< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - مراتب الحكم في مراتب الطبيعة الواحدة – حرمة الغيبة – المسألة التاسعة – المكاسب المحرمة.

 

هنا هذا الباب عنونه صاحب الوسائل المواضع التي تجوز فيها الغيبة يعني موارد مستثناة من حرمة الغيبة، هذه الموارد كما مرَّ بنا بعضها القليل منصوص أما البقية فقال بها الفقهاء بحسب مقتضى القاعدة أو الصناعة كما صرح بذلك الشيخ الأنصاري، فهنا توجد نكتة صناعية مفيدة وهي أنه مادام هناك أدلة عامة على حرمة الغيبة كيف يلتزم باستثناءات وموارد غير منصوصة، الآن الموارد المنصوصة افترض أنها ثلاث موارد على استثناء حرمة الغيبة بها ونعمت فإنها منصوصة فإنه توجد آيات تخصص إنه ﴿ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ﴾ يقول قول سيء في خص معين ولكن ذلك الشخص ظالم له، أو المتجاهر بالفسق كما مرَّ بنا روايات عديدة إذا كان ساتراً على عيوبه وغير ذلك حرمت غيبته ومفهومه العكس، ومن هذال القبيل مورد ثالث وهلم جرا فهي منصوصة أما بقية الموارد غير المنصوصة من اين رفع الفقهاء اليد فيها عن عمومات حرمة الغيبة والحال أنها حرمة مغلظة ومن الكبائر؟

الشيخ الأنصاري يذكر في نهاية المطاف هذه النكتة الصناعية وهي نكتة نفيسة ومفيدة ومثمرة في أبواب عديدة:- وهو يذكر عدّة نقاط، النقطة الأولى هي أنَّ الحرمة التي ترد في باب معين وفي فعل معين هذه الحرمة ليس من الضروري أن تكون ذات مرتبة واحدة بل غالباً الأمر هكذا، سواء الحرمة أو الوجوب فغن الكلام هو الكلام، فحرمة الغيبة ليست حرمة ذات مرتبة واحدة، وحرمة الكذب أيضا ليست حرمة ذات مرتبة واحدة وإنما هي ذات مراتب، وحرمة إيذاء المؤمن ليست حرمة ذات مرتبة واحدة، لأنَّ طبيعة الايذاء هو ذو مراتب فكيف تصير الحرمة مرتبة واحدة، فيوجد إيذاء شديد ويوجد إيذاء وسط ويوجد إيذاء خفيف فإذا كامن طبيعة الفعل هي ذات مراتب متفاوتة فهل يعقل أنَّ الحرمة ذات مراتب واحدة؟! إنه لا يعقل ذلك ، فإنَّ الحرمة أنصبت على هذا الفعل وهذه الطبيعة هي هذه البيعة التي هي مفسدة ومبغوضة للمولى طبيعتها ذات مراتب شدة وضعف ووسط فيه ذات مراتب عديدة فلا محالة الحرمة التي انصبت على هذا الفعل الذي هو ذو مراتب لا محالة تشتد وتضعف، مثلاً حرمة عقوق الوالدين فإن العقوق درجات شدةً وضعفاً والقرآن الكريم بين أدنى مراتب العقوق والجفاء أن تقول لهما أفٍّ يعني تتضجّر وتتبرّم فهذا ليس حكمه هنا حينما يقول أفٍّ ليس كما لو ضرب والده أو والدته أو أهانهما أو قام بإيذائهما بشدَّة أو فارقهما وقاطعهما مقاطعةً طويلة الأمد، فهذا أين وأفٍّ أين، فواضح حرمة العقوق لكون العقوق ذو مراتب لا يعقل أن تكون الحرمة واحدة.

فإذاً لابد أن تكون الحرمة ذات مراتب، وفي طرف الوجوب أيضاً كذلك، فإنه في طرف الوجوب مثلاً لو قيل بوجوب صلة الرحم فإنَّ صلة الرحم درجات شدو وضعف، أدناها وأوسطها وأعلاها، الفقهاء التزموا بأنَّ أعلاها مستحب وأوسطها مستحب وأدناها واجب، ولماذا؟ لأنَّ طبيعة صلة الرحم هي ذات درجات، فإذاً لاحظ الفقهاء أنَّ الطبيعة سواء في جانب الحرمة والحرام أو في جانب الوجوب والواجب إذا كانت متفاوتة نفس جع الشارع الحكم على تلك الطبيعة تلقائياً يكون الحكم متفاوت فلا يمكن أن نعتبره كلّه كبيرة أو صغيرة أو غير ذلك، أو حتى لو كان كله كبيرة فهو ليس كبيرة بدرجة واحدة وإنما هو بمراتب، وهذه نكتة نفيسة جداً في الأبواب الفقهية وعلى ضوئها الآن يذكر الشيخ ضابطة صناعية في مستثنيات لغيبة ولكن قبل أن نصل إلى النتيجة اليت يذكرها الشيخ نتريث في هذا المبحث قليلاً أنه إذاً أيّ طبيعة فعلٍ شرّع وجعل الشارع تشريعًا وحكماً على تلك الطبيعة سواء الطبيعة فيها مفسدة أو فيها مصلحة فهذا الحكم تلقائياً يشتد باشتدادها ويضعف بضعفها فإذاً هو ليس ذو مرتبة واحدة، ولذلك حتى المفسرين الفقهاء قالوا ﴿ ولا تقل لهما أفٍّ ﴾ يعني أنَّ هذا المقدار من الجفاء والتبرم من الوالدين حرام وحتى إذا لم يكن كبيرة لكنها ليس هينة ولكن هنا ليست كبقية مراتب العقوق، إذا كان الجفاء مع الوالدين هذا المقدار منه حرام، وتوجد روايات مستفيضة كثيرة عدم زيارة المعصم حضوراً هو جفاء مع المعصوم وحق المعصوم كأبٍ روحي معنوي للمؤمن أشد بمراتب بلا قياس مع والد البدن، فنحن أبناء آبائنا من جهة البدن وليس من جهة الروح فلسنا أبناء آباءنا من جهة الروح إنما نحن ابناء آباءنا من جهة البدن أب ولّدك لا أنه أبٌ أنشأ روحك، فكيف بمن نشأت أرواحنا من أراحهم فذاك أعظم حقاً، فوردت روايات مستفيضة أنَّ المتاركة الطويلة لزيارة المعصوم الحضورية هي جفاء، وكثيراً ما يذكر أمير المؤمنين عليه السلام مصاب الطف في حياته ويقول لأصحابه فإذا حدثت الواقعة فإياكم والجفاء يعني الجفاء لسيد الشهداء، فمعنى هذا هل هو أنَّ زيارة سيد لشهداء هي مستحبة على طول الخط أو هي صلة وصلة الامام أعظم من صلة الأبوين اللذين ولّدا بدننا ولم يولّدا روحنا، ولذا قضية الزيارة والعلاقة الارتباط بالمعصوم والزيارة هل هي وجود خشبي كـ﴿ وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسنّدة ﴾ يعني لا توجد عندهم روح فنحن حينما نزور فهل نحن خشبٌ مسنّدة؟ أعوذ بالله تعالى أن نكون هكذا، وإذا قلنا فإنَّ كلام الزيارة جميل، فالتفاعل الروحي في الزيارة مطلوب يعني أنَّ الحنان مطلوب، يعني الارتباط الروحي بالمعصوم هو صلة الرحم، رحم الايمان رحم الروح، فيجب أن يكون هناك تفاعل روحي وحنان وعطف، ويوجد حديث متواتر عند الجمهور وعندنا وهي حديث جذع النخلة الذي كان يمسكه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال النبي للناس صيروا مثل هذا الجذع فإن هذا قام به الجذع من حنان وعطوفة بي هذا هو اللازم على كل مؤمن أن يكون هكذا، فهو لم يقل إنَّ ما يقوم به الجذع من انجذاب روحي هو أمر مستحب، فالجذع ذهبت نفسه ولكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سكّنه فقال يلزم على المؤمنين أن يكونوا كذلك لا أنه متسحب، ولذلك كم نحن مقصرون في الارتباط الروحي بالنبي وأئمة أهل البيت عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام، والقرب البدني مقدّم على الارتباط الروحي، فيوجد عندنا جفاء ويذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ الكثير من المؤمنين عندهم جفاء محرّم فهو تقصير، يومياً نحن حينما نقوم صباحاً نسأل أين ولدي فلان وبنتي فلانة وأين ذهبت وأختي فلانة فنحن نتفقدهم فهل هكذا تفاعلنا وانجذابنا مع النبي وأهل البيت عليه وعليهم أفضل الصلاة السلام، ومن أحد الأشياء الموجودة في دعاء الندبة والأدعية الأخرى أنَّ المؤمنين طيلة الغيبة الكبرى جفوّين مع صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف والحال أنه إمامنا ولكن نحن نجفوه ولا يوجد بيننا ارتباط روحي، وهذا الارتباط الروحي لا أنَّ المقصود أنَّ الباب ينفتح على السفارة واليماني والدجل فإنَّ هذا ليس كلامنا فيه وإنما ارتباط روحي يتحسّس ذو شعور، فأبداً هذا لم يحصل، فأنت إذا لم تسأل عن أبنك أين أو ابنك لم يسأل عنك فسوف تقول لماذا لم يسأل عني ولماذا لا أسأل عنه، ولكن كل المؤمنين لا يسألون عن صاحب العصر والزمان عجل اله تعالى فرجه الشريف، وهذا مثال جئنا به على الجفاء.

فإذا كان القرآن الكريم إن ابويك اللذين هما أنزل مراتب الأبوة والأمومة فهو أب مولّدك فكيف بابٌ علّمك فهم أصل الهداية إلى الجنة فهو هدونا إلى الجنة إن شاء الله تعالى وأبعدونا عن النار، فهم علّمونا على الحياة الأبدية فكم هو الجفاء الموجود عندنا، فكيف نقول هو مستحب بل هو واجب، فهنا الجفاء بأن تقول أفٍّ وتتضجر وتتبرّم هو حرام أما المعصومين عليهم السلام فالاستشعار عندهم قائم على قدم وساق، فالتبرم الروحي منّا تجاههم هو حرام، فإذا تبرّمنا منهم روحياً وأدبرنا منهم روحياً فهذا حرام، وهذه الحرمات نرتكبها دائماً، فإذاً هذه الأمور ليست بالسهلة وكلنا مبتلون بها ولكن نسأل الله تعالى أن يوفقنا أن نزيل هذا الشيء، والكثير من الروايات أمير المؤمنين عليه السلام يقول إياكم والجفاء، يعني بعد شهادة سيد الشهداء لا تجفوه، والامام الصادق عليه السلام كثيراً ما يحث زرارة وفقهاء الشيعة على زيارة سيد الشهداء فيقول ما أجفاكم يعني جفاء شديد، وهذا وارد في روايات عديدة مستفيضة، ونفس الكلام مع صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، فهذه قطيعة نحن نقوم بها الحال أننا يومياً نسأل عن أبناءنا وأقاربنا ولكن لا نسأل عن أئمتنا وعن نبينا.

فعلى كلَّ هذه غفلات يصرح بها الامام الصادق عليه السلام في أسماعنا فيقول ما أجفاكم، فهو يلومنا في عدّة مواضع عن هذا الشيء، وهل هذا شعر أدبي أو تخيلي أو آيات قرآنية يجب أن نتمسك بها؟!! فالقرآن الكريم يقول ﴿ ولا تقل لهما أفٍّ ﴾ يعني لا تتأفف ولا تتبرّم ولا تدبر، فإذا كان الأمر في هذين الأبوين هكذا فكيف بك بهؤلاء الآباء العظام.

فالشيخ الأنصاري إذاً قال في مستثنيات الغيبة هناك قاعدة فقهية صناعية وهي أنَّه إذا قال لك إنَّ التأفف والتبرّم حرام فلا تقل التبرم حرام بدرجة واحدة وإنما هو درجات، فكلما يشتد التبرم يشتد الحرام، وطرف التبرّم أيضاً لابد أن تلاحظه، فإنَّ أبوك الذي ولّد روحك أشد رحماً من أبيك الذي ولّد بدنك، فإنَّ رحم الأيمان أشد من رحم البدن وعلاقة الروح أشد من علاقة البدن، فالتأفف هناك اشد وأشد، ففقط في كامل الزيارات فقط توجد اثنا عشر مورد بلفظة وصيغة ما أجفاكم، وإلا ففي صيغ أخرى موجودة في نفس الكتاب وفي كتب أخرى ومع ذلك ليست هناك أذن صاغية منّا، فنحن نسأل عن أبنائنا واخواننا ولا نسأل عن إمامنا عجّل الله تعالى فرجه الشريف.

فالمهم أنَّ الفقهاء ذكروا بأنَّ أيّ حكم يترتب على أي طبيعة سواء كانت واجبة أو محرمة إذا كانت هذه الطبيعة ذات درجات لا يعقل حينئذٍ الحكم بدرجة واحدة، وماذا نستفيد من هذا؟ نحن نستفيد منه ما إذا وقع تزاحم فلابد أن نوازن مرتبة هذا الواجب أو الحرام مع مرتبة الحكم الآخر الذي يزاحمه، فالثمرة تظهر هنا وهي ثمرة مهمة، فإذاً هي ليست على ميزان واحد.

وقبل أن نذكر النتيجة التي ذكرها الشيخ الأنصاري لا بأس أن نذكر فائدة أخرى من هذا المطلب الذي ذكره الفقهاء صناعياً: - فالشيخ الأنصاري في مسائل كثيرة - مرت علينا ويمر بعضها الآخر - يأتي بمؤيد أو معاضد، والاستدلال بالمؤيد أو المعاضد ما هو تخريجه الصناعي؟ فما الفرق بين المؤيد والمعاضد، فإنه ليس عبطاً أن يعبر جمهرة غفيرة من الفقهاء بهذا التعبير وذاك التعبير، فمثلاً يعبرون في موارد بأنه مؤيد ويعبرون في موارد أخرى بأنه معاضد ويعبرون في موارد أخرى بأنه شاهد؟ وشاهد يعني دليل معتبر يعتمد عليه، وأما المعاضد فهو يعني أنه جزء الحجة، يعني ينضم إلى قرائن أخرى فيتم، أما المؤيد أو مشعر أو إشعار وربما هذا أعظم من المؤيد فالإشعار أو التأييد ليس هو جزء الحجة ولا هو حجة مستقلة وإنما هو منبّه لأدلة أخرى هي تامة في المطلب، وما الفائدة من المنبّه؟ إنه يلزمك بالفحص والتنقيح أكثر، هذه هي الفوارق بين المشعر والمؤيد هذا من جانب ومن جانبٍ آخر معاضد أو شاهد.

والشيخ الأنصاري في موارد عديدة في المكاسب المحرمة مثلاً يستدل بديل حكم كراهتي على مسألة أخرى المطلوب فيها اثبات الحرمة فكيف يستدل الشيخ هكذا؟، فهي كراهة ولكن يستفيد منها دليل على الحرمة، فتارة يستفيد منها تأييد وتارة يستفيد منها إشعار وتارة يستفيد منها معاضد، وهل هذا من باب القياس والاستحسان؟ كلا، بل هي مرتبطة بنفس البحث وهو أنَّ الحكم ذو مراتب، أو يستدل بدليل استحباب معين على الوجوب، يعني لو استقصى شخص كتاب المكاسب المحرمة للشيخ الأنصاري فقط وطبعاً هو أيضاً ينقل عن فقهاء كثيرين لا أنه هو فقط يتفرّد بهذا الشيء، فهو يستدل بدليل باستحباب معين في مسألة معينة على وجوب في مسألة أخرى، وهذا ليس من باب القياس والاستحسان وإنما بنحو التأييد والإشعار أو بنحو المعاضد، وكيف يستدل بهذا الشيء؟ من أحد ضوابط هذا استدلال الذي هو موجود كثيراً عند الفقهاء كيف ينتقل من الكراهة إلى الحرمة ومن الاستحباب إلى الوجوب فأحد آليات وضوابط هذه الضابطة عند الفقهاء في أبواب عديدة هي نفس هذه النكتة الصناعية التي نحن فيها، وهي أنَّ الطبيعة إذا كانت ذات مراتب فالشرع إذا قال لك إنَّ ذروة صلة الرحم مستحبة فالفقهاء نفسهم يستفيدون أنَّ أدنى مراتب صلة الرحم واجبة، فإنه إذا كانت الذروة التي هي شديدة لصلة الرحم هي مستحبة فكيف بأدنى مراتب صلة الرحم التي إذا لم يراعها الانسان يستلزم العقوق فهذه تسبب له الوجوب، فلاحظ أنَّ نفس الطبيعة ذات المراتب استحباب المراتب فيها يستلزم وجوب أدناها، وكذلك مثلاً الفقهاء يستدلون من كراهة معينة على الحرمة في طبيعة معينة، مثلاً أنه لا تقطّب وجهك مع أبويك والتقطيب الشديد قد يصل إلى الحرمة وإنما عدم الابتسامة وعدم البشاشة مكروه أمام الوالدين فكيف بما هو أشد فيستفاد من هذه الكراهة الحرمة، فإنها إذا كانت أشد فسوف تكون حرمة، فلاحظ أنه من الكراهة ينتقل من الكراهة إلى الحرمة، فإذاً قضية الانتقال من الكراهة إلى الحرمة أو من الاستحباب إلى الوجوب في الطبيعة الواحدة ذات المراتب أمرٌ ليس من باب الاستحسان أو من باب القياس العقلي الظني، بل من الواضح أنَّ الطبيعة نفسها هي تشتد وتضعف وبعض المراتب منها تكون غير إلزامية وبعض المراتب منها تكون إلزامية غاية الأمر في طرف الكراهة الحرمة والكراهة تختلف عن طرف الوجوب والاستحباب وبحسب طبيعة الطبائع شدّةً وضعفاً في نفس الطبيعة الواحدة.

وكيف يريد الشيخ الأنصاري أن يربط مستثنيات الغيبة غير المنصوصة بهذه القاعدة الصناعية؟

إنه يربطها كالتالي فهو يقول: - إنه لما كانت حرمة الغيبة ذات درجات وليست درجة واحدة فتارةً اغتاب مؤمناً وكشف عيباً يسيراً من عيوبه فهذا حرام عليه أن يفضح أخيه في عيب يسير، ولكن هذا أين وبين أنه يزلزل سمعته بكشف عيوب خطيرة له، فبينهما فرق، وحينما يكون بينهما فرق فإذا زوحمت حرمت الغيبة بمصلحةٍ أهم فهنا نرفع اليد عن حرمة الغيبة، وهل هذا من باب التزاحم أنها ليست بحرام؟ يقول: - نعم ولو من باب التزاحم.

وهنا توجد عندنا وقفة:- وهي أنه ما الفرق بين اب التزاحم وباب التخصيص، فإنه ﴿ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ﴾ فإن ( إلا ) إذا كانت تخصيصاً فهذا له معنى، أما إذا كانت تزاحم فهذا له معنى آخر، مثلاً ذكروا هذا الأمر وهو أن يأتي السائل ويسأل منك أنَّ فلان أتى لخطبةٍ وزواجٍ ومصاهرةٍ فماذا تعرف عنه، فهنا أفتى الفقهاء بأن تذكر له الحقيقة فإنَّ غش المؤمن حرام ونصيحته راجحة، فلاحظ هنا أنَّ غش المؤمن حرام ونصيحته مستحبة فلاحظ التلازم بين الطبائع والأشياء هو كم درجة، فالبحث يحتاج إلى تريث أكثر في ضبطه الصناعي سنواصله إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo