< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/02/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التعايش البشري والجهاد الابتدائي عند أهل البيت عليهم السلام- المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

كنا في هذه القاعدة وهي قاعدة أهل الريب والبدع، وهي استثناء من قانون الحرمة أو أحكام الحرمة والاحترام للطرف الآخر وبهذه المناسبة الموضوعية ارتبط البحث بمقدار الحرمة والاحترام بين المذاهب أو مقدار الحرمة والاحترام بين الأديان أو بين عموم البشر، ومرَّ أنه بحسب مذهب أهل البيت عليهم الاسلام وقواعد وضابط مدرسة أهل البيت وهي تختلف عن مدرسة السقيفة برمتها في هذه الجوانب حرمة الدم والمال والعرض وإن كانت هي درجات ولكنها شاملة لكل البشر - نستطيع أن نعبر - مالم يكن معتدياً عدوانياً، وهناك فرق بين العدو وبين المعتدي، فالذي يستثنى ليس العدو من الاحترام وإنما الذي يستثنى هو المعتدي والمعتدي يختلف عن العدو، وهذا بحث فقهي سياسي قانوني، فما هو الفرق بين العو والمعتدي وهذا يرتبط ببحثنا، المعتدي يراد به صاحب الحرب الساخنة أو بالتالي قام بغصب أراضٍ أو حقوق أو غير ذلك عملاً فهو تجاوز واعتدى، فهذا هو الذي يستثنى من حرمة الدم والمال والعرض، وعدوان بمعنى المعتدي وليس المراد من العدوان مطلق العدو ومطلق صاحب العداوة، وفي المصطلح القانوني الوضعي البشري الآن ما الفقر بين المعتدي في قابل العدو؟ العدو كما مر قد يكون حراباً ناعمة أو حرباً باردة بالاصطلاحات العصرية، فهي حرب ناعمة أو حرب باردة ولكنها هي حرب ومناورة وخصومة وهي لا تصل إلى الحرب الساخنة هذه مطلق العداوة أو الخصومة أو المناورة، هذا لم يستثن من حرمة المال والعرض والدم ولكن إذا وصل إذا الاعتداء والعدوان والتجاوز فهنا ليست هناك حرمة مال وغيره، ولذلك المنافقين في ظل رسول الله صلى الله عليه وآله ولم هم أعداء وكانوا يمكرون ولكن يبقي لهم الاسلام حرمة المال والدم والعرض أما إذا قاموا باعتداء وتجاوز مخطط عملي فلا يرعى لهم ذلك لأنهم أوصلوا الأمر من عداوة إلى عدوان فإذا أوصلوه إلى العدوان فهنا يفقدون حرمة المال والعرض والدم، ولذلك في زيارة عاشوراء أو زيارة الجامعة فرّق بين حرب لمن حاربكم وبين عدون لمن عاداكم، فإن المحارب مقام والمعادي مقام آخر، والعدو مقام والمعتدي المحارب مقام آخر، فيجب التفرقة بين المقامين، إذا جمعت ولملمت منظومة آيات القنال في القرآن الكريم إجمالاً هكذا سنرى، أليس مرَّ بنا قبل أيام أنَّ القرآن الكريم فيه بعض السورة ﴿ كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفاها الله ﴾ فإنَّ منطق القرآن الحرب عنده ليست طبيعية أولية وإنما هي حالة استثنائية، ( آخر العلاج الكي )، هكذا منطق هذه الآية وآيات أخرى كثيرة، وهذا لا ينافي آيات القتال، لأنَّ آيات القتال بالدقة هي في منطق دفاعي، وليس هو الدفاع المصطلح عليه سابقاً وإنما الدفاع المصطلح عليه عصرياً، وسنبين أنه في مدرسة أهل البيت عليهم السلام أنه حتى الجهاد الابتدائي اسمه ابتدائي ولكن ليس معناه حرب وعدوانية وإنما هو دفاع في مقابل العدوان والاعتداء في المنطق العصري، والجهاد والقتال في الآيات الكريمة هو بهذا المعنى، أما الجهاد الابتدائي في مقابل الجهاد الدفاعي المذكور في الفقه فهذا له معنى آخر لاسيما في مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فليس معناه ابتداء العدوان من المسلمين او الدولة الاسلامية على طرف آخر وإنما المراد به أيضاً دفاع، وكيف يكون دفاعاً؟، الآن الجهاد الدفاعي هو دفاع واضح أما أنه كيف يكون الجهاد الابتدائي دفاعاً؟ يعين دفاع بالمنطق الحقوقي باللغة الحقوقية كيف يكون دفاعاً؟ ومن باب المثال ثم بعد ذلك نذكر الضابطة، مثلاً بدر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ابتداءً حرّك جيشه في مقابل قافلة قريش فكيف يكون هذا دفاعاً؟، بينما في أحد هم الذين أتوا بجيش فواجههم النبي في أطراف المدينة المنورة ولكن في بدر وفي خيبر كيف هو وفي بني قريظة وبني النظير وحنين وغير ذلك كيف يصور الدفاع؟ يصور دفاعاً لأنه في بدر بالدقة قامن قريش بنفسها بمصادرة أموال المسلمين في مكة فهي التي ابتدأت بالعدوان، فهي لم تقم بعداوة فقط وإنما قامت بعدوان وتجاوز، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يقتص لأموال المسلمين من أموال قريش من قافلة أبي سفيان الآتية من الشام، والاقتصاص المالي حق مشروع، وهم حينما علموا بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يقتص اقتصاصا مالياً أرسلوا جيشهم فنجت قافلة أبي سفيان ﴿ إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين تكون لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ﴾ يعني تودون الحصول على القافلة وليس الحرب، فأصل خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى بدر لم يكن بمنطق ابتداء العدوان، فهو جهاد ابتدائي وهذا صحيح ولكن هذا الجهاد الابتدائي بمنطق حقوقي هو دفاع، لأنه اقتصاص لأموال المسلمين، وليس كان هدف النبي الأول وفي الدرجة الأولى أن يشنَّ حرباً عسكريةً على قريش، ولذلك في بدر عتبة خاطب أبي جهل وقال له إن القافلة قد سلمت فلماذا نتوجه إلى بدر بل دعونا نرجع ولكن أبو جهل تعنت وكذلك قال عتبة لأبي جهل ولقريش إنَّ المعتدي ليس بيده فلاح ونجاح، ومن هنا نعرف أنَّ المعتدي هم لأنه أولاً هم الذين صادروا أموال المسلمين ولم يسمحوا للمسلمين أن يأخذوا قصاص أموالهم وزيادة على ذلك هم الذي أتوا إلى الحرب العسكرية، لا أنَّ المسلمين اتجهوا تجاه مكة وإنما اتجهوا تجاه القافلة فقط، ولذلك عتبة أنذر قريش وأنذر ابي جهل وغيره بأن هاذ عدوان زائد من قريش، يعني أنه علاوة على أننا صادرا أموال المسلمين نريد أن نشن عليهم حرباً عسكرية أيضاً ولكن لا يفلح المعتدون، وهذا منطق رسّخه النبي إبراهيم عليه السلام في مكة وفي قريش لقرون، وأبو جهل خرج أشراً بطراً كالذين خرجوا رئاء الناس حيث يصف القرآن الكريم قريش، وفعلاً كانت هزيمة نكراء لقريش، لأنه كان عندهم اعتداء مضاعف، فلاحظ أنَّ نفس وقائع بدر نفس ربيعة والذي هو قتل على يد أمير المؤمنين عليه السلام كان هو يبارز حمزة وقد قتل عتبة، وهو - عتبة - أيضاً نصحه فقال له إنك خفت من سيوف بني هاشم، حيث قال لو تعصيني قريش وتطيعني هذا اليوم تفلح، والنبي صلى الله عليه وآله كان في القصوى الأخرى - الدنيا - يقول وهو بالتالي مشرف بنبوته على ما يجري في معسكر الطرف الآخر فيقل له يا رسول الله ماذا يجري بينهم؟ فقال إنَّ عتبة ينصحهم ولو أخذوا بكلامه لأفلحوا ولكن لا يأخذون بكلامه، وفعلاً حصل ذلك، فلاحظ أن أصل منطق حرب بدر هي دافع وإن كان النبي كان هو الذي ابتدأ بإخراج الجيش ولكنه تحت غطاء حقوقي دفاعي، كذلك في بني قريظة وبني النظير هم خانوا أمنياً فكانوا يقومون بعمل استخباري للعدو يعني صاروا أوكاراً للفتك بعضد المسلمين أمنياً لقريش وغيرهم، وهذا مثل الخلايا النائمة هي تقوم بخلخلة وازالة البعد الأمني عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين، وهذا جهاد ابتدائي ولكنه بالدقة جهاد دفاعي، لأنه تحت غطاء دفاعين وكذلك خيبر وحنين، وحنين هي هوازن كانت تعد العدة فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فاجأهم، الآن أحد أقسام الدفاع يعبر عنه بالحرب الاستباقية، صحيح أنَّ الحرب الاستباقية هي ابتداء ولكنها ابتداءً دفاع وليس ابتداء عدوان لأن الطرف الآخر يحظر لعدوان شرس وخطير فأنت تقطع عليه الطريق، وكذلك حرب الجمل أيضاً هكذا، فهم الذين ابتدأوا الحرب وهم الذين جيشوا الجيوش وهم الذين قتلوا المسلمين من شيعة علي في البصرة، وكذلك النهروان وصفين، فصحيح أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام نزح من الكوفة إلى حدود الشام في صفين ولكن هذا بسبب وضع معاوية يده على مقاليد المسلمين في الشام من دون ترخيصٍ وكأنما هو يسقط محافظة من الدولة الاسلامية، فمن الطبيعي أن ينقل الجيش من المركز إلى الحدود، فبالدقة حروب النبي وأمير المؤمنين عليهم أفضل الصلاة والسلام وحتى الحسن والحسين عليهما السلام هي في المنطق العصري حروب دفاعية وليست حروباً عدوانية، نعم هي تسمى ابتداءً.

ونشرح هذا المطلب ثم ننتقل إلى البحث اللاحق:- وهو أنَّ الجهاد الابتدائي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام له غطاء دفاعي وإن كان هو ابتداء صورة ولكن واقعه دفاع، ومن أهم غايات وفلسفات الجهاد الابتدائي علاوة على ما ذكرناه هو الدفاع عن شعوب العالم كما في سروة النساء حيث توجد آية من آيات الجهاد الابتدائي ﴿ وما لكم لا قاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء ﴾، هنا هذه الآية الكريمة تبين أنَّ هدف الجهاد الابتدائي هو الدفاع عن المظلومين، فهذه اسلمة الأنظمة الذي يقال في الجهاد الابتدائي صحيح ولكن بأي معنى؟ وهو أنه هناك أنظمة جور تجور على شعوبها فهنا يكن دفاعاً عنهم، وهذا موجود حتى في نداء الأمم المتحدة، يعني من مسؤوليات وكمنطق وضعي بشري هو أنَّ المنظومة الأممية تقف وتواجه أنظمة الجور التعسفية الجائرة على شعوبها أو على جيرانها، لأنَّ مواجه الظلم والجور هو دفاع وليس عدواناً وإن لم يكن ظلماً وجوراً على المسلمين وبلادهم ولكن توجد شعوب أخرى مستضعفة، فهذا هو غايات الجهاد الابتدائي فإنه دفاعي، إذا كأنما الفرق بين الجهاد الدفاعي والابتدائي هو هذا وهو أنَّ الجهاد الدفاعي هو دفاع عن المسلمين والجهاد الابتدائي هو دفاعي ايضاً ولكنه دفاع عن الآخرين وعن الشعو الأخرى، وهذا ملخص وقد شرحناه في كتاب عدالة الصحابة حيث بينا الجهاد الابتدائي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام وفرقه عن الجهاد الابتدائي في المدرسة الأخرى، أما كيف فهذا بحث طويل، وما يقال بأنَّ الجهاد الابتدائي هو جهاد دعوة فهذا صحيح ولكن ليس دعوة بأنه إكراه في الدين وإنما هو إلجاء في العدل وليس الإلجاء في الاعتناق والاعتقاد، وهذا التحليل الذي نذكره قد يراجع شخصاً الكتب الفقهية للإمامية في الوهلة الأولى أو الثاني أو الثالثة فيقول كلا بل هو نفسه الجهاد الابتدائي المذكور عن المذاهب الاسلامية الأخرى المنطلقة من مدرسة السقيفة، ولكن نقول كلا بل لو جمعت كل شواهد البحث تجد أنَّ الجهاد الابتدائي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام يختلف روحاً وهدفاً وغايةً عن الجهاد الابتدائي الموجود في المذاهب الاسلامية الأخرى التي تنطلق من مشروعية السقيفة بخلاف مدرسة أهل البيت عليهم فإنها تنطلق من مشروعية أهل البيت عليهم السلام، ولذلك مرَّ بنا أمس أنَّ المشرك أو عابد الوثن أو الملحد في الحرب بعد أن تضع الحرب اوزارها لا يجوز تكليفاً قتله وهذا الحكم ثابت بنحو الضرورة في مدرسة أهل البيت عليهم السلام وليس بنحو الفتوى الظنية وإنما هو اطلاق تسالم وليس تسالماً ظنياً وإنما تسالم ضرورة، وإذا أراد الانسان أن يقرأ نظام الجهد عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام ونظام يعني مجموعة بنود وأحام ومجموعة قواعد في أبواب يشكل منها منظومة كاملة يسمى نظاماًن فنظام الجهاد في مدرسة أهل البيت عليهم السلام يختلف روحاً وجوهراً وغاية عمّا عند الآخرين ، نعم ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ) نعم نوع من التسليم والمسالمة ولذلك لاحظ في الآية الكريمة ﴿ لا تقولوا إلى من ألقى إليكم السلم لست مؤمناً ﴾ فسّرت بمعنيين وكليهما صحيح، يعني المسالم أو الذي يظهر الاسلام، لأنَّ الذي يظهر الاسلام هو مسالم أيضاً، وهذا مرَّ بنا أمس أنَّ تشهد الشهادتين ودخول الاسلام هو نوع من التعهّد والمعاهدة غاية الأمر أنها معاهدة اعتقادية، فبالدقة جهاد الدعوة هو إلجاء على العدل، فهو أسلمة للأنظمة وليس أسلمة عقائد الأفراد، والأسلمة أنها تستجيب، ومعنى إظهار الله عزّ وجل دولة صاحب العصر والزمان على كل أرجاء الكرة الأرضية هو هذا، وهو أن تكون دولة صاحب العصر والزمان هي الدولة الوحيدة في الأرض حيث تلجئ الدول الأخرى إلى العدل مع شعوبها - وليس على العقائد - وفق قوانين العدل في دين الاسلام، فالمحكمة العليا الدولية تصير هي المحكمة المهدوية الاسلامية، فيه تصير منصة الأمم وليس منظمة الأمم الحالية، فالأممية نعم هي اطروحة مهدوية ولكن بهذه الصياغة، منظمة الأمم المتحدة المهدوية وليست الدولية الالية وإنما هذه كيان آخر بديل عن منظمة الأمم المتحدة التي تنبثق عن اتفاقات معاهدات بين أغنياء العالم الذين اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولاً، وإنما الذي سيكون هو منظمة الأمم المتحدة تحت الاشراف المهدوي بنظم دين الاسلام ووفق رؤية مدرسة أهل البيت عليهم السلام لا وفق رؤية السقيفة وإنما إسلام أهل البيت عليهم السلام.

إذاً نظام الجهاد الابتدائي بالدقة هو هذا، أما الآن بعض الصياغات الفقهية في بعض الكتب الفقيه صيغ كالصياغة الموجودة عند العامة وتعطي طابعاً موهماً فهذا صحيح، ولكن يجب صياغته بالصياغة الموجودة في الآيات والروايات، ولذلك لاحظ أنَّ صياغة باب الجهاد في الصدوق في المقنع أو في المقنعة للمفيد تختلف عن صياغة الجهاد في المبسوط، فإن الذي في المقنعة للمفيد والمقنعة للصدوق أو في النهاية للطوسي ذاك أقرب في الهيكلة مع أطروحة أهل البيت عليهم السلام، وإن كان من أتى بعد الشيخ الطوسي تبع الصياغة الموجودة في المبسوط والحال أنَّ الأسلم هو المقنعة للمفيد، أو حتى الموجود في التهذيب أو النهاية للطوي أو المقنع للصدوق أو المقنعة هذه الهيكلة أقرب صياغة لمدرسة أهل البيت عليهم السلام.

إذاً إجمالاً أنَّ دم وعرض ومال الانان محترماً إلى يصير معتدياً وباب الجهاد عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام لا يتخطى هذه الضابطة العامة فهو محترم ما لم يكن معتدياً، والمعتدي أخص من المعادي والمناوئ، ولذلك باب الجهاد فيه هذا الاستثناء سواء كان ابتدائياً أو دفاعياً، فإن الجهاد الذي هو حرب ساخنة يرتبط بالمعتدي، إما أن يكون معتدياً على المسلمين وهذا جهاد دفاعي أو يكون معتدياً على شعوبه وهذا جهاد ابتدائي، فإنَّ الجهاد الابتدائي هو دفاع عن مستضعفي الأمم الأخرى، هذا هو مخلص الجهاد الابتدائي في مدرسة أهل البين، وهكذا صياغات مهمة في قولبة أبواب الفقه فإنها تحتاج إلى اعادة صياغة كي لا يتخيل متخيل أنَّ الجهاد الابتدائي عند مدرسة أهل البيت عليهم السلام هو نفسه في مدرسة السقيفة فإنَّ هذا خطأ، فمن الضروري اعادة الصياغة والهيكلة وهذا الكلام حتى طبق الضروريات ولس طبق الفتاوى الظنية.

وهنا توجد نتيجة أخرى مهمة: - وهي أنَّ الاسلام الظاهري تترتب عليه هذه النتائج من حرمة المال وحرمة الدم وحرمة العرض، أو بعض الاثار الزائدة الأخرى، هذا الاسلام الظاهري هو الذي يندرج فيه المنافق، بخلاف الايمان أو الاسلام الواقعي فإنَّ ذاك تترتب عليه آثار كثيرة أخرى في الاحترام والحرمة، مثلاً الان المنافقين نفس القرآن الكريم يقول ﴿ ولا تصلّ على أحد منهم مات ابداً ولا تقم على قبره ﴾ يعني قضية احترام الميت وتجهيزه لا يترتب على الاسلام الظاهري للمنافق، نعم تترتب عليه حرمة دمه وعرضه وماله ولكن لا تترتب عليه بقية أحكام الاحترام.

إذاً نفس القرآن الكريم والروايات وحتى فتاوى فقهاء الامامية تفرّق بين الاسلام الواقعي والاسلام الظاهري، فإنَّ الاسلام الظاهري تترتب عليه آثار التعايش السلمي، أما الاسلام الواقعي فهو يترتب عليه الإخاء والأخوة الايمانية، أما الاسلام الظاهري فلا يجوز للإنسان أن يذوب في المنافقين والمنافقات بل يجب أن تكون هناك براءة، وبراءة يعني أنَّ التعايش السلمي مع المنافقين موجود ولكن ذوبان الهوية لا يجوز، بل لابد أن تكون هناك براءة في الهوية وإن لم يكن هناك براءة في التعايش والتعامل، وكل هذه البحوث في هذه الأيام هي لأجل أن نصل إلى هذه الصورة وهذا ما قرره الفقهاء أجمعون إلا من شذَّ في هذه الأبواب والمسائل وهو أن الاسلام الظاهري الذي يشمل المنافقين لا تترتب عليه الأخوّة فلا يسوّغ هذا احد من فقهاء الامامية، ولا حتى المذاهب الأخرى فإن المذاهب الأخرى تقول إنَّ الأخوّة مترتبة على الايمان وعلى الاسلام الواقعي لا الاسلام الظاهري الذي يندرج فيه المنافق أو صاحب البدعة أوص احب الريبة، فإنَّ أصحاب الريبة وأصحاب البدع وأصحاب النفاق هؤلاء وإن ترتب عليهم الاسلام الظاهري والتعايش الاجتماعي معهم ولكن لا يسوغ ترتبت الأخوة والمؤاخاة معهم بحال، فليس هناك نص قرآني يسوغ الأخوة معهم ولا نص روائي ولا فتوى أحد من علماء الامامية، وهذه النكتة يجب أن تكون واضحة في مجموع الأبواب الفقهية والمسائل، تعايش اجتماعي نعم وتعايش سلمي نعم وتحفظ حرمة الدم والمال والعرض فالقضية ليست كداعش والارهاب وهذا صحيح، ولكن هذا أمر وهذا مثل كل مكون فإنَّ لكل مكون هويته الأسرية وهويته المذهبية والأديانية، أما أنه يذوب بعضهم مع بعض فإنَّ هذا لا معنى له، هذه الهوية هي هويه الأخوة، فكل مكون بحسب انتماءه في الهوية، وهم كل من المكونات يقول لنا هويتنا وهذه حريم لا وحدود معينة وهي لا تنافي التعايش الاجتماعي والسلم الاجتماعي والمسؤوليات المشتركة والحقوق المشتركة، ولكن هذا ملف وجانب حرمة المال والدم العرض والجانب الآخر هو الهوية الخاصة المذهبية أو الأديانية يعني الأخوّة، أما أن نرتب الأخوّة على الاسلام الظاهري فهذا شيء آخر، وحتى الاديان يترتب بينها تعايش اجتماعي ولكن التعايش الاجتماعي شيء والأخوّة شيء آخر، نعم يوجد تعبير في القرآن الكريم مثل أخا عاد وأخا ثمود ولكن هذه أخوة نسب أو أخوة وطن فإنَّ الأخوة درجات، أما الأخوة اليت هي بقول مطلق أخوة دينية وإيمانية فهذه لا تترتب على الاسلام الظاهري، هذا التمييز بحسب مجموع الأحكام يجب أن يكون واضحاً، حينئذٍ شيئاً فشيئاً ننتقل إلى حث مسألة حرمة الغيبة بعدما انتهينا من حرمة السب بعد وضوح هذه القواعد الفقهية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo