< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:المسبب في المعاطاة والمعاملات المستجدة

 

1 ـ المعاطاة اما لعدم توفر السبب المعهود او لكون المسبب متجدد ماهويا :

ان الكلام ليس في المعاطاة فقط، بل نفس اثارة الشيخ الانصاري في التنبيه الرابع ان المعاطاة بلحاظ المسبب يمكن ان توقع بأنحاء عديدة، هذا البحث لدى الشيخ الانصاري في الحقيقة يعني أن البحث ليست معاطاتي ، بحث عموما في ماهية المعاوضات وانما اثير كمعاطاة باعتبار انه تختلف ماهية المسبب عن البيع فبالتالي ادرج في المعاطاة، كأنما المعاطاة عنوان ليس فقط لعدم سلامة السبب اللفظي يعني او قل عدم توفر السبب اللفظي الخاص بالبيع او الخاص بالإجارة او الخاص بعقد من العقود المعروفة ، ليست المعاطاة هي عدم توفر السبب الخاص اللفظي ، بل نستطيع ان نقول ان المعاطاة عدم توفر المسبب ، عدم كون المنشأ في الانشاء ـ المنشأ يعني المسبب ـ ليس هو المسبب المعهود من البيع او قل من الاجارة او قل من كذا ، فربما يكون المسبب مسبب جديد.

فيمكن تحرير حقيقة البحث في المعاطاة ان جذور المعاطاة اما عدم توفر السبب المعهود كاللفظ الصحيح او عدم توفر المسبب المعهود ـ ألمسبب يعني ماهية المسبب المعهود ماهية جديدة مثلا ـ فبذلك تكون المعاطاة فتحُ بابٍ ومصنع لعقود جديدة، مسببات جديدة كذا ، وعنوان مشير الى تنويعات جديدة في العقود ، اما من جانب السبب او من جانب المسبب ، تقريبا يمكن ان يقال بحث المعاطاة بمثابة هذا العنوان.

2 ـ تغاير مورد البحث في المعاطاة بين الكركي وصاحب الجواهر

نلاحظ في بداية مبحث المعاطاة ـ نشير اليه اجمالا ولم نستعرضه بعد ـ في بداية بحث المعاطاة الشيخ الانصاري يقول ما أبعد تحرير محل البحث في المعاطاة وموردها بين المحقق الكركي وبين تحرير محل البحث في المعاطاة عند صاحب الجواهر.[[1] ] بُعُدُ المشرقين، عجيب بعيد، هذا الفرد في الشرق وهذا في الغرب، والشيخ الانصاري ربما لا يوافق الاثنين ويتخذ طريق ثالث،

المحقق الكركي اجمالا ليس تفصيلا بل اجمالا يفرض ان المعاطاة في مورد المسبب هي تمليك مال بمال التي هي الاربع الصور التي ذكرها الشيخ الانصاري في التنبيه الرابع

اما صاحب الجواهر يقول: ان مورد البحث في المعاطاة ليس تمليك مال بمال بل مورد البحث في المعاطاة اباحة في مقابل اباحة او إباحة بمال.

ففي اي مكان صاحب الجواهر يفرض المعاطاة وكلمات الاصحاب والكركي في اي مكان يفرضها .

واختار الشيخ الأعظم طريقا ثالثا سندخل في هذه التفاصيل فيما بعد إنشاء الله .

اذن افتراق الكركي عن صاحب الجواهر في السبب او في المسبب ؟ انه في المسبب ، وتعيين المسبب ما هو عند المتعاملين

فنستطيع اذن ان نقول ان المعاطاة في الحقيقة مبحث وبحث تارة في السبب وعدم توفر السبب المعهود او الصحيح او السليم الى سبب الاخر، فهل هذا السبب الاخر يمكن ان يعتمد عليه ام لا ؟ سواء السبب في البيع او في الاجارة او السبب في الهبة في الوقف في النكاح.

في النكاح والطلاق عندهم قول واحد ويجب ان يكون السبب لفظي ، نعم اذا كان المعاملين لا يعرفان اللغة العربية يسوغ استعمال غير اللغة العربية، على كل حال يسوغ، اما في الطلاق اشترطوا لفظ طالق باللغة العربية واذا كان باللغة غير العربية كيف؟ كأنه ما يقبلوها .

اجمالا في النكاح والطلاق امر آخر، اما في غير النكاح والطلاق من عقود اخرى، في السبب اذا لم يكن تاما كيف يكون؟

 

حقيقة المعاطاة والمعاملات المستجدة في التقنين العرفي

فاذن البحث في المعاطاة تارة يكون بحث في السبب وتارة المعاطاة بحث فيها في المسبب، بالدقة البحث في المسبب هي هذه الصور التي ذكرنا أربع او ثمان او عشر او أكثر، وهذه ليست صور محددة يعني محصورة في عدد محدد، هذه يمكن تكوينها ووقوعها كما مر بنا بحسب الحاجة البيئة المالية او السوقية.

وفي الحقيقة البحث في المسببات الجديدة المتنوعية نستطيع ان نقول هو كما مر بنا عدة مرات ونكررها نوع من فتح الباب من الشارع لتولد معاملات جديدة ، فباب التقنين العقلائي لمعاملات جديدة مفتوح بشرط وشريطة ضوابط شرعية ومعايير ميزانية ، هنا الان في صورة هذه المعايير الميزانية ما هي؟ شرط النتيجة شرط الفعل، شرط الداخلي قيد داخلي، قيد صحة، او قيد خارجي ، قيد اللزوم ، شرط الضميمة؟

هذه كلها موازين ومعايير عامة يجب ان تراعى بشرط ان تراعي الموازين العامة والضوابط العامة هو الخطوط الحمر لدى الشارع لا مانع من تولد وتوالد معاملات جديدة، والباب مفتوح من قبل الشارع لصلاحية التشريع العقلائي.

أحد الاخوة كذا نقل وانا ليس لدي احصاء قال في الجاهلية قبل الاسلام كان سبعين او سبعة وسبعين نوع نكاح ، فمنع الشارع عنها الا اثنين وقد نطلع عليها وقد تعرض القرآن لبعضها مثلا بعض انواع النكاح انه مثلا القسم العلوي للمراة لشخص والقسم السفلى للشخص الاخر، موجود في القرآن فيه، فيه ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾[2] الاخدان ما المراد منه ؟ نوع من عقد الغرام فالروح لشخص والبدن لشخص، ، على اي حال هذه التفننات ربما العصر الحديث لا يدري به.

على اي تقدير الشارع يفتح ابواب العقود سواء في باب النكاح او غير باب النكاح لكن للعرف التقنينات لكن بشرط ان تحفظ الضوابط العامة الخطوط الحمراء والضوابط والموازين .

4ـ المعاطاة تنويع المسببات والمعاملات المستجدة

البحث في المعاطاة هو حول هذا حول كيف نعرف الضوابط والموازين للمعاملات الجديدة ؟ لا ان بحث المعاطاة كما نتخيل فقط ينحصر في السبب بدل ما نتكلم مثلا يعطي بيده او يتقاول يعني كل أن سبب لفظي غير واجد لشرائط السبب يندرج في المعاطاة .

ان البحث ليس في خصوص السبب ونقصانه ، بل هذا جانب من المعاطاة ولكنه في الحقيقة الجانب الاهم الاعظم في المعاطاة هو جانب تنويع المسببات ، يعني بعبارة اخرى معاملات جديدة بلحاظ المسبب، هذه المعاملات الجديدة بلحاظ المسبب عبارة اخرى عن باب فتح الشارع صلاحية التقنين للعقلاء في المعاملات، او في الايقاعات.

5 ـ الاستنباط - الحفاظ على اصالة القديم وتغطية للجديد

وهذه تنبه علمي اجتهادي مهم ، اننا لا نجمد على حرفية العناوين القديمة، يجب ان نلتفت الى النكات القواعدية الصناعية التي فتحها الشارع وسوغها ومن باب المثال على هذا التنويع الجديد، لان المفروض في الفقيه ان يستنبط من الاصيل القديم ضوابط الجديد المتجدد ـ وهذه هو المهم ـ والا نبقى على القديم ، بعناوينه المعهودة وامثلته القديمة ، بل نزحف بكليات القديم الأصيل ونوسع رقعاتها للعناوين الجديدة، هذه هي النكتة هو هذه الاجتهاد والاستنباط تحافظ على الضوابط وتغطي المساحة المتجدد هذه هي النكتة، وهو الاجتهاد.

6 ـ ضمان الجريرة والتبني الاحتضان وحكم الإرث

مثلا عنوان (ضامن الجريرة) هل شيء كان واختفى تماما ؟ او مثلا الظهار الذي كان طلاق في الجاهلية ، فهل اختفى الظهار او موجود في شيء جديد أم ماذا ؟ وهكذا الايلاء، هل اختفى الايلاء ام ماذا ؟

الان نأتي الى عنوان (ضامن الجريرة) قضية واقعة، هناك استفتاء ربما قبل عشرين سنة او اكثر خمسة وعشرين سنة انه شاب من البصرة لا يعرف والده والدته وهناك أسره ربته واحتضنته الى ان نشأ وما شاء الله صار عنده اموال وثراء، قبل ان يتزوج توفي، فهذه الاموال لمن ؟ استفتوا مكاتب انا قلت لهم هذه الاموال للعائلة التي احتضنته ، لماذا ؟ قلت : لان هذا نوع ضامن جريرة جديد لأن لما احتضنوه فهم يتحملون تربيته ومسئولية وغلطاته وكذا وكذا ، هذا نوع من ضمان الجريرة بصيغة جديدة أخرى ، التي يسمونها ( التبني ) وهو نوع من هذا الاحتضان وان مسؤولية الشخص بتربيته رعايته والاشراف عليه فنلاحظ نفس الماهية او بتحوير اخر إلا انها هي هي.

فظاهرة التبني او الاحتضان كثيرة وموجودة في العالم وهذه نوع من ضمان الجريرة وهؤلاء في مقابل ان يتبنوا يجعل الشارع لهم ارث المال، طبعا المفروض انه لم يتمكنوا من ابويه وانه ليس له اخوة و ليس له زوجة، ليس له ولد، ليس له عشيرة واعمام، كلامنا ليس في التبني، كلامنا في ان التبني يتضمن التعهد بتربية وتداعيات مسؤولية سلوك هذا الطرف وهذا نفسه عبارة عن ضمان الجريرة .

الان حتى في العرف العقلائي اذا إحتضن او تبنى شخص فاول مسؤول يعتبرونه عليه هو هذا الحاضن لأنه هو المسؤول عن سلوكياته ورعايته وما شابه ذلك وهذا نوع من ضمان الجريرة.

انا جئت بهذا المثال مع ان هذا المثال تكرر السؤال عنا واجبت بنفس الجواب لم ؟ لأنه في الحقيقة انا لا نجمد على العناوين بل أصل المسببات والماهيات نستخلصها ولو بألفاظ جديدة وعناوين جديدة ، او هو الماهية الجنسية ولو بماهيات نوعية جديدة تنويعات جديدة، لكن نفس الماهية الجنسية موجودة

7 ـ الاستنباط - الحفاظ على اصالة القديم وتغطية للجديد

فإذن جدارة الاستنباط الاجتهادي ان يستخلص الكليات من المباحث القديمة الاصيلة فيغطي بها مساحة مستجدات الجديدة، لأنه الان ليس من الضروري ان ترى عنوان البيع او عنوان الاجارة او كذا، لكن هناك معاملات وعقود جديدة كثيرة كثيرة اخرى.

فكيفية تولد المعاملات امر مهم متى كانت نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسونا العظام لحماً هذا مهم جدا، فمراحل تطور المعاملة الجديدة من قديمة الى ان تكون جديدة وهذا الذي شغلنا به ـ في دروسنا هو من قبل اسبوعين اقل او اكثر ـ هو عبارة عن مراقبة تحليلية مختبرية علمية للمعاملات الجديدة كيف تنشأ ؟ وهذا ضروري، اهمية الاجتهاد هو هذا.

8 ـ قيد شرط الضميمة في اللزوم والقيد الداخلي شرط الصحة

لذلك ذكرنا اوليات وقواعد اولية كثيرة عديدة في باب البيع، ذكرها الاعلام، وليسنا من إبتكر هذا ، لكن الابتكار ما هو؟ توليف هذه القواعد المسلمة عند الاعلام، شرط النتيجة ما هو؟ شرط الفعل ما هو؟ اثار وتداعيات شرط النتيجة كم ؟ ما الفرق بين قيد شرط الضميمة والقيد الداخلي في المعاملة ؟ القيد الداخلي في المعاملة مبادلة مال بمال هذه الباء تقيد شرط لكن شرط داخلي، مر بنا مرارا القيد الداخلي والشرط الداخلي قيد صحة، اما القيد الخارجي قيد لزوم، هذا فارق كبير.

تحوير المعاملات من شرط ضميمة خارجي الى شرط صحة

شيء نذكره لم نذكره سابقا، هذا القيد اللزوم الخارجي وقيد الصحة الداخلي ان بدايات المعاملات الجديدة تبدأ بقيد اللزوم الضميمي الخارجي شيئا فشيء تتحول الى قيد صحة، هذه نكتة مهمة جدا لم نذكرها من قبل.

دعوني ان امثل لهذا المطلب لتصير واضحة، مثلا في الجمل الكلام الحوارية يقول القائل ( اشلونك ) يعني اي شيء هو لونك، الان ( اشلونك ) نفس اي شيء لونك ؟ لا، ( اشلونك ) يعتبرونه اسم وفعل في النحو، اما ايُ شيء هو لونك، فاي أداة استفهام، ، لونك كذا أعرابها وهلم جرا، هذا يقال له عملية دمج

دائمنا الامور الجديدة تبتدأ بتركيب جديد مفكك ـ مفكك يعني ليس مفكك تماما يعني ترتيبه بتفكيك بتميز بتفصيل شيئا فشيئا هذا التركيب ما يصبح فيه دمج، وكما هو الكلام في الجمل ، هكذا الحال في المعاملات.

الاندماج في المعنى الحرفي والتفصيل في المعنى الاسمي

اوضح هذا بالمثال لان هذه نكتة جديدة ونفيسة مهمة في بحث المعاملات المستجدة ، احد النظريات والاقوال في المعنى الحرفي ان المعنى الحرفي هو المعنى المدمج واما المعنى الاسمي، يعني ما الفرق بين الظرفية وكلمة في ؟ ما الفرق بين الابتداء ولفظة من ؟ ما الفرق بين لفظة حرف الباء ولفظة السبب ؟ ما الفرق ؟ معاني الحروف اسمية لكن نفس الحروف لماذا صارت حروفا ؟ قالوا هذه نظرية مهمة في المعنى الحرفي.

في باب المعنى الحرفي ارتضينا كل النظريات وقلنا كل نظرية تعالج زاوية من زوايا المعنى الحرفي غالبا في البحوث نستثمر كل النظريات ونعتبرها تفيد من جانب، على اية حال الحروف لها معاني اسمية، ما الفرق بين المعاني الاسمية والحروف؟

الفرق هو ان المعنى في المعنى الاسمي مفصل مميز ظرفية ابتداء كذا، اما في الحروف اذا اردت ان تعجن معنى الظرفية الى معنى آلي ذائب في طرفي ( زيد في الدار ) فلا تريد ان تلاحظ الظرفية كمعنى مستقل بل تريد ان تلاحظ الظرفية ذائبة في زيد وذائبة في الدار، ذائبة معجونة ، مندمجة ، هذه تصير معنى حرفي، وهذا المعنى الحرفي آلي يسمونه طريقي، يعني ما تنظر اليه، تنظر به شبيه العدسة النظارة تنظر بها، ولا تنظر اليها تنظر بها يعني مدمجة ذائبة فاحد المعنى الحرفي ماذا ؟ يعني المعنى الاسمي ما ان يندمج ينقلب من اسمي الى حرفي، هذا اهمية التحرير.

هكذا في المعاملات في الحقيقة تبتدأ المعاملة بشرط بشرط ضميمي خارجي معاملة بشرط شيء معين مثلا، شيئا فشيئا هذا الشرط من شرط ضميمي خارجي ينقلب الى شرط الصحة الداخلي.


[1] طبعا اسم صاحب الجواهر ما يجي به الشيخ الانصاري لكنه يقول بعض المعاصرين او اعلام العصر مثلا، فهذه نكتة بين قوسين ليس فيه هزيمة للشيخ الانصاري لكن الشيخ الانصاري في المكاسب صراحة في خارطة البحث ابتداءا يبتدءها بما لدى صاحب الجواهر سواء في المكاسب المحرمة او في البيع ويتوسع طبعا بلا شك، توسع الشيخ شيء كبير جدا، صناعيا، أقواليا كذا، لكن على كل احد الجهات التي هي منظور للشيخ في المكاسب المحرمة او البيع او الشروط، وكلام صاحب الجواهر على كل نوع ترتيب البحث عند صاحب الجواهر، كما ان صاحب الجواهر ناظر بما قبله من الكتب ككتاب كشف اللثام كتاب الحداق كتاب المسالك وهلم جرا، وهذا ليس شيء معيوب، الانسان عند البحث يلتفت الى خرائط البحث.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo