< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حقيقة الإمضاء تقويض في التشريع

 

مر بنا على اية حال ان الحكم الشرعي اذا رتب على موضوع او متعلق مرتبط بالتقنين العقلائي الحكم الشرعي تكليفيا كان او وضعيا، اذا رتب على موضوع او تعلق بمتعلق، تعلق بعنوان، ذلك العنوان تقنيني عقلائي.

الموضوع طبعا قيود الحكم والمتعلق هو الفعل الذي يتعلق به المتعلق في احل الله البيع، البيع قد يعبرون عنه بانه متعلق لكنه مسامحة بمعنى وقد يكون صحيحا بمعنى، احل الله البيع.

سوال: اين الاضلع الثلاثة، بعد الموضوع، بعد الحكم، بعد المتعلق؟

بعد الموضوع قيود الحكم، الحكم هنا الحل والحلية، قيود الحلية شبيه قيد الوجوب هي الموضوع الاصولي، المتعلق الفعل الذي يتعلق به الحكم.

فهنا احل الله البيع، البيع موضوع او متعلق او كليهما؟ اذا فسرنا الحلية بالحلية التكليفية سيكون البيع هنا هو متعلقا و ليس موضوعا، واذا فسرنا الحلية حلية وضعية سيكون البيع هنا موضوعا وقيودا للحكم، كيف؟

هذه التدقيقات مر بنا مرارا، اول خطوة في الاستنباط ان يعي الباحث التفكيك بين الاضلاع الثلاثة في القضية القانونية الشرعية، هذا شيء مهم.

اذا فسرنا احل، حلية تكليفية طبعا هنا حليتان تكليفيتان، وربما حليتان وضعيتان، احل الله البيع، طبعا هذه المعاني من الحلية سيما القدماء قالوا ان احل هنا تشمل المعاني الاربع، كانما ان احل الله البيع اربع ادلة، اربع قضايا قانونية وليست قضية واحدة، ليست وضعية فقط وليست حلية تكليفية واحدة فقط بل حليتان، وليست حلية وضعية واحدة بل حليتان، فهنا اربع قضايا قانونية.

رحمة الله على العلامة الحلي في حرم عليكم الميتة يقرر ان القدماء استفادوا من حرم عليكم الميتة خمس حرمات، بعضها تكليفي و بعضها وضعي، من جملة واحدة، خمس جمل، الشيخ الانصاري ايضا عنده في المكاسب المحرمة ان الحكم اذا اسند الى شيء قد يقدر بهذا الشيء عدة افعال، مثلا حرم الميتة، بيع الميتة، اكل الميتة، مطالسة الميتة، مطالسته يعني نجاسته و طهارته، وهلم جرا، فحرم عليكم الميتة هذه جملة واحدة استعمال واحد في معاني عديدة، استعمال اللفظ في اكثر من معنى، من هذا الباب او من باب التقدير.

فاذن القضية الشرعية المقصود منها ليست القضية اللفظية لانها قد تشتمل على خمس قضايا قانونية، مثل اوفوا بالعقود، الكل اتفق ان اوفوا بالعقود ليس قضية قانونية واحدة، اوفوا بالعقود دليل الصحة ودليل اللزوم، مع ان اللزوم حكم وقضية مغايرة لحكم الصحة وقضية قانونية الصحة، فاوفوا بالعقود في الحقيقة جملتان وليس جملة واحدة، الجملة اللفظية واحدة، لكن الجملة المعنوية اثنتان، هذه ايضا لازم ان يكون الباحث متنبها لهذا الشيء.

عندما يقول الاصوليون او الفقهاء ان القضية لها ثلاث ابعاد، قضية القانونية المعنوية الواحدة، اما اذا كان القضية اللفظية لها خمسة قضايا، لازم انت تميز، مثل ما مر بنا في اوفوا بالعقود، هنا العقد العرفي او العقد الشرعي؟ كليهما، لان القضيتان ليس قضية واحدة، بلحاظ قضية الصحة هي العقود العرفية، بلحاظ قضية اللزوم العقد الشرعي، لانه كما مر بنا مرارا ادلة اللزوم موضوعها العقد الشرعي وما هو صحيح شرعا عند الشارع، لان الشارع لا يلزم بما لا يكون صحيح عنده، فانما يلزم الشارع بشيء صحيح عنده، فما يعقل ان يكون ادلة اللزوم موضوعها الوجود العرفي بل موضوعها الوجود الشرعي، الوجود يعني الصحة، الصحة يعني الوجود، الصحة الشرعي يعني الوجود الشرعي، الصحة العرفي يعني الوجود العرفي، الفساد في المعاملات يعني العدم.

فالمقصود ان ادلة اللزوم الشرعي موضوعها الوجود الشرعي للصحة، اما ادلة الصحة الشرعية ما يعقل ان يكون موضوعها الوجود الشرعي لابد ان يكون موضوعها الوجود العرفي. يعني الشارع لابد ان يعتبر موجود عنده ويمضيها، ادلة الزوم امضائية طبعا، لان ادلة اللزوم موضوعها ليس الوجود العرفي لابد ان يكون الشرعي علاوة على الوجود العرفي طبعا، موضوع الموضوع موضوع، فادلة اللزوم موضوعها اللزوم الشرعي، الوجود الشرعي، الوجود الشرعي يعني الصحة، فاللزوم الشرعي استمرار الوجود الشرعي.

الفرق بين اللزوم والصحة ما هو؟

الصحة اصل الوجود، اللزوم استمرار وبقاء الوجود، فادلة اللزوم الشرعي موضوعها الوجود الشرعي، اما ادلة الصحة الشرعية ممتنع ان يكون موضوعها شرعية، بل موضوعها عرفي.

فاذن هناك فرق بين القضية الصحة الشرعية كقضية قانونية وبين اللزوم الشرعي كقضية قانونية، هنا اوفوا بالعقود جمعت بين اللزوم والصحة، اذن هنا قضيتان ليست قضية واحدة، يعني العقود العرفية صحيحة شرعا وهذه العقود الصحيحة شرعا الزم بها، فكانما الشارع تكلم بقضيتين في اوفوا بالعقود. لذلك يتمسكون باوفوا بالعقود ليس فقط لادلة اللزوم، بل كادلة صحة ايضا.

فبالتالي اذن لما يقال فكك بين الاضلع الثلاثة في القضية القانونية ليس مرادهم اللفظية لان اللفظية قد تشتمل على قضيتان او ثلاث او اربع، مثل حرم عليكم الميتة، عدة قضايا، الكلام في تفكيك الاضلاع القضية القانوني يعني معنوية، لا اللفظية، لا المعنى الاستعمالي بل المعنى الجدي، القضية القانونية الجدية لها ثلاثة اضلاع.

نرجع، فحقيقة الامضاء للقوانين العقلائية عند اعلام العصر اخيرا ما اقول كلهم، جملة منهم تنبهوا الى ان الامضاء حقيقة اعطاء صلاحية من الشارع ومجال ومساحة للتقنين العقلائي، واعطاء صلاحية التقنين العقلائي ليس ما مضى فقط، بل لما يأتي، ويمكن ان يتبدل بحسب التقنين العقلائي.

فالتعبير الادق قانونيا اصوليا، ان لا يقال امضاء بل يقال الشارع فوض التشريع بحدود للعقلاء، ما تقدم منه وما تأخر، بالدقة هذا، لا انه نجمد على السيرة العقلائية السابقة، وربما العرف الان يجربون السير السابقة التي لديهم في القرون السابقة، اذن هذه حالة ترقص وتغير، ويسمونه الثابت والمتغير. فحقيقة الامضاء اينما اقر به الاعلام يجب ان يستبدل، لانه لا يكون دقيقا بل مسامحي، يجب ان يقال هو دين، منطقة بقوالب معين ومحددة ومحدودة، الشارع فوض التقنين للعقلاء، قابل للتبدل بحيث ينقض ما سبق يعني يختلف عما سبق، مثل القبض الذي مر ذكره، او بحث الغرر او عناوين اخرى، اي غرر يقصد الشارع؟ الغرر العرفي، والقبض العرفي وكذا، وقد يتبدل تكوينا او عرفا، هذا الجانب متغير في ابواب الادلة والقوانين قابل للتبدل.

اذن هذه نكتة مهمة جدا ان الحكم الشرعي اذا تعلق بعنوان مثل احل الله البيع، تستطيعون مراجعة كلام الاعلام المحشين للمكاسب، لانه اكتشاف الاضلاع الثلاثة في القضية القانونية في الحكم الوضعي اعقد من الحكم التكليفي، كيف لا نخلط بين متعلق الحكم وموضوع الحكم، يقع تشابه واشتباه.

فاذن اي حكم رتب الشارع فيه تعلق الحكم بالمتعلق او بالموضوع، تعلق بعنوان تقنيني عقلائي، هذه مساحة من تفويض الشارع التقنين للعقلاء لا محالة، ومن ثم الشارع ـ هذا المبحث مذكور في حقيقة السيرة العقلائية والسيرة المتشرعية ومن البحوث المعقدة في علم الاصول ومتاثرة على العلوم الدينية وفلسفة العلوم الديني ايضا، نظرية المعرفة ـ مر بنا اذا امضى يعني اعطا منطقة تفويض للتقنين العقلائي.

ومن ثم عنوان الاطمئنان عنونه استاذنا السيد محمد الروحاني رحمة الله عليه في كتابه يعني كتاب تلميذه منطق الاصول وهذا البحث بحثه في كل دوراته السيد، وغير السيد الروحاني ظاهرا السيد محمد سعيد الحكيم رحمة الله عليه، عنده كتابين في الاصول ببالي او نقل لي او انا شاهدت ما ببالي اذن عندنا عنوان الاطمئنان ما هو عنوان الاطمئنان؟

صاحب الكفاية والشيخ الانصاري وقبلهم من الاعلام قالوا بان اقوال اللغويين مراسيل ويوميات الاستنباط في العلوم الدينية متوقف على اقوال اللغويين وليس المقصود من اقوال اللغويين يعني لسان العرب فقط او الفيروزابادي او كتاب العين للخليل بل المراد من اللغوي كل العلوم اللغوية، النحو والصرف والاشتقاق، فقه اللغة، نحت اللغة، بلاغة ومعاني والبيان، فالمراد بقول اللغوي العلوم اللغوي باسرها ليست حجة الا اذا افادت الاطمئنان، من اين جاء الاطمئنان؟ الشيخ الانصاري لم يفرض عنوان الاطمئنان بحدة، لكنه ارسله ارسال المسلمات. الشهرة جابرة او لا يكون جابرة وهلم جرا، قالوا اذا افاد الاطمئنان، كانما حلال المشاكل، حتى السيد الخوئي.

كل ظن غير معتبر يعطون فيه استثناء وهو ان يوجب الاطمئنان. مبحث نفس هذا التفويض التقنين الاثباتي للعقلاء، ما هو موارد الاطمئنان؟ ذكرت لكم ان هذان العلمان السيدان افرضا مبحث مستقل للاطمئنان، والحق ان يفرض، ونحن في دورتنا الاصولية فرضنا بحث ضوابط الاطمئنان، وشروط الاطمئنان، منشأ الاطمئنان، اصعد وانزل طبعا، حلال مشكلات فاذن لابد ان يبحث ان الاطمئنان ما هو؟ النوعي او الفردي؟

نكتة لطيفة اذن كل واحد ما عنده جنسية من الظنون يقول اخذ جنسية الاطمئنان، طبعا كما مر بنا مرارا يقسم الظنون الاصوليون الى ظن معتبر وظن غير معتبر، هذه البدون بدون جنسية، ياخذون جنسية الاطمئنان، وقسم ثالث ظن منهي عنه، هذا الظن المنهي عنه لا يجنس وليس له جنسية، كالسحر، واخبارات الجن والشعبذة، والتلسمات، والكهانة، هذه الظنون في القسم الثالث لا اعتبار لها اصلا حتى لو حصل الاطمئنان منها، حتى لو حصل القطع منها، لا يسوغ الاعتماد عليها، يردع لا يعذر، اذن بعض الظنون محذورة، مثلا قياس محذور جدا لا تقترب منه.

اذن نفس الاصوليين والفقهاء قسموا الى تقسيم ثلاثي، القسم الثاني وان كان غير معتبر الا انه بالتراكم وبالتركب والمجموعية بالشرائط يولد الاطمئنان يكون حجة، اما القسم الثالث ولد قطعا ولد جزما وقد اطمئنانا ليس بحجة ابدا، بل لا تعذر عليه بل تعاقب عليه.

من ثم القسم الثاني التفريط فيه ابادة لتراث الدين، لانه قد يتولد منه الاطمئنان او قد يتولد منه القطع، كيف تتفرط فيه، الصحيح من الكافي غلط حرام هذا التعبير حرام، لم؟ لان هذا جناية على تراث الدين، لان الظن غير معتبر اذا تراكم او صار مجموعيا كما وكيفا حجة.

تعبير أغا بزرك التهراني رحمة الله عليه في كتابه في التفسير عن نقد لطيف، يقول مرارا كرارا هذا القسم الثالث من الظنون مرسلة، ليس فقط تتولد منها اطمئنان، ماذا يتولد منه؟ ـ واقعا اغا بزرك ذهنيته نابغة صناعيا، يوافقني من يوافقني ويخالفني من يخالفني، انا اعتبره كتبه على ان الرجل صناعي محترف جدا في علوم عديدة دينية ـ فيقول اغابزرك التهراني رحمة الله عليه ان هذا القسم الثاني في كتب التواريخ المقاتل وعاشوراء وسير النبي وسير اهل البيت، هذا ليس فقط يتولد منه الاطمئنان وهو حجة عند الكل، وليس فقط يتولط منه القطع وهو حجة عند الكل، بل تتولد منه الضرورة الدينية، الضرورة الدينية فوق اليقين، ويدلل وينبه ان كثير من الضروريات المتفق عليها بين الفريقين مصدرها القسم الثاني، كيف انا افرط واقوم بابادة مصدر الضرورة الدينية؟! هذا ابادة للدين، وكيف انا استهين بهذا القسم الثاني.

اعطيكم مثال، لو اراد شخص ان يبيد كل كتب اللغة لان كتب اللغة وعلوم اللغة كلها مراسيل واصدر حكم نازي ويتوئي عسكرتاري همجي بان ابيد كل كتب اللغة، هذا يؤدي الى خلخلة في معارف الدين وعلوم الدين، كيف انت تريد تطلع بكتب مقاتل كربلا ولو مراسيل؟ كيف انت تريد تطلع بكتب التاريخ واقعة صفين او غيرها؟ او كتب شيخ المفيد رحمة الله عليه في كتاب الارشاد من اوله الى آخره دائما يصير كتب التواريخ والسير. بعض القضايا يعتذرها الشيخ المفيد ارسال المسلمات البديهية، ما مصدرك يا الشيخ المفيد؟ كتب الآثار والسيرة وكثير منها مرسلة، هذا الشيخ المفيد ابن بجدتها.

فهذه النكتة مهمة جدا صناعيا، لا نغفل تراث الحديث ضعيف ما معناه؟ضعيف لا يدرجوه في القسم الثالث، الحديث الموضوع نعم يدرج في القسم الثالث، بل الشيخ التبريزي رحمة الله عليه يقول حتى الحديث الموضوع لا ندرجه في القسم الثالث لان هذا الواضع الكذاب استعمل لغة عصره ولغة النص، فيثمر لنا فائدة يعطينا المعنى اللغوي في عصر النص، حتى لو يريد يكذب بلغة عصر النص، فمن ثم الخبر حتى الموضوع نستفيد منه بعدا لغويا. لا يجوز ابادة حتى القسم الموضوع من الحديث على فرض انه موضوع.

طبعا انا وجدت كلمات علماء الجمهور العامة جملة منهم عندهم تحقيقات حتى في الاخبار الموضوعة لا تباد، هي تاريخ ومستند ووثائق، تفيد امورا كثيرة.

فالمقصود التلاعب بالتراث اخطر شيء وتقييم التراث لا يسوغ فيه التقليد حتى للعامي وانما يجب ان ينفتح على جميع العلماء لانه مصدر الدين، مصدر الدين انت تقلد فيه، ما يجوز ان تقلد، لا تنقطع عن العلماء لكن لا تتكأ على عالم او اثنين او عشرة، لا يسوغ لك ايها العامي بل اعتمد على جميع علماء الامامية من الاولين والاخرين، الاحياء منهم والاموات، تابع اللهم بيننا وبينهم بالخيرات.

طبعا ما شرحت الان المطلب هل الاطمئنان عنوان تكويني او عرفي؟ كيف هذا؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo