ان نصور تقابل بين العوضين دون ان يكون تبادل في الملكيتين، تقابل يعني تقييد، لكنه تقييد داخلي في المعاوضة، ليس تقييدا خارجيا.

ان شاء الله الاخوان على ذكر بين الشرط الخارجي وانه شرط لزوم و بين القيد الداخلي وانه قيد الصحة يعني انه دخيلة في قوام ماهية المعاملة، بينما شرط الضميمة مثل خياطة الثوب في البيع، اي ربط لها بماهية الربط؟ بعتك هذه الدار بثمن كذا بشرط ان تخيط لي الثوب، خياطة الثوب ليست دخيلا في ماهية البيع بل دخيل في الالتزام ولزوم البيع. بينما الثمن والمثمن والتشارط بينهما والتقابل بينهما قوام ماهية البيع، فضلا عن وجود البيع، الماهية بعد رتبتها متقدم على الوجود والصحة.

فاذن التقييد الداخلي قوامي في ماهية المعاملة فضلا عن وجود المعاملة وهي الصحة، بينما الشرط الخارجي ليس دخيلا في ماهية المعاملة ولا وجودها بل دخيل في لزومها والالتزام بها، فالفرق جوهري بين القيد الخارجي والقيد الداخلي وهذا امر مهم حساس سناتي عند عملية الدمج في المعاملات، وهذا الغاية نريد ان نصل اليها لها مقدمات، و يحتاج قواعد كثيرة،

فاذن الاعلام يردون مثل هذا الاستدلال الذي يتمسك به الميرزا علي بان الثالث يقيد نقل الثمن للبايع بنقل المبيع للمشتري، فالتقييد موجود بين العوضين والتبادل موجود بين العوضين، يعني نقل الثالث للثمن لملكية البايع مقيد ومقابل بنقل البايع المبيع للمشتري، فاذن هناك تقييد داخلي بين العوضين دون الملكيتين، هذا مدعى الاعلام. فمدعى الاعلام ان التعاوض والتبادل نعم يحل احدهما محل الاخر لكن لا يلزم ان يكون في ملكية من خرج منه، انما التبادل يعني التقيد.

الان دعونا نتصور الصور التي ذكرها الشيخ في التنبيه الرابع، وهو نفس المبحث طبعا. اذن نستذكر التقييد الخارجي والداخلي.

كما مر بنا مرارا و تصويرها مهم، تارة نجري الصلح الفوقي، احد طرفي الصلح هبة، واحد طرفي الآخر اجارة، الصلح هنا معاملة فوقية ام لا؟ معاملة فوقية، احد طرفيها ليس عوض بسيط مثل مبيع سلعة او مال، احد طرفيها معاملة، الهبة ليست معاوضة، الطرف الآخر ايضا معاملة، معاملة الاجارة طبعا معاوضة، فانا اجري معاملة ابادل واقابل بين معاملة ومعاملة، ركز قليلا، لا مفر من هذا التركيز والا لا نصل الى النتيجة، هنا جعل التبادل بين معاملتين، لا بين عوضين، مثلا دار وثمن، نقود، جعل بين معاملتين، يمكن هذا وهو موجود.

مثل الخلع، ليس دارا ونقودا، ايقاع وهو الطلاق شيء اعتباري في مقابل مال، هذه صورة اخرى وكوكتل آخر وخليط آخر، معاملة بالمعنى الاعلم، الايقاع يعتبر معاملة بالمعنى الاعم، فهنا جعلت معاملة فوقية احد طرفيها ايقاع والطرف الآخر نقود، ويمكن ان يجعل المعاملة في مقابل معاملة.

فهنا اذن المعاوضات او المعاملات مربنا مرارا المعاملة اعم من المعاوضة، والعهد اعم. العهد، العقد، معاملة ثم المعاوضة.

مثلا الان يقول احد ائذن لي في التصرف في ارضك بمرور اثقال مهمة مقابل اعطيك مال، هذا ايقاع، ليست في صدد استئجار ارضه وانما في صدد اذنه، انتفاء، في مقال مال، هذه معاملة ايضا ايقاع مقابل مال. انظر ايقاع مقابل ايقاع، ايقاع مقابل نقد، معاملة مقابل نقد، معاملة مقابل معاملة وهلم جرا، فاذن المعاملة الفوقية صلحا كان او شيئا آخر كان يمكن تصوير ان طرفيها ليست اعواضا او عوضين بسيطين بل طرفيها معاملة وايقاع، هذا لازم ما ننسى.

اذن المعاملة الفوقية بين معاملتين او معاملة ومال هذا القيد داخلي او خارجي؟ قيد داخلي، قيد صحة او قيد لزوم؟ قيد صحة. بخلاف ما اقول هبة بشرط الاجارة، لا، اذا قلت هبة بشرط الاجارة هذا شرط خارجي، هذه ليس معاملة فوقية، او اجارة بشرط الهبة نفس الكلام، مثل الرهن والاجارة، مرت بنا مرارا، فالشرط الخارجي غير الشرط الداخلي، الشرط الداخلي قيد.

نمشي خطوة اعقد، تذكرون ندخل على خط معادلة اخرى تدخل في الخلطة التركيبية، هي تركيب الخلطات.

مر بنا شرط النتيجة وشرط الفعل، شرط النتيجة ابيعك هذه الدار بشرط ان تكون العين ملكا لي، عين اخرى، هذا شرط النتيجة، لانه اشترط نتيجة تمليك، هذه العين الاخرى ملكا لي هذه نتيجة الهبة، يعبر عنه شرط النتيجة لعقد آخر، وتارة اقول: ابيعك هذه الدار بشرط ان تهب (يعني فعل) هذه ليس شرط النتيجة بل شرط الفعل.

فشرط الفعل: انشاء الهبة في شرط الفعل انشاء مستقل او مندمج؟ طبعا مرتبط به بعنوان الوفاء ياتي به، مستقل.

شرط النتيجة: الانشاء مندمج او مستقل؟ مندمج.

شرط النتيجة وشرط الفعل نريد بهما الشرط الداخلي او الشرط الخارجي؟ كليهما، يعني ليس فقط في الشرط الخارجي فقط بل في الشرط الداخلي ايضا. الشرط الداخلي مثل ما اقول: صالحتك على حصول بيع بين هذه الدار والثمن مقابل اجارة وثمن، يعني اشترط المعاملة البيعية والمعاملة الاجارية اشترطها داخليا في صلح فوقي بنحو النتيجة، يعني انا اقول صالحتك على بيع قدره كذا في مقابل اجارة قدرها كذا وه ويقول قبلت الصلح، تم البيع وتمت الاجارة، ما يحتاج بعد الى انشاء بيع ولا انشاء اجارة، هذا ما يكون شرط النتيجة. اما تارة اقول صالحتك على ان تبيع لي الجار فبثمن كذا في مقابل ان اءاجرك المركب بثمن كذا، هذه كليهما شرط الفعل، الصلح في مقابل معاملتين بنحو شرط الفعل.

اذن الشرط الداخلي يمكن تصويره نحو شرط الفعل وبنحو شرط النتيجة، هنا ايضا شرط الفعل مستقل نسبيا عن الصلح الفوقي. هنا ايضا شرط الفعل مستقل عن المعاملة الفوقية بخلاف اذا كان شرط النتيجة فليس مستقلا، هنا ايضا انا قد اجعل البيع شرط النتيجة والاجارة شرط الفعل او العكس، كله يسير، تلونات في التركيب الاندماجي للمعاملات.

نكتة رئيسية مصيرية هنا نلتفت اليه: مر بنا الان شرط الفعل مستقل نسبيا، يعني في الانشاء مستقل، يعني ماذا مستقل نسبيا؟ مر بنا الان شرط النتيجة مندمج انشاءا مثلا انا أنشئ بعتك هذه الدار بشرط ان تكون الدار ملكا لي، هذا اندماج في الانشاء، اما شرط الفعل ليس فيه الاندماج في الانشاء، لماذا ليس مستقل مطلقا؟ لانه لم يتم البيع مثلا بعتك هذا بهذا على ان تهب لي او على ان تاجرني اذا لم يتم البيع له ان يفسخ الاجارة المشروطة ام لا، بنحو شرط الضميمة الخارجي؟ لماذا له ان يفسخ، لانه انشا الاجارة مستقلا لكنه أنشأه بشرط الوفاء وكشرط الفعل وضميمي للبيع، فهو التزم بالاجارة بكونه وفاءا للبيع فاذا لم يتم البيع ما يلزم بالاجارة، اذن لو انشأ الاجارة كشرط الفعل (الاجارة مثال) لم يلتزم به بقول مطلق، مرتبط في اللزوم بالآخر بالمشروط فيه، شرط الفعل مستقل في الانشاء لكنه ليس مستقلا في اللزوم، مستقل في الوجود وفي الصحة وليس مستقلا في اللزوم.

لو ظهر ان البيع فاسد هل تفسد الاجارة؟ لا تفسد، شرط الفعل لا يفسد لانه انشاء مستقل لكن اللزوم يتزلزل. شرط الفعل في انشائه مستقل في الوجود والصحة مستقل، في اللزوم ليس مستقلا، فاذا ظهر فساد البيع لا تسري فساد البيع في الوجود الى فساد شرط الفعل، لكن فساد البيع في اللزوم والصحة يعدي لزوم الاجارة، لان في اللزوم ارتباط، شرط الفعل مع المشروط فيه اللزوم، انظر هذه التركيبات العنكبوتية في المعاملات، احسن التعبيرات: تركيبات شبكية عنكبوتية في المعاملات، لا مفر من الهندسة العنكبوتية في المعاملات، ليست هندسة مستطيلة، ولا مربعة ولا مدورة.

على كل اذا نسخن البحث ونجتري بعض القضايا والى ان نصل لبيت القصيدة ينتهي الوقت، لا مفر، هذا البحث اذا هضمناه نهضم البنية الفوقية العظيمة في المعاملات، وان شاء الله يصير واضحة بشكل جيد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo