< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/11/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المشروعية بين الدليل العام والخاص - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

كنّا في هذه القاعدة التي هي كالاستثناء من مجموعة مسائل وأحكام احترام الطرف الآخر، وهي قاعدة جواز السبّ والقول والوقيعة ومباهتة أهل الريب والبدع والفسق استناداً إلى الحديث الشريف، ومرَّ بنا أنَّ هذه القاعدة فيها زوايا عديد لم نتناولها بالتفصيل لأنه سوف يطول الأمر، ولكن إن شاء الله تعالى سنتناول مفاصل هذه القاعدة وبشكل موجز، ومرَّ بنا خلاصة كلام الأعلام في هذه القاعدة المستثناة من احترامات الطرف الآخر وما مرَّ بنا خلال عدة جلسات أنَّ هوية الانسان أو المكوّن الاجتماعي البشري هو نوع هويات متعددة وليس ذو هوية واحدة، فسواء كانت هويات مجتمعية أو هوية فردية الانسان والمجتمع أو الانسان الاسرة أو الانسان غيره هو على أقسام فالطيعة البشرية ذي هويات وهذه الهويات تؤخذ موضوعاً لأحكام عدة في الأبواب الفقهية، هنا المراد من هذه القاعدة الهوية الباطلة في ذلك المكون أو الشريحة أو الفرد الهوية الباطلة ليس لها احترام لا بقية هوياتهم سواء كانت هوية سياسية باطلة ﴿ ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ﴾ فإذا كان نظام سياسي جائر باطل فلا يستعمل الاحترام له والكلام بحسب الواقع وليس بحسب اللسان فإنه بحسب اللسان فهذا بحث آخر وإنما الكلام بحسب الواقع، لأنَّ هذه الهوية الباطلة ليس لها احترام من قبل الشارع، أو جماعة معتركة في بدعة معينة سواء كانت بدع اخلاقية أو عقائدية أو غير ذلك، وطبعاً اجمال بحث البدعة هو أن البدعة هي الفعل الذي لا يندرج في المباح ولم يقم عليه نص لا خاص ولا عام، البدعة هي تبني حكم فعل لم يقم عليه دليل خاص ولا عام، وطبعاً حينما يقال عام يعني ولو دليل عام فوقب فلو شمله فانتهى الأمر، فيجب الالتفات إلى هذا، فالبدعة هي في مقابل المشروعية، يظن أن المشروعية مرهونة بالدليل الخاص والنص الخاص، كلا بل المشروعية ليست حبيسة الدليل الخاص، فإنَّ هذا يصير منشأً اخباري حشوي أو وهابي، بل المشروعية هوما لم يكن عليه دليل نفي دليل خاص وأيَّ طبقة من طبقات الدليل العام، بعض الدليل العام قريب وبعض الدليل العام بعيد فهذا لا يستفاد منه المشروعية لأنه وهم في وهم إلا إذا اندرج المورد في دليل عام ولو بعيد فهنا المشروعية مضمونة، أبداً في علم الأصول المشروعية ليس حبسة ولا مقصورة على الدليل الخاص ولا على الدليل العام القريب، بل المشروعية في قبال البدعة فإنَّ البدعة هي رهينة بعدم الدليل سواء كان دليلاً عاماً بعيداً أو عاماً قريباً أو عاماً متوسط البعد، وأنتم تعلمون بحسب علم الأصول أنَّ العام درجات وليس درجة واحدة، فالمشروعية ليست حبيسة في النص الخاص بل يكفي النص العام، فالمشروعية لمي قل اصولي ولا حتى غير أصولي ولا أيّ باحث في العلوم الدينية أنَّ المشروعية مقتصرة على النص الخاص وهل النص العام لا فائدة منه؟!!، ولو قال أنا لا أريد أن اعتمد على النص العام، ولكن نقول هل المشروعية هي بيدك كلا فإنها ليست بيدك حتى ترفض النص العام، فإن الله تعالى يفعل ما يشاء ولست أنت تفعل ما تشاء، فإنَّ هذا كلام ليس علمياً وهو مرفوض، فإذاً دليل المشروعية أعم من الدليل العام والدليل الخاص، أصلاً من حيث منطق علم الأصول لا فرق بين المشروعية الآتية من الدليل الخاص أو النص العام ، بل بحسب علم أصول المشروعية الآتية وهذا حسب قول القدماء كالشيخ المفيد والطوسي والسيد المرتضى وابن البراج وابن زهرة وغيرهم وحتى المحقق الحلّي في كل الشرائع عندهم النص العام أمتن في المشروعية من النص الخاص، لأن النص الخاص المقطوع النسب يقولون إن هذا الخاص نسبه ليس معروفاً فيوقفون فيه، فإذا لم يتضح نسب هذا النص الخاص فسوف يتوقفون فيه، وطبعاً أصول المذهب هي العمومات فإنَّ العمومات هي آباء وأجداد، وواقعاً الأمر هكذا وحتى في البحث المنطقي يعتبرون العموم آباء وهي الأصل، فالأمر عند القدماء على العكس وهذا موجود حتى في علم القانون البشري الوضعي المعاصر، العموم أكثر أصالة في المشروعية من النص الخاص، فالنص الخاص مقطوع النسب كيف تأخذ به فهل عليه شاهد من الكتاب والسنَّة أو لا؟!! وقد سمعتم بهذه العبارة عند كل طبقات الفقهاء عدى متأخري هذا العصر، فهذه العبارة مستفيضة في الروايات، وشاهد من الكتاب والسنَّة ماذا يعني؟ شاهد يعني هل نسب ونسبة مع الدليل العام أو لا، فلا تقل لي نص خاص فإن النص الخاص لا فائدة منه إن لم يظهر نسه، وحتى المحقق الحلي أبداً لا يعمل به في كل كتبه وليس فقط المتقدمين، فنسب النص الخاص أحد العمومات فهو الب القانوني التشريعي له، فلا تقل لي النص الخاص، بل لابد من معرفة أصلة وابوه، القضايا القانونية هي هكذا عند القدماء لا أن المشروعية متساوية بين العام والخاص بل بالعكس أنَّ العام هو أصل المشروعية، وحتى لو عثرت على نص خاص فعليك أن تلاحظ هل عليه شاهد من العمومات فإن لم تجد فعليك أن تتوقف، ( انظروا إلى ما يروى عنا فإنَّ وجدتم له شاهداً من الكتاب والسنَّة فخذو به وإن لم تجدوا على شيء فاعزبوا )، و( سنَّة ) يعني المتواتر من سنّة المعصومين عليهم السلام، فالمشروعية بالعكس، فإنَّ مشروعية العمومات أثبت وأقوى وآصل من المشروعية في النص الخاص، وسبحان الله في هذا العصر الأخير هذا النظام الصناعي غفل عنه وطبعاً هذا هو ممشى الاخباري السطحي وحشوية الأصوليين وكذلك الوهابية، فإنَّ الوهابية تأتي له بدليل عام فيقول كلا لابد من النص الخاص والحال أنَّ العام هو الأصل وهو المحكمات من الكتاب والسنة وهو أم الكتاب فإن الأمومة هي للعمومات، مثلاً يقول أريد نصاً خاصاً في المسألة الفلانية، ولكن نقول عسى أن يكون النص الخاص ليس موجوداً ولكن هذا ليس بمهم فهل أنت لا تأخذ بالعمومات فإنها هي الأصل؟!!، والورطة التي تصير الآن في البحوث الفقهية باسم الصناعة هي لا صناعة لأنها تعتمد على فرع الفرع لأنَّ النص الخاص هو فرع من دون أن تعرف نسبه فاي صناعة هذه؟!!، أصلا أصل حجية الدليل الخاص أن لا يكون له معارض وأن يكون منتسب للعمومات فإن من شرائط حجية الخاص والخبر الواحد الخاص أنه لا يتنافى مع الكتاب والسنة ولا يتنافى يعني له نسب مع الكتاب والسنة، ومعنى موافق يعني ماهيته موافقة ومتحدة ولها نسب وحدة مع العمومات، فلا يمكن رفض الدليل الخاص والاعتماد على الدليل الخاص فقط، مثلاً يقول أنا لا أريد دليلاً عاماً على إمامة الإمام الحجة عجّل الله تعالى فرجه الشريف وإنما أريد دليلاً خاصاً ، كلا بل بالعك الدليل العام على إمامة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف أعظم من الدليل الخاص، ولوق ال أنا لا أريد الدليل العام ولكن نقول إنَّ هذا ليس بيدك، فليس بيدك أن ترفض الدليل العام، والدليل العام على نبوات الانبياء أعظم من الدليل الخاص على النوبة، وهذا بحث سيّال في بحث الفقه وعلم الكلام والتفسير وغير ذلك، فالدليل الخاص على النبوة لا تستطيع ان تفهمه من دون الدليل العام، فلاحظ أن ذات القرآن الكريم يؤكد على ذلك ﴿ قل ما كنت بدعاً من الرسل ﴾ أو ﴿ لا نفرق بين احدٍ من رسله ﴾، يعني أنَّ الجهة العامة هي الأساس، نعم لسؤدد سيد الأنبياء خصوصية فهذا لا ننفيه، فالدليل العام هو الأصل، لذلك علمياً ومنطقياً علماء الكلام مضطرون أن يبحثوا النبوة العامة قبل النبوة الخاصة ولا تؤخذ النبوة الخاصة قبل النبوة العامة، هذا هو الدليل الخاص والعام، فإنَّ الخاص لا يفهم نسبة وماهيته وهويته إلا بالدليل العام، وهذا بحث منهجي مغفول عنه الآن، مثلاً يقول أنا أريد الدليل الخاص على الامامة الاثنا عشرية، ولكن نقول أنت إذا لم تفهم امامة العامة سوف لا تفهم الامامة الخاصة، فإمامة أمي المؤمنين يعني ماذا وإمامة ذي القرنين يعني ماذا وإمامة طالوت يعني ماذا وإمامة آصف بن برخيا يعني ماذا؟!!، فالمهم أنه من دون الدليل العام حتى الامامة سوف لا تلتفت إليها، فإنَّ الامامة العامة هي قوام فهم الامامة الخاصة، فمن دون الامامة الخاصة كيف تفهم الامامة الخاصة، ومثل هذه العبارة المنطقية التي يذكرونها فهو يريد أن يفهم النوع من دون أن يفهم الفصل فإنه يوجد جنس وفصل ونوع ويوجد جنس الجنس مقدم على الجنس أما أنك تريد أن تجعل الباج الخاص من دون الباج العام فهذا غير صحيح، بل الحجية هي أولاً هي للعام قبل الخاص، فإنَّ الخاص لا حجية له في نفسه وإنما لابد من عدم المعارض وعدم المخالفة للكتاب والسنَّة بل لابد من الموافقة للكتاب والسنَّة، وإلا سوف يكون الخاص غريباً شاذاً ولا يكون مقبولاً إلا بنسب ولا يمكن أن يقطع وإلا كان شاذا نادراً وغريباً، هكذا يعبر الفقهاء عنه بأنه خبر شاذ أو خبر غريب أو خبر نكرة، ولماذا يقولون هو نكر أو غريب أو نادر أو شاذ؟ لأنَّ هذا الخاص لابد أن يكون له نسب إلى العمومات، هذا النظام الصناعي العلمي في المشروعية الذي هو متأصل عند كل طبقات الفقهاء الآن مسخ هذا النظام الفكري الصناعي وصار النظام القشري الحشوي هو الصناعي، يعني هذا المنهج القشري تقمص النظام الصناعي وصار النظام الصناعي حشوياً، فلاحظ كيف هو الزيف في الجو العلمي في زماننا، فالعمومات التي هي الأصل في المشروعية وهي الأساس تصير هكذا، فالعمدة هو هذا النظام الصناعي، ومعذرة أنا أتوسع في هذا البحث ولم أذكر الأمثلة لأنه حينما نذكر الأمثلة فسوف تنشد الأذهان إلى الأمثلة ويغفل عن نفس المبحث الكلي فإن المبحث الكلي هو الأساس وسنذكر أمثلة كثيرة ولكن العمدة هو هذا النظام الصناعي، يقال مثلاً ما الدليل على أن زدي بن ارقم أنه كذا وكذا؟ ولكن نقول إنَّ لديك خطوطاً عامة فإنَّ هذا عدو لله ولرسوله فماذا تريد بعد ذلك؟!! فأنت عندك خطوط عامة ضروريات القرآن الكريم وضروريات السنة للمعصومين فإن كانت عداوة لله ولرسوله ومشاققة لله ولرسوله ومحادّة لله ورسوله فماذا تريد بعد ذلك؟!! ولكنه يقول أنا أريد نص خاص فما معنى هذا بل هناك خطوط عامة والصغرى محققة ايضاً أما إذا لم تكن الصغرى تامة فهذا بحث آخر، ولكنها تامة في هذا التاريخ الحافل بأعمال زيد بن أرقم فكيف تتعامى عنه، ونقصد أنه في مباحث السيرة والكلام ومباحث فقه الفروع وغير ذلك هذا النظام منهجي محكّم وهو أن أصل الاستدلال والدليلة هي العمومات بطبقاتها ودراتها وليس الدليل الخاص، ولو أعملت الدليل الخاص من دون الدليل العام وطبقاته فهذا غير صحيح، بل لابد أن تلتفت إلى النظام الصناعي.

ويوجد بين آخر لهذا المطلب وهذ حتى أنه متفق عليه حتى بين القانون الوضعي والقانون الصناعي: - وهو أنَّ علم القانون هو علم رياضي، فهم يعتبرونه من العلم الرياضية، فصحيح أنَّ فيه جنبة أدبية ومن علوم الأدب من جهة الدلالة ولكن أصل المعادلات تكون من العلوم الرياضية يعني كأنما هي معادلات هندسية بينها نظام ومنظومة هندسية ولذلك علم القانون يعتبرونه رياضياً، وما هي خاصية هذا العلم الرياضي؟ يقولون إنَّ خاصيته طبقات تبدأ من كليات وسيعة الأفق إلى طبقات أضيق ثم اضيق ثم اضيق غلى أن تصل إلى النص الخاص او التشريع الخاص، مثل ما هو في زماننا باللغة العصرية في القانون الوضعي القوانين الدستورية ثم تأتي بعدها القوانين البرلمانية أو النيابية ثم تأتي بعدها القوانين الوزارية ثم تأتي بعدها القوانين البلدية، نفس القوانين الدستورية ترى أن الدستور مثلاً مائة باب أو مائة فصل أو خمسين أو عشرين ونفس هذه ابواب الدستور هي طبقات وليست طبقة واحدة، يعني أن الفصل الأسبق مهيمن على الفصل المؤخر والمادة الأسبق في الدستور مهيمنة على المادة المؤخرة، فالعمومات والكليات هي أصعب شيء وليس الفقه الوزاري أو الجنائي أو البلدي كلا فإن هذه أسهل وإنما الفقه الدستوري أصعب، فاصعب طبقة في علم القانون هي طبقة القوانين الدستورية، فراجعوا علوم القانون الأكاديمية، فإنه على الاطلاق أصعب تخصص هو الفقه الدستوري والمحكمة الدستورية ولا يعيّن فيها شخص بحسب الدول التي لها مصداقية إلا بعد أن يكون له مراس طويل وخبرة في القانون.

فإذاً العمومات هي أصعب شيء وليست هي أسهل شيء، ومعذرة أنا أدخل في بحث البدعة المشروعية لأنكم تعرفون أن فتنة الوهابية مبنية وقائمة من رأس على هذه الفكرة وأيضاً فكرة القشرية من الاخباريين والأصوليين مبنية على هذا وهذه الفتنة العلمية تنجر إلى مباحث كثيرة في أبواب الفقه أو أبواب الكلام، وسنذكر أمثلة على ذلك، ومن المهم معرفة ذلك لخطورة هذا المبحث فإن عدم مراعاة هذا المبحث في العلوم الدينية يعد كارثة منهجية، فالفقه الدستوري عند علماء القانون أصعب من الفقه النيابي والفقه النيابي أسهل وكذلك الوزاري أسهل وكذلك الجاني والأسري أسهل وأسهل، يصير محامياً في الفقه الدستوري وفي المحكمة الدستوري يحتاج إلى خبرة كبيرة جداً أما إذا أراد أن يصير محامياً في القضايا الجنائية فيكفي أن يكون محامياً عادياً وخبيراً قانونياً عادياً أما هناك فتوجد أمور جحفلية، لأنَّ جانب الفقه الدستوري خطير، إذا علم القانون طبيعته طبقات وطبقات العمومات أخطر وأخطر شيء، نفس بنود الدستور الفصل المقدم مهيمن، ومن يكتب الدستور هو من يعرف أنَّ الفصل الأسبق مهيمن على الفصل اللاحق، والفصل اللحق مهيمن على الثالث والثالث على الرابع وهكذا، حيما يقال الدستور العراقي مثلاً المادة الثاني أن دين الدولة والبلد والشعب هو الاسلام مادة ثانية تجعل المادة خامسة أنَّ الشعب هو مصدر السلطات والصلاحيات يعني المادة الثانية مهيمنة على المادة الخامسة لا العكس، وهذا بحسب أًول علم الفقه الدستوري والقانوني، لماذا جعلت المادة ثانية وهي أنَّ دين الدولة والشعب هويته هي الاسلام أما المادة الخامسة جعل الشعب هو مصدر الصلاحية، فلاحظ مادة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة، فلاحظ كم هو الفاصل فالمادة الثانية مهيمنة على الخامسة وبفاصل طبقات لا أن نتمسك بالخامسة ونترك الثانية بل الثاني هي الأهم، وهذا التدوين ليس عبطاً، وأنا لا أقول إنَّ هذا وحي منزل ولكن علم القانون هو يقتضي هذا الشيء وعلم القانون الدستوري هو يقول هذا الشيء، فالفقيه الشرعي أو القانوني الذي لا يلتفت إلى طبقات العمومات والآن حتى متأخري الأعصار نقحوا هذا المطلب فإن معرفة طبقات العمومات من الأمور الخطيرة ومن لم يعرفها ألف باء الاجتهاد والفقاهة ليست عنه بل لابد أن يعرف هذه المراتب في العمومات ومن المهيمن منها، والشيخ الأنصاري ذكر الدليل الحاكم والدليل المحكوم، ولماذا أثرت أيها الشيخ الأنصاري هذا البحث؟ كي تعرف الحاكم من المحكوم والوارد من المورود، يعني من الشغل الشاغل الصناعي النخاعي لمن تشدَّق بالصناعة والعلم والأصولية أن ترتب العمومات ولا تبقى سجين النصوص الخاصة، بل عليك أن تؤسس القاعدة الأولية وهي العمومات، فلاحظ هذا النظام الصناعي كيف هو مهول وكيف يصبح نسياً منسياً، فترى شخصاً يسأل عن الدليل الخاص ولا يسأل عن النص العام، فهو لا يسأل عن النسب وإنما يسأل عن قطيع النسب وعديم النسب وهذا غير صحيح، ومتى يصير الدليل الخاص ليس دعياً؟ إنه لا يصير دعياً إذا عرفت نسبه، فلابد له من فصل ونسب، والشهيد الأول هذا المسلك عنده بقوة فهو دائماً يبحث الأصول الفوقية فلاحظوا كتابه القواعد والفوائد وكذلك لاحظوا منهجه في كتاب الدروس وفي كتاب الذكرى، أول شيء يبحث نظام ومراتب العمومات وليس الخاص، نعم نحن لا ننفي دور الدليل الخاص، يقول قائل أنا لا أريد الدليل العام وإنما أريد الدليل الخاص، وهذا غير صحيح بل لابد من معرفة نسب الدليل الخاص وأنه يرجع إلى أي عموم، وحتى في الامامة الالهية يقول علي بن موسى الرضا عليه السلام إنَّ النسب له دور ﴿ إنَّ الله اصطفى آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العاملين ذرية بعضها من بعض ﴾ فالنسب له دور حتى في منطق الوحي، فكيف تنكر ذلك، وهذا نسب تكويني ونسب ماهوي، أما أنك تأخذ بدليل خاص مقطوع النسب فإن هذا من أي زقاق أخذته ومن أي كتاب وهل هذا معروف أو لا؟، فهذا المبحث كلّما نطيل فيه فهو نافع لأنه منهجية مهمة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo