< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

42/01/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - التبري والاحترام منهج الضوابط المشتركة في المسائل الفقهية - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

كنا في هذه القاعدة من منظومة مجموع الحرمات حرمة السب وحرمة الغيبة وحرمة الهمز وللمز وهتك المؤمن وإيذائه وهجاء المؤمن وهجو المؤمن وهجره فهذه مجموعة أفعال محرمة يعني منطلقة من جرمة واحترام التعامل مع الطرف الآخر، هذه المجموعة من الأفعال والمسائل والأحكام خاض الفقهاء فيها قواعد ونكات مشتركة مع أنَّ لكل مسألة من هذه المسائل خصوصيات وأدلة خاصة فهذا صحيح ولكن بينها أدلة ونكات وقواعد مشتركة أيضاً وهذه ظاهرة فقهية متكررة في الأبواب الفقهية أن نجد مجموعة مسائل عنقودية بشكلها الهندسي بينها أدلة وقواعد ونكات مشتركة، وأيضاً لكل منها دليل خاص تفصيلي لخصوصيات تفصيلية تختلف عن بعضها البعض فهي تشترك تختف، مثلاً العبادات لماذا قسم الفقهاء الفقه إلى عبادات ومعاملات وأحكام وإيقاعات؟ لأن العبادات لها أدلة وقواعد مشتركة في عبادية العبادة ولها أدلة تفصيلية فالصلاة لها ادلتها التفصيلية وكذلك الحج والخمس والزكاة والصوم ولكن لا ينافي أن بين باب الصلاة وبين غيره اشراك فلا تقل لماذا تطفر من باب الصلاة إلى باب الصوم أو باب الحج أو غيره فنقول إنَّ بينهما جهات مشتركة وهي العبادية لا أنَّ بين الأبواب والمسائل بينونة تامة، أو يقال لماذا تتعدى من باب الصلاة اليومية إلى صلاة الآيات أو صلاة الجمعة أو صلاة العيد؟ ولكن نقول صحيح هذا ولكن يوجد بينهما مشتركات وهي أصل الطبيعة الصلاتية، فلاحظ كيف هي الأبواب فهي عنقودية بينها جهات مشتركة وبينها جهات غير مشتركة، فالعنقود أصله مشترك ولكن حينما يتمادى في الترامي يأخذ تباعداً، كيف تبحث التشهد في الصلاة مع التشهد في الأذان مع التشهد في الاقامة مع التشهد في التلقين مع التشهد في المحتضر مع التشهد في الوصية مع الشهد في خطبة النكاح المستحبة مع التشهد في خطبة صلاة الجمعة ومن مستحبات استجابة الدعاء التشهد بالدعاء الحقة فهذا أحد آداب وأحد شرائط استجابة الدعاء وكذلك هي أحد آداب الزيارة، ولعل الميرزا النوري عنده كتاب في الزيارة ولعله احصى ثلاثة وأربعين أدباً من آداب زيارة المعصومين فأحد الآداب العظيمة لزارة كل واحد من المعصومين هي أن تتشهد في الزيارة بمنظومة العقائد الحقة، ولذلك في زيارة آل ياسين انت تزور صاحب العصر والزمان ولكن تتشهد بالتوحيد اولاً ثم تتشهد بأن محمداً لا حبيب إلا هو أنَّ علياً حجة الله، فمن آداب الزيارة ان تذكر فهيا منظومة تقر وتلتزم بمنظومة العقائد الحقة يعني تتشهد، فلاحظ في منظومة العقائد الحقة علي حجته والحسن حجته والحسين حجته وفاطمة حجته و.... قبل أن تقول والجنة حق والنار حق الصراط والقبر حق وإنما تقول وعلي حجته، فعليّ مهمين على الجنة النار، فقسيم يعني مهيمن والجنة والنار فرعٌ له وهو أصل لها، فقسيم يعني هي فرعٌ له وهو مهيمن عليها، فكيف تتشهد بالأدنى، وهذه صياغة أخرى لاستدلال على الشهادة الثالثة في الصلاة، إذا أتتك روايات أنه تتشهد في تشهد الصلاة بأن النار حق الجنة حق فهي فرع ووليد ومولود وبرعم صغير لولاية علي بن أبي طالب عيه السلام بحسب نصوص القرآن وبحسب النصوص المتواترة ليست الآحاد فقط فكيف تأخذ بالفرع وتترك الأصل فهل العقل القطعي يقول بذلك؟!!، فأنت بدأت بالأكبر وهو التوحيد ثم بالنوبة ثم تأتي بالأصغر؟!! يعني هذا معناه أن تبداً بألف ثم باء ثم تتم البقية، يعني خذ بالشهادة الثالثة وهذه كناية عن الشهادة الثالثة، فحينما يقال تشهد في العبادات فالتشهد هو شيء مشترك بين العبادات كيف أنَّ أصل النية العبادية مشتركة بين العبادات، فطبيع الأبواب بينها ضوابط وقواعد وأجناس مشتركة وهي أنواع أو انواع الأنواع، فلا تقل لي هذا الجنس المشترك ما هو دليله في هذا الباب وما هو دليله في ذاك الباب، وإنما هو مشترك من الأصل، وهذا يسمونه بالفقه التحليل، ولو قال قائل أنا أريد نصّاً تفصيلياً ولكن هذا منهج حشوي إخباري وليس منهجاً اخباراً تحقيقياً وليس منهجاً أصولياً تحليلاً، ول قال أنا لا أريد الاعتماد على التحليل، ولكن نقول إنَّ هذا ليس بيدك فإنَّ ماهية العبادية مشتركة بين العبادات شئت أم أبيت فإنَّ هذا بحث ثبوتي وليس بالهوى وبالرأي والتظني، فإذاً هذه نكتة مهمة، وهذا هو دأب الشهيد الأول والمحقق الحلي وكاشف الغطاء فإنك تراهم ينتقلون من باب إلى باب وذلك لوجود الجهة المشتركة بين الأبواب، وهذا تخريج آخر للشهادة الثالثة في الصلاة - أي هذا البيان الذي ذكرناه الآن - لأنه في باب الزيارة الشهادة الثالثة موجودة قبل الشهادة بالنار والجنة وجبرئيل، مع أنَّ الروايات الخاصة موجودة في باب التشهد بالصلاة موجود التشهد بجبرئيل والجنة والنار وغير ذلك، فإذاً من ضوابط الاستنباط في الأبواب الفقهية في العمل الفقهي أن المجتهد لا يجمد سطحياً إخبارياً على الألفاظ الخاصة والأدلة الخاصة، فالمجتهد الذي يكون همه فقط الأدلة الخاصة هو ضعيف في الفقاهة ولا يصلح أن يرشح للأعلمية في الفقاهة، لأنه يجب في كل مسألة أن يكتشف ادلتها العام وأدلتها الخاصة والخصوصيات وليس فقط الأدلة الخاصة، فإذا لم يعرف أن يحلل المسألة إلى ماهية الجنس وجنس الجنس والنوع ونوع النوع فهذا المجتهد لا توجد عنده قدرة تحليل صناعية، لأنه إذا اعتمد على رواية خاصة صحيحة وإلا فلا، فهذا لا لا توجد عنده قدرة اجتهاد تحليلية عميقة، فإنَّ طبيعة الفقه وطبيعة المائل الفقهية هي هكذا، هذه نكتة منهجية في المقدمة.

ولذلك في حرمة الغيبة وحرمة السب وغيرهما ذكروا قاعدة استثناء أهل الريبة وأهل البدع، ومرَّ بنا أهل الريبة وهم المشككون، وقد ذكر ذلك المجلسي وجملة كثيرة من الفقهاء فغن أهل الريبة هم المشككون، وعلى وزان التشكيك الجحود بذريعة عدم الوقوف على الدليل وعدم الفحص وغير ذلك، فهو نفسه فإن التشكيك نتيجته الانكار، المكرين والجاحدين مع وجود الأدلة والتفريط فيها بذريعة التأمل والتدبر العلمي والمراوغة العلمية وغير ذلك أيضا يعبر عنهم بأهل الريبة والريب وهم المرتابون، فهم إما أن يبثوا التشكيك أو يجحدون وينكرون تحت طاولة المراوغة في الأدلة والاستدلال، فإذاً ليس فقط اهل البدعة بل حتى أهل الريب الجاحدون من جحد وهم المنكرون المسارعين للإنكار فهم ينكرون دائماً فهؤلاء هم أهل الريب، قال تعالى:- ﴿ وإذ جاءكم يوسف من قبل بالبينات فمازلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب ﴾، فهو مرتاب ومسرف، وهذا الاسراف حتى في العمل العلمي والعقائدي، فالمرتابون في ريبهم يترددون ومادة الريب موجودة في القرآن الكريم إلى ما شاء الله فالقرآن الكريم يلاحقهم ملاحقة، ﴿ وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون ﴾، أي حالة التذبذب، ﴿ مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ﴾، فهم مذبذبون، وهذه ليست حالة صحية وليست حالة علمية، فعلى أية حال إذاً هؤلاء أهل الريب وما أكثرهم ، ففي الرواية ( إذا رأيتم أهل الريب ) يعني إذا نشروا هذه الظاهرة ظاهرة التذبذب وظاهرة الريبة وظاهرة الجحود والانكار للثوابت الدينية فحينئذٍ -كما يوصي النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتي بحثها الفقهاء في هذه المسائل المتعددة - ( فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم )، وسبّهم يعني مذمتهم وذكر العيوب التي فيهم حتى لا ينجذب النا إليهم فأكثروا السب فيهم يعني اذكروا عيوبهم وليس قصة الافتراء كي لا يظن الناس أنهم نموذجيون، أما أنَّ الطرف الآخر العدو يقول لماذا تبث الكراهية سرّ هذا هو أنه يريد أن يطلع بشكل نجمي جذاب نموذجي حتى يميل الناس إليهم، ﴿ ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ﴾ فهو يريد أن يميل الشعوب إلى اتجاهه فانت حينما تظهر عيوبه فهو يقول إنَّ هذه ثقافة كراهية ولكن ليس قصة كراهية وإنما واقعه هو هذا، هذه المشاكل الاجتماعية والمجتمعية والأسرية الموجودة عندهم هي جهنم روحي، ليست لديهم حضارة روحية، لديهم صحاري روحية وظلمات روحية فلا يستطيعون أن يؤسسوا حضارة روحية، ﴿ لا يغرّنّك تقلب الذين كفروا في البلاد ﴾ فمتى تعيش في أجواء روحية ترى أنهم كأنهم يأجوج ومأجوج فعلاقاتهم الاجتماعية الروحية هي كأنها يأجوج ومأجوج فهي ظلمات فوقها ظلمات، ﴿ إذا أخرج يده لم يكد يراها ﴾ فلا يأخذك بريق الحمرة أو الصفرة فإنَّ هذه أبدان أما الأرواح فـ﴿ لو اطلعت عليهم لوليتم منهم فراراً ﴾،وهذه نكتة مهمة، فهم لا توجد عندهم حضارة روحية وإنما يوجد عندهم تصحّر روحي شديد، ونحن لا نريد الخوض في هذا ويكفي العنوان، فنعمة دين الاسلام في الحضارة الروحية عظيم، وروح الانسان أعظم من بدنه، أما تكنلوجيا وبيولوجيا وغير ذلك كلها لبدن الانسان، ولا نقول إن هذا جانب لا يكترث به الانسان كلا بل عليه أن يكترث به ولك هذا شيء والجانب الروحي شيء آخر، فهم أكثر وحشية من الحيوانات والجانب الروحي في الحيوانات أكثر منهم، ولا أقول الكل ولكن طبقات الشعوب المغلوب على امرها فهذه محرومة وإنما كلامنا في الطبقات المستكلبة المستأثرة وهي تعمي بغيّها وضلالها على الطبقات المحرومة، ﴿ لمن ألقى السمع أو كان له قلب وهو شهيد ﴾ فهو يشهد حقيقة ألأمور كيف هي.

إذاً أهل الريب أو أهل البدع فالبدع هو جهاراً يلتزم مبنى ما أنزل الله به من سلطان، أما أهل الريب فهو يلتزم بهذا ولكنه يتستر يتقنع وإنما يطلق فقاعات للإنكار والتشكيك والتستر، فهما سواء ولكن أحدهما معلن وهم أهل البدع، وأحدهما متستر وهم أهل الريب، فهم مشتركون في التملص، وهذا الكلام في الثوابت الدينية الضرورية المتسالم عليها وليس المختلف فيها، يقول عليه السلام ( فأظهروا البراءة منهم ) وأظهروا البراءة منهم عبارة عن وقاية ناعمة عن مرضهم، فالبراءة هي وقاية وتعقيم أو قل هي توقي وحِجر، ﴿ ويقولون حِجراً محجوراً ﴾ حسب تعبير الآية الكريمة، فالبراءة هي نوع من الوقاية عن المرض وعن السرطان وعن الغواية وعن الضلالة وعن الفساد في المعرفة أو الفساد في الأخلاق او الفساد في العمل ولذلك يعبرون عنه في علم الرياضات الروحية أو علم الأخلاق بالتخلية، أي تكنس، ﴿ ومن يكفر بالطاغوت ﴾ هذه تخلية وتطهير، فالبراءة هي وقاية وتباعد، فالتباعد هو نوع من الوقاية، فـ( أظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم )، وسبهم هنا المراد منهم ليس قصة أن يكون الانسان بذيء وفحّاش ولعل البعض يقول لابد من تأويلها، كلا وإنما هذه القاعدة النبوي يوجد شبه اتفاق اجمالي بني الأعلام على العمل بها متناً ومضموناً فإنَّ مفادها يجب التدبر والتحقيق فيه، ( فأكثروا من سبهم ) يعني لا تتستر على مذامهم أما المسلم أو المؤمن يعني الذي يراعي الضوابط والموازين والآداب العامة لا تظهر عيوبه ومذامه أما إذا كان هو ينشر مرض فكري أو خلقي او عملي فهذا يجب ان يعرّى كي لا يكون جذاباً للساذجين والذين في غفلة فيلزم أن يكشف على حقيقته فالمراد بالسب هنا هو هذا، لأنَّ السب هو ذكر الطرف بمذام موجودة فيه، ( فأكثروا من سبهم والوقيعة فيهم وباهتوهم ) والوقيعة فسرها الكثير بالغيبة يعني إظهار عيوبهم أيضاً مرة أخرى كما في ذيل الرواية ( كي لا يطمعوا في إفساد دينكم وفي فساد الاسلام )، فأنت لم تفترِ عيه وإنما أنت في هذا المجال ليست عطية وقار وحرمة وإنما تظهره على ما هو عليه في الواقع لأنه في صدد بث إشاعة المرض وإشاعة الفاحشة فلا تعطه هذه المصونية والحرمة، ( فأظهروا البراءة منهم ) هذا أولاً، ( وأكثروا من سبهم ) هذا ثانياً، و( والوقيعة فيهم ) يعني اظهار عيوبهم، فعليك أن تنشر فضائحهم، و ( وباهتوهم ) هنا باهتوهم فسرت بتفسيرات ليست معنى الافتراء وإن كان بعض الأعلام احتمل هذا، ولكن الكثير قال إنَّ معنى باهتوهم يعني ابهتوهم يعني اقطعوا حجتهم، ﴿ فبهت الذي كفر ﴾ يعني انقطعت حجتهم، فباهتوهم يعني اقطعوا طريق الشبهة التي ينشرونها بأدلة دامغة، وطبعاً حتى التهمة هي نوع مباهتة، والتهمة ليست إخباراً، وقد مرَّ بنا الفرق بين الكذب وبين التهمة فالتهمة يعني هناك قرائن نسبية احتمالية لصدور فعل عن ذلك الفاعل، إنما في المؤمن أو في المحترم أو في المسلم المحترم يراعى مادام هو يراعي الحرمة أما إذا كان في صدد نشر مسار الباطل ومنهج الباطل من الجحود والانكار أو البدع أو ما شابه ذلك كيف تراعى حرمته وهو لا يرعى حرمة لضروريات الاسلام؟!! فهنا أي تهمة فهل توجد قرائن تهمة؟ نعم القرائن موجودة فهي تلصق به ولو بدرجة النسب الاحتمالية فلعل القاتل هو ولعل الفاعل هو فالقران موجودة، هذا نوع من البهتتان ولكن هذا ليس بهتان باطل وغنما هو بهتان بحق، أو سوء الظن وقد مرَّ بنا أنَّ سوء الظن يختلف عن الكذب فأيضاً توجد قرائن بحيث تورّث سوء الظن، فهذا في المؤمن المحترم المراعي نعم هو يوقّر اما بالنسبة إلى أهل الريبة والبدع لا تراعى هذه الحرمة لهم، شبيه من هو مقيم على منكر فمادام هو مقيم على المنكر كيف تراعي حرمته بل يجب أن يردع عن المنكر ولذلك جملة من الأعلام قالوا إن هذه القاعدة النبوية هي على مقتضى قاعدة النهي عن المنكر وردع المنكر وقطع مادة الفساد، فاللّب في هذه القاعدة الاستثنائية من القاعدة الأولى أن هذه لمجموعة من الأحكام من حرة الغيبة وحرمة السب وحرمة الهجر وغيرها هذه الأحكام هي نوع من المصونية والصيانة والحرمة والاحترام ولكن لمن هو يحفظ الحرمة، فإذا الشخص كان يتطاول على أقدس الحرمات وهو دين الاسلام وضوابطه وضرورياته وثابته ودين الايمان فهذا لا تراعى حرمته وإن لم يفترَ عليه ولكن لا تراعى حرمته ولا يتستر على عيوبه ولا يعطى عواره بل يكشف لئلا يتمادى إضلاله وغيّه، وهذا نوع دواء له ودواء للمجتمع، فهو دواء للمجتمع المؤمن وذلك بأن يتوقى منه أما انه دواء له فهو أيضاً شره وإضلاله يقل عسى أن يرجع ويتوب، فهذه رحمة له ورحمة للمجتمع، فهذا يندرج في الحقيقة في باب قاعدة النهي عن المنكر، فلاحظ أن هذه القاعدة النبوية التي هي استثناء من القاعدة الأولية خرّجها الفقهاء وبينوا أنها من قاعدة النهي عن المنكر والردع عن المنكر وقطع مادة الفساد، وسبق وأن نبهنا على هذا المطلب وهو أنَّ قطع مادة الفساد هي من فصول بحث النهي عن المنكر ولكنها قاعدة خاصة وإن كانت مندرجة في عموم قاعدة النهي عن المنكر أما أنه كيف ضابطها فهذا ليس بالأمر السهل، وقد أثرنا أيضاً قاعدة سدّ الذرائع ولكن قطع مادة الفساد منصوص فهنا نوع من سدَّ الذرائع أو أن قاعدة قطع مادة الفساد منصوصة ( فأظهروا البراءة منهم )، فهنا توجد آليات بينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فصحيح أنه يوجد تعايش ولكن يوجد تباعد اجتماعي معهم، وهذا هو التبري والبراءة، فأنتم تعيشون في مدينة واحدة ولكن توجد فواصل، فيوجد تواصل نسبي ويوجد تباعد وتفاصل نسبي وهذا هو معنى البراءة والتبري، ( فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والوقيعة فيهم وباهتوهم لئلا يطمعوا في فساد الاسلام ودينكم ).

وتوجد نقطة كنا قد وقفنا عليها أمس والمفروض أننا نبدأ بها اليوم ولكن نؤجلها إلى الجلسة اللاحقة: - وهي ما أثاره الأعلام هنا في هذه المجموعة من الأحكام نم حرمة الغيبة وحرمة والسب والهمز واللمز وغيرها، وهي قاعدة مهمة أثارها الاعلام وقد أشرنا إليها أمس جمالاً ولم ندخل فيها تفصيلاً، ولو أننا نشير إليها فهرسياً في الجلسة اللاحقة، وهي الاسلام الظاهري والاسلام الواقعي، فما مقصود الأعلام من ذلك؟، وليس قصة ما مقصودهم ولكن نفس عنوان واحد وهو الاسلام ولكن هذا العنوان الواحد ليس له معنىً واحد وليس له ماهية واحدة وإنما له ماهيات، فأنت لا أنك حينما ترى هذا العنوان ترتب عليه كل الآثار، فإنه إذا كان من قبيل المشترك اللفظي فهذا يجب أن تلتفت إليه، وهذه نكتة نفيسة في القواعد الفقهية، فنفس الاسلام له معنيين أو أكثر، فهو موضوع للآثار بأي معنى؟، وهذا بحث مهم جداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo