< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

44/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فلسفة التشريع الديني في الاحكام و البيئات

كان الكلام في التسائل الذي طرحناه بناءا على ان الدولة الوضعية ليست دولة شرعية فلم يكون القرض الربوي حراما اي الشرط الربوي حرام التعاقد معه؟ سواء بناء على ان الدولة تملك ام بناء على انها مجهول المالك بل بناءا على مجهول المالك يكون اوضح لانه يصير كالعقد الفضولي لان هذا مجهول المالك وله مالك آخر فلم يكون العقد حراما؟ و نحن في هذه الزاوية اي زاوية الفضولي فاذا كان فضوليا لماذا يكون حراما؟

اجبنا عليه امس بأن المستظهر من الادلة في الحرمة ان العقد الاقتضائي بارادة جدية حرم، ولو يعلم المتعاقدان انه هذا ليس بعقد صحيح بالفعل مثل القمارفانه محرم تكليفا بحرمة غليضة مع ان المتغامرين او المتغامرون يعلمون ان الشارع لا يصحح هذا العقد بالفعل فاذن اي عقد من القمار حرمه الشارع؟ العقد الصحيح ام العقد الباطل الفرض انه ليس بصحيح عند الشارع حتى عند ربما العرف ليس بصحيح انه صحيح عند المتعاقدين هذا الامر سبق ان تعرضنا له عدة مرات في المكاسب المحرمة و ان ادلة الامضاء للمعاملات او ادلة النهي عن المعاملات ما هو موضوعها؟ اذا كان احل الله البيع اي البيع الشرعي فانه تحصيل حاصل.

حرم الربا هل المراد الربا الصحيح يحرمه الشارع؟ فهذا تناقض.

فما هو موضوع الامضاء ؟ الامضاء يعني ادلة الصحة . لانه عندنا في المعاملات الامضاء اي ادلة الصحة و عندنا ادلة اللزوم فان اللزوم اصطلاحا لا يعبر عنه بالامضاء بل يصطلحون على ادلة الامضاء انها ادلة الصحة فانها تسمى امضاء اما ادلة اللزوم ادلة متاخر رتبة وليس زمانا عن ادلة الصحة سواء في العقود او الايقاعات هذا من ابجديات ناموس المعاملات فانه عندنا مرتبة الصحة ثم بعدها مرتبة اللزوم حكمان وضعيان و ليس تكليفيين نعم يترتب عليهما آثار تكليفية من الوجوب و ..

المهم تشخيص ما هو موضوع ادلة اللزوم الشرعي؟ اوتشخيص ما هو موضوع ادلة الصحة الشرعية ؟ هذا بحث مهم. كثير من الاكابر قد يغفل و تختلط عنده النتائج و يطعن عليه من قبل اكابر آخرين فلابد من التدقيق في هذه الضابطة الصناعية ما هي ادلة الصحة الشرعية؟

المعروف نذكره من باب الفتوى العلمية من قبل فتاوى الاعلام ان وضوع ادلة الصحة الشرعية العقد الصحيح عقلائئا عرفا. هذا هو المعروف ومعروف عندالاعلام كفتوى علمية ان ادلة اللزوم الشرعي هو اللازم او الصحيح شرعا هذا هو المعروف .

في جانب النهي حرم الميسر و حرم الربا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل في جانب الحرمة- التكليفية الوضعية في المعاملات اوفي الايقاعات – موضوع الحرمة الشرعية هو الصحيح الشرعا يصير تناقض كيف يصحح الشارع و ينهى عنه .

ابو حنبفة قال موضوع الحرمة و الصحة شرعي. نقله عنه صاحب الكفاية في مبحث ان النهي يقتضى الفساد بل قال ا لحرمة تقتضي الصحة الشرعية .

ايا ما كان فقالوا اذا كان يحرم الشارع ما هو الصحيح شرعا فهذا تناقض اذن الشارع يحرم اي شيء؟اذا كان ليس بصحيح شرعا فلم يحرمه فانه غير صحيح. هكذا استظهر ابو حنيفة. فقال اذا كان صحيحا فلم يحرمه؟ بل اذا اراد ان يحرمه كأنما يحرم غير مقدور لانه غير موجود واذا كان غير موجود فهو غير مقدور فكيف يحرمه؟ فلابد عندما يحرمه و ينهانا عنه لابد ان يكون صحيحا موجودا بغض النظر عن كلام ابي حنيفة و انه سديد ام لا . لكن هذه الجدلية موجودة وان الحرمة هل هي لما هو صحيح عند الشارع فهو تناقضفلماذا يحرمه و اما اذا غير صحيح فانه غير موجود فلماذا يحرمه الشارع فهو تحصيل حاصل فانه يحرمه حتى لا يكون صحيحا ولا يوجد مع انه ليس بموجود .

لماذا اطرح هذه الجدلية من كلا الطرفين بشكل متعاكس؟ لكي نبين بالدقة الصناعية ان موضوع الحرمة ما هو؟ وما الفائدة في تحديد ادلة الحرمة هذا مبحث تعرضنا اليه لكن يقينا تبخر لانه بحث غير سهل عند الاعلام فلابد ان يتشبع به كثيرا. اذن موضوع الحرمة ليس فقط مبحث فقهي صناعي روتيني وانما له ثمرات كثيرة لان النهي ما هو؟ النهي الشرعي ﴿حَرَّمَ الرِّبا﴾[1] . ﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِه﴾[2] .. ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُون﴾[3] . انظر الى التهديدات.

العالم الان ابتلي بأزمة اقتصادية اعلنت بها من سنة 2008 والا هي كانت قبلها اعلن عنها رسميا ازمة عاصمفة سونامي لا يستطيعون السيطرة عليها و لا يستطيعون التنبأ اتجاه هذا الاعصاف الى اين.

بعد كل فترة يرون ان هذا الاضطراب الاقتصادي يهب باقتصاد دول او شركات أخرى ولا يعلمون من اين رغم ان هذا الاقتصاد اليومي الكتروني حاسوبي ولكن هذا لم يحلل عقد الاقتصادية فانها تقصم الظهور كما تصنع العاصفة بالعمران بالضبط هذه العاصفة الاقتصادية تقصم اقتصاد دول هي قانونية و فروعونية وقالوا لا يهلكنا الا الدهر لكن للاسف ليست هناك متابعة من النخب الاسلامية اصلا . الظاهرة البشرية التي الان قرابة ستة عشر سنة و الذي خضع و ركع فيها ائمة رواد الاقتصاد انه كله بسبب المحرمات في دين الله و بالذات يذكرون سيد الرسل صلى الله عليه واله.

على كل هذه الظاهرة و تصريحاتهم لم تجمع و لن تجمع و الهمة ضعيفة عند المسلمين و عند المؤمنين و بالعكس العماية عند كثير من النخب التي تكون عندهم لكن هي معجزة من معاجز النبي في هذا العصر .

الحرمة لما يحرم الشارع القمار او الميسر و الخنزير فاما ان يحرم في البعد الاول البيئة و اما ان يحرم في البعد الثاني الموضوع او يحرم في البعد الثالث المتعاقدان بالتالي سر هذه التحريمات ما هي.؟ السر بهذا المعنى بأن موضوع التحريم ما هو؟ التحريم يستهدف الوقوف امام من ؟ فهل يقف امام العرف الشرعي ؟ اذا عرف شرعي كيف يقف امام الشرع فان المفروض انه شرعي ؟ الشرعي يعني عند الشارع اي الصحة الشرعية. او يريد ان يقف امام العرف العقلائي او يريد ان يقف امام الاعراف الشاذة عن العقلاء اي السوق السوداء و يعبر عنها قانونيا خارجية عن القانون. هذه الاعراف الغش و الاحتيال و الاعراف الظلامية حتى العرف لم يقرها ومع ذلك...

هنا الحرمة ما هو موضوعها؟ جملة المحرمات موضوعها لابد ان الشارع رأى بناء لكل العقلاء او لبعضهم بناء و رافد و حركة اجتماعية اقتصادية فاسدة و يعلم ان الشارع انها لا تتبنى الشرع لكن تتبنى هذه الماهية وهي اذا تفشت و انتشرت تسبب الزعزعة في الامن المالي او الامن الغذائي او الامن الاسري زعزعة في الاقتصاد فيقف امامها الشارع اذن من الواضح ان تحريم الشارع مغزاه و غايته هو موضوع بعبارة اخرى موضوع يعني غايته موضوعا يقف امام بناء عقلائي او لبعض اعراف العقلاء الفاسدة لا نظن ان الشارع في تشريعاته المعاملية لا صلة له و لا ربط له بالاعراف العقلائية الفاسدة ولا يتدخل كيف لا يتدخل؟

هذه عبارة ( ان الدين لا يتدخل في السياسة) نفس العبارة الدين لا يتدخل في الامور الاعراف البشرية كيف لا يتدخل ؟ وهل الدين جاء ليتفرج؟ لكم دينكم و لي دين من اراد ان يتبعني فليتبعني و من اراد ان لا يتبعني فهو باختياره . اذن دور الدين على هذا ما هو؟ الدين يتدخل كيف لا يتدخل .

نعم لا نمزج بين الحاكم الديني و بين الحكم الدينية كما مر بنا فان الحكم الديني شيء و الحاكم الديني شيء آخر فان الكثير يخلط بينهما والا الحكم الديني المسؤل عنه ليس العالم او المعصوم او من دونه بل المسؤل عنه كل الامة لان لها حق الرقابة و المشاركة كلكم راع و كلكم مسؤل فالكل مسؤل نعم درجات المسؤلية و آليات المسؤلية و كيفيات المسؤلية تختلف لا ان يخاطب واحد للمجتمع بانه لا صلة لك. كيف لا صلة لك ؟ بل له صلة لكن موقعية الصلة تختلف .

فالدين لم يات لكي يقول ان الاعراف العقلائية الفاسدة سواء في البيع او اعراف الاقتصاد او في المال او في الاسرة او في المقاربة الجنسية او اي بيئة من البيئات انه لا صلة لي بكم بل بالعكس اتى ليصلح الاعراف البشرية الفاسدة ﴿و َ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتي‌ كانَتْ عَلَيْهِمْ﴾[4] . سواء في بيئتها السياسية او الاقتصادية او الاخلاقية.

فموضوع ادلة الحرمة هو موضوع العرفي سواء عرف فاسد محدود او عرف فاسد منتشر عند العقلاء و ليس بالضروري ان يتبنوا كل العقلاء بل حتى لو تبنى بعضعن بل حتى لو تبنى شاذ من العقلاء فان الشارع حتى هذا الشاذ يريد ان يقف لاصلاحها اذن موضوع ادلة الحرمة في المعاملات من العقود و الايقاعات على عكس ما يدعيه ابو حنيفة فان الشارع تشدد في الطلاق يقف امام الطلاق الفاسد لانه يزعزع الاسرة الان حتى كثير من المراكز الدينية الفتوائية عند لمذاهب الاربعة اقرت بأن نظام الموجود عند الجعفرية يحفظ الاسرة و لا يصدعها لان الاسرة تمر بغضب من الطرفين و اطوار معقدة غضبية اذا اراد ان يرتب عليها اثر فتهدم الاسرة بخلاف الفقه الجعفري . اذن هناك اعراف فاسدة في الايقاعات و في المعاملات و في باب الارث و ابواب كثيرة الشارع يتعرض لها. وكذا في نظام القضاء و الحدود حتى نظام العقوبات .

جملة من اساتذة جامعيين صار اجتماع بينهم في الصيف قالوا ان البشر لو يوكل اليه نظام العقوبة الجنائية افضل من ان يوكل الى القرآن الكريم . فقلت لهم اذا تبين هناك فشل في العقوبات الجنائية التي وضعها البشر قالوا فنغيره قلت لهم جيد يثرم البصل على البشرية و هلم جرا ، الان نفس المجتمعات الراسمالية هي بين و فترة اخرى لا تثبت على قوانينها فترى عدم الثبات فيها .

على كل ابواب الدين ابواب مترابطة بعضها ببعض

اذن الدين يعنيه سواء في الغيبة الكبرى او الصغرى حتى في زمن الائمة وهم لم يكونوا مبسوطي اليد لماذا يتدخل الائمة في الدولة السقيفية او الدولة الاموية او .. لان اصل الدولة ميراث سيد الانبياء هم تغلبوا عليها هذا بحث آخر لكن اصل النظام نظام الاسلام و المسلمين ارث رسول الله تركة رسول الله فلم يتركها الائمة بقدر ما كان لامير المؤمنين من وسع يقف امام اخطاء القضائية او السياسية او الاقتصادية او التشريعية و ليس فقط امير المؤمنين بل الامام الحسن و الامام الحسين ايضا كذلك فضلا عن الصديقة فاطمة فان موقفها واضح او الامام السجاد و الامام الصادق بل كثيرا ما هم يباشرون لاقامة الحدود مع انهم ليسوا مبسوطي اليد باصرا ر و بتشديد و تاكيد مما يدلل ان الدين اتي لكي يقام لا انه لكي يجمد سواء كان ولي الشرعي مبسوط اليد او غير مبسوط اليد اقصي بسبب الظالمين . فمما يدلل على ان موضوع الادلة في ابواب عديدة ليس في المعاملات فقط بل في الاحكام اي القضاء و العقوبات – او باب الايقاعات موضوعها نفس البيئة العقلائية لا بيئة اخرى سواء بيئة منتشرة فاسدة او بيئة شاذة للمتعاقدين .

اذا اتضح ذلك فمن الواضح اذن ان الشارع ايضا يحرم الربا حتى في البيئة الفاسدة . هذا تمام الكلام في تفسير فتوى السيد الخويي ره.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo