< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

44/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة الحسبة والبعد الثالث في الفقه السياسي

الكلام في قاعدة الحسبة و مناسبة التعرض لهذه القاعدة في المقام ان البحث في المقام بالدقة يعني في التعامل المالي للدول الوضعية الكثير ربما يتداعى في ذهنه ان البحث لذوي الدول الوضعية وان الدولة تملك ام لا تملك وهل المال الذي بحوزة الدولة مال مجهول المالك او مال غير مجهول المالك ربما الكثير يظن ان البحث في البعد الاول وهو نفس مالهية المعاملة واجدةللشرائط ام لا؟

من قال بمجهول المالك او ما شابه ذلك لم يقصد البحث في ماهية المعاملة مع الدولة لان كون ماهية المعاملة لابد ان تكون في نفسها صحيحة هذا مفروغ منه فلابد ان لا تكون ربوية ولا نهبا و لا غصبا و لا قمارا و لا غسيل اموال و هلم جرا. ان لا تكون الات محرمة او الات موسيقا او آلات مما ردع عنها الشارع مما يروج الفساد في المجتمعات البشرية هذا مفروغ منه . الكلام في ملكية الدولة الوضعية و عدم ملكيتها ليس في البعد الاول و لا البعد الثاني بل الكلام منحصر في البعد الثالث و ان المتصدي الدول الوضعية غير مأذون فيه بعد الفراغ عن الصحة في البعد الاول و البعد الثاني ياتي الكلام في البعد الثالث .و بحث الاعلام في البعد الثالث و ليس في البعد الاول او الثاني بالدقة.

البعض يتوهم: ان البحث في ملكية الدول الوضعية و الدول الوضعية هو ان العنوان يملك ام لا يملك ايضا البحث ليس في هذا . كون العنوان هذا من بديهيات ابواب الفقه و ابواب القانون العقلائي ليس الكلام في هذا بل الكلام في البعد الثالث في مأذونية الولي الشرعي باعتبار ان الولي الشرعي هو الامام صاحب العصر و الزمان في زماننا فلابد من اصدار الاذن كدليل ظاهري من الائمة عليهم السلام باعتبار اذن الامام صاحب الزمان في التصرفات بالشأن العام اذن البحث منحصر في التعامل المالي او التعامل غير المالي من خارج الدولة او من داخل الدولة الوضعية منحصر في الجهة الثالثة.

قاعدة الحسبة تريد ان تبين أن بعض الافعال في الشأن العام لابد منها من جهة البعد الاول و البعد الثاني مثل وجود الايتام و وجود القصر فان وجودهما يحتاج الى رعاة و قيمين . ولابد من ذلك، اذن القيمومة على القصر و الايتام امر لابد منه و لا يمكن ان يعطل والا كيف تجري حياة الايتام و القصر فحينئذ من جهة قاعدة الحسبة من اقامة امور و شروط اليتامى و القصر و بتعبير الاية الكريمة في سورة البقرة ﴿وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى‌ قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَ إِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزيزٌ حَكيم﴾[1] .

﴿الْمُصْلِحِ﴾: يعني اصراح امرهم امر ضروري .

﴿وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ﴾ : اي لأوجب عليكم الزاما .

صحيح ان رعاية الايتام امر خيري لكن هذا لا يمكن ان يلقى على الارض لابد من يتكفل به فان لو شاء الله لاعنتكم يحكي عن ضرورة هذا الفعل بغض النظر عن الفاعل.

﴿وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ﴾: هذه ادارة .

اللطيف في منطق اهل البيت عليهم السلام في الروايات يمكن ان يدعى انها متواترة معنى وهو ان غالب الامة قاصر عن ان تدير المجتمع شبيه هذا التعبير ﴿وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ في‌ سَبيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصيرا﴾[2] .

.. و في آية أخرى ﴿إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ لا يَسْتَطيعُونَ حيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبيلا﴾[3]

قوله: ﴿لا يَسْتَطيعُونَ حيلَةً﴾. يعني قصر فتشير الاية ان جملة غفيرة من الامة لا حول لهم ولا قوة وهؤلاء في منطق اهل البيت عليهم السلام يعتبرون يتمامى في منطقهم عليهم السلام هذا يتم ولذالك الرعية بلا راعي في منطقهم عليهم السلام يتم و حينئذ تندرج كل احكام و قوانين اليتم فيها بحسب بيانات اهل البيت عليهم السلام وهذا من بديع التشريع في مدرسة اهل البيت عليهم السلام .

فالمقصود انه اذا كانت حاجة اليتيم هي الحاجة الضرورية فحاجة الامة التي لا حول لها ولاقوة وضرورة ادارتها اعظم من اليتامى و الصغار و المجانين و غيرهم و هذاهو الذي يشير اليه الامام امير المؤمنين عليه السلام بانه لابد للناس من أمير .

الان اذا لم ينبرِ جماعة من المؤمنين على حمل السلام – سواء بشكل منظم او منفردين- لكن اذا كان جميع المؤمنين ورديين اي ناعمين – و الورديين و الورديات و الناعمين و الناعمات- فاذا هجم العدو بمخالب مسلحة من الذي يقف امامه؟ فالجانب الخشن لابد من و الجانب الناعم ايضا لابد منه و الجانب المالي و الجانب الامني اي الخافايا و السواهي و الدواهي لابد منه و معنى ذلك حراس الثغور الخفية اذا كان كل المجتمع في بلهمية نائمون و داهمون وليس هناك من حارس اي الحارس الامني وليس الحارس على الحدود الجغرافية فقط حارس امني على الثغور التي ينام المجتمع عنها لان تسلل العدو بشكل خفي غير قضية العسكر بل اذا كان الكل في سبات فان ساعات النوم ليس المقصود ساعات ليلية بل ساعات التي يتسلل من خلالها العدو فاذا هذا الكل لا يقوم بهذا الثغر الكل على الاسلام السلام فان شخصية ام هاني بنت ابي طالب شخصية فريدة عجيبة اخت امير الؤمنين و بكلمة مختصرة -حاصل ورشة عمل لبعض الخوة من جمع الروايات وان لم نجمعها و لم نبوبها و لم ننقحها و لم تحن الفرصة في التواصل معهم - هي وزيرة الاستخبارات و المخابرات في دولة الرسول وزيرة امن و في دولة امير المؤمنين وفي دورة الامام الحسن و الحسين و لولاها لما استطاع المختار ان ينجح مشروعه من العجيب انها بقت حتى زمان المختار و اعتمد عليها سيد الشهداء في ملحمة كربلاء و كل عملها بلا ضجيج و لا اي اعلام امرأة عجيبة و عظيمة جدا و بحق ان يقال لها وزيرة امن و وزيرة الاستخبارات لاربع معصومين او خمسة .

المقصود ان هذا ثغر من الثغور لا يمكن ان يعطل لا في زمن الغيبة الكبرى و لا الصغرى و لا الحضور و لا الظهور و لا كان الائمة في زمن اقصائهم عن الدولة هذه الثغور تركوها . هذا الكلام وهو ان الان -في زمن الغيبة الكبرى- صاحب العصر و الزمان هو اللولب الذي يدير الامور ام لا ؟ بنفسه يطرح على حياة سيد الانبياء هل كان سيد الانبياء متقوقع في مكة المكرمة او متقوقع في الحجاز؟ هذا اشتباه بل الدور العلني لسيد الرسل هو هكذا كان اما الدور غير العلني ابدا.

اذا جعله الله حجة على كل البشر في الكرة الارضية كيف لم يكن عنده تواصل و ادارة مع انه ورد اوطألت له مشارق الارض و مغاربها وهذا لم يرد في رواية او زيارة فقط بل ورد في كثير من الروايات عند الفريقين لان الرسول صلى الله عليه واله دولته الظاهرة كانت في المدينة المنورة لا في مكة ثم حتى حكومته الظاهرة سواء في مكة او مدينة هل هي متقوقعة في الحجاز؟

فكيف هو حجة على العالمين اذا لم يكن يتواصل معهم هذه الدولة الخفية ليست مخصوصة بصاحب العصر و الزمان في زماننا في الغيبة الكبرى بل هذا بالادلة اليقينية لرسول الله و مارسها و ثابتة لامير المؤمنين فان التعبير بأن امير المؤمنين جليس البيت ليس بتعبير صحيح بل هو باطل عاطل نعم اقصوا امير المؤمنين لكن من قال انه يقصى ابدا؛ كذالك الامام الحسن و الحسين والا لماذا اغتال معاوية الامام الحسن كل المؤشراتتشير ان الوضع سينقلب على معاوية حتى في الظاهر بسبب الادارة الخفية للامام الحسن و كذا الامام الحسين و الامام السجاد و كل الائمة ا يضا هكذا فالدولة الخفية لا يختص بها صاحب الزمان من لم يفهم الدولة الخفية لاربعة عشر معصوم لا يفهم الدورة الخفية لصاحب العصر و الزمان طيلة الف و مأة او مأتين سنة .

فالمهم نرجع الى ان اليتم عند اهل البيت و القصور في البشر و غالب شرايح المجتمع البشري لا حول ولا قوة لهم تصريح مسؤلين كبار الذين عندهم حرية في الدول الرأسمالية الان طبول الحرب المدمرة الشعوب صودرت ارادتها من الحكام و هذا نص التبير الذي عبر عنه من مسؤلي الذين عندهم حرية في تلك الدول وهذا صحيح لان الشعوب لا حول لهم بل هي يتيمة تحتاج الى راعي فمن ثم قوله تعالى ما لكم لا تقاتلون .. فان تعبير تقاتلون ليس المقصود به صرف الحرب العسكري القتال في قاتلوا ليس المراد به صرف الحرب العسكري بل يشمل الحرب الباردة و الحرب الردعية المناورة الردع و .. كل هذه في تقاتلوا المراد من تقاتلوا استخدام ضعف القوة يعبر عنه التعبير العصري المقاتلة بمعنى الضغط العسكري لا ان المراد منها اذهب و اقتل الطرف الاخر فالمراد استخدام الضغط القوة لردع الطرف الاخر و دفع شرارة شرور الطرف الاخر.

فاليتم في مصلح اهل البيت القصور اذا كانت الامة فيها قصور هذا اذن امر لابد من ان يقوم بادارتها ولا يمكن ان تترك الامور على عواهنها في الشأن العام. شبيه اللسان الذي مر بنا لابد للناس من امير.

فاذن البعد الاول او البعد الثاني يغاير البعد الثالث كما قلنا في قاعدة الحسبة و هي كما مر بنا عند العامة واصلها موجود في لسان القرآن و ائمة اهل البيت وليست مختصة بفقه العامة فقط. والمقدمة الاولى في القاعدة اثبات ضرورة الفعل وليس فقط مشروعية الفعل اي زيادة على مشروعية الفعل المقدمة الاخرى -او تجعلها في ضمن المقدمة الاولى- اثبات سلامة البيئة اي الموضوع و مشروعية الموضوع او البيئة او ما شئت فعبر النتيجة التي يخرج بها فقه العامة مشروعية التصدي حينئذ . هذه اجمال قاعدة الحسبة عند العامة و غفلة جملة من اعلام الامامية مارسوا هاتين المقدمتين فقط.

المؤاخذة على هذا النهج في قاعدة الحسبة: انه لماذا ننسى ان المشروعية لا تكتمل بالبعد الاول ولا بالبعد الثاني بل لابد من ضم المشروعية البعد الثالث كما بحث الفقهاء مشروعية البيع في نفسه و مشروعية موضوع البيع و لم يكتفوا بذلك ضموا اليه بعد ثالث وهو كون المتصدي و المتعاقدين في البيع لابد ان يكونا غير قاصرين غير محجوبين اي مأذونين فاذن ضم البعد الثالث لابد منه.

اذا كان هذا واضح في كل المعاملات الفردية او السياسيةاو .. هكذا الحال في قاعدة الحسبة لاد من ضم المقدمة الثالثة وهي انه من الولي الذي جعله الله وليا ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذينَ آمَنُوا﴾[4]

﴿.. يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا أَطيعُوا اللَّهَ وَ أَطيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾[5] .. هذا في الشأن العام . و الشأن العام في زماننا هذا صاحب العصر و الزمان عجل الله فرجه الشرف فلابد ان نصوغ و نستقرب من الادلة الظاهرية العامة ما نستكشف به اذن الولي لا ان الامور العامة منفلتة نحن اصلاء فيها . ان كان الفقيه ولاية فهي نيابية وليست اصلية ولي الامر هو صاحب العصر و الزمان البقة نواب عنه لا انه هم اولياء بالاصالة فان ولي الامر بالاصال هو صاحب العصر و الزمان هذا معتقد الاعلام وقد لا ينبه الاعلام الى ذلك هذا من باب الغفلة او من الامور الواضحة في منطق الامامية النيابة و ليست اصالة. الاصيل الوحيد هو صاحب العصر و الزمان عجل الله فرجه الشريف فاذن لابد من ضم المقدمة الثالثة عدم ضم المقدمة الثالثة تصبح كأنما صياغة سقيفية.

بقي شيء في قاعدة الحسبة في هذه المقدمة الثالثة و اوضحناه عدة مرات لكن ربما لم يبلور تماما نبقى فيه حتى نرجع الى قضية فتاوى القرض من الدولة و البنك الحكومي .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo