< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تحوير المعاملات المتجددة انواعاً

 

وصلنا النقطة المركزية وهي كيف تتولد وتنشأ المعاملات الجديدة في العرف في التقنين العقلائي؟

الانوجاد في الحقيقة للمعاملات الجديدة في البدأ كثيرا ما، لا بالضرورة يعني هذه المرحلية لكن موجودة، يوجد في البدأ بنحو شرط الضميمة، مثلا يتعارف ان هناك بيع بشرط مثلا اجارة او بشرط معاملة، ثم شيئا فشيئا هذا المشروط الخارجي الذميمي مع الشرط يؤخذ كقيد داخلي في معاملة فوقية، فيكون قيد الداخلي قيد صحة وليس قيد لزوم وليس القيد الخارجي قيد اللزوم.

سبق ان شرحنا الفارق ولكن لابد من بيانه مرة اخرى بشكل اوضح، وطبعا اصل البحث في نشوء المعاملات المستجدة والعطف على كلام الاعلام في حقيقة البيع لابد ان يدخل العوض حيث خرج المعاوض، كل عوض يخرج و يدخل في ملك من خرج عنه العوض الآخر، هذا كان الكلام اصل البحث، هذا لا يكون اصل البحث في الحقيقة، هذا بحث في ان البيع بم يتقوم ولو لم يكن يدخل العوض في ملك من خرج منه العوض الآخر هل يكون بيعا، معاوضتا يكون ماذا؟ بالمناسبة صار البحث كبرويا وكليا في كل المعاوضات والمعاوضات المستجدة. فان هناك يعني بعض المعاوضات ما يصدق عليه البيع او كذا او فلان.

فاذن في التحوير عند العقلاء من شرط الضميمة الى الشرط الداخلي بالدقة تحوير وتبديل شرط الضميمة ـ سنخوذ في كيفية عملية التحوير ـ لكن اجمالا هذا التحوير عبارة عن دمج لان شرط الضميمة يعني ان المعاملة هي اصلية وشرط الضميمة شرط خارجي تبعي، سواء شرط النتيجة او شرط الفعل، وهذا شرط الضميمة ما من الضروري ان يكون شرطا ساذجا بسيطا، مثلا ابيعك هذه الدار بكذا بشرط خياطة الثوب، خياطة الثوب عمل معين ليس الا، اما تارة اقول: ابيعك هذه الدار بكذا بشرط ان توجرني دارك الأخرى، يعني صار معاملة شرطت بتعا لها معاملة اخرى سواء بنحو شرط النتيجة او الفعل.

فالمشروط تارة شيء بسيط ساذج، وتارة المشروط معاوضة اخرى، والشرط هنا في البداية شرط خارجي يعني بيع بشرط تبعي ضميمي وهو الاجارة، فالعقد الاصلي ما هو؟ البيع، الاجارة عقد تبعي ضميمي، هذه اذا كان شرط الضميمة.

في شرط الضميمة اذا بدلناها الى الشرط الداخلي سيكون الاجارة والبيع مدمجان في معاملة كبرى، ليس احدهما تبعي والاخر اصلي كليهما اصليان، وكيف يتم عملية الدمج؟ ولما في الحالات الاولى ليست عملية الدمج وانما ربط شرط الضميمة ربط خارجي تبعي للمشروط؟

سبق ان وضحنا لكن لاجل الفائدة نعيد، في الشرط الداخلي قيد الصحة في الحقيقة الذي ينشأ المعاملة الفوقية فوق البيع والاجارة، صلح، ما شئت فعبر، أعاوضك البيع بالاجارة، لنتعاوض على نقل البيع في مقابل الاجارة، او البيع في مقابل قبض، او الاجارة في مقابل القبض.

اذن يا ترى القرض الربوي يتاتي الى اين؟ هذا السؤال خلو ديناً ان شاء الله نخوض فيه.

وسوال آخر مهمة ايضا كدين خلي في البحث لابد ان نعالجه، احكام البيع تترتب مثلا او احكام اي معاملة ذات عنوان خاص، احكام المعاملات بعناوينها الخاصة تترتب على المعاملات؟ اذا اخذت المعاملة مستقلة وربطت بشرط ضميمة خارج، طبعا بيع بعد، هل تترتب على ما جعلت ليست عقدا اصليا جعلت عقدا تبعيا بشرط الضميمة، تتربت او ما تترتب؟ هذا سوال.

تتمة للسؤال: تارة اجارة بشرط البيع في البيع هنا تبعا او اصلي، صار البيع اصلي، هل تترتب عليه آثار البيع ام لا؟ نعم لو كان البيع بشرط الاجارة واضح ان البيع اصلي تترتب عليه احكام البيع. تتمة للسوال: ماذا عن البيع الذي ادمج في المعاوضة ضمن معاوضة فوقيه ايضا تترتب عليه احكام البيع ام لا، طبعا هذه البحوث مستجدة وتنقيحها لم يبلور بعد في كلمات محشين العروة، اول من كتب في المسائل المستحدثة مثل الشيخ حسين الحلي في التأمين او السيد الخوئي في المسائل المستحدثة او الشهيد الصدر في البنك اللاربوي، او غيرهم من الاعلام، هذه المسائل ما نقحت هذه التتمة الاخيرة، البيع المطوي يترتب عليه احكام البيع، الاجارة المطوية يترتب عليه احكام الاجارة، الوكالة المطيوية، ما هو حقيقة الدمج؟ وهو بحث مهم جدا.

وقبلنا ان العقلاء ان يفوض لهم في التقنين يدمجون ويفككون كما هو بحسب بيئة السوغ العامة عندهم والسوغ المالية، لكن هذا البيع المدمج يرتب عليه احكام البيع ام لا؟ او نقول هذه المعاوضة الفوقية تترتب عليه الاحكام العامة للمعاوضات فقط، اما الاحكام الخاصة للبيع، للاجارة، للهبة لا. مثلا الهبة لذات الارحام لازمة، يا ترى الهبة المدمجة كيف؟ ام لازمة؟ الهبة المشروطة تبعا للرهن لازم ام لا؟ الاحكام تتبع الماهية اينما وجدت سواء بنحو مطوي او غيره، بنحو تبعي واصلي؟

مثل بحث القرض الان، الان القرض الربوي ما هو؟ يعني قرض بشرط الضميمة زيادة ربوية؟

المحقق الحلي رحمة الله عليه في الشرايع عنده القرض الربوي فاسد، اصلا قرض فاسد، يعني قولان مشهوران لدى الاعلام، بعض القرض الربوي ربا فاسد والقرض فاسد قول مشهور، قول مشهور آخر لا وهو الصحيح ان القرض الربوي القرض صحيح والربا فاسد من جهة وضعية، لماذا اختلف الاعلام؟

بعض الاعلام اختار القول الثالث، مثل السيد محمد الروحاني رحمة الله عليه، او غيره من الاعلام مدة من الايام كان يتبنى على هذا التفصيل، اذا جعل الربا شرط ضميمي تبعي اصل القرض ما يبطل، الشرط يبطل فقط وضعا، اما اذا جعل القرض دينارا تقرضها مقابل مثلا مائتين دينار ثلاثمائة دينار كمعاوضة، هنا يقول ببطلان الربا والقرض معا، لماذا؟ لا نطول المسألة ولو الدليل على كل موجودة، لان هنا جعلت الزيادة مقابلة ذاتا مع القرض لان الزيادة اخذت تبعيتا، دمجية، مائة مقابل مائتين. لذلك في القرض الربوي ثلاثة اقوال.

عندنا ربا غير الربا القرضي، اي الربا المعاوضي، في الرب المعاوضي لم يقل قائل ان اصل المعاوضة صحيحة والزيادة تبطل، مثل طن من الحنطة مقابل طنين من الرديئة، المعاملة باطلة، لماذا؟ لان هنا طنين مقابل طن بنحو الدمج لا بنحو الشيء الاصلي طن بطن والطن الزيادة تبعيا، فانظر حالات الدمج يعني المقابلة الذاتية غير الحالات التبعي.

السيد الخوئي رحمة الله عليه مع انه يلتزم بصحة القرض والربا فاسد، قال القرض حرام في اي صورة، تارة الزياة بنحو تبع تؤخذ في القرض تارة لا تؤخذ بنحو التبع بل بنحو الداخلي والذاتي، مائة مقابل مائتين.

هنا حالة اخرى في القرض وهو حالة زيادة التبعي وزيادة الدمج، وماهو؟ الدمج لا يكون داخل القرض، دمج القرض في معاوضة اكبر منه، قرض في مقابل ايجار، ايجار مقابل قرض، المعروف الان في السوق.

الرهن هو القرض يسمونه الرهن باعتبار غاياته وليس هو حقيقة رهنا، وسبق ان شرحنا هذا المطلب ان العقلاء قد يسمون المعاملة لا بلحاظ نفس المعاملة بل بلحاظ فائدة المعاملة، يسمون بتسمية اخرى، فالفقيه او المجتهد المفروض ان لا ينساغ مع العقلاء انهم يسمون المعاملة باسم معاملي بلحاظ غاية المعاملة لا بلحاظ اصل المعاملة. نعم في العرف يقول رهن وليس رهنا. اذا اتلف الشيء في البيت ماذا يصنع؟ ياخذ من المال الذي اخذ، يعني صاحب الدار يقول اجرتك هذه الدار كل شهر بكذا ولكن بشرط ان تقرضني، لماذا ياخذ القرض؟ لانه اذا صارت تلفات في المنزل ياخذ من مال القرض، استفادة هذه على حالية، لم سمي رهنا، كانما المال مقروض مرهون وثيقة لاستيفاء الخسائر التي قد تنجم من تساهل المستأجر والا هذا قرض.

وتبقى نكتة مهمة: وهو ان العناوين العقلائية يجب ان لا ينغر ولا ان ينخدع الباحث ولا ينساغ ولا يسترسل معها العناوين التي يطلقها العقلاء على المعاملات، كثيرا ما المهم عند العقلاء الغايات لا المبادي والماهيات، فيسمون الاموال التي تعطى البنك وديعة بنكية وليست وديعة، فائدتها الوديعة، قرض لان البنك له ذمة قوية واعتبارها قوي وقدرتها في حفظ الاموال قوية فلما انت تقرضها كانما جعلت ذمته في القرض صندوق يودع فيه مالية المالك، بدل مالية المالك تكون في الوجود خارجي والوجود الخارجي قد يكون سارق او دولة غاشمة تجي و ياخذ الاموال، فاطلقوا على هذا وديعة، على كل هذه قاعدة يجب ان نلتفت اليها، الفرق بين تسمية المعاملات بين العقلاء والحقيقة الواقعة.

فالقرض الذي هو حرام يعني بحوث المعاملات فيها زوايا عديدة ويجب ان تلتفت اليها، ما يكفيك ان تنقح زاوية واحدة، انظر الف زاوية في نفس البحث والسوال ولازم انت تنقح زاوية ثانية، ثالثة، رابعة، وفيها قواعد متعددة متغايرة، فرق واحد، رهن بشرط الاجارة كم زاوية لازم ان تنقح لان تنقح البحث، هذه دائما في المعاملات هكذا، اياك ان تنخدح وتنقح زاوية واحدة وتمت نتيجة لا ابدا لابد زوايا عديدة وكل زاوية فيها قواعد تنقح.

فالسوال: القرض الذي هو حرام ربوي اي قرض الربوي؟ اصلي مع شرط الضميمة الزيادة او قرض دمجي في ذاته مائة في مقابل مائتين هذه صورة ثانية، او صورة ثالثة قرض في مقابل اجارة؟

السيد الخوئي قال: اجارة بشرط القرض صححه السيد الخوئي، القرض بشرط الاجارة قال بانه ربوي، اذن يفرق، اذا عقدت الاجارة بشرط الرهن يصح، لان هذه ليست زيادة في القرض بل زيادة في الاجارة ولا مانع، اما اذا قلت رهن بشرط الاجارة هذا باطل عند السيد الخوئي، طبعا عندنا في كلا الصورتين ليس باطلا وجماعة كثيرون من تلاميذه، لماذا؟ هذا بحث آخر.

فاذن يفرق السيد الخوئي بين الرهن بشرط الاجارة الشرط حرام باطل، لان الشرط وهو الاجارة الزيادة الحكمية في القرض تبع للقرض، بخلاف ما اذا جعلت الاجارة اصلا بشرط الرهن وهو القرض، هنا القرض ليس اصليا، القرض اخذ منفعة زائدة في الرهن، القرض صار تبعا للاجارة الزيادة في الاجارة لا مانع منه، مع انه بلحاظ العقلاء هي زيادة لكنه يقول الادلة الدالة على حرمة القرض الربوي انما دلت الحرمة اذا كانت القرض اصلي والزيادة تبعيا، لا ما اذا كانت اجارة هي اصليا والقرض اخذ زيادة في الاجارة.

فاذن فصل السيد الخوئي في عموم ادلة الربا بحالتين، اذن حالة الدمج وحالة الشرط انعكاسه وتحويرها قد يبدل موضوع الحرمة او موضوع الصحة او موضوع الحلية.

فالسوال هنا يطرح هل يا ترى دمج المعاملات هذه صورة ثالثة، عن صورة ما اذا كانت مفككة؟ مشروط احدهم وفي الآخر شرط ضميمة، يعني مثلا القرض الربوي مقابل الاجارة كمعاوضة، اعاوضك قرض مقابل اجارة، هل هذا قرض ربوي او لا؟ هذا كمثال بحث الادلة الربوية، مثال آخر احكام البيع، مثال آخر احكام الاجارة، وامثلة اخرى.

فهذا السوال هكذا يطرح فهل يا ترى احكام المعاملات بعاوينها الخاصة تترتب على المعاملة المطوية على العنوان الموجود بنحو مطوي، البيع المطوي الاجارة المطوية الهبة المطوية ام لا؟

فقد يقرب نعم لانه احكام تدور مدار الماهية سواء ماهية منفردة او مندمجة، وبالتالي الاحكام للماهية.

فكيف ندقق اكثر؟ ان نعرف بان الدمج ليس نوعا من انعدام ماهية المعامة انما هو اندماج والطوي، يوم نطوي، العقلاء يطوون لا انه غير موجود، معذرة شبيه بالاستهلاك في باب الطهارة فرق بينه وبين الاستحالة، الاستهلاك يقول الشيء موجود غير مميز مثل الشكر في الماء، اما في الاستحالة ما موجودة اصلا بل تبدل وانعدم، فلذلك قالوا في الاستهلاك ماهية موجودة والموضوع موجود، هنا ايضا كذلك في المعاملات عند الدمج.

الارتباط تارة بشرط الضميمة، تارة بنحو شرط الداخلي، الشرط الداخلي مثل معاوضة معاملة بمعاملة، هذه الباء هنا داخلية، ولاحظوا كيف حصل الامر، حصل ان المعاوضة في ضمن مقابل معاوضة والمعاوضة الفوقية عوضيها ضلعيها معاوضتين صغيرتين، هكذا يصير، او تكون معاوضة مقابل مال، هذه ايضا معاوضة فوقية، لان احد ضلعيها معاوضة صغيرة، كل هذا يمكن تصويره ويقع.

فالدمج بالدقة وفي الحقيقة تكون معاوضة فوقية، تكون المعاملات الاخرى احداها او كلتيهما طرفي المعاوضة الفوقية، هذا هو الدمج، الدمج داخل معاوضة واحدة فوقية كبيرة، في ماهية معاوضة كبيرة فوقية، هضا نوع من الدمج.

ومثلنا له سابقا بـ «اشلونك» يعني اي شيء هو لونك، صار الان مثل اسم فعل، غالبا كثير من علماء العلوم اللغة والادب يقولون بان اسماء الافعال بالدقة كانت جمل دمجت حروفها دمجت لفظا ودمجت معنى، دمج المعنى يعني مثل تركب الجنس الفوقي والجنس الوسطي والجنس التحتاني والفصل والفصول، تدمج فتصير ماهية جديدة، تكوينا او اعتبارا.

عندنا ماهيات بسيطة، الان اذا قال في باب الاحكام العقلية كل جسم ذو ثلاث ابعاد ما يختلف سواء جسم اندمج في جماد او في النبات، او في الانسان، او الحيوان، او في الجن، او في الملك، كل جسم ذو ابعاد، فاينما وعوا جعل جسم بمفرده مثل جسم الجماد، فماهية الجسم لها هذا الحكم وان اندمجت في ماهيات اخرى.

فاذن بالدقة وقد يترامى هذا الاندماج الان التامين اذا ندقق فيه التامين انواع وتجارة وصناعة تجارية ضخمة جدا في العالم ولها فوائد وانواع من التامين، كل نوع بالدقة عبارة عن معاوضات مندمجة بعضها في بعض.

وهذه نكتة لطيفة انه يمكن دمج المعاملات الصحيحة لا الباطلة بعضها في بعض لتشكل معجون جديد.

وصلنا بهذه النقطة ذكروني بهذا المطلب، نظرية الشهيد الصدر في البنك اللاربوي اذا ندقق فيه، هي عبارة عن عملية الدمج في المعاوضات، لكن لماذا تاثرت هذه النظرية، انا سئلت هناك في الجمهورية الاسلامية عن المسئولين الكبار حين كنت اباحث فقه البنوك سنة الف واربعمائة واربعة عشر وخمسة عشر، قلت لهم انه قبل ان يجروها رسميا هذه ليست فرارا عن الربا بل وقوع في صميم الربا، لماذا؟ سنشرحه.

العملية الذي قدم بها السيد الشهيد الصدر رحمة الله عليه انه دمج في المعاملات، هل الاشكالية في دمج المعاملات او اشكالية آخر، هذه نكتة مهمة تطبيقية في عملية الدمج في المعاملات، ونشرحه ان شاء الله.

البنوك الاسلامية الان تريد عملية دمج المعاملات في معاملة واحدة، هل الاشكال في الدمج؟ لا، سنبين ان الاشكال ليس فيالدمج.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo