< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

محاضرة: - 328- بحث الفقه- لسماحة الأستاذ الشيخ محمد السند - 27 / محرم / 1442 هـ ق - ليوم الثلاثاء.

الموضوع: - الوحدة والتقريب بين نوعين - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

كان الكلام عن حرمة السب وأن حرمة السب وحرمة ما يشاكلها من أفعال محرمة مرتبطة بنظام التعامل والاحترام الاخلاقي هذه القاعدة أو هذه المجموعة من الأحكام تحكمها قواعد مشتركة كما مر، حرمة الغيبة وحرمة الايذاء وحرمة السب وحرمة السخرية وحرمة الاستهزاء وحرمة اللمز وهلم جرا تحكمها قواعد مشترك وهي ذات طبقات استثنى من الأعلام قاعدة أخرى وهي أهل الريب والبدعة، وهذه القاعدة المستثناة كما مر بنا نبه عليها غير واحد من الأعلام أن التمسك بهذه القاعدة المستثناة أيضاً أمر صعب ووعر، فعدم التمسك بها صعب والتمسك بها صعب أيضاً فكلا الطرفين صعب يعني هي من القواعد التي ه ذات محذورين وقد مر بنا عدد من القواعد الفقهية التي هي ذات محذورين، يعني العمل بها ذو محذور وعدم العمل بها ذو محذور أيضاً يعني المحصل أنه لابد من العمل بها فإن العمل بها لزومي ولكن في حال أن العمل بها لزومي ولكن التدقيق والتثبت فيها أمر لزومي أيضاً، وهذه نكتة لطيفة، لسان القاضي بين حدين وبين نارين ولكن ليس معنى ذلك أن الكل يترك القضاء وإنما هو واجب كفائي تعلم القضاء وتصدي القضاء، لا أقل محاكم في الأحوال الشخصية، فإن لكل مكون لابد منه ولا يصح أن يبقى الأمر من قضاء وهذا من الحقوق الولية، شؤون الأسرة والعيال فكل مكون بحسب ما يناسبه أما من دون محكمة فهذا انفلات وهو لا يصح، وهو أشد من انفلات السلاح، لأنَّ هذه أعراض ونسل وأنساب وأموال وأعراض ودماء فهي أيضاً مرتبطة بالدماء فمن دون محاكم فإنَّ هذا شيء غير صحيح، في ظل النظام العصري يوجد انفلات وهذا غير صحيح، فالمقصود أن القضاء صحيح هو بين محذورين ولكن لا يمكن أن يترك بل هو واجب لازم أما أن نقول لا توجد محاكم لهذا المكون ولذاك المكون أو لهذا المذهب أو ذاك المذهب فهذا غير صحيح، وهذا يسمونه تمايز فهم رغم أنهم يعيشون في بلد واحد ولكنه في نظام الأسرة اختار المذهب الفلاني والدين الفلاني فأنت لا تستطيع أن تجبره وتقول له أنا أطبق عليك المذهب الفلاني فإن هذا لا معنى له، وهذا أيضاً لا ينافي وحدة التعايش الوطني فكما هو اختار ذاك الدين أنت تختار دين أو مذهب أيضاً وهذا في نظام الأسرة وفي نظام الارث في نظام الأوقاف فإن هذه كلها شؤون شخصية فكل يختار مساره أما أن المحاكم معطلة فهذا لا معنى له بل لابد أن تؤسس محاكم لكل مكون يعني محاكم في الأحوال الشخصية، وكم أهالي أعراض تتزوج في العدة وهي لا تعلم فالقوانين تختلف والأحكام تختلف، فبالتالي عموم المؤمنين مساكين، فصحيح ان القضاء بين محذورين ولكن هذا لا ينعني ترك القضاء وتترك تأسيس المحاكم فإنَّ هذا أمر لازم ولكن حينما تقتحم فيه فعليك أن تدقق وتراعي الضابط وتترك الرشاوى وغير ذلك فهذا صحيح، فهذه القواعد الأبواب ذات المحذورين يعني أنَّ المحصل من المراد من أنها ذات محذورين يعني نعم هي لا تترك وإذا روعيت يجب أن تراعى بدقة، لا أنها تعطّل فلا يمكن تعطيلها فغن تعطيلها فيه فساد البلاد والعباد، فلابد من انتشار المحاكم للأحوال الشخصية، فهي تقوم بدور مهم، فلزوم مراعاة النظم والنظام هو من النظام، وهذا الذي مرَّ بنا أنه في حين أنه يوجد وطن مشترك واحد لكن المسار الشخصي والأسري والديني كلٌّ حسب اخياره.

فهذه القاعدة وهي قاعدة أهل الريبة وأهل البدع ( فأظهروا البراءة منهم ) تلقائياً حينما تصير مذاهب تصير حالة تمايز ولو في ضمن هذا النطاق والحقل حقل الأسرة أو حقل الارث أو حقل الأوقاف، فإنَّ هذا نسيج، فلاحظ أنه في حين أنه يوجد نسيج مشترك يوجد نسيج متميز أيضاً، وهذا لا يعني نسف الجانب المشترك ولا يعني أن الجانب المشترك في الوطن يغلب النسيج المتميز فلا يوجد أي تصادم بينهما، وهذا ما مرَّ بنا في البحوث السابقة، ففي هذه القاعدة نبه الكثير من الأعلام على أن استخدام هذه القاعدة قاعدة اهل الريبة والبدعة حساس ( فاظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والوقيعة فيهم وباهتوهم )، وقد مرَّ أنَّ هذه العناوين ليس كما يتخيل بمعنى الافتراء ومجانبة الحقيقة كلا وإنما هي مع الحقيقة ولكن لا تستر عيوبهم وإنما اكشفها حتى يرتدعوا عن البدعة أو مسلك التشكيك أو الحجوج لثوابت الدين، فإنَّ أهل الريبة هم الجحدة والمنكرين أو المشككين، فإنَّ المشككين منكرين ولكن بلسان التساؤل والبحث، فأهل الريبة هم أهل الجحد والانكار بلسان وبثوب الريبة والارتياب، أما أهل البدعة فهو الذي يقول إن قوانيني غير قوانين الدين، فالمقصود أنَّ هذه القاعدة اكد الأعلام على ان تطبيقها حساس وعدم تطبيقها حساس أيضاً، وما هي ضوابط تطبيقها عند الأعلام ؟ قالوا إنَّ البدعة ليس هو كل اختلاف بين المجتهدين، يعني الاختلاف في الاستدلالات الظنية لا يبدع أحدهم الآخر فيها لا سيما في مدرسة أهل البيت عليهم السلام التي فيها باب الاستنباط والاجتهاد لم يغلق فيها أبداً، فليس هناك من رأي اجتهادي يقول أنا ربكم الأعلى نعم هذا هو مسلك التخطئة وإنما نقاش عليمي يدور بين المؤهلين، فلا يقول أحد أنك من أصحاب البدع لأنك أخذت بالفتوى الفلانية فإن هذا لا عنى له فحتى لو أخذ هو بالفتوى الفلانية أنت خذ بالفتوى الفلانية مادام الاجتهاد والاستنباط طبق الموازين، وماهي الموازين؟ هو أن لا ينافي الضرورات والثوابت الفقهية والدينية بل لابد أن يكون مستنداً إلى موازين استنباط معترف بها، فإذا كان الأمر هكذا فهذا ليس بدع وغير بدعة، فإن الاختلاف في الفتوى واختلاف المجتهدين واختلاف المقلدين هذا يبدع أحدهما الآخر وليس لك الحق في أن تبرأ منه فهنا ليس محل البراءة، وإنما البراءة ليس هذا هو موردها بل الكل في مسار ومنهج الايمان، فالمصارعة والمقاحمة لا معنى لها، بل الكل له مسار، فهذا الصراع لا يصح، وهنا هو مكان التنافس الناعم ﴿ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ﴾ فكلٌّ ينافس ولكن من دون أن تستخدم حرباً ناعمة، نعم قوة ناعمة لا بأس بها أما أنك تستخدم حرب ناعمة أو حرب باردة أو حرب ساخنة فهذا غير صحيح، وحرب ناعمة أو حرب باردة هذه ليست عبارات عصرية وإنما هي حتى أنها فقهية أيضاً لأنه مثلا السب هذه حرب بارة، فإنَّ الحرب الباردة لصيقة بالحرب الساخنة يعني قليلاً وتشتعل، فمثلاً السب أو البهتان لا يصح بمجرد الاختلاف في الاجتهاد والتقليد، فهو يتبرأ منه بأيّ معنى فإنَّ هذا لا تقره مدرسة أهل البيت عليه السلام مادام كلٌّ يتبع من هو واجد للشرائط حسب تشخيصه فلا معنى للتبري هنا وهنا التبري يكون بدعة، ﴿ المؤمنون بعضهم اولياء بعض ﴾، فالمدار على أئمة أهل البيت عليهم السلام وليس المدار على اختلاف المجتهدين حفظهم الله ورعاهم ورحم الله الماضين، التولي والتبري يكون في ضمن ثوابت أهل البيت أما ضمن تعدد مدارس الاجتهاد فهذا لا يوجد فهي تبري وإنما كلهم في لون واحد، ننعم يوجد تنافس شريف مثلا هذا له اتباع اكثر وهذ له نفوذ أكثر فهذا لا مانع منه وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ولكن ليس في ذلك فليتقاتل المتقاتلون فإن هذا غير صحيح وهذا يسمون عصبية وكل عصبية في النار.

فإذاً هذ نكتة مهمة جداً، وهي أنَّ ضابطة البدعة ليس الاختلاف في الاجتهاد والتقليد، وإنما ضابطة البدعة هي أن يخالف الضرورة أو يخالف الثوابت أو أن يتقوّل من دون دليل، الآن ليس دليلاً تاماً عند الكل وإنما دليل رسمي فيفتي بغير ما أنزل الله به من سلطان من دون دليل، أما مجرد أني أختلف معه في الرؤية فقط في التفسير أو في الكلام أو في الفقه فكلامي ضدة بمجرد الاختلاف في الرأي غير صحيح، فقاعدة أهل الريبة لا تطبق في الاختلاف بين الفقهاء والمجتهدين فإنَّ هذا لا يسوغ، فلا يصح تطبيقها على مسار الفقهاء فالكل محترم نعم يوجد تنافس وتوجد قوة ناعمة، أما الحرب ناعمة فضلاً عن الحرب الباردة فضلاً عن الحرب الساخنة فهذا كله غير سائغ، والحرب الناعمة يعني حالة التبري بدرجاته الخفيفة فإنَّ هذا لا يجوز، مثلاً أنت رأيت أنَّ هذا الشخص أكفأ ولكن ليس معك في التقليد فهذا لا يضر، فعلى كلٍّ هذه نكات يلزم الالتفات إليها.

إذاً ضابطة القاعدة أن يكون في مورد البدعة، ولكن ما هي ضابطة البدعة؟ ، مثلاً يقال نحن تعودنا أن نأتي بهذه العبادة مثلاً بهذا النمط أما هذا النمط الجديد هو بدعة، فهم كانوا لسنين متعودين على نمط معين من العبادة مثل السيد الخوئي حينما انه بنى على أنه تكفي رؤية واحدة في كل البلدان والحال أنه قبله لم يكن هذا الرأي شائعاً، وهذه ليست بدعة فحينما تخالف السيد الخوئي في الهلال فسوف لا تخالف الضروريات والثوابت وإنما هو اختلاف ظني، صحيح أن تقبلها صعب وقد تعود الناس على الاستهلال وغير ذلك، ولكن هذا ليس بدعة، وهذه نكتة مهمة، وهي أنَّ ضابطة البدعة أو الريبة ما هي، كذلك ليس كل بحث وكل تساؤل يعنون بأن هذا من اهل التشكيك أو من اهل الجحود والانكار وهلم جرا، ثم إنَّ إنكار الظني لا إشكال فيه، أما إنكار اليقيني فلا، فلو كان يشخص ينكر الضروريات دائماً فهذا يصير من أهل الريبة، فالقصود أنَّ التثبت في ضابطة هذه القاعدة عند الأعلام حساس ومهم جداً.

لاحظوا هذه القاعدة الآن، توجد مقولة خارج المذهب الواحد أما دخل مذهب الواحد فقد التفتنا إليها، والمقولة هي أنه ماذا عن المذاهب الاسلامية؟ بلا شك أنَّ المذاهب الاسلامية بينها مشتركات ولا أحد ينفي ذلك فإن القبلة واحدة والرب واحد والقبلة واحدة، ولكن هل الثوابت الموجودة عند المذاهب هي فقط المشتركة؟ اصحاب دعوة الوحدة والتقريب بنيات حسنة أردوا أن يقولوا إنَّ كل ما اختلفت فيه المذاهب فهو ليس بثابت، وهي مقولة عجيبة غريبة، وسنبين لماذا هي عجيبة غريبة، لأنَّ أصحاب هذه المقولة هم خالفوا جميع المذاهب، وهذا في نف بحث القاعدة التي نحن فهيا الآن قاعدة البدعة والريبة وكيف نشخص الريبة وكيف نشخص البدعة، فقال اصحاب المنهج التقريبي وهو منهج جديد وأنا أصر على ذكر أهل الوحدة والتقريب بأنَّ الذين يتبنون هذا الطرح هم اصحاب مذهب جديد يخالف كل المذاهب، وهذا المذهب الجديد لا يقول بشرعية كل المذاهب وسنبين كيف هو، لأنَّ أصحاب هذه الدعوى هكذا يقررون صناعياً وهو أنه كل ما اشترك في المسلمون والمذاهب فهو ضرري وثابت، هذه معادلة، وتوجد معادلة ثانية وهي أنَّ كل ما اختلف فيه المسلمون فليس بضروري ولا ثابت، فهذه الدعوى ذات المعادلتين هي مذهب جديد ما أنزل الله به من سلطان، وهو ليس ما أنزل الله به من سلطان عند مذهب الامامية فقط بل حتى مذهب الوهابية لا يقر به وكذلك الأشعرية والمعتزلة وغيرهم، فهم لا يقرّون بهذه المعادلة، وكذلك الماتريدية لا يقرّون به، سواء كانت مذاهب كلامية أو فقهية، وكيف أنَّ هذا مذهب يخالف الضرورة، فمذهب التقريب والوحدة بهذا الطرح هو يخالف ضرورات الدين فهو أراد أن يوحد ويؤلف فاصطدم بإنكار ضرورات الدين، إخماد الفتنة بين المسلمين أمر راجح ومهم وكلامنا ليس في كل تقريب وتوحيد الصفوف أمام العو فإن هذا أمر راجح ولا أحد ينكرها ولكن صيغة التقريب وهيكلته وهيكلة الوحدة بهاتين المعادلتين هي خلاف ضرورات كل مذاهب المسلمين وهذا إنكار لضرورات، كيف هذا فغنه يلزم أن نبين هذا؟، وإلا ليس الكلام في أن اخماد الفتنة بين المسلمين وتوحيد صفوف المسلمين أما أعداء الاسلام فإنَّ هذا أمر راجح وهم ولا أحد يتكلم فيه، وإلا ما هي الصيغة والهيكلة سيما أنت تريد ان تصوغ صيغة عقائدية فقهية، فهذه قضية حساس فهل أنت أعلم المتكلمين أو علم علماء الكلام فالأعلمية أين هي هل في الفقه أو في علم الكلام أو الأعلمية في التفسير أو علم السير فالأعلمية في ماذا؟ فالقضية ليست سهلة وتحتاج إلى أعلمية وتبحّر في علوم عديدة، هل هذه الصيغة هي في الحقيقة صيغ تقريبية ووحدوية وهي صيغة تنكر على كل مذاهب المسلمين ضرورة، كل هذه الصيغة من التقريب والوحدة هذه الصيغة من التقريب والوحدة أن كل ما اتفق عليه المسلمون فهو ضروري وكل ما اختلف عليه المسلمون فهو اجتهادي ظني، ولكن هذه المقولة خطرة جداً، فإنَّ هذا في المهب الواحد صحيح، وهذا قد مرَّ بنا وهو أنَّ الضرورات خطوط حمراء أما في الاجتهادات ظنية، ففي المذهب الواحد هذا صحيح، في التمذهبات الاسلامية سواء فقهية أو كلامية هذه المقولة هي خلاف كل المذاهب، فإنَّ كل مذهب من المذاهب، وسنعيد الحديث في الاديان اما الآن فنحن انطلقنا من المذهب الواحد ثم نذهب إلى المذاهب ثم نذهب إلى الأديان هذا كصياغة قواعد فقهية، ولماذا نحن أقحمنا هذا الحديث؟ لأنَّ هذا الحديث مرتبط بنظام التعامل ببين المسلمين وبين المؤمنين، فمن الأول حرمة الغيبة والسب والتبري وقاعدة أهل الريبة وأهل البدع كل هذه قواعد منظمة للتعامل والتعايش الديني والاجتماعي وغير ذلك، وقد تسألني أين هو بحث الوحدة والتقريب في الفقه؟ أقول لك هو هذا البحث وهو قاعدة أهل الريبة والبدع فإنها من أحد القواعد المؤثرة في مبحث التقريب، ضابطة الاسلام والكفر التي بحثها الفقهاء في باب الطهارة أيضاً هي مما يؤثر في باب التقريب، وكذلك بحث البغاة يؤثر في باب التقريب، فهذه هي مصادر بحث التقريب الفقهية، فكيف أنَّ هذه المقولة هي خلاف كل المذاهب؟ إنَّ هذه الصيغة من التقريب تنكر ضرورة أجمع عليها المسلمون، وهذه من عجائب العلوم الدينية ومن عجائب الفقه، وأنا عمداً أتريث في هذا البحث لأنه معقد وربما غفل عنه ذوي المستويات ولكن اشار إليه الكبار، فهذه المعادلة وهي كلما اتفق عليه المسلمون فهو ضرورة وكل ما اختلف فيه الملمون فهو اجتهاد ظني وليس بضرورة فهذه المقولة باطلة بإجماع المسلمين - هذه المقولة الثانية ولست الأولى فهما معادلتان -، كلما اختلف فيه المسلمون فهو اجتهاد ظني، فهذه المعادلة الثانية باطلة بضرورة كل المسلمين، وكيف أنتم أيها المسلمين فميا اختلفتم فيه يوجد عندكم إجماع ضروري؟!!

فكل ما اتفق فيه المسلمون فهو ضروري، وهذه المعادلة الأولى صحيحة فقهياً وكلاميا، أما المعادلة الثانية فهي تقول إنَّ كل ما اختلف فيه المسلمون فهو اجتهاد ظني ولكن هذا يخالف ضرورة موجودة عند المسلمين، فهم اختلفوا فأين اجماعهم على الضرورة ؟، وهل سمعتم بالمقولة العقلية التي تقول الكثرة في الوحدة أو الوحدة في الكثرة؟!! هنا ما اختلف فيه المسلمون كيف يكون ضرورة؟! إنه فيما اختلف فيه المسلمون كل المسلمون من معتزلة وأشاعرة وماتريدية أو عدلية امامية أو حنابلة أو شافعية أو أباضية أو مالكية وسواء كانت مذاهب كلامية أو فقهية كلها عندها اتفاق في الاختلاف، فهي عندها ضرورة واتفاق في الاختلاف، وما هو الشيء الضروري الذي اتفقوا فيه بما هم فيه مختلفون؟ وهذه نغمة عجيبة، وهي ليست رقصة علمية عجيبة بل عليك أن تلتفت إليها، ففيما اختلف المسلمون يوجد عندهم اتفاق ضروري، وما هذا الشيء الذي اتفقوا في بدرجة الضرورة وليس بدرجة التوافق الظني ولا توافق التسالم وإنما توافق بدرجة الضرورة؟ وهو أنهم يقولون إنَّ ما اختلفنا فيه ليس كلّه ظني وإنما جزء منه ضروري قطعي يقيني ولكن كلّ منا يدّعي الوصل بليلى، فكل مذهب من مذاهب المسلمين سواء كان في الكلام أو في الفقه فهم يقولون هناك اصول الايمان وهي ضرورية وتغاير أصول الاسلام الظاهرين أصول الاسلام الظاهري يدخل فيه المنافقين عند الكل المنافقين في العقيدة والمنافقين في السياسة والمنافقين في الفروع وكل المنافقين يدخلون في الاسلام الظاهري وهذا باتفاق الكل، ولكن في أصول الايمان لا يندرج فيه إلا من كان واجداً لشرائط الايمان، ولكن هذه أصول الايمان هل تغاير أصول الاسلام الظاهري؟ نعم هي تغاير عند الوهابية وعند الأحناف وعند المعتزلة وعند المالكية وعند البقية من المذاهب كلها سواء كان مذهباً فقهيةً أو عقائديةً، فكل مذاهب المسلمين كانت فقهية أو عقائدية عندهم تسالم بأن أصول الايمان ضرورية تغاير أصول الاسلام الظاهري، فهذه أصول الايمان هل هي ظنية؟ يقولون كلا هي ليست ظنية نعم اختلفت فيها المذاهب العقائدية أو الفقهية ولكنها ضرورية إلا أنَّ تشخيصها عند كل منهم يختلف عن الباقين، فهي أصول الايمان ولكن هذه أصول الايمان لا يمكن أن يكون شيء من أصول الايمان ظني بل لابد أن يوكون يقيناً ومبدّه، فكل مذاهب الملمين عدى هذا المذهب الجديد في التقريب بين المذاهب في الصياغة الجديدة التي ذكرت هو خارج ومارق عن كل مذاهب المسلمين، هذه الصيغة من التقريب هي مارقة عن كل مذاهب المسلمين، وهي بماذا مرقت؟ لأنه كل مذاهب المسلمين يقولون هناك إيمان يختلف عن الاسلام الظاهري ولكن هذا المذهب الجديد يجحد الايمان وهو أشبه بالمذهب العلماني، مع احترامي للآراء ولكن فيه إنكار لضرورة دينية، فهذا المذهب ينكر أنه هناك اختلاف بين أصول الايمان وأصول ظاهر الاسلام، بينما التغاير بين أصول الايمان وأصول الاسلام الظاهري ضروري عند الكل من الاشاعرة والمعتزلة والماتريدية وكل المذاهب الفقهية والعقائدية، نعم هنا اختلاف بين هذه المذاهب في تشخيص ضوابط أصول الايمان، فلاحظ أنه اتفقوا فيما اختلفوا فيه، وهذا بحث صناعي معقد لا يبحر فيه غير المتضلع، وأنا أنقل لكم كلام الكبار فلست إلا ناقلاً ولكن الجهابذة هكذا ينقحون، فتوجد ضرورة فيما اختلفوا فيه، ففي مساحة الاختلاف هذه توجد عندهم ضرورة وهذا عند كل مذاهب المسلمين وقد أنكرها أصحاب هذه الصياغة من مذهب التقريب، حيث قالوا عن الضروريات فقط موجودة في المشتركات يعني فقط أصول الاسلام الظاهري، لكن ماذا عن أصول الايمان؟ هم أنكروها وقالوا إنَّ هذا ظني وليس ضروري، ولكن هذا غير صحيح، فإنَّ هذا إيمان والايمان لا يبنى على الظن فكيف تقولوا هذه المقولة أيها الداعين إلى التقريب بهذه المقولة؟!! فأنت بهذه المقولة خالفت كل المسلمين، فإنَّ كل المسلمين عندهم أصول الاسلام ضرورية وليست ظنية ولكن مع ذلك مختلف فيها، ولكنك تقول كل مختلف فيه هو ظني، وهذا لا يقبل به أي مذهب لا الوهابي ولا السلفي ولا الأشعري ولا الامامي ولا الصوفي، فكل هذه مذاهب اسلامية فأنت أتيت بشيء تخالف فيه ضرورة كل المسلمين، فأنت تنكر أصول الايمان، فالمذاهب يقولون نعم نحن قد اختلفنا ولكن منطقة الاختلاف ليست كلها ظنية فإنَّ هذا خلاف ضرورة المسلمين، وإنما في منطقة الاختلاف هناك ضروريات ولكن غاية الأمر قد اختلف في تشخيص هذه الضروريات، فاتفقوا فيما اختلفوا فيه واختلفوا فيما اتفقوا فيه، وهذه يصعب تصورها في الطرف للآخر، وهذا الكلام معقّد فلابد من التروي فيه واعادته غداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo