< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/02/12

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: - أحكام العناوين بالوجود البدني والروحي - ( حرمة الغيبة ) - المسألة التاسعة - المكاسب المحرمة.

كنّا في أدلة حمة الغيبة وفي أدلة حرمة الغيبة ومبحث الغيبة من عمدة الآيات ما في سورة الحجرات وهذه الآيات الواردة في سورة الحجرات التي تتحدث عن نظام التعامل فيما بين المسلمين أو المؤمنين فيما بعضهم البعض هي الآية تفرز هذه الأحكام وهذه المسائل على طبق قواعد فقهية، يعني حتى الآيات الكريمة تذكر حكماً ثم تبين بناء هذا الحكم على قاعدة فقهية، وهذا من ظريف الدلالة في الأدلة سواء كن في الآيات أو الروايات، أن يلتفت الباحث والمستنبط إلى أنه الحكم المذكور في الدليل مستند إلى قاعدة مذكورة في نفس الدليل أو إلى قواعد ولذلك الأعلام هنا في مبحث حرمة الغيبة رأوا أنفسهم تلقائياً يثيرون الحديث عن قاعد فقهية في هذا المبحث مثلا مبحث حرمة الغيبة ومن تلك القواعد كما مر بنا قاعدة ﴿ إنما المؤمنون أخوة ﴾، فنفس إنما المؤمنون أخوة يوجد تفريع عليها وهو ﴿ فـأصلحوا بينمها ﴾ غير ذلك، فعقب هذه القاعدة يوجد حكم، وهذا بيان واضح في الآية المباركة، فإذاً الأخوة الايمانية هذا مبحث ليس أخلاقياً كما قد يتخيل في الوهلة الأولى وإنما هو حكم من أحكام القواعد الفقهية المهمة في علم الفقه، أخوة المؤمنين وهلم جرا، والأخوّة عنوان آخ عن الولاية والتولي والموالاة، فيوجد بينها ترادف شرعي، فإنه يوجد ترادف لغوي ويوجد ترادف عقلي ويوجد ترادف شرعي، فهذا ترادف شرعي، لأنَّ الأخ يرعى ويحمي ويكفل أخاه من أصلٍ واحد من بيتٍ واحد، وحينما تكون الأخوة منبعها الايمان منشاؤها الايمان فإذاً هذه القوة ليست قوة قبلية وإنما هذه اخوة ناشئة من الروح، وهذا تنصيص من القرآن الكريم أنه هناك من الأخوة ماهي أخوة نابعة من الايمان والروح لا من البدن، هذا أيضاً كموضوع من الموضوعات في أبواب الفقه بعض الأحكام الفقهية أو جملة غفيرة من الأحكام الفقهية تترتب على الموضوع بدرجته البدنية أي بدرجة البدن، وهناك جملة من الأحكام الفقهية تترتب تلك الأحكام والآثار على الموضوع بدرجته الروحية وبدرجة وجوه الروحي، الأخوة الروحية القلبية بلحاظ الايمان تترتب عليها آثار تلك الآثار الأخوة بلحاظ الوجود الروحي لا بلحاظ الوجود البدني، مثل الآن وسنأتي إلى التعرض إلى كلمات الأعلام أنَّ حرمة الغيبة من آثار الأخوة الايمانية وليس من آثار الأخوة البدنية، روى الصدوق في الفقيه أن الارث في زمن دولة صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف مع أنَّ طبقة الأولاد والآباء وهم الطبقة الأولى في الإرث والطبقة الثانية في الإرث هي الأخوة والأجداد والطبقة الثالثة الأعوام والأخوال، إذا فسّروا الروايات أنه توجد أخوة روحية وابوّه روحية أيضاً موجودة وولادة روحية أيضاً موجودة في قبال الولاة البدنية، الآباء ثلاثة يعني الأب الذي يقال عنه أنه أب هو أب البدن وليس أب الروح، أما أب الروح هل هو بحث أخلاقي أو هو بحث فقهي؟ كلا في مراتب متطورة من حياة البشر في دول أهل البيت عليهم السلام وهي دول منفتحة على الملكوت سيكون وود العناوين بوجودها الروحي هي موضوع الآثار الفقهية كالإرث وغيره، وهذه مرحلة متطورة، (يا علي أنا وأنت أبوا هذه الأمة ) هذه درجة أخرى، مثل البيع والشراء المادي البدني ويوجد بيع وشراء ورحي ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ﴾، فالثمن هو الجنة والمثمن هي النفس، ﴿ فأبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ﴾، فهناك الموضوعات تارة تكون ليس بوجودها البني وإنما بوجودها الوحي، وهذا ليس بحثاً أخلاقياً وبحث تأويلي وإنما هو بحث فقهي مصطلح، مثل الآن حرمة الغيبة مرتبة على الأخوة الايمانية والأخوة الايمانية غير البدنية، فربما أخ لك في البدن ولكنه ضال أو معتنق لكذا وكذا فهذه الحرمة لا تترتب عليه مع أنها حرمة إلزامية فقهية، إذاً دين الاسلام فعّل أحكام الروح يعني وجودات الموضوع بدرجة وجود الروح بفعّلها حتى الآن فهو فعل جملة منها الآن وليست كلها، فهذه القاعدة ﴿ إنما المؤمنون أخوة﴾ وليس الذين خرجوا من رحم واحد أخوة فإنَّ الأخوة هي الموالاة، والطيف أنه ( آخى رسول الله .... ) وهنا يوجد سؤال وهو أنه أي أخوة هذه اليت آخى بها رسول الله؟ واللطيف أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخى بين واحد وواحد وليس بين الكل مع الكل فماذا يعني هذا فقيهاً؟، كيف دائماً هذا المطلب يمرّ بنا ذكره وهو أمتن مناهج تفسير المعارف والعقائد وقراءة والمعارف من أمتن المناهج وليس هو الأمتن الوحيد وإنما من أمتنها هو قراءة العقاد بلغة فقهية، ماذا تعين هذه الحادثة فعدة مرات آخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار أو بين مهاجرين ومهاجرين؟ مثلاً آخى بين أبا بكر وعمر ولم يؤاخ بينهما وبين الأنصار، فما السرّ في ذلك، وآخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين نفسه وبين ابن عمه أمير المؤمنين، أولاً هذه المؤاخاة لماذا كانت بين واحد وواحد ولماذا لم تكن بين الكل مع الكل فأي درجة من المؤاخاة هذه؟، يعني لاحظ حتى المؤاخاة الايمانية الولاية والتوالي هي توالي خاص، حبذا لو تقرأ سيرة النبي وأهل بيته عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام بلغة فقهية عقائدية تقرأ بقراءة فقهية عميقة فإنه سوف تعطي أبعاداً لطيفة، ﴿ إنما المؤمنون أخوة ﴾ وأخوّ يعني موالاة وتآخي. فإجمالاً إذاً يلاحظ من هذه الآيات والأحكام الموجودة فيها أن الموالاة مراتب، والاحترام مراتب، وممن اختص بالأخوة حتى من بين الأئمة الاثني عشر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله وأخو رسوله، ابناء رسول الله صفات للأئمة الأحد عش الباقين بينما اخوة رسول الله صلى الله عليه وآله يعني موالاة خاصة بين أمير المؤمنين عليه السلام وسيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم.

فالمهم إذاً نظام التعامل مثل ما مرَّ بنا أمس في سورة التوبة أنَّ ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ﴾ في ضمن المجتمع المسلم، وكأنما نفس القرآن الكريم يمذهب أنه في المسلمين مذاهب مناهج فالمؤمنون لهم تماسكم الاجتماعي الخاص من الأحكام وأما المنافقين فبشكل آخر وهذا ثابت بنص القرآن الكريم، والأعلام المشهور سيما من تأخري هذا العصر استظهروا من مجيء القرآن بهذه الآيات بقاعدة ﴿ إنما المؤمنون أخوة ﴾ أن ما بعده من أحكام مختص بالمؤمنين لا عموم المسلمين بالإسلام الظاهري بعرضه العريض كالمنافقين وغيرهم، ﴿ إنما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ﴾، وكيف يكون الاصلاح بين المنافقين فهل هو راجح؟ إذا كان نزاعهم يسري إلى الفتنة بين المسلمين عموماً فنعم هو راجح، ولكن ليس بلحاظهم وإنما بلحاظ عدم توسع الفتنة غلى عموم المسلمين وإلا إذا كان في دائرة محصورة بين المنافقين النزاع بينهم هو أخمد لنفاقهم، وهذا قرينة على أن أصلحوا هنا يعني بين المؤمنين، ﴿ فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله علكم ترحمون، يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهن ولا تلمزوا أنفسكم ﴾، وهذا لطيف فكأنما للمز الغير هو لمز للنفس لأنهم أخوة، فهنا نزّل الأخ الايماني منزلة النفس، ﴿ لا تلمزا نفسكم ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ أحد زوجات النبي تساءلت أو اعترضت إذا كان أمير المؤمنين أخوك فكيف زوجته ابتك؟! فهي خلطت بين الأخوة الروحية والأخوة البدنية، الأخوة البدنية لا يصح فيها تزويج البنت فيها أما الأخوة الروحية فحكما شيء آخر، فهذه نكات لابد من الالتفات غليها للفرق بين درجات وجود الموضوع البدني عن الروحي، ﴿ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب ﴾ فلاحظ أن النبز باللقب ليس بالضرورة يسمّى سبّاً ولكنه تنابز ولكنها ظاهر الآيات في دائرة نسيج المؤمنين وليست تعم عموم المسلمين كالمنافقين مثلاً، ﴿ ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ﴾ وبئس الاسم يعني الصفة والحالة، فأنت أيها المؤمن عادل فلماذا تتصف بوصف الفسق، فبئس الاسم يعني الوصف والحال، ﴿ ولا تلمزوا انفيكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق ﴾ والاسم بمعنى الوصف والحال، وفي علم الكلام حينما يبحثون عن الايمان والاسلام والكفر والضال وغر ذلك يعبرون عنه بباب الأسماء وهو نسه هذا المبحث فنفس الكفر اسم والاسلام هو اسم يعني أنه وصف نعت وسمة وعلامة، فهم يعبرون عنه بباب الأسماء والأحكام في علم الكلام، والكليني في أصول الكافي المجلد الثاني نصفه تقريباً هو حول الايمان والكفر وهو يسمى مبحث الاسماء، وطبعاً لا يخفى أن الكليني مضافاً إلى ونه فقيهاً ومحدثاً وراوٍ ورجالي هو من نجوم المتكلمين الامامية في زمانه، وتبويبه مهم أيضاً فإنَّ أصول الكافي الجزء الثاني الطبعة القديمة التي هي ثمان مجلدات تبويبه مهم يلزم ملاحظته، وكذلك تبويب الجزء الأول مهم أيضاً، ولا نريد الدخول في هذا البحث فإن الباحث إذا لاحظه توجد فيه فوائد سبق وان شرحنا نبذة منه في شرح أصول الكافي في مبحث العقائد، فعلى أية حال قالت الآية الكريمة ﴿ ولا تنابزا بالألقاب بئس الاسم الفسوق ﴾ يعني هذا التنابز يتحلّى باسمٍ وهو الفسوق فهو يفسق يعني هي كبير وهذا يدل على أنَّ هذه كبائر وليست صغائر، لأنَّ الصغيرة لا يفسق منها العادل وإنما يفسق بالكبيرة، ﴿ بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ﴾، ﴿ يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ﴾ فهنا أيضاً الخطاب إلى الذين آمنوا وليس الذين أسلموا وهنا الايمان لا يراد منه الايمان الظاهري، ﴿ ولا تجسسوا ﴾، ولا يتجسس المؤمنون على بعضهم البعض ، ولو أن حرمة التجسس ولو لم يعقد لها الأعلام مسألة مستقلة ولكن لابأس أن تثار، فإنَّ التجسس أو الجوسسة فهي من فوعلة من حسَسَ، هنا المقصود هو حرمة التجسس في الشؤون الخاصة للمؤمن أي خصوصياته، أما إذا كان هذا المؤمن كان وزيراً أو مديراً فالجوسسة عليه في شغله العام وشخصيته العامة غير الجوسسة على خصوصياته، فإن خصوصياته مثلاً عائلته أو بدنه أو ممارساته البدنية لنفسه أو غير ذلك فهذا أنه الخاص فلا يسوغ التجسس عليه، أما هو وزير يقوم امير المؤمنين عليه السلام بنصب عيون على ولاته، فعيونٌ عليهم هذا من نجاح الادارة، وقد استخدمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام، فهو عين عليه ولكن ليس في قضاياه الخاصة أو عائلته فإنَّ هذه خصوصياته الخاصة لا يجوز الاطلاع عليها، وإنما هو عين عليه كيف يمارس إدارة هذه الولاية وينقل له أول بأول، فهذه ليست محلاً لعموم النهي عن التجسس لأنه ليس حقاً خاصاً وإنما هو عام، فالحق العام ليس هو شأن خاص، فهنا لا نحتاج إلى تخصيص بل هو من الأصل يقال يوجد تخصص، حتى حرمة الغيبة فإن حرمة الغيبة - وهذه نكتة مهمة - هي في الشأن الخاص وفي الخصوصيات أما في الشأن العام ان تغتابه من جهة عمله كمسؤول أو علمه كصحفي فهذا ليس شأن خاص ولو أن هذه ليست مسؤولية عامة رسمية حكومية ولكنها مسؤولية عامة في الشأن العام فهذا الصحفي بقلمه ماذا يصنع، فأصل حرمة التجسس أو الغيبة موردها في الشأن الخاص والخصوصيات وليس الشأن العام، فإن الشأن العام هو ليس ملكه وإنما هو ملك العموم، فلا يرد عنوان الغيبة ولا عنوان التجسس، وأنا لا أريد أن أسبق بحث الغيبة وإنما حملة من الأعلام والمعروف أن السيد أحمد الخوانساري لا يباحث في الرجال ولماذا؟ قال إنها غيبة وفيها إشكال، فإذا كان مبث الرجال لأجل الخصوصية فهذه لا تجوز أم الراوي يريد أن يتصدى لمسؤولية تراث ديني فهذا حق عام، فهذا حتى خصوصياته الشخصية هنا تصير ملكاً عاماً لأنها سوف تترتب عليها آثار للعام، وبعبارة أخرى:- نستطيع أن نخرج بأنَّ حرمة الغيبة أو حرمة التجسس هي إذا كانت في أمر ٍخاص لأجل أمر خاص فهي من التفكّه في أعراض الناس وهي نوع من الاطلاع على عورات المؤمنين وهذا لا يجوز، وأما إذا كانت الغيبة أو التجسس أو ما شابه ذلك لأجل الشأن العام فهذه ليست داخلة في البحث الخاص، ولذلك ذكر الفقهاء أنَّ الفقيه الذي يقلَّد يجب أن تكون ذاكرته معتدلة، أما إذا لم تكن كذلك فلا يصح تقليده، فهذه الذاكرة هي خصوصية خاصة ولكن هذه الخصوصية الخاصة ليست للأثر الخاص وإنما هي خصوصية مرتبطة بالشأن العام، فهذا تخصّصاً خرج عن حرمة الغيبة وعن حرمة التجسس، فإذاً مورد حرمة الغيبة ومورد حرمة التجسس هي الخصوصية بلحاظ الأثر الخاص، فبلحاظ الشأن الخاص وللشأن الخاص لا تجوز، كما لو أنك دخل تحريم بيته لأجل معرفة الشأن الخاص له فهذا لا يجوز، أما ادارته وموقعه الاداري والوظيفي هو عام فهنا يجوز أن تدخل عليه لأنَّ البحث هنا عام. هذه نكات تستحق الوقوف عندها بعد التعطيل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo