< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/03/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - أحكام حرمة الغيبة – حرمة الغيبة – المسألة التاسعة – المكاسب المحرمة.

 

كنّا في حديث المناهي المروي عن الصادق عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- ( من اغتاب مرئاً مسلماً بطل صومه ونقض وضوؤه )، وهذا يدل على أنَّ الأعمال بعضها مرتبط ببعض وإن لم يكن النقض بمعنى اعادة الوضوء ولكن يخلّ بملاك الوضوء، فكيف القدماء بنوا على أن ترك الكبائر شرط في الدرجة الكاملة للصوم، شرط تكليف لزومي، كذلك الحال بالنسبة إلى بعض الكبائر مع الوضوء، ( وجاء يوم القيامة يفوح من فيه رائحة انتن من الجفة يتأذى بها اهل الموقف وإن مات قبل أن يتوب مات مستحلاً لما حرم الله عزَّ وجل )، وتعبير ( وإن مات قبل أن يتوب ) ماذا يعني؟، فعدم التوبة عبّر عنه في الرواية بأنه نمط من الاستحلال يعني أنَّ المعصية هي درجة من الاستحلال للحرام، والكلام أنه كيف هو درجة وهل كل معصية استحلال والمعروف اصطلاحاً الاستحلال غير المعصية فقد لا يرتكب المعصية ولكنه يستحلها وقد يرتكب المعصية ولكنه يستحرمها، فكفي عبر هنا في الرواية أن عدم التوبة من المعصية استحلال فهذا بأي معنى؟ الظاهر أنه ليس استحلالاً بالمعنى الاصطلاحي ولكنه درجة من الاستحلال، لأنه تحريم ( حرّم حرامه )، اللهم إني أحرم حرام رسول الله وأحل حلال رسول الله أو أحرم حرام رسول الله الأوصياء، و( حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة ) فتحريم الحرام يعني تبني حرمته فكيف يصير تنبي حرمته وأنا أخالف الحرمة ولا أندم من ارتكابها؟!! يعني كأنما التحريم هو لقلقة لسان فقط مثلاً وليس تحريماً جدياً، فهو بهذا المعنى وأنَّ المعصية مع عدم الندامة هو اصرار عليها وإصرار على ارتكابها فكيف أنا أتبنى حرمتها أحرمها والحال أني مصر على ارتكابها فإنَّ هذا مثل التناقض والتدافع، فالإصرار على المعصية بعد ارتكابها هو نوع من الاستحلال العمدي لها وإن لم يكن يستحلها بلسانه أو بفكره ولكنه بارتكازه كأنما يستحلها، ولذلك يقول صلى الله عليه وآله وسلم: - ( وإن مات قبل أن يتوب مات مستحلاً لم حرم الله عزَّ وجل ) فهذه درجة من الاستحلال، يعني جزاءً إذا مات قبل أن يتوب فقد مات مستحلاً أو أنه إذا لم يتب يعد أنه مات وهو مستحل فنفس المعنى، ( ألا ومن تطول على أخية في غيبة سمعها فيها في مجلس فردّها عنه ردّ الله عنه ألف باب من الشر في الدينا والآخرة )، فكيف إذا دافع عنه دمه وكيف إذا دافع عن دماء المؤمنين وبيضة المؤمنين وحومتهم فإنَّ هذا أعظم وأعظم، كما في مجاهدة داعش ودفعهم وأمثالهم، ( فردّها عنه ردّ الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة )، وهذه الرواية تصلح للحشد ( فإن هو لم يردّها وهو قادر على ردّها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة )، وسبحان الله أن هذه الرواية كأنما تدل على أن استماع الغيبة أشد حرمة من الفاعل للغيبة، وهذه الرواية معتبرة عند المشهور، فهي قالت ( فإن هو لم يردا وهو قادر على دّها كان عليه كوزر ما اغتاب سبعين مرة )، أما كيف تفسير كون إثم مستمع الغيبة أشد من إثم فاعل الغيبة؟، فالمهم أنَّ هذه الرواية تدل على أن استماع الغيبة حرمته إما هي كمن أتي بالغيبة أو هي اشد منها.

الرواية الأخرى: - وهي معتبرة على الأصح عن عبد الرحمن بن سيابة عن الصادق عليه السلام قال: - ( إنَّ من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه وإن من البهتان أن تقول في أخيك مال ليس فيه )، الغيبة هي عملية فضح، ولا توجد منافاة من انطباق وتصادق الغيبة مع البهتتان كما مرَّ لأنَّ الغيبة هي ذكرك أخاك من وراء ظهره بما ينقصه ويكون وقيعةً فيه وبما يكره فيصدق عنوان البهتان وعنوان الغيبة، وسيأتي في بحث النميمة جملة من الأعلام قالوا كل نميمة غيبة وإن لم تكن كل غيبة نميمة، لأنَّ الذي ينمّ عند شخص على شخص آخر فهو يذكره بما يكره في ظهره فالنمّام مغتاب وليس كل مغتاب نمام، فالنميمة فيها حرمة الغيبة وزيادة لأنَّ فيها فتنة، فلاحظ تصادق الحرام أو المحرمات على بعضها البعض.

الرواية الأخرى: - وهي قابلة للاعتبار: - ( علامات ولد الزنا ثلاث، سوء المحضر ) يعني تعامله المبشر مع الآخرين سيئاً، ( والحنين إلى الزنا وبعضنا أهل البيت )، فبدل مودة أهل البيت عليهم السلام هو يبغض أهل البيت، فلحن الكلام تجد فيه عداوة على أهل البيت وتطاول عليهم واستهزاء بهم وتشكيكي بهم واستنقاص لهم فهو مباشرة قد لا يظهر هذا وإنما يعرف ذلك باللَّف والدوران وما أكثر بأن يبتلى ببغض أهل البيت في هذا الزمان.

الرواية الأخرى: - وهي أيضاً قابلة للاعتبار عن نوفل المكاري وإن لم تعبرها مشهور المتأخرين ولكن مشهور القدماء يعترونها، قال: - ( أتيت أمير المؤمنين عليه السلام وهو في رحبة مسجد الكوفة فقلت السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال:- وعليك السلام يا نوف ورحمة الله وبركاته فقلت له يا أمير المؤمنين عظني؟ فقال: - يا نوف يحسن إليك ..... فقلت زدني؟ قال: - اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار )، فأيّ توعّد بالنار واضح فيه أنه من الكبائر، ثم قال:- ( يا نوف من كذب من زعم أنه ولد من حلال وهو يأكل لحوم الناس بالغيبة )، يعني إذا كان عنده إدمان للغيبة فإنه يوجد فيه خلل حلية أو طهارة ولادته.

الرواية الأخرى: - رواية الحسين بن خالد وهي قابلة للاعتبار أيضاً عن الرضا عن أبيه عن الصادق عليه السلام قال: - ( إنَّ الله يبغض البيت اللَّحِم واللحم السمين، قال:- إننا نحب اللَّحْم وما تخلو بيوتنا منه، فقال:- ليس حيث تذهب إنما بيت اللَّحِم البيت الذي تؤكل فيه لحوم الناس بالغيبة وأما اللَّحِم السمين فهو المتبختر المتكبر المختال في المشي )، فاللَّحِم هنا معنى كنائي إما عن الغيبة أو عن التكبر والتبختر.

الرواية الأخرى: - وهي مرفوعة أسباط بن محمد، إلى النبي صلى الله علي وآله وسلم قال: - ( الغيبة أشد من الزنا، فقيل يا رسول الله:- ولم ذاك؟ قال:- أما صاحب الزنا فيتوب فيتوب الله عليه وأما صاحب الغيبة فيتوب فلا يتوب الله عليه حتى يتوب عليه صاحبه الذي يحلّه )، والسند من الصدوق إلى الحسن بن علي بن النعمان جيد عن أسباط بن محمد يرفعه فيه مرفوعة، وهذه الرواية مرت علينا بسند آخر مسند، هي دالة أنَّ في الغيبة حق الناس وأن كفارتها والتوبة منها لا يكفي فيها الاستغفار والتوبة فقط بل لابد من أنَّ الذي وقعت فيه الغيبة أن يبرئ ذمة من اغتابه، وسيأتي أنه من ضمن ردّ المظالم في الغيبة لأنها مظلمة فمن أنماط تكفير ذنب الغيبة التصدّق عن صاحب الغيبة بالمال فيصير له ثواباً فإذا أراد يوم القيامة أن يأخذ بتلابيب من اغتابه فيقول له أنا عطيتك ثواباً فهذا نوع من التهاتر، فالمقصود أنه ذكر في الروايات أنه يوجد نوع من التكفير عن الغيبة وهو التصدق عمن وقعت عليه الغيبة وهذا نوع من رد المظالم فرد المظالم ليس من الضروري أن تكون أموال للآخرين في ذمته وجهلهم وإنما من ضمن ردّ المظالم هو ظلم العباد ولو ظلم تكليفي وليس ظلماً مالياً فهو يكفر عن ظلمه للآخرين بأن يتصدق عنهم، حتى ظلم الزوجة أو الأولاد أو الأرحام أو الأصدقاء فيتصدق، وهذا من أحد وجوده رد المظالم، ( أما صاحب الغيبة فيتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحله).

الرواية الأخرى: - وهي رواية مرسلة رواها الطبرسي في كتابه التفسير مجمع البيان عن جابر عن النبي قال: - ( إياكم والغيبة )، فلاحظ أنَّ الصدوق يورد روايات مرسلة والكليني يورد روايات مرسلة والشيخ الطوسي يورد روايات مرسلة والطبرسي المفسّر الكبير يورد روايات مرسلة وهم من كبار المذهب، وكذلك الفريقان يوردان روايات مرسلة ومرفوعات ومقطوعات فلماذا يروونها ولماذا استقصوا الروايات ضعيفها وقويها؟ إنه لو لم تكن فيها فائدة إلزامية علمية في الاستنباط لماذا يوردونها، والمفيد عنده عدة كتب حديثية كتاب من كته في الحديث هو الأمالي ويوجد عنده كتابان في المزار ولو أنهما الآن مدمجين في مجلدٍ واحد، ويوجد عنده كتاب الارشاد وهو كتاب رواية أيضاً، وإن كان لعالم قبله ولكنه هذبه وشذبه فهو ينسب إليه بهذا اللحاظ، فالمقصود جملة من الكتب الحديثية هي له ولكن لماذا يورد الروايات الضعيفة والمرسلة والمقطوعة؟ وكذلك الشيخ الطوسي عنده من كتب الحديث إلى ما شاء الله التهذيب عش مجلدات والاستبصار أربع مجلدات ومصباح المتهجد وأمالي الطوس وغيبة الشيخ الطوسي فتوجد عنده كثيرة في الحديث، فلماذا يورد الروايات ضعيفة السند لا واحدة ولا اثنتين ولا أربع وكذلك الصدوق، وكل علماء الطائف هذا هو ديدنهم، بل كل علماء الفريقين هذا ديدنهم فكيف وجهه ولماذا؟ واضح أنَّ المدار عندهم ليس على الصور كما بنى على ذلك السيد أحمد بن طاووس والسيد الخوئي أو الاخباريين، بل المدار في الصحة عندهم هو صحة المضمون بأن لا يخالف محكمات الكتاب والسنَّة ولا يخالفها، يعني يكون في أجوائها في المنظومة التشريعية، ومعنى لا يخالفها أي لا يشذ عنها، فيتشكل من ذلك قران وقران إلى تحصل الوثوق بالمضمون والصدور، هذه سيرة عملية علمية متجذرة لقرون عند علماء الفريقين فضلاً عن علماء الامامية، أو لك أن تقول إنه حتى الروايات التي لم تتم سنداً يوجد عندنا علم اجمالي بصدور جملة منها فكيف يرفع اليد عنها واحال أنه يوجد لدينا علم اجمالي بصدورها عن الوحي، فهذه نكات يجب الالتفات إليها، فالمهم أنَّ الطبرسي عند رواية مرفوعة أصلاً الطبرسي ملأ كتابه بروايات مرسلة صاحب مجمع البيان في التفسير لماذا لم يورد أسانيدها ولماذا اعتمد عليها في استنباط واستظهار الآيات والحال أنه زعيم من زعماء المذهب فهل هذا عبط ومن دون منهج صناعي؟ كلا بل عنده منهج صناعي، وكذلك الطبرسي الآخر صاحب كتاب الاحتجاج الكلام نفس الكلام فلماذا لم يورد الأسانيد وجلها واردة في المعارف، إنه لأجل المضمون مع أنه قال إنَّ كل هذه الروايات مشهورة ومعتبرة عند علماء الامامية بغض النظر عن سندها ولكن مضامينها فيها اعجاز وعالية، هذه السيرة العلمية للعلماء يحجب الالتفات إليها كي يتنبه الانسان إلى منهاجهم فهذا ليس عبطاً، وحتى السيد المرتضى عنده أمالي وهلم جرا، ( إياكم والغيبة فإنَّ الغيبة أشد من الزنا ) وذكر نحوه، يعني نفس الروايات التي مرت.

الرواية الأخرى:- ما رواه الصدوق في كتاب الاخوان بسند عن أسباط رفعه عن النبي قال:- ( ألا اخبركم بالذي هو اشد من الزنا وقع الرجل في عرض أخيه ) يعني وقيعته غيبته، ولو أن هذه لرواية مرَّ بنا أنه لا يبعد حملها على الأشد من الزنا بما هو فعل وإلا فالزنا في عرض الناس فهو تعدٍّ على عرض الناس، فالمقصود أنَّ زنا مثلاً على العوائل أو كذا طبعاً هذا أشد بهذا اللحاظ، فالمقصود أنَّ الزنا من حيث هو زنا وإلا فالزنا فيه تعدٍّ على العرض إذا كان العرض سالماً غير مخدوش كالزنا من هذا فإنَّ هذا تعدٍّ على عرضهم، فتارة الزنا هو بامرأة هي ذات افعال ساقطه وهي متهتكة فهذا بهذا بحث آخر وتارة غير ذلك.

الرواية الأخرى: - الصدوق في أماليه، ودائماً كتاب الأمالي يسمّى أمالي ويسمّى مجالس، فالصدوق له أمالي والمفيد له أمالي والطوسي له أمالي والسيد المرتضى له أمالي فهو روايات رواها لتلاميذه في سلسلة مجالس وطبعاً أمالي الصدوق مشتمل عل مقتل روائي لعاشوراء، فعدة مجالس خصصها الصدوق في الروايات الوارد في كربلاء فالصدوق عند كتاب مقتل مسند روائي، فالمهم ورد في كتاب الأمالي للصدوق عن أبيه عن محمد بن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن نوح بن شعيب عن محمد بن اسماعيل والسند قابل للاعتبار، لا اقول عند المتأخرين وإلا هو عند ممشى القدماء قابل للاعتبار، عن صالح بن عقبة عن علقمة بن محمد، وصالح بن عقبة وعلقمة بن محمد أحد الطرق الروائية لزيارة عاشوراء، عن الصادق جعفر بن محمد في حديث أنه قال:- ( فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً ولم يشهد عليه عندك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة وإن كان في نفسه مذنباً ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله تعالى ذكره )، فنها ربط عليه السلام بين حرمة الغيبة وبين العدالة الظهرية او العدالة بحسب حسن الظاهر، يعني من يستحق حرمة الغيبة وله حرمة الغيبة؟ هو من يصون ظاهره من المؤمنين في قبال المتهتك، إذاً الغيبة ليس لصرف المؤمن وإنما المؤمن الصائن، إذاً حرمة الغيبة موضوعها ليس صرف المؤمن فضلاً أو المسلم وإنما موضوعها المؤن الصائن لنفسه، ومرَّ بنا أنَّ طائفة من الروايات هذا هو لسانها، ( فمن لم تره بعينك يرتكب ذنباً ولم يشهد عليه عندك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر )، فهل هذه عدالة واقعية أو عدالة ظاهرية فإنه توجد عدة روايات واردة بهذا المعنى، فتمحيص البحث في العدالة أو يقال إنَّ ما اشترط فيه العدالة كالطلاق المراد به العدالة الظاهرية، وإذا فتح هذا البحث فسوف يحل مشاكل كثيرة، ودعونا نبسط البحث قليلاً، لأنه توجد أسانيد أخرى معتبرة أكثر لهذا المضمون وأنَّ العادلة هي هذا الستر الظاهري وإن كان في نفسه مذنباً، ودعونا نذكر هذا المثال، وهذا المثال في الحقيقة تبناه النراقي وصاحب الكفاية، وأصل المبنى أثاره صاحب الحدائق ولكنه أثاره بعبارة مجملة أو مبهمة ولكنها اثارة صناعية مهمة، وقد تبناها تلميذه النراقي والسيد علي صاحب الرياض وبحر العلوم وثلة من نجوم تلاميذ الوحيد البهبهاني الذين كانوا يدرسون خفيةً عند صاحب الحدائق، فهم علانية يدرسون عند الوحيد البهبهاني ولكنهم خفيةً يدرسون عند صاحب الحدائق باعتبار أنه فقيه متبحّر، فصاحب الحدائق أثار هذه الاثارة والتي يتبناها بقوة النراقي وصاحب الكفاية وهي تنفعنا في بحث العدالة، وهي أنه قال إنه في بعض الأبواب نعم توجد عندنا ظهارة ظاهرية وطهارة واقعية، ولو أنَّ كلام صاحب الحدائق يحتمل عدّة معاني ولكن هذا أحد الاحتمالات التي بلورها النراقي وصاحب الكفاية، فهو قال إنه يوجد عندنا طهارة ظاهرية وطهارة واقعية وبعض الأبواب ليس الشرط هو الطهارة الواقعية وإنما الشرط هو الطهارة الظاهرية، فإذا كان في بعض الأبواب الشرط هو الطهارة الظاهرية ثم علمت ايها المكلف أن الطهارة لم تكن واقعية فهل يختل صحة ذلك العمل؟ كلا لا يختل، لأنه من الأول الشرط ليس خصوص الطهارة الواقعية بل اعم من الواقعية والظاهرية، صحيح أنه بعد انكشاف الواقع ارتفعت الطهارة الظاهرية ولكن حين العمل كانت الطهارة الظاهرية موجودة، نعم الطهارة الواقعية ليست موجودة ولكن الطهارة الظاهرية موجودة، وهذا غير الشرط الذكري وإنما هو شيء آخر، شرط ذكري أصلاً ليس بشرط وإنما عند الذكر هو شرط وإلا عند الغفلة هو ليس بشرط، أما هنا فهو يريد أن يبلور هكذا وهو أنَّ الشرط هو شرط ولكنه ليس الشرط هو الوجود الواقعي للطهارة وإنما أعم من الواقعي أو الظاهري، وهل يوجد تخلف في الشرط حينئذٍ ظ لا يوجد تخلف، وصاحب الكفاية في كتاب الكفاية والنراقي أصرّا على هذا المبنى وأنه في بعض الأبواب الشرط ليس هو خصوص الطهارة الواقعية وإنما أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية، فإذا كان الأمر كذلك فحينئذٍ انكشاف الواقع لا يخل بالعمل، أما طهارة الماء للوضوء هي طهارة واقعية ولكن طهارة الثياب في الصلاة هي في الصل أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية، والطهارة في باب آخر اعم مثلاً طهارة لباس الحاج والمعتمر في طواف الحج والعمرة، فلبس خصوص الطهارة الواقعية بل أعم من الواقعية والظاهرية، ولماذا اثرنا هذا البحث؟ إنه لأجل هذه النكتة، وطبعاً عندنا الظاهرية مرتبتان وعندنا الواقعية مرتبتان أيضاً، ونؤجل الحديث عنها إلى غد، فإذا بنينا على أنَّ العدالة المأخوذة في شاهدي الطلاق ليس هي العدالة الواقعية وإنما هي العدالة الظاهرية المرتبة الأولى وليست المرتبة الثانية والتي هي أنه بحسب السلوك وسيرة السلوك العلني له أنه صائنٌ لنفسه فهذه يسمونها المرتبة الظاهرية الأولى، فهو في العلن لا تستطيع أن ترصد عليه ذنباً من الكبائر أما الصغائر فهذا بحث آخر فحينئذٍ هذا عادل ولو انكشف أنه في الواقع بشكلٍ متستر أنه عاقٌّ لوالديه أو بشكلٍ متستر هو ظالم لزوجته أو لأولاده ولكنه متستر فهل هنا يصير خللاً في الطلاق؟ كلا لا يصير خللاً في الطلاق، هذا إذا بنيا على أنَّ العدالة المأخوذة في الشاهد هي العدالة الظاهرية وليست العدالة الواقعية، وهذا تصرّف في ماذا؟، والبحث طويل لا نريد مغادرته باستعجال وسوف نحرره، ولو أنَّ الأعلام حرروه في بحث الطهارة كصاحب الكفاية والنراقي، ولكن هنا نريد أن نحرر العدالة، وهذا بحث أهم، فإنَّ العدالة مرصودة في أبواب كثيرة فإذا حررنا هذا البحث فسوف يترتب عليه الإجزاء ببالٍ هادئ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo