< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

44/10/19

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: حقيقة دليل التقية و الاضطرار تزاحم اوليات

مر بنا ان هذه الصورة الرابعة التي هي ثلاث صور الرابعة والخامسة والسادسة من الاضطرار والاكراه و التقية هي تمسك بالقواعد الاحكام الثانوية حقيقة هذه القواعد الستة هي كما مر من القسم الثالث يعني الموضوع اولي ومحمولها ثانوي .

ربما كثير من الاخوة يتبادر الى ذهنه ان الاضطرار موضوع ثانوي وليس فقط المحمول ثانوي لان عروض وطرو اضطرار على الفعل طرو ثانوي فكيف يكون الموضوع اوليا وكذا الكلام في النسيان والاكراه والتقيه والحرج والعسر فهذه القواعد السته موضوعات ثانويه لمحمول ثانوي فكيف تدرجونها في القسم الثالث المفروض ان تدرج في القسم الرابع الذي كان موضوعه ثانوي ومحموله ثانوي ايضا والجواب سيظهر من خلال ما سياتي وعلم ان كل قاعده من القواعد الستة لها احكام خاصه بنفسها والصحيح ان هذه القواعد من القسم الثالث لا الرابع لانه بالدقه هذه الموارد الست هي تزاحم موضوعين اوليين، مثلا في الاضطرار معنى الاضطرار ان هناك حاجه اوليه للانسان في مقابل الصلاة او الصيام او اي حكم من الاحكام الاولية.

فالحاجة الاولية للانسان تضطره بان يرفع اليد عن الوجوب الاولي الى وجوب اخر اولي فبالدقه الاضطرار حاجة اولية وليست ثانوية نعم تزاحمها وتدافعها مع حكم آخر اولي ولذلك سميت الاضطرار .فبالدقة الموضوع في كليهما اولي والحاجه الاوليه.

افترض انه يبقي نفسه على الحياة او اي ضرورة اخرى من الحاجيات الاوليه فهذا اولي وذاك ايضا اولي ورعايتهما معا لا يمكن ولذلك يكون المحمول ثانوي لا ان الموضوع ثانوي مثلا في باب التزاحم بين تطهير المسجد والصلاة في اخر الوقت فان الصلاة حكم اولي وتطير المسجد ايضا حكم اولي لكن تزاحم هذين الاولين يجعل المحمول ثانويا والعلاج في التزاحم علاج ثانوي.

ومر بنا امس ان الثانوي ليس مستداما في نظر الشارع فان تسميته بالثانوي لا سيما المحمول يعني فيما يعني انه علاج طارئ يعني ان الشارع لا يريده بنحو مستدام لذلك الفقهاء عندهم ان رعايه الاهم اولى من المهم مع ان هذا تفريط في المهم وان روعي الاهم لكن فرط في المهم و تفريط المهم ليس وظيفه اوليه مستدامه وليست مطلوبه للشارع ومن ثم العلاج بالحكم الثانوي ليس علاجا دائميا وانما هو علاج مؤقت فان الجمع بين الاهم والمهم اولى من الترجيح الجمع مهما امكن اولى من الطرح كما هو الحال في التعارض كذلك الحال في التزاحم.

يقال: ان السيد ابي الحسن الاصفهاني ان في جلسه استفتاء صاحب الكفايه حسب ما قيل وكتب ودون ما يقارب 24 سنه كان عضو استفتاء المرحوم الاخوند وكانت ممارسه طويله الامد في دراسه المجتمع وتربيته على الفقه ومن ثم كان يراعي السيد ابا الحسن الاصفهاني مخارج موضوعيه بالجمع مهما امكن او لا من الطرح.

كثير من السائلين المؤمنين على شرائح مختلفه ياتي يفرض لك التزاحم وانت قبل ان تجيبه على التزاحم من اللازم ان تفحص معه في الطرق الموضوعيه حتى لا يسبب التفريط في المهم للجمع بين الاهم والمهم كذلك الحاكم السياسي او القاضي لان الترجيح في التزاحم ليس علاجا اولیا ان العلاج الاولي الصحيح هو انا لا تفرط في وصيه امير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الاشتر لما وصى له واكد عليه بالاوليات ثم يقول له اياك ان تفرط في الامور الصغيره وهل هذا تناقض في توصيات امير المؤمنين ام ماذا؟

ليس هذا تناقض بل معناه انه اجعل تركيزك على الاهم لكن بالتالي عندك طاقه في اوقات اخرى ابذلها في نظم الامور الصغيرة ولا تفرط فيها ولا يكون تركيزك على الصغائر يهملك عن الاهميات ولكن مع ذلك الاهميه لا تستوعب كل قدرتك وطاقتك بل اصرف البقيه في المهم . مثلا لو كان عندك 80% وقتك مصروف في الامور الاهم فلماذا تفرط في 20% من الوقت الباقي عن الانشغال بالامور الصغيره لانه لا موجب في تركيزك على الاوليات ان تفرط في المقدار الباقي وهذا نجاح للادارة وهذا بيان لان التزاحم ليس علاجا مستداما وانما هو علاج طارئ واضطراري و مؤقت اما العلاج التام لا ان تساوي بين الاهم والمهم في الاهتمام ان هذا لا يصيبه امير المؤمنين عليه السلام لكن اعطاء المقدار الكبير وجل الوقت للاهم والتفكير في الاهم لا يجرنا الى التفريط في المقدار الباقي من القدره ولا مانع من بذله في الصغار والا من مثل النبي صلى الله عليه واله في رعاية الاوليات لكن مع ذلك اذا جاء الى المنزل بهذا المقدار الباقي يكون خيركم لاهله ومعينا لهم فالنقطة المهمة هنا ان الترجيح في التزاحم ليس علاجا دائميا ومعنى عدم التزاحم ليس المساوي وانما توزيع الزمان والاهتمام كل بحسبه.

فهذه القواعد الستة الثانوية بالدقة موضوعها ليس ثانوي وانما محمولها ثانوي وكذلك التقيه ياتي فيها نفس الكلام كما لو كان عندنا وجوب الوضوء او وجوب الغسل وجوبات اخرى او حرمه الظلم مثلا لكن للتقية يرتكب الانسان ذلك ومعنى التقيه انك تلقي وقايه لما هو اهم لحفظ نفسك او حفظ نفوس المؤمنين او حفظ اعراضهم واموالهم وهذا حكم اولي كما ان وجوب الوضوء ايضا حكم اولي او الصلاه حكم الاولي وشرب الخمر حرمته حكم اولي يصير هناك تزاحم بين حرمه شرب الخمر وحفظ عرض المؤمنين او نفوسهم لكنه لا يستطيع ان يجمع بين الاثنين للتقيه فبدقه التقيه في كل مواردها هي تجاهم بين حكمين اوليين احدهما اهم من الاخر.

وكذلك الاكراه فانه ياتي في نفس الكلام ان لم ترتكب هذا المحرم سيكرهك هذا الظالم على ما هو اخطر من عرض او مال او نفس مؤمن هنا ايضا تزاحم بين موضوعين اوليين هذا التزاحم يعذرك في الارتكاب الى ما هو دون الاهم اوكي فيما هو محرم في سبيل ان يراعي الاهم وكذلك النسيان اذا جعلنا النسيان رافعا للتنجيز لا سيما على ما هو الصحيح عند المشهور من القدماء ان حديث الرافع او هذه القواعد الستة التي كان لكل قاعده اسماء مختلفه ما جعل عليكم في الدين من حرج ولا ضرر ولا ضرار ادله مختلفه واسماء مختلفه لشيء واحد وبالدقه هذه القواعد في الدرجه الاساسيه فانها رافعه للتنجيز والاستحقاق العقوبه للمؤاخذه وليس رافعه للحكم كما في البراءه فان في ما لا يعلمون لا يرفع الحكم وانما يرفع المؤاخذه كذلك في النسيان والاضطرار خلافا للسيد الخويي والنائيني فان المشهور يقول بانها ترفع التنجيز فانها لمرحله التنجيز في الحكم لا لمرحله الفعليه ومع ملاحظه هذه الامور لابد ان نلتفت الى ان هذه القواعد الست الثانويه انما تتصرف في التنجيز ولا انفي ان الرفع في التنجيز قد يصحح المركب الناقص بل نلتزم بذلك ولكنه بحث سنذكره في البراءه والاقل والاكثر الارتباطي وفي قاعده لا ضرر ولسنا الان في صدده يعني في حين ان هذه القواعد استثرافعه للتنجيز مع ذلك تكون مصححه للمركب الناقص.

قاعده التقيه في تولي ولايه الجائر لدينا عموم وهو انه اذا بلغت التقيه الدم فلا تقيه هناك جمله من الاعلام ومن هم السيد الخوئي خالفوا جماعه من الفقهاء منهم الشيخ الانصاري فانهم قالوا ان دليل التقيه دال على انه كل ما اوجبته التقيه سيكون جائزا الا حرمه الدم معنى ذلك ان التقيه تجوز لك عدم احترام مال الغير وعدم احترام عرض الغير والعياذ بالله سواء كان عدم احترام عرض الغير سمعة .

اذن التقيه حسب كلام الشيخ الانصاري وجماعه من الفقه الفقهاء تجوز لك ارتكاب المحرمات عدا الدم .

وفي المقابل هناك جماعة من الفقهاء قالوا ليس هذا معنى الرواية . ولذلك اذا جاء من الظالمين وكنت اخشى منه على مالي في مقابل عرض الناس من الواضح ان عرض الناس اهم من مالي سيما اذا المال متوسطا كيف يسوغ لي مالي ان اهتك عرض الاخرين ولو للتقية؟او قد يسيء الي الظالم و لسمعتي في مقابل مال خطير للناس كيف انا ارتكب اتلاف مال عظيم للناس في قبال القى سباب من الظالم ثم ماذا؟

اذن ليست التقية جائزة ما لم تبلغ الدم كما قال الشيخ وجماعه بل مرادهم هو الذي قلنا وهذا هو ارتكازهم فان التقيه عباره عن تزاحم حكمين اوليين وكذلك الاضطرار والاكراه وحينئذ كيف اقول ان التقيه تجوز كل فعل بلغ ما بلغ ما لم يكن دما كما لو دار امر التقيه بين مال يسير لديك ومال خطير لدى الطرف الاخر فان التقيه هنا لا تجوز لك وذلك لان هذا نوع تزاحم.

اذن ان المراد من التقيه جائزه ما لم تبلغ الدم ان التقيه جائزه ما لم تبلغ ما هو اهم مما تتقي عليه حتى لو كان مساويا فلماذا تصون نفسك وتحتك حرمه المال او عرض او شيء اخر من الاخرين فان هذا لا يسوغ.

اذن هذا الدليل اي التقيه جائزه ما لم تبلغ الدم فلو دار الامر بين حفظ بيضه الدين والدم اليس الفقهاء يفتون بالحرب مع الكفار اذا تترس الكفار بالمسلمين فانه يسوغ قتلهم مع انها ايضا بلغت الدم لان هنا الدين وهو الاهم من الدم والعرض والمال فاذا التوازن ليس قضيه الدم وغير الدم بل التوازن يعني التقيه جائزه ما لم تبلغ ما هو موازي او دون ما تريد ان ترتكبه اذا كان ما تريد ان تتقي عليه دون ما تريد ان ترتكبه فانه لا يجوز لك ذلك فالتقيه ليست خاصه بالدم وانما هو منبه لهذا المطلب.

اذن الصحيح في ضابطه التقيه ان توازن كما توازن بين المتزاحمين والاضطراريين هذا هو سبب النقطه التي سبقت وهو ان والتقيه والاضطرار والاكراه موضوعها اولي ومحمولها ثانوي لا ان نتمسك بحديث الرفع من باب الاطلاق الدلالي.

لاحظوا مر بنا في الفقه او الاصول قبل يوم او يومين ان الفقهاء التفتوا ان الدليل الخاص نابع من عموم فوقي او قواعد فوقيه لا يكترثون بدلاله الدليل الخاص وانما يحكمون القواعد للعمومات الفوقانيه لان هذا الدليل الخاص ليس تشريع خاص جديد بل هو تطبيق للقواعد والعمومات الفوقانيه فلا ينخدعون ولا ينغرون بدلاله الدليل الخاص عكس ما يظن بان الدليل الخاص يقدم مطلقا على الدليل العام فانهم اذا راوا الدليل الخاص منبثق من الدليل العام وانه تطبيق للدليل العام يراعون ضوابط الدليل العام لان هذا الدليل الخاص ليس متكفل لكل ضوابط الدليل العام فان الدليل العام له ادلته الوافرة وضوابطة الوافرة فمن ثم لا نتمسك باطلاق رفع القلم لماذا لانه منحدر من باب التزاحم فلا موجب لتردد في مورد من الموارد وانه هل تنطبق عليه القاعدة ام لا سيما اذا كانت عندك وظيفه في النظام الجائر او متعجرف او نظام غير مسلم فلابد ان تكون الضابطه عندك واضحه فتوازن بينما تريد ان تحفظه وتتقي عليه وبينما ترتكبه ايهما اهم ملاكا عند شارع فتصير الضابطه واضحه عندك وهناك ضوابط اخرى في هذا البحث تعرض اليها الاعلام ومن اللازم ان نتعرض اليها ان شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo