< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

45/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المعاوضات الفوقية بين معاوضتين

 

كان الكلام في الحقيقة في ماهية المعاوضة، والمعاوضة ماهية جنسية بمثابة الجنس للبيع، وان كان هذا البحث في المعاوضة بحث عام في جميع المعاوضات وليس خصوص البيع.

فالبحث في المعاوضات أن المعاوضة هل تقتضي التعويض والتبديل في العوضين فقط ام فيهما وفي المالكين؟

مر بنا ان الشيخ الانصاري في التنبيه الرابع من المعاطاة ومركزيا في التنبيه الرابع ذكر ان المعاطاة يمكن ان تقع على اربع صور، اكثر من سبع صور. هذا البحث في المعاطاة بحث ليس في السبب، مع ان عنوان المعاطاة عنوان للسبب ـ معاطاة يعني ان تنشأ العقد او المعاوضة التي تنشئها باللفظ الصحيح، تنشئها بغير اللفظ الصحيح، وهو قد يكون خطأ، وقد يكون فعلا ـ المعاطاة المفروض في البحث فيه انها بحث في الاصل في السبب وان السبب ان لم يكن سديدا تاما كاملا لفظا هل يمكن ينشئ بغير اللفظ السديد الكامل التام ام لا؟ يمكن ان ينشئ المسبب لذلك ام لا؟ اصل البحث في المعاطاة هذا، بمجرد اعطائه واخذه ينشئ المعاوضة، فالبحث في المعاوضة اساسا بحث في السبب اذن ليس بحث في المسبب المقصود انشائه.

لماذا التفت الفقهاء الى هذا التنبيه الرابع؟ ان المعاطاة بلحاظ المسبب يمكن ان ينشأ بها؟

عدة صور في المسبب:

تمليك مال بمال

تمليك في مقابل تمليك

إباحة بمال

إباحة في مقابل إباحة

وصور عديدة، تمليك مال بمال أو تمليك مال بإزاء مال، كل هذا قابل للتصوير، نتكلم اذن في بحث المعاطاة في المسبب، ولم يحصروه في السبب، تكلموا عن المسبب، هذا البحث عن المسبب بحث مهم. خريطة البحث يجب ان لا تغيب عن الذهن لأنها حركة صناعية.

فالصور التي ذكر الشيخ الانصاري في التنبيه الرابع بحث في المسبب لا في السبب، هذا المسبب ما هو؟

تارة: تمليك مال بمال

تقابل بين المالين وبين العوضين وبتبع ذلك بين المالكين.

وتارة: التقابل والتعاوض بين تمليك وتمليك

تمليك مال بمال التقابل بين المالين بين العوضين، اما تارة يقع التعاوض بين نفس التمليكين، يعني تمليك مال بمال في مقابل تمليك مال بمال هكذا، معاوضة في مقابل معاوضة، نصالح على ان نعقد بيعا في مقابل اجارة، البيع فقط عوضه على حدة والاجارة عوضه على حدة، هنا التعاوض بين نفس البيع ككتلة في مقابل اجارة ككتلة، تمليك مقابل تمليك. هذه الإثارة عند الفقهاء لماذا يتصور هذا البحث؟ لان في الحقيقة هناك نوع من المعاوضات ليس التبديل والمقابلة بين عوضين يعني مالين، بين ماذا وماذا؟ بين معاوضتين، في بعض السوق المالية هكذا موجود. هذا التمليك وهذا التعاوض يجب الالتفات اليه.

هذا ايضا يقع على صور: لانه تارة بنحو شرط الفعل، وتارة بنحو شرط النتيجة.

تارة نقول معاوضة بنحو النتيجة في مقابل معاوضة بنحو النتيجة، تارة معاوضة بنحو شرط الفعل في مقابل معاوضة بنحو شرط الفعل، تارة احداهما الأولى نحو النتيجة والثانية بنحو الفعل، أو العكس. هذه التدقيقات مهمة، لانه اصل التقابل بين مالين او بين معاوضتين ثم معاوضتين بنحو شرط الفعل او بشرط النتيجة، كل هذه الصور يجب الالتفات اليه.

مر بنا وكرّر في شرط الفعل لا يتم انشاء المعاوضة، أبيعك هذه الدار بشرط ان تهب لي السيارة، هذا شرط الفعل وليس شرط النتيجة، يعني بعد عقد البيع اقرر الأول بالاجابة والثاني بالقبول هذا ما يكفي للبيع، لكنه لم لا يكفي للهبة؟ لان الهبة اشترطت بنحو شرط الفعل لا بنحو شرط النتيجة، اذا كان شرط الفعل ولما يحصل الفعل فقط اشترط الفعل، على ان تخيط لي ثوبا، الموجر استطاع ان خاط لي ثوبا، حصلت لي خياطة الثوب؟ لا، شرط فعل، يجب ان يخيط في الوجود الخارجي. هكذا على ان تهب لي، تهب بعد شرط الفعل، يعني يقوم بانشاء الهبة وراء انشاء اشتراط الفعل للهبة، شرط الفعل لا يكفي الاشتراط لحصول النتيجة، يعني في الحقيقة شرط الفعل في الهبة، أبيعك هذه الدار على ان تهب لي السيارة او العين الثانية، هذا الشرط شرط الاقدام على الهبة، اشترط الاقدام، نفس الهبة لم تحصل، هذا شرط الفعل.

اذن ما يقال من انه معاوضة في مقابل معاوضة الذي في المعاوضة الاولى فعلها هل هو الاقدام عليها ام نتيجتها؟ يمكن كلا الامرين، كما ان المعاوضة الثانية التي اخذت، اخذت نتيجتها او اخذ الاقدام عليها؟ كلا الامرين متصور ومحتمل.

هذه الصورة الثانية التي عرض لها الشيخ في اربع صور، الصورة الثانية مقسم لأربع صور، لانها هي معاوضة في مقابل معاوضة، معاوضة بنحو شرط الفعل او شرط النتيجة، والمعاوضة الثانية بنحو الفعل او النتيجة. هذه هي الصور الثانية.

الصورة الثالثة: إباحة مقابل إباحة

الإباحة ما هي؟ شرط النتيجة أم شرط الفعل؟ كيف يعني؟ الإباحة إيقاع، الإيقاع بنحو شرط الفعل أو بنحو شرط النتيجة، حتى الإيقاع يمكن تصويرها بنحو شرط الفعل او شرط النتيجة ـ هذه أوليات كلية في كل الأبواب، العقود والإيقاعات، اذا ترجل فيها تلجلج مثل الخلع مر بنا، الطلاق الخلع فيه بنحو شرط الفعل او النتيجة، يمكن ان يكون بنحو شرط الفعل او النتيجة، يمكن اذا اتي بصيغته المحددة. انتِ طالق على ان تدفعي المال كذا، يقصد ان شرط هذه نتيجة، بس اخذ المال ام لا؟ اخذ بعوض.

تارة يقول سأطلقك بشرط ان تبذلي المال، هذه شرط الفعل، يعني الايقاع شرط الفعل، شرط الفعل يكون من قبيل وعد، وعد بالفعل لا بالنتيجة، بل ينشئ النتيجة، لابد ان نلتفت ايضا، فيها المباحث بين، اتفاقا قبل ايام استفتاء أجبت عنه، حول ان الخلع الطلاق بنحو النتيجة او الفعل.

على اية حال الإيقاع كالاباحة ايضا هو البحث فيه، لا يحل مال امرء الا بطيبة نفسه، ما الفرق بين ـ هذه عناصر كلية في باب المعاوضات، اذا ابجدياتها لم يتم فهمها للانسان لا مجال للمباحث كلها، ما فيها مجال ـ طيبة النفس والاباحة؟ الاباحة انشائية، طيبة النفس صفة وحالة تكوينية، فيه فرق بينهما؟ طبعا فرق بينهما، هذا انشاء وهذا حالة تكوينية، لا يحل مال امرء الا بطيبة نفسه، في جماعة قليل من الفقهاء ان في باب يتحشّم بواحد ـ ماخوذ بالحياء عفواً ـ حشّنت انت ما نفسه لا طيبة لا يحل التصرف، لا يحل مال امرء الا بطيبة نفسه، طيبة ليس امرا انشائيا بل امرا تكوينيا، اما الاذن والرضا والاباحة عناوين ثلاثة لامور انشائية، ايقاع، اذن ايقاع، اباحة ايقاع، رضا الانشائي ايقاع.

اما الرضا النفساني نفس الطيب، بعض الاحكام الشرعية الشارع رتبها الشارع على الطيب وان لم ينشئ الاذن، وان لم ينشئ الاباحة وان لم ينشئ الرضا، اما بعض الاحكام كالعقود الشارع لا يكتفي فيها بطيبة النفس، العقود لا يكتفي فيها الشارع بطيبة النفس، لابد ان ينشئ كله مشروع من البيع لا يكفي، لابد من انشاء الرضا، كله مشروع بعد النكاح لا يكفي لابد ان ينشئ الرضا، انشاء الرضا لابد منه. الا ان تكون تجارة عن تراض، انشائي.

فاذن في الفرق بين الإباحة الانشائية والرضا الانشائي والاذن الانشائي مع طيبة النفس، التصرفات التكوينية المجردة ، أكل، شرب، كذا وضعيات، يكفي فيها طيبة النفس، اما الامور العقود لا يكفي فيها طيبة النفس، لابد من الانشاء، فرق بين باب الاباحة الايقاع وليس عقد الاباحة، الاذن ايقاع وليس عقدا، كما انه ليس تكوينيا بل انشائي.

معذرة اضطر على ان اوضح امور اولية في باب المعاملات تبدو انها سهلة لكنها خطيرة معقدة، مثلا لكي نواصل البحث، مر بنا مرارا في نواحي الكثيرة العقود الاذنية، اذن ايقاع والعقود ليس ايقاع، كيف يصير؟ وما مرادهم؟ مرادهم ان هناك جملة من العقود يمكن ان يعوض عن العقود الاذن الانشائي، وكان عقد او اذن، فرق بين ما كان العقدية والاذن، ولو كان الاذنية، عجيب كيف الفرق؟ الوديعة اذن، لابد ان نفرق، في العقود الاذنية لماذا اسموها عقود اذنية وهذا ليست اذن، عقد او فوق عقد، صحيح، ثمرتها مفادها مفاد الاذن، العقود الاذنية، يمكن ان تستبدل بدل العقد بالاذن، اذن عندنا عقود اذنية يمكن ان توقع بنحو العقد ويمكن ان توقع بنحو الايقاع وان لم يقبله الطرف الآخر. الايجاب المضاربة عقد او اذن؟ يمكن ان تكون عقد يمكن ان تكون اذن، يكف؟ فيه بحث طويل.

فاذن جملة من العقود يمكن ان توقع عقد ويمكن ان لا توقع عقدا، الايقاع يسد مسدها وان كان اثارها تختلف بين ايقاعها كاذن كايقاع وبين ايجادها كعقود، مثلا في باب الوكالة عقد الوكالة اذا اوجد كعقد لا ينفسخ بمجرد انشاء الفصل من الموكل بل لابد من ايصال اعلام الوكيل بذلك والا تصرفات الوكيل كلها في ذمة الموكل، اذا انشئت الوكالة كعقد، اما اذا انشئت الوكالة كاذن، الاذن ينتفي بمجرد الرجوع ان الاذن، وان لم يتم اعلام المأذون، عجيب! هذه فائدة الايقاع، فرق جوهري بين الايقاع او العقد، كيف؟ لانه اذا صار عقد صار طرفين وليس طرف واحد.

الرجوع من الزوج المطلق في العدة الرجعية ايقاع او عقد، كثير من الناس يتخيلون بان الرجوع في العدة الرجعية عقد، يلزم اعلام الزوجة وانها راضية يرجع إليه، اذا كان الرجوع عقد، يتوقف على رضا الزوجة، آثار الرجوع ليس عقدا في العدة الرجعية، الرجوع في العدة الرجعية ايقاع، الرجوع في العدة الرجعية ايقاع، رضيت الزوجية او لم ترض علمت ام لم تعلم، اذا لم يكن عنده شهود يدعي بعد انتهاء العدة يقول رجعت ما يسمع قوله، واذا كان عنده شهود يقبل، لم؟ لان الرجوع عن الطلاق في العدة الرجعية ايقاع وليس عقدا.

كما ان الطلاق كثير من الناس يظن انه عقد، يعني اذا لم يعلن الزوجة لم يقع الطلاق، لا الطلاق ايقاع، لابد من شهود الطلاق، فكما ان الطلاق ايقاع فسخ الطلاق ايقاع وليس بعقد، فلا يتوقف لا على رضا الزوجة ولا على اعلام الزوجة ولا على توافقات من الطرفين، لم؟ لان الرجوع من الطلاق ايقاع وفسخ.

ايضا لاحظوا فسخ العقد في المعاوضات، فسخ البيع، فسخ الاجارة، وفسخ العقد ليس عقدا، فسخ العقد ايقاع، اذا كان ايقاع فلا يتوقف على التراضي ولا التوافق، ايقاع، ولا يتوقف على اعلام الطرف الآخر.

نعم دققوا اثبات الايقاع يحتاج إلى شهود، مجرد الادعاء اذا انتهت العدة مجرد الادعاء لا يكفي، ما يسمع قوله، اثباتا لا يسمع قوله، لا ثبوتا، ثبوتا لا يلزم الشهود، واحد بنيه وبين الله رجع في العدة الرجعية وان لم يسمعه احد، يقع الرجوع وفسخ الطلاق.

فبالتالي اذن في باب الايقاع الفسخ للعقود ليس عقدا ايقاع وفرق بين احكام الايقاع واحكام العقود، كما انه فرق بين الايقاع الانشائي وطيب النفس.

فهنا الشيخ الانصاري عندما يقول صور المعاطاة الاباحة في مقابل اباحة، الاباحة ماذا؟ ايقاع مقابل ايقاع، اباحة بمال ايقاع بمال، تارة مال مقابل مال، تمليك مال بمال، تارة تمليك مقابل تمليك، معاوضة مقابل معاوضة، تارة اباحة مقابل اباحة، او ايقاع مقابل ايقاع، او ايقاع مقابل مال، مفروض الشيخ الانصاري المعاوضة مقابل مال، لم يذكرها الا في الضمن، ذكرنا ان الصور ليس الاربع الذي ذكرها الشيخ ربما عشر، اقل او اكثر، الاباحة ايقاع في مقابل اباحة مثلا، او اباحة مقابل مال، فالاباحة ايقاع، هذه الاباحة التي ايقاع يمكن ان نعيد بعد الكر بعد الكرة في هذه المباحث لان العناصر الجزئية هي كلية في منظومة هذه البحث دقيقة كقطعات الصغيرة يجب ان تاخذ كل قطعة مكانها المناسب والا لا يمكن، على كل للبحث تتمات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo