< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/02/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التعايش السلمي بين الأديان والمذاهب - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

كنا في حرمة السب وأن في مجموعتها وباقتها جملة من المحرمات الأخرى كحرمة الغيبة وحرمة النميمة وحرمة السخرية وهم جرا والتي ترتبط بحفظ شخصية الطرف الآخر سواء كان إنساناً أو مسلماً أو مؤمناً فمجموع هذه الأحكام استثنى منها الفقهاء تبعاً للنص الديني استثنوا قاعدة عدم حرمة أهل الريبة أو أهل لاريب يعني المشككين، وهذه نكتة مهمة مرت بنا وهي أنَّ المشككين - يعني طابع من الأفعال - ومن يندرج فيهم من الفئات المنبوذة دينياً فهؤلاء دأبهم التشكيك وليس الفحص العلمي، فهو يساوون أهل البدع، أو أهل البدع ( فإذاً رأيتم أهل الريب والبدع فأظهروا البراءة منهم أكثروا من سبهم ) يعني نسبتهم إلى عيوبهم، ( والوقيعة فيهم ) يعني إظهار سلبياتهم، و( وباهتوهم ) أي اقطعوا عليهم الحجة ، ( كي لا يطمعوا في فساد دينكم ).

وبمناسبة هذا البحث أي حث البدعة والريبة التي هي استثناء من مجموعة الاحترام والحرمة مرّ بنا بحث الوحدة والتقريب في الأديان أو المذاهب، فمرت بنا هذه المقولة التي تثار وهي أنَّ كل ما اتفقت عليه الأديان فهو من العقيدة وكل ما اختلفت فيه الأديان فهو من الشرائع، وقد انتهينا من بطلان أحد الأطروحات، فهم قالوا إنًّ كل ما اتفقت عليه المذاهب فهو من العقيدة وكل ما اختلفت فيه فهو من الشرائع والأمر في اختلاف الشرائع هيّن، لأنَّ العقائد هي مدار الفوز والثواب البدي أو لا سمح اله عدم الطاعة في العقائد يسبب الخسران الأبدي، أما جانب شرائع الفروع فالأمر فيها أهون واقل أهمية لأنه ليس كل شيء في الدين مهم و في الشريعة ولكن بهذا اللحاظ، وقد مرَّت بنا هذه المقولة أيضاً وهي شبيهة بالمقولة التي مرت في المذاهب وهي الاطروحة خاطئة، نعم توجد مشتركات بين الأديان وقد أثبتها القرآن الكريم ﴿ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواءٍ بيننا وبينكم ﴾، فتوجد مشتركات ولكن ضابطة المشتركات عن لمختلفات كيف هي فهذه الأطروحة التي يذكرونها لذلك هي خاطئة وهي شبيهة بالأطروحة التي كرت في المذاهب الاسلامية فإنه هناك قالوا كل ما اتفقوا فيه فهو من الضروريات وكل ما اختلفوا فيه فهو اجتهاد ظني، وقد مرّت بنا هذه الصياغة، فهذه الأطروحة باطلة، أما أنه هناك اطروحات أخرى في التقريب بين المذاهب الاسلامية فهذا شيء آخر، فإنه بلا شك لابد من اطفاء نائرة الفتنة بين المسلمين، ولابد من تحمل المسؤولية تجاه المسلمين وهذا صحيح ولا غبار عليه، فبقية الاطروحات على اختلافها منها ما هو صحيح ولكن هذه الأطروحة وهي أنَّ كل ما اختفت فيه المذاهب الاسلامية فهو ضروري وما اختلفت فيه فهو ظني فهذا مخالف لكل المذاهب، كذلك توجد مقولة مشابهة لهذه الاطروحة اطروحة في الأديان، وهي أنَّ كل ما اختلفت فيه الأديان فهو من الشريعة يعني لأجل تعديل الطريق للألفة بين الأديان، ولكن الألفة جيدة ولكن من قال هي صحيحة بهذه الأطروحة فإن الكلام في الأطروحة فإنها خاطئة لأن ما اختلفت فيه الأديان هو نبوة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم فهل هذه من الشرائع؟!! إنَّ هذا غير صحيح، أو نبوة النبي عيسى فإن اليهود لم يقبلوا بأنَّ هذا الشخص هو عيسى وإنما عيسى سيأتي، وهذا هو الاشتباه الذي يصير وأنه هذا كنه من الضرورة مع أنه كل المذاهب تؤمن بأن هناك أصول زيادة على أصول ظاهر الاسلام وهي أصول الايمان وبها يتحقق الايمان وهذا تقول به كل المذهب حتى الوهابية والأشاعرة والمعتزلة والحنابلة وغيرهم من المذاهب الكلامية أو الفقهية فكلها تؤمن بوجود أصول زيادة على أصول ظاهر الاسلام وليس فقط اصول ظاهر الاسلام - الشهادتين -، فكل المذهب تؤمن بان هناك اصلاً ثالثاً وهناك شهادة ثالثة أما بماذا فهذا بحث آخر أما أنَّ الشهادتين تكفي للإيمان فكل المذاهب الاسلامية تقول إنهما ليستا كافيتان للإيمان وإنما هما لظاهر الاسلام عدى هؤلاء الذين عندهم اطروحة التقريب، بينما هذه الأطروحة من الاطروحات تتنكر لهذا المطلب وهذا مشكل، وقد مرَّ بنا الكلام في الضرورة ، كذلك نأتي إلى البحث في المذاهب والأديان فإن الأمر كذلك، والآن هذا باب من أبواب العقائد والمعارف والعلوم القانونية وهو بحث المذاهب والأديان ونظامها ما هو نظامها المعرفي ونظامها القانوني ما هو، تقريباً يوجد تسالم بين المذاهب الاسلامية أن في الأحوال الشخصية أنَّ كل صاحب مذهب هو حرّ بأن يأخذ بما يبني عليه، وهذا محل تسالم فرفع هذه الصبغة يكون خلاف كل المذاهب الاسلامية ولو تحت عنوان التقريب والوحدة فإنَّ الوحدة لا تقتضي أن هويتك المذهبية في الأحوال الشخصية لا تتبناها فإنَّ هذا لا معنى له، فهذا التلكؤ لا معنى له، الوحدة بين المذاهب الاسلامية شيء وكل مذهب في الأحوال الشخصية يأخذ طابعه وهويته بالعكس هذا تسالم عليه المسلمون، فحينئذٍ هذه الخصوصية المذهبية لا تنافي لا ودة الوطن ولا وحدة التراب ولا وحدة الاسلام ولا وحدة القبلة، فلا يوجد تنافي، فتحت ذريعة الوحدة وعدم الفتنة يصير تغييب للمذهبية في الأحوال الشخصية هذا ليس عذراً وإنما هو تهاون، فالمقصود كذلك الحال في الأديان، فإنَّ ما اتفقت عليه الادان فهو عقائد وما اختلفت فيه فهو شرائع هذا غير صحيح بل يوجد ما اختلفت فيه هو من العقائد، نعم توجد مشتركات بين الأديان فهذا صحيح، ثم نأتي إلى الشرائع، فإنَّ الشرائع أمر ليس عزيمة؟ كلا كيف لا يكون عزيمة، يعني أنَّ الانسان مخير، فتوجد أطروحة في الوحدة بين الأديان فهو يقول أنا أقر بكل الأنبياء ولكني اتبع النبي عيسى فقط أو اتبع النبي موسى فقط أو النبي يحيى أو اتبع النبي أبراهيم فقط، وهذا غير صحيح فمثل هذه الاطروحات في الوحي السماوي غير صحيح، الآن صاحب هذه المقولة له مشتركان مع بقي الأديان هذا صحيح ولكن هذا الطريق ليس سوياً، لأن الطريق السوي هو ﴿ لا نفرّق بين أحدٍ من رسله ﴾، نعم هو الآن يفرق ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد بيننا وبينه مشتركات كلا بل توجد بيننا وبينه مشتركات لأنَّ النبي الذي هو يقرّ به ويتبعه بالتالي هذا جانب مترك بيننا وبينه، كيفية الألفة أو التعايش لها نمط آخر وأساسها شيء آخر وهذا هو الذي غفل عنه أصحاب اطروحات الوحدة والتقريب وقد بين في القرآن الكريم وفي لسان مدرسة أهل البيت عليهم السلام وأنه بماذا تحصل الالفة وإن اختلف الرأي ولكن له أسس أخرى سنبينها، وهي موجودة في فقه الامامية سواء كان ذلك في الأديان أو في المذاهب فإنه لها أسس أخرى وتنهض بمشروع التقارب أو التقريب وأنه ما الفرق بين التقريب وبين الوحدة، فهما مرحلتان فالتقريب قبل الوحدة، فهناك ضوابط طبعاً ولكن هناك ضوابط للوصول إلى الأهداف السليمة السوية شيء وبين أن نريد أن نصل إلى تلك الأهداف عبر صياغات وأطر ما انزل الله بهها من سلطان وساء ان ف التقريب بين المذاهب او التقريب بين الأديان فإنَّ هذا بحث آخر، فإذاً هذه المقولة غير صحيحة، فكل ما اتفقت عليه الأديان هو من العقيدة هذا صحيح ولكن لا يوجد حصر في هذا، وكل ما اختلفت فيه فهو من الشرائع وهذا ليس بصحيح فليس كل ما اختلفت فيه من الشرائع، وإنما هناك مساحة مهمة فيما اختلفت فيه الأديان هو من العقائد، ولكن رغم أنه يوجد اختلاف ولكن هذا لا يؤدي إلى التشرذم أو الحروب، وإنما هناك ضوابط أخرى للوصول إلى إبعاد الشرور أو الفتن، لأنه لاحظوا أنَّ القرآن الكريم رغم أنه يذم اليهود أو يذم الكفار نفس القرآن الكريم يعتبر الحرب ليس هي علاج أولي أو أمر محمود في نفسه كما في قوله تعالى ﴿ كلما اوقدوا للحرب ناراً اطفاها الله ﴾، ولكن متى تستخدم ؟ إذا كان الطرف الآخر غاشم ومعتدي ومتجاوز وهو الذي رفع الحرب الساخنة فإذاً ليس هناك علاج آخر معه، وطبعاً هذا غير ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾ فإنَّ هذا حالة أولية، فإعداد القوة حالة أولية وطبيعية وبلا حد، فبناء القوة هو حالة أولية، لأنَّ فائدتها هي ردع العادي والمعتدي وهذا أمر مهم، أما نفس العلاج بالحرب فهذا شيء آخر، ومرَّ بنا في سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن النبي مكث في مكة المكرمة ثلاثة عشر ولكنه لم يشن حرباً، ﴿ ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلوة ... ﴾ يعني كان الأمر من الله تعالى في مكة أن لا يفتح باب الحرب مع أن مشركي قريش قتلوا ياسر والد عمار ووالدة عمّار ولكن مع ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم استخدم الأسلوب البارد معهم، فالآية الكريم قالت ( كفوا أيديكم ) يعني في مكة، وطبعاً كفوا أيديكم لا يعني أنه أن تسمحوا للغير أن يقتلكم وإنما لا تتناوشوا في الحرب وإنما استعملوا الدفاع بالردع، وكان أبو طالب بطل الاسلام وعمود الاسلام الخالد يستخدم أسلوب الردع، ومن دون الردع كانت قريش متوحشة وكانت مستسبعة فهو كان يستخدم الردع والمناورة والدبلوماسية معهم، فكان يستخدم أسلوب الردع، وكانوا يخشون سيوف بني هاشم، فالمقصود أنَّ أبو طالب عليه السلام كان يستخدم أسلوب الردع ومن دون الردع قريش سوف لا تنتهي عن بغيها، فهو استعمل أسلوب الردع ولكن من دون أن يُشعِل الحرب، وهذه حالة من الردع مع المناورة والدبلوماسية والمداراة وإلا لا يمكن ذلك ولذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر مستضعفي المسلمين بالهجرة بقيادة جعفر بن أبي طالب الذي هو من رؤساء السلام من بني هاشم، فإن دور جعفر ليس فقط في تبوك وإنما دوره في الهجرة عظيم وليس فقط عظيم في الذين هاجروا وفي الحبشة وإنما انعكس دوره وانعكست هذه البطولة المنطقية والادارية لجعفر بن أبي طالب على قريش فصار نوع من الهزيمة لقريش في مكة لأن ملك الحبشة كان حليفهم وقد أرسلوا إليه عمرو بن العاص الداهية المخطط إليه ولكنه لم ينجح، فقدة ادارة جعفر بن أبي طالب لملف المفاوضات أقوى من عمرو بن العاص الذي ينقلون عنه بأنه داهية العرب، ولذلك شدّ نجاح جعفر بن أبي في عضد المسلمين جداً، ليس فقط الذين هم في الحبشة بل حتى في مكة المكرمة، فصار انبعاث قوة وكأنما هو نوع من إياس قريش في أن تسيطر على المسلمين، فهذا دور عظيم لجعفر وهذا دور في الحرب الباردة والقوة الناعمة، فهؤلاء بني هاشم شيّدوا الاسلام فأبو طالب هنا وجعفر هناك فضلاً عن دور أمير المؤمنين عليه السلام وحمزة، فالمقصود أنه في مكة المكرمة رغم أنَّ أسلوب الردع كان يتترَّس به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبو طالب وبني هاشم وقد قتل قريش من المسلمين ولكن مع ذلك الذي عجز في الحرب البارة هم قريش وليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهو عجزوا إلى أن صعّدوا الأمر إلى اغتيال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا ما يدل على أنه في نفس هذه الحرب الباردة هم لم يستطيعوا الفوز، فلاحظ أنَّ سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مكة المكرمة هي سيرة أولية لا أنها سيرة غير أولية، فالمرتبط بالسماء وهو سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وأوصياءه عندهم القدرة على سحب البساط بالناعم السلمي، لأنَّ دواؤهم العقول وليس المخالب، أما الطرف الآخر حينما يعجز عقلياً فسوف يكشّر عن مخالبه، ولذلك هذا منطق عظيم في القرآن الكريم فهو يعتبر الحرب هي الأساس، فإذا أردنا أن نستنتج قاعدة فقهية في الأبواب الفقهية هل الحرب الساخنة قاعدة أولية؟ كلا، نعم إعداد القوة قاعدة أولية لا يوجد فيها ولا شرط لا ابتداءً ولا انتهاءً وإنما ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾ سواء كانت قوة أمنية أو الكترونية أو اقتصادية أو غير ذلك، الآن المسلمون تتحكم فيهم قوة مالية وقوة مصرفية وهو البنك الدولي وأغلب أسهمه لليهود، وكذلك صندوق النقد الدولي فإنَّ أغلب اسهمه لليهود حسب تقرير دولي، فاليهود اشتغلوا في الصيرفة على مدار عشرة قرون، فلاحظ كم هي الهمة الموجودة عندهم، فإنَّ قضية صندوق النقد الدولي أو لابنك الدولي لم يعد له في عشرة أو عشرين أو ثلاثين سنة ولا قرن ولا قرنين وإنما عشرة قرون وفي هذا تقرير مفصّلن وهذا نوع من إعداد القوة عن طريق نظام المال، فأنت حينما تقول لمؤمن اذهب لتخصص ما - ونحن لا نريد الخروج عن البحث افقهي ولكن هذه توصيا ت مهمة - كما لو قلت له اذهب إلى ادارة البنوك فهو يقول أنا لا استطيع ذلك لأنه لا يوجد عندي صبر على ذلك فلا أريد هذه التخصصات، والحال أنَّ هذه تخصصات خطيرة، وإنما يذهب إلى تخصصات أخرى خدمية كالبيطرة أو الهندسة أو غير ذلك مع احترامنا لكل التخصصات ولكن هذا لولب يتحكم في كل المفاصل، لأنَّ المال مثل الدم في الاقتصاد ولا يمكن أن يصير كائناً حياً من دون دم، فحركة المال مثل الدم في الاقتصاد وفي الزراعة وفي التنمية وفي الصحة وفي كل شيء، فالمال جانب مهم.

فأصل إعداد القوة لا يوجد فيه ابتداء ولا انتهاء، فإنَّ إعداد القوة أمر مهم ويجب أن يكون موجود دائماً، وهذا الآن ليس حديث مجلس فقط وإنما هو حديث قواعد فقهية، وهو أنَّ الحرب الساخنة ليست حكماً أولياً بل الحر الساخنة هي أخر الدواء فإنَّ آخر العلاج الكي لا أنه أوّل الدواء، ولكن هذا أمر وإعداد القوة أمر آخر، فإنَّ إعداد القوة على قدمٍ وساق، فتوجد عندنا قاعدة إعداد القوة هي قاعدة أولية ليس لها مبدأ وليس لها انتهاء في كل المجالات، ﴿ واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾ ، فالله تعالى لم يقيد في مجال معين، وكذلك ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عنه رعيته )، فمن الذي يقوم بهذه المسؤولية ؟ لابد أن يقوم الكل بذلك، وهذه قاعدة أوّلية، أيها الانسان أيها المؤمن عليك ألا تعيش لنفسك ولأسرتك الصغيرة ولأولادك وإنما المسؤولية الأكبر والبعد الأعظم الذي خلقك الله من أجله هو ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾، فأنت لابد أن تبني نفسك عنصر قوة لكيان الايمان وكيان الاسلام ليل نهار، فعليك أن تكون دؤوباً، وهذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الانسان، أما أنك تقوقع نفسك فهذا غير صحيح، بل لابد أن تنفتح، وهذه مسؤولية وهذه قاعدة أولية، نعم الحرب الساخنة هي آخر شيء فإنَّ آخر الدواء الكي، وحتى سيرة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم حتى في المدينة المنورة أنه لم يبادر في الحرب، وقد دقق الكثير من الباحثين في هذا، ففي بدر وأحد والخندق وتبوك وحنين وذات السلاسل وغيرها فثمانين معركة خاضها النبي إما مباشرة فالكبرى منها خاضها مباشرة وأما الأخرى فكان يرسل، فكل هذه المعارك بالدقة هي لم تكن ابتداءً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العدوان، وإنما الطرف الآخر كان يغري نفسه، ولكن حينما يكون خطراً فإذاً يتقدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن إعداد القوة أمر آخر.

فإذاً وجد فرق بين قاعد إعداد القوة وبين الحرب الساخنة، لأنه في الحقيقة الأحكام التي نتكلم فيها وهي حرمة السب وما شاكلها تصب في باقة شجرة التعايش السلمي والذ يهو عنوان عصري وهو محل ابتلاء، فبحث حرمة السب حرمة الغيبة وحرمة السخرية وغير ذلك بالدقة هي عبارة عن التعايش السلمي، فأنت اجمعها بعنوان قانوني عصري، ولو سألتني أين بحث التعايش السلمي فأقول لك هو في هذه الأبحاث واين قواعده هو في هذه الأبحاث؟ قلت إنه هذا مبحث عصري ولكن قواعده وضوابطه وبنوده هي موجودة في هذه الأبحاث، وكذلك مرّ بنا بحث التقريب والوحدة فأحد الأبواب التي بحث فيها هي هذه الأبواب فهنا توجد قواعده وضابطه، وكذلك بحث الوحدة والتقريب في الاديان ضوابطه موجودة هنا أيضاً.

فإذاً مرّ بنا أنَّ من الخطأ أن الفقيه يلاحظ المسألة ببعدٍ فردي كحرمة السب ولكن حرمة السب جذورها ما هي وانتسابها إلى أيّ باقة في الفقه وإلى أي مجموعة ثم هذه الباقة تنتسب إلى ما فوقها إلى من، فلاحظ أن هذا يعطي نظرة عميقة للفقيه في الاستنباط، هذا هو الذي مرَّ بنا أنه من الضروري في تحرير الفرض الفقهي وفي تحرير المباحث والقواعد الفقهية دوماً أن نلاحظ العلاقة والارتباط بين هذه القاعدة القواعد الأخرى وبين هذه المسألة والمسائل الأخرى، وهناك ضوابط لم نذكرها إلى الآن كفيلة بالتعايش السلمي سواء كان مع الأديان الثلاثة أو حتى مع الكفار، والتعايش السلمي شيء مطلوب.

وبما يطرح الانسان سؤالاً: - وهو أنه إذا كانت الحرب الساخنة ليست قاعدة أولية فماذا تقول عن الجهاد الابتدائي؟

والجواب:- إنَّ هذا سؤال طرحناه في كتاب عدالة الصحابة، فإنه في مدرسة أهل البيت الجهاد له تفسير غير التفسير الموجود عند المذاهب الاسلامية الأخرى، أليس اليوم قررنا أنَّ الردع قاعدة أولية، فبناء القوة الردعية هي قاعدة أولية لا حدّ لها وكل واحد من المؤمنين والمسلمين مسؤول عنها وهذا ليس واجباً كفائياً وإنما هو كفائي وعينين فمن يتخيل أنَّ ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾ وجوباً كفائياً فهو مخطئ، وإنما هو كفائي وعيني اجتمعا مع بعضٍ، وتعييني وتخييري اجتمعا مع بعض، ولماذا؟ لأنَّ الشارع لم يحدّ القوة بحدٍّ، وإذ لم يحدّها بحدٍّ فكل ما تزيد عنصراً يكون واجباً وليس مستحباً، فلاحظ هذه الوجوبات والمسؤولية العامة كم هي مهمة، هذا هو اعداد القوة، ولكن الحرب الساخنة ليست قاعدة أوّلية في منطق القرآن فإذاً ماذا تفسر الجهاد الابتدائي؟ إنَّ تفسير الجهاد الابتدائي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام هو بالتفسير العصري القانوني وهو بالدقة دافعي فهو دفاع ولكن ليس دفاعاً بالمعنى المصطلح وهو أن تنتظر العدو يهجم عليك حتى تحاربه وإنما هو دفاع بمعنى آخر، وهو أن تدافع عن المظلومين في الأرض، وهذا مثل الأمم المتحدة فإنها ترفع راية الدفاع عن الشعوب أيضاً الاسلام يقول نحن ايضاً نرفع راية الدفاع عن الشعوب المظلومة، وهذا دفاع وليس ابتداءً للحرب.

فعلى كلَّ هذا حديث طويل لا نريد الدخول فيه، ولكن ربط الأبواب والقواعد مع بعضها البعض مهم لدى الفقيه، فالمهم أننا غداً إن شاء الله تعالى سوف نتطرق إلى روابط التعايش من دون مسخ الهويات كيف هو سواء كان ذلك في المذاهب أو في الأديان مع ضوابط هذه الأحكام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo