< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

44/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: ثنائية القطاع العام و الخاص في الحكم

الرواية اللاحقة

هذا السند([1] ) ظاهرا فيه سقط لان فيه عن مهران عن محمد بن ابي نصر والظاهر ان هذا غير صحيح مع ان الموجود فيه مهران بن محمد بن ابي نصر وهو غريب و مجهول مع ان ابن ابي نصر يروي عن الامام عليه السلام الصادق عليه السلام..عثمان بن عيسى من اصحاب الامام الكاظم عليه السلام ومن اصحاب الاجماعلكن مهران مجهول فالسند الى عثمان بن عيسى موثق وتام وكذا ما بعده الا هذا الراوي فانه مجهول الحال اجمالا.

عن أبي عبد الله(عليه السلام)قال سمعته يقول: مَا مِنْ جَبَّارٍ إِلَّا وَ مَعَهُ مُؤْمِنٌ، يَدْفَعُ اللهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِهِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ، وَ هُوَ أَقَلُّهُمْ حَظّاً فِي الْآخِرَةِ، يَعْنِي أَقَلَّ الْمُؤْمِنِينَ حَظّاً بِصُحْبَةِ الْجَبَّارِ.

وذلك لان دوره مجرد الدفع عن المؤمنين وهذه الروايات تلقائيا تدخلنا في المسالة اللاحقة اي تولي ولاية الجور وقد دمجنا بين المسالتين اضطرارا لانها ذكرت الترابط بينهما اي مسالة معونة الظالمين و مسالة تولي ولاية الجائر وليس مجرد التولي بل الصور التي مرت هناك في المسالة الاولى ما هو محرم فالذي يستثنى ليس خصوص الولاية بل يشمل حتى الوظيفة العادية فانها محرمة في نظام الجور وانما تستثنى بالاستثناءات؛

نعم ابرز مواردها الولاية وابرز مصاديق المسألتين والا لا تنحصر المسألة بخصوص الولاية او وزير بل تشمل حتى المؤظف و المستشار و.. فان الوظيفة -ولو كانت عادية- في نظام الجور او نظام غير شرعي يحتاج الى ترخيص من الشارع لان اصل القطاع العام ولايته بيد الامام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه ولما نقول ان ولايته في القطاع العام بيد الامام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه لا نعني انه في رأس القمة فقط بل كل زاوية من نظام العام بيد الامام صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه فالاقتحام في القطاع العام يحتاج الى ترخيص لا العكس. و هذا تقريب آخر للدخول في نظام الجور.

لان القاعدة الاولية في التعامل مع انظمة الجور الحرمة لان كلامنا ليس في الشيء المحلل في نفسه. تتذكرون في البحث السابق في التعامل السياسي او الاداري هناك ثلاثة ابعاد مهمة يجب ان نفكك بين بعضها البعض. البعد الاول هو الفعل في نفسه البعد الثاني موضوع الفعل و بييته البعد الثالث التصدي و فاعلية الفاعل فحلية الفعل في نفسه و حلية البيئة في نفسها هل يسوغ حلية التصدي؟

لا. لا يستلزم . ولذا قلنا حتى لو كان وزير صحة لا يستلزم حلية شغله صحيح انه يخدم الناس لكن هذه الوزارة كفعل و كبيئة محللة لكن اذا ارتكب حرمة فتتضاعف بتعبير السيد الخويي وذلك من جهة تصديه وجهة حرمة من جهة الفعل. فارتكب ثلاث محرمات كبيرة.

فوزير الصحة فان نفس الفعل وان كان خدميا كما لو كان المدير خدميا لكن الكلام في ان حلية الفعل في نفسه شيء وموضوع الفعل شيء ولكن تصدي الفعل شيء آخر. ولا يتوهم ان التصدي للفعل يختص بالوزراء و نوابهم و المدراء بل يشمل حتى الوظيفة العادية فان ادنى وظيفة في القطاع العام تصدي للنظام فمن دون اذن من له الولاية اي المعصوم عليه السلام لا يسوغ . فان القطاع العام غير القطاع الخاص فلا نظنن في بحث التقرير القاعدة الاولية ان الاصل و المراد من تولي ولاية الجائر يعني رأس الهرم. بل يشمل ادنى من ذلك . كما ورد عنهم عليهم السلام من لاق لهم دواة ومن خاط لهم خيطا من وكى لهم وكاء و من عقد لهم عقدة.. لان كل هذا يرتبط بالنظام في القطاع العام . فان ولاية العام بكل ولايته و تدبيره و بحذافيره و برمته للامام عليه السلام فانت حتى لو كنت مؤظفا في ادنى الوضائف للنظام وتريد ان تقتحمه بأي مسوغ تقتحمه؟ ولم ياذن لك صاحبه. فان الاذن الحقيقي هو من صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه .

ولذا لا يعشعش في اذهاننا ان المراد من المتصدي ان اعوان الظلمة يحتاج في تصديهم الى الاذن كالوزير العام و المدير المتوسط وانه لا يشمل غيرهم و يتعاطى مع غيرهم كأنه خارج النظام هذا توهم باطل بل هو داخل النظام و سجل اسمه في ديوان فلان يعني هو ضمن القطاع العام انت دخولك في القطاع العام ولو في ادنى وظيفة فمن جهة التصدي يحتاج الى الاذن منهم عليهم السلام مع كون الفعل و بيئته يلزم ان تكون من الحلال.

كالخياط الرسمي الذي يخيط ملابسهم الخاصة فان الفقهاء عدوه من القطاع العام لا الخاص. لانه له ربط بالدولة فكل قطاع العام ملك للامام عليه السلام فاذا اردت ان تدخل فيه فقد دخلت في منطقة محرمة لابد من اذن منه.. وقد مر ان تفكيك الانظمة المقدار الضروري يحتاج ان يستاذن من الامام عليه السلام . كما مر ان قاعدة الحسبة بنمط الجمهور غير قاعدة الحسبة بنمط فقه الامامي وان كان كثير من علماء الامامية صاغوا قاعدة الحسبة بنفس صياغة فقه العامة وهذا خطأ. لانه لا يكفينا اثبات حلية الفعل او اثبات حلية موضوع الفعل بل يجب ان تثبا حلية التصدي فان التصدي ولاية وهي شعب حتى لادنى مؤظف حتى منظف الشوارع اذا كان في القطاع العام يحاسب. فانها نقطة توقف.

نحن في القطاع الخاص تكلمنا فيه فكيف بك في القطاع العام. لان قوله عليه السلام سجل اسمه يعني في القطاع العام ولا نتخيل ان في القطاع العام ان المحرم لدى الاعلام خصوص قمة الهرم او ما يقرب من وسط الهرم. بل الحرمة تشمل بدايات عتبة القطاع العام . نعم لو كان قطاع خاص هذا بحثه سياتي فانه يتعاقد في الفعل اليسير من الحلل . لكن في القطاع العام هذا بحث آخر. فلا نخلط بين هذه الامور. ولذلك ورد ان الائمة عليهم السلام لا يأذنون لادنى مؤظف في القطاع العام ان يتولى وظيفة حتى لو كانت يسيرة حتى المنظف للشوارع الا ان يخدم المؤمنين و يكون ذلك همه الاول فيزيل عنهم كرباتهم وهذا شرط لابد منه والا يكون دخولهم موجب لادراجك في اعوان الظلمة .

كما في ذهاب الثلثين للعصير العنبي فان قبل الذهاب الثلثين خمر و المحلل له ذهاب الثلثين وهل الذهاب من باب التخصص او التخصيص او التزاحم محل كلام، كذلك الدخول في القطاع العام غصب انت بتولي الوظيفة ولو كانت يسيرة حرمة وانما اذن الائمة بشرط ان تخدم المؤمنين. وان تزيل عنهم العقبات و لا عليك من الامر.

انت لازم عليك ان تخدم المؤمنين و تزيل عنهم العقبات والا انت اقتحمت القطاع العام من غير رضى من الائمة عليهم السلام وعاونت على مشروع ضدهم وهذه الضابطة متواترة في الروايات وعند فتاوى الاعلام وليست بقضية سهلة فالدخول في القطاع العام مشروط بهذا الشرط و هذا الشرط واداءه له ثلاث صور تارة قصده الدنيا فياتي بحث التزاحم او العلاج وتارة قصدك ان تخدم خالصا المؤمنين هذا تخصيص و تارة قصدك مشروع اهل البيت عليهم السلام كحكومة واقامة حكم فهذا تخصص وهذا اعلاها فحتى هذا الشرط اي الجايز ذو مراتب ثلاثة اما غير الجايز فلا كلام. كما لو لم تكن فكرته خدمة المؤمنين وانما فكرته ان ينضبط مع النظام في القطاع العام . مع ان الآذن لم يأذن له حتى القاضي فلابد ان ينفع المؤمنين، لا انه يغشهم بل يقضي حوائجهم على حسب الموازين و لا يزاول القوانين المتعجرفة على المؤمنين. وهذا شرط من الائمة عليهم السلام في الدخول في القطاع العام .

نعم قد يعبر الفقهاء في كلماتهم بالكنايات لاجل الظروف الصعبة الموجودة آنذاك. والا فان هذا شرط.

فموضوع الحرمة ليس هو القطاع العام بل يشمل حتى القطاع الخاص. كما مر فان حرمة معونة الظالمين ليس كلامنا في القطاع العام ثم ان القطاع العام في كل درجاته وايضا القطاع الخاص له درجات و الكلام في الاستثناء في الحلية من كلا المقامين و من كلتا درجات المسارين وهي على ثلاث درجات او اربع مسارات وقلنا اما خدمة مشوبة وهي التزاحم او العلاج واما خدمة محضة للمؤمنين وهو التخصيص او الامر بالمعروف و اقامة الدولة الصحيحة وهذا تخصص.

وهناك قسم رابع: وهو الاكراه والاضطرار و سياتي ضابطته وبين الاعلام معركة آراء .

لكن هذه المسارات الأربع هي استثناء من كلا القطاعين القطاع الخاص في الحرمة اذا قررت الحرمة او من القطاع العام. و تشدد الائمة عليهم السلام سيما في القطاع العام بكثير وشديد و يجب ان تقرأ و تحرر . نعم في القطاع الخاص وان لم يكن من القطاع العام رسميا الا انه اكثر دعامة من النظام من القطاع العام وهذا من اعجاز التشريع فانه لم يحصر الحرمة في القطاع العام بل عممها للقطاع الخاص وهذا لم يكن منقحا في العلوم السياسية الان تبين ان السلطة لا تنحصر في الهياكل الرسمية فاذا اعطاك الله نفوذ فتكون صاحب سلطة اجتماعية ويوم القيامة تسأل عنها انه كيف استثمرتها ولو لم تكن رسمية . كما ورد ان زكاة الوجاهة خدمة المؤمنين و قضاء حوائجهم . فان الوجاهة ايضا نوع من النفوذ و نوع من السلطة وهذه السلطة يحاسب عليها الشارع اذا وظفها الانسان لنظام الجور .

انت صاحب نفوذ ديني او نفوذ علمي او اعلامي وان لم تكن لك سلطة رسمية وهذا مما يدل على ان الشارع اعجازه انه لا ينظر الى الامور الرسمية للعقلاء بل ينظر الى سعة الواقع فان كل ذي سلطة يحاسب يوم القيامة عما سلط عليه ولو كانت سلطة عرفية غير رسمية .

ورد ان من تولى عرافة قوم([2] )و لم يعدل حشره الله يوم القيامة مع فرعون و .. و كذا لو كان رئيس عشيرة او رئيس قبيلة......

فحتى القطاع الخاص الذي هو ليس رسميا حرمته اشد من القطاع العام اذا صدق عليه انه من اعوانهم و انه داعم للنظام وان كان صوريا خارج النظام والا فهو من دعائم النظام .

الامام زين العابدين عليه السلام في رسالته - ازيد من سائر الايمة عليهم السلام كان تحت الضغط- وهو موجودة في تحف العقول يوجهها الى احد فقهاء العامة -وهناك كلام هل هي الى محمد بن مسلم الزاهري او انها لقبيصة والكثير يرجحون قبيصة -يقول له الامام عليه السلام ان شرعنة الامام الاموي من عندك وان لم تكن موقعية رسمية ولكنك تضفي بالشرعية للدولة بفتاواك. و لمواقفك التشريعية .

صحيح انك مفتي البلاد لكن بموقعيتك غير الرسمية اشد دعامة للنظام من اركان النظام لان لك نفوذ فكل ذي سلطة اذا جير سلطته غير الرسمية لدعم الجائرين فهو مسؤول عنها يوم القيامة .

بل كما مر بنا التقية ايضا لها مسؤلية يعني احد بنود التقية -التي لم يبحثها الاعلام والمفروض ان تبعث-هو علاج التقية فانها وان كانت واجبة الا ان لها علاج فاذا لم يعالجها كأنما تعاملت مع دواء من دون ان تأخذ مصلحها فيتناول موادا بعد الدواء لتفادي سموم الدواء وهذه التقية واجبة ولكن يصير فيها تفريط بالمهم او تفريط بكثير من الاشياء المهمة فلابد ان تعالج بحث معالجة التقية احدى المحاور المهمة التي يجب ان تبحث في باب التقية و قلنا ان هناك ثلاثة اركان غفلها المشهور في بحث تدوينهم لبحث الفقه. وهي مرتكزة عندهم في ابواب اخرى لكن المفروض ان تجمع في باب واحد منها هذا البند وهو معالج التقية للتوازن فان للتقية سلبيات .. كما في قوله تعالى واخر متشابهات. فان نفس المتشابه يسبب زيغا وفتنة. فاذا لم تاخذ القرآن مع مصلحه يسبب الزيغ والفتنة وكذا التقية فانها فتنة .

لولا وجود فاطمة عليها السلام لانطمى الامر حتى على زبير وحتى على الحواريين وان امير المؤمنين عليه السلام موافق معهم لكن دور السيدة الزهراء عليها السلام كشف ان الامر ليس كذلك.

نعم مسار السيدة الزهراء عليها السلام طريق ذي الشوكة وهو طريق لا يحبه الكثير كما ان طريق الحسين عليه السلام ايضا ذي الشوكة و تاكيد الائمة عليهم السلام لزيارة الحسين عليه السلام لاجل ان يبينوا انه لا تكرهوا طريق ذي الشوكة . كتب عليكم القتال وهو كره لكم وليس معنى القتال قطع الرؤوس و الاماتة وازهاق الارواح بل القتال استخدام ورقة الضغط العسكري فاذا استجاب الطرف الاخر فبها وان لم يستجب فهذا بحث آخر.

فالتقية صحيح انها علاج الا ان فيها سموم يجب ان تعالج واذا لم تعالج فهذا خطأ. وهذا محور مهم في التقية .

محور آخر في التقية زيارة الامام الهادي عليه السلام يقول التقية يجب ان تكون موقع قوة وموقع نشاط و من موقع مثابرة ومن موقع شجاعة لا من موقع جبن مع انك لم تهور بل صامت لكن في صمته قوي ونشاط. هذا محور آخر ضروري في التقية . وهناك محور ثالث نؤجله الى وقت آخر.


[1] وَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى عَنْ مِهْرَانَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ...
[2] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج15، ص353، أبواب جهاد النفس وما يناسبه، باب50، ح14، ط آل البيت. مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ وَاقِدٍ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ عَنِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ عَنِ النَّبِيِّ ص فِي حَدِيثِ الْمَنَاهِي قَالَ: أَلَا وَ مَنْ تَوَلَّى عِرَافَةَ قَوْمٍ أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ و َ يَدَاهُ مَغْلُولَتَانِ إِلَى عُنُقِهِ فَإِنْ قَامَ فِيهِمْ بِأَمْرِ اللَّهِ أَطْلَقَهُ اللَّهُ وَ إِنْ كَانَ ظَالِماً هُوِيَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ. تحريم طلب الرئاسة مع عدم الوثوق بالعدل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo