< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تعدد مستثنيات الغيبة في الآثار – حرمة الغيبة – المسألة التاسعة – المكاسب المحرمة.

 

الرواية الثانية: - وهي صحيحة عبد الرحمن بن سيابة قال:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه )، هذه الرواية مر مضمنها كثيراً في الروايات السابقة وهو يدل على ان الغيبة هي كشف الشيء الخفي فيمن تقع فيع الغيبة يعين فضحه وكشف عورته فإن ( عورة المؤمن على المؤمن حرام قال أسفليه؟ قال:- لا حيث تذهب إنما تكشف عيوبه المستورة )، يعني الشخصية المعنوية للمؤمن أهم من عوار بدنه، فالغيبة ( أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه وأما الأمر الظاهر مثل الحدّة العجلة فلا )، أما أنه قد يصدق عليها أنها حرم من جهة أخرى كإيذاء المؤمن أو تعييب المؤمن فإن الرواية ليست في صدد الحلية وإنما هي في صدد أن الحرمة الخاصة للغيبة هي التي فيها كشف الستر، ( والبهتان أن تقول فيه ما ليس فيه )، وهذه زيادة على الغيبة، فإنَّ البهتان كما مر هي غيبة وزيادة إذا كان وراء ظهره، فهنا إذاً الرواية تستثني كأنما موضوعاً من حرمة الغيبة لا من أصل احرمة المطلقة بل ربما تصدق الحرمة من جهة أخرى، فمن جهة الموضوع يكون استثناءً أو خروجاً موضوعياً بعبارة أخرى.

الرواية الثالثة: - موثقة أبان عن رجل لا نعلمه إلا يحيى الأزرق، ويحيى الأزرق ظاهراً هو من أحد الفرق، قال: - ( قال لي أبي الحسن عليه السلام:- من ذكر رجلاً من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه )، فهذا من مستثنيات حرمة الغيبة وهي ذكر الخص بما يعرفه الآخرون، هنا بحث الأعلام أنه ( ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس فقد اعتابه ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته )، وهنا قع البحث عند الأعلام أنّ هذه الضابطة وهي أنه عرفه الناس فهل عرفه الناس الذين يحدّثهم أو أنه عرفه الناس يعني نوع الناس، فالمدار هل هو من يسمع حديث المتكلم أو المدار هو نوع الناس أما كل الناس فهي لا تعرف أنَّ هذا زيد بن أرقم وإنما معارفه، فلابد أن يكون الأمر كذلك وليس كل الناس، فهل يختص تحقق موضوع الغيبة وعدم تحققه هو تحقق نسبي أو ماذا؟

يوجد كلام بين الأعلام، والأكثر قالوا إنَّ الدار على أنَّ هذه الصفات الموجود فيه المتداولة عند الناس وإن كان السامع لا يعرف، لأنَّ هذا ليس شيئاً مستوراً، وفي قبال الأكثر قال الأقل أو القلّة من الأعلام إنَّ كشف الستر هو نسبي وليس أمراً إطلاقياً.

وهذه نكتة لا بأس أن نتوقف عندها كعرف عرفي أو لغوي أو متشرعي: - مثلاً ( من أذاع سرنا ) فهناك مطالب وحقاق في تراث أهل البيت عليهم السلام ليس هناك قابلية لكل الطبقات أن تعيها، فصحيح أنَّ هذه المطالب موجودة في الروايات ولكن إذا قام المتكلم بتركيز الاضاءة عليها وكشف الستار عنها فصحيح هي موجودة في الأحاديث ومطبوعة ومنشورة ولكن التركيز عليها هو درجة من النشر، فإن تريز الكلام أو المتكلم على شيء هذا أيضاً نوع من الكشف ولذلك ربما البعض من الأعلام يحتاط حتى فيما هو معروف، حتى عند المتكلم الذي يعرف هذا الأمر عمّن أوقعت فيه الغيبة، فالتفكير بالمساوئ هو نوع من الكشف، وبأي معنى؟ كأنما هذا أمر مغفولٌ عنه ومنسي وغير مركّز عليه ولم تشدّ الأذهان إليه ولكن تكرار الانسان لهذا المطلب يصنع تشهيره، فهذا نوع من الكشف، أو قل هو نوع من التسقيط وما شاكل ذلك، وهذا شيء دقّي نسبي ولكن البعض وجه هكذا، فإنَّ ( من أذاع سرنا ) يعني أنَّ الحقائق لا يحتملها أيَّ أحد، فهي موجودة لكنك حينما تبسطها وتبينها وتركز الاضاءة عليها فسوف تبدو أكثر وضوحاً وهذا قد يكون فيه غير صلاح، لأنَّ الكثير من الأطراف يسيئون الفهم لها وبالتالي تصير إذاعة والاذاعة يعني هي النشر، فهل الغيبة هي إذاعة، فهل يمكن أن نسمّي كشف الستر إذاعة، فإذاً الستر درجات وكشف الستر أيضاً درجات، هذا تقريبٌ لما احتاط لأجله جملة من الأعلام حينما يحدّثون من لا يعرفونه، وهذا شبيه في التقليد مع من قال أنه يجوز البقاء على تقليد الميت فيما لم ينسَ من الأحكام أما إذا نسيها وأراد أن يتعلّمها من جديد فهذا تقليد مبتدأ والتقليد ابتداءً لا يجوز، نعم يجوز التقليد بقاءً، وأنا شخصيا أتبنى هذا، لأنَّ التقليد عندنا هو التعلم فإذا نسي وأراد أن يتعلم فهذا ابتداء تقليد، فنفس قضية النسيان أو في الأذهان اتفاقاً كان أحد من الطرف الآخر يذكر قريش بعد رسوب الله بمواقف أمير المؤمنين عليه السلام عندما قتل أبطال قريش يعني هو يثير الضغينة في قلوبهم تجاه أير المؤمنين عليه السلام، فشيء طبيعي حينما تذكرهم بما سبق فأنت تهيج الأضغان فكان دور هذا الشخص هو هكذا وهو من جماعة السقيفة، فالتذكير نفسه هو نوع من الكشف، مثل الشيء المغفول عنه أنت تريد كشفه مرة أخرى، ولذلك بعضهم في المستثنى الذي سيأتي بالغيبة ﴿ إنَّ الله لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ﴾، قال القلَّة من الأعلام إذا ذلك كان لغاية الانتصار أما إذا كان لا بغاية الانتصار أو قد أخذ حقه أو ما شابه ذلك وإن كان مظلوماً فحينئذٍ الجهر بالسوء من القول يصب في كشف عيوب الطرف الآخر من دون غاية راجحة، فكأنما ﴿ إن الله لا يحب الله الجهر بالسوء من القول ألا من ظلم ﴾، أي إلا للمظلوم ولكن لأجل غاية راجحة وهي أخذ حقه، مثلاً هذه الآية الكريمة تقيد الجهر بالسوء لأجل الانتصار وليس لأجل تعرية الطرف الآخر بما هي هي، فعلى أي حال هو أحول ولكنه نوع لنوع المداقة في الكشف، ولكن المشهور ذهب إلى مطلق المظلوم ولو حتى لأجل غير الانتصار يجوز له أن ينال من الظالم.

يعني بعض الحقاق موجودة في الروايات ولكن حينما تعرضها على الآخر تير عنده شبهة فيلزم ألا تركز في هذا فإنَّ قراءة الرواية أمر وتوضيح معانيها أمر آخر.

الرواية الرابعة: - وهي موثقة هارون بن الجهم عن الصادق عليه السلام قال:- ( إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة )، فهذا استثناء آخر فذاك قد تكون العيوب ليس فسقاً كالحدّة والانفعال، فإنَّ الحدّة والانفعال إذا لم ينجر إلى معاصي ومخالفة للشارع فهو ليس فسقاً ولكنه عيب ظاهر للناس، فاستثناء العيوب الظاهرة يختلف عن استثناء المتجاهر بالفسق، وإن كان المتجاهر بالفسق أيضاً مظهراً للعيوب ولكنهما استثناءان وليس استثناءً واحداً، وهذا استثناء ثالث منصوص أيضاً، فالرواية قالت ( فلا حرمة له ولا غيبة ) فهل لا حرمة له ولا حرمة أو اصلاً لا غيبة فلماذا كرر الامام وقال ( فلا حرمة له ولا غيبة )؟ لا حرمة له من جهة أنه متجاهر بالفسق، أما أنه لا غيبة له لأنه معلن وقد مر بنا أن المعلن لا غيبة له فالحرمة لا تتقرر هنا من زاويتين من جهة الموضوع يعني كشف ما هو ظاهر ومن جهة المحمول أن هذا حينما يتجاهر بالفسق لا يعطى حصانة حرمة الغيبة فلاحظ التعبير ( إذا جاهر الفاسق فلا حرمة له ولا غيبة ) فـ( لا حرمة ) في المحمول و( لا غيبة ) أي الموضوع ، وهذا بحث أثاره الأعلام وهو أن المتجاهر بالفسق في المزهر عيوبه وإن لم تكن معاصياً في تلك العيوب المعلنة لست غيبة أما العيوب غير المعلنة فهي غيبة في شخص واحد وصفة يختلف عن المتجاهر بالفسق للشخص الذي عيوبه وإن كانت محللة ولكنها ظاهرة معلنة ذاك خرمة الغيبة ترفع عنه بخصوص العيوب المعلنة الظاهرة أما العيوب غير المعلنة تبقى حرمتها أم المتجاهر بالفسق فالأكثر قالوا ترفع الحرمة عن غيبته سواء في المعلنة أو غير المعلنة، أما القلة فقالوا ترفع الحرمة عن غيبته في خصوص ما تجاهر به من فسق أما غيره فلا يسوغ غيبته، فكأنهم جعلوا هذا الاستثناء وهو المتجاهر بالفسق أدرجوه في المعلن العيوب، ففي معلن العيوب كيف انه يوجد تفصيل كذلك المتجاهر بالفسق له هذا التفصيل، فهذه الرواية حينما تقول ( لا حرمة له ولا غيبة ) فلا حرمة له من جهة عدم الاحترام والفاسق المتجاهر بالفسق لا حرمة له لا أن حرمته تتبعّض، نعم لا غيبة له من جهة أنه مهلن فالرواية تفصّل بين الأشياء العلنة وغير المعلنة الفسق المعلن والفسق غير المعلن أما أنها تقول لا حرمة له يعين من جهة الفسق لا حرمة له ولا يوجد فيها اختصص بالمعلن، ولكن الشيخ الأنصاري اختار قولاً ثالثاً بين القولين فقال ليس كل العيوب تذكر المتجاهر بها وغير المتجاهر بها ولا مختصة بخصوص المتجاهر بها وإنما يجوز غيبة المتجاهر بالفسق المعلن أو غير المعلن المساوي لهذا الفسق أو دونه أما الفسق الآخر لو كان اشد وكان مستوراً فهذا لا يسوغ، يعني نكتة الشيخ الأنصاري بغض النظر عن كونها صحيحة أو ليس بصحيحة ولكنها ظريفة، وما هي هذه النكتة؟ يقول عن المتجاهر بالفسق فإنَّ الفسق درجات، فهو قام بهتك حرمة طاعة الله بنسبة ستين بالمائة ففسقه بدرجة ستين بالمائة ولكنه لم يهتك حرمة طاعة الله في ثمانين أو تسعين بالمائة وإنما هو جاهر بصاحب الستين أو قل جاهر بأربعين أما الحرمات الأخرى التي هو مقيم عليها تستر عليها فحينما تتستر مر بنا أن نفس ستر الظاهر هو نوع من الاستقامة، فهو إذاً راع حرمة الطاعة بنسبة مئوية هذه النسبة اليت راعى فيها حرمة الطاعة لا يصح أن يذكره أحد فيها لأنه استقام فيها، أما ستين فما دون فلأنه لم يراع فهنا يجوز هتكه أما الحرمات الشديدة جداً هو راعى التستر بها فحينئذٍ هذا لا يصح الأعلام عنه فيها.

ونشرح كلام الشيخ الأنصاري أكثر بغض النظر عن صحته دليله: - فالشيخ يقول إنَّ التجاهر درجات الفسق درجات، فهو إذا هتك حرمة الشريعة من جهة السلوك العملي أو حرمة طاعة الله بنسبة ولكنه راعى نسبة أخرى فحرمته تتبعض، أليس في الرواية لا حرم له ولا غيبة ولكنب أيّ قدر لا حرمة له؟ وهذه نكتة لطيفة عند الفقهاء في ابواب كثيرة وهي أن الضرورات تقدر بقدرها فأصل المسلم أو المؤمن له حرمة هذه الحرمة إنما يرفع اليد عنها بقدر ما هو هتك الحرمة أما أكثر من هذا فلا يسوغ، شبيه ﴿ من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ﴾ ومثل يعني ليس بأزيد، أو ﴿ وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ﴾ يعني عملية التعادل، أو آية ثالثة أخرى ، فبالتالي هذا يدل على أنَّ الهاتك للحرمة بدرجة لا يهتك أكثر من تلك الدرجة، وهذه نكتة مهمة جداً في الأبواب بغض النظر عن خصوص بحث حرمة الغيبة، وكما مرَّ بنا أنَّ الحرمة درجات سواء كانت حرمة المسلم أو حرمة المؤمن، فبقدر ما يراعي هذا المسلم أو المؤمن الحرمة للدين والطاعة الالهية وما شابه ذلك تحفظ حرمته، ولماذا افترقت حرمة المؤمن عن حرمة المسلم فإن حرمة المؤمن أشد؟، بل عندننا حرمة المؤمن الصالح أشد من حرمة المؤمن غير الصالح ولماذا؟، حرمة المؤمن المتقي أشد من حرمة المؤمن غير المتقي ولماذا؟ هو بهذا السبب، لأنَّ هذا يراعي الحرمة أشد فيكون حرمته واحترامه أشد، وبقدر ما يخلع الحرمة والاحترام للشريعة بقدر ما تتقلل وتنخفض حرمته، هذه الضابطة كقاعدة أولية الضرورات تقدر بقدرها، فالضرورات تبيح المحظورات بقدرها لا بأكثر منها، ومرَّ بنا أنَّ الأعلام لا يتمسكون بلا ضرر أو لا حرج بلغ ما بلغ وإنما يوازنون بين مرتبة هذا الحكم الأولي وبين مرتبة الضرر فيوجد تناسب وتوازن أو لا؟، نفس الكلام هنا، هب أنك تريد أن تراعي الجانب الصحّي في الوباء لكن سدّ الأضرحة بقولٍ مطلق وسد الكعبة بقولٍ مطلق لا تستدعيه الضرورة، فهنا أنت جعلت الضرورات تقدر لا يقدرها والضرورات تقدر بانفلات، ففي السوق إلى الساعة السادسة تبقى الأسواق مفتوحة كما في بعض البلدان فهنا الضرورة تقدر بقدرها ففي في العتبات أيضاً يلزم أن تقدر الضرورات بقدرها، مثلاً التواجد في المؤسسات الادارية أمر ضروري وشيء لابد منه ولكن التواجد بشكل تباعد اجتماعي ولكن بنسبة معينة قليلة فلتكن الأضرحة الشريفة التي هي النور العظيم أيضاً كذلك، فكما يصير تدبير هناك يصير تدبير هنا أيضاً، هذا يرجع إلى أنَّ الضرورات تقدر بقدرها ولبس بشكل انفلات عام ففي باب التزاحم الأمر هكذا، فعلى كل ما ذكره الشيخ في محله وهو أنه مادام أنَّ الحكم الأولي الحرمة فإذا أتى دليل دال على الاستثناء هذا الدليل الدال على الاستثناء لابد أن يكون بقدر فلابد أن يراعي فيه القدر، فقوله متين وهو أن المتجاهر بالفسق لا يقال جوز الوقيعة فيه بالغيبة مطلقاً ولا مطلقاً يقتصر فقط على محل التجاهر وإنما هو جعل لنفسه حرمة خمسين بالمائة أو ستين أو أربعين بالمائة فهو متجاهر بما هو أربعين مثلاً فبالتالي الاستثناء يكون بقدر هذه النسبة، فهذا الوجه الذي ذكره الشيخ لا بأس به وهذه الموثقة تشير إليه حيث قالت ( لا حرمة له ولا غيبة ) لأنَّ الجواز هو من جهة الحرمة والاحترام.

الرواية الخامسة: - وراية أبو البختري، وهو وهب بن وهب وقد قيل عنه إنه أكذب أهل البرية، ويوجد عندنا حفص بن البختري فهو من الامامية الاثنا عشرية وهو ثقة جليل، ويوجد عندنا أبو البختري وهو وهب بن وهب وهو من رجال الدين للطرف الآخر وكان قاضياً وهذا هو الذي كذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمام هارون السفيه لكي يحلل له اللعب بالحمام فقال ( لا رهان إلا في ثلاث ...والريش ) فهو أضاف الريش كذباً على رسول الله فخرج من المجلس فحتى هارون قال إنَّه كذب على رسول الله،، فالمعروف أنه أكذب البرية، وصحيح أنَّ هذا الموقف هو زلة عجيبة غريبة لأجل الدنيا ومال الدينا، ولكن اجمالاً هو كان من فقاء العامة وقضاتهم الذين ينفتحون على الامام الصادق ويتعلمون منه، وهذه خاصية عظيمة في الأمة أنهم كانوا يربون علمياً وهم منفتحون غير منغلقون على الأطراف الأخرى كجوٍّ علمي، حتى أبو حنيفة يقول لولا السنتان لهلك النعمان، وهي ليست سنتان بل تردده على الامام الصادق كان طيلة حياته، فهو حينما يذهب غلى الحج يذهب إلى الامام حتى أنه في بعض الموارد لا يأذن له الامام بالجلوس ولكنه يجلسن يعين كان عنده ادمان وحرص واصرار على أن يقتبس ويأخذ من علوم الامام الصادق أما أنه كان يحب أهل البيت عليهم السلام أو لا يحبهم فهذا بحث آخر ولكن كان عنده اصرار، فهذا دين مهم في أئمة أهل البيت عليهم السلام في حين أنهم لا يذوبون قيد شعرة في خطأ وانحراف الطرف الآخر وغيّه إلا أنه مع ذلك منفتحون ليجذبوا الطرف الآخر إلى نسبة من الهداية، وهذه سيرة أهل البيت عليهم السلام خذها من أمير المؤمنين عليه السلام إلى بقية الأئمة عليهم السلام، وذكرنا أنه حتى الامام الجواد عليه السلام أنه يعطي أحرازاً إلى المأمون مع أنه قاتل أبيه، يعني في النصيحة كان ناصحاً، وهذا ليس ولاءً للباطل من قبل الأئمة عليهم السلام حاشاهم وإنما هو فتح باب الهداية والانفتاح العلمي لإراءة الحقيقة للطرف الآخر، وهذه سيرة عظيمة لأئمة أهل البيت عليهم السلام بحيث أنَّ الكبار من الطرف الآخر يأتي ويتتلمذ وينفتح على الامام عليه السلام، وهذا خلق عظيم عند الأئمة عليهم السلام، فهو في حين أنه ينفتح في حين أنه لا يذوب معهم وفي حين أنه يوجد تعامل ليّن معهم لكنه لا يذب فيهم، فإنَّ اللين ليس يعني الذوبان، والثبات لا يعني الحدّة، ونحن نخلط دائماً بني الثبات وبين الحدّة، فلا معنى الثبات أنك تتشنج من الطرف الآخر، ولا معنى اللين أنك تذوب في الطرف الآخر وتقول له أنت الصحيح كل الصحيح فإن هذا خطأ أيضاً، وإنما أمرٌ بين أمرين، فأنت تثبت على الحقيقة ولكن تنصحه وتكون صادقا معه فإنَّ صديقك من صدّقك وليس من غشك، فأنت لا تغشه وتقول له أنت على المسار الصحيح وإنما تقول له إنَّ المسار الصحيح هو كذا وكذا ولكن بلغة لينة، وهذه سيرة عظيمة عند أئمة أهل البيت عليهم السلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo