< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - حرمة حلق اللحية - المكاسب المحرمة.

أحد الاخوة طلب أن يصير نوع تلخيص لبحث حرمة حلق اللحية ومزيد من معالجة النكات، فنعاود تلخيص جملة من النكات لنبني صناعياً بحسب الأدلة على الحرمة في حلق اللحية والأدلة تامة والقضية ليس فيها احتياط، وقبل أن ننبه على هذا المطلب لا بأس أن نذكر نقاط ذكرها السيد الخوئي لا بأس بها حيث قال إنَّ حرمة حلق اللحية إن بني على أنها من الصغائر لا من الكبائر إلا أن الاستمرار في حلق اللحية يصير من الكبائر، وهذه نكتة مهمة جداً، فحرمة حلق اللحية وإن كان يبني متأخري الأعصار على أنها من الصغائر ولكن الاستمرار على حلقها فهذا الاستمرار يصير من الكبائر، يعني هذه تخريجة لكلام الشيخ البهائي، وتوجد لتفة لطيفة للسيد الخوئي وهي أن التجاهر بالصغيرة كبيرة وكذلك الاصرار على الصغيرة كبيرة وكذلك التجاهر بالصغيرة عنده يكون كبيرة، لأنَّ هذا نوع من التجاهر بالمعاصي فالمعصية قد تكون صغيرة ولكن عد من الكبار التجاهر بالمعاصي ولو كانت صغير وهذا مذكور في المعاصي، وهذه نكتة لطيفة قد يغفل عنها المكلفون وهي أن الصغائر صيح هي صغائر ولكن إذا جوهر بها تصير من الكبائر ولو لم يكن بإصرار واستمرار، وطبيعة حلق اللحية دائماً فيها تجاهر إلا إذا استعمل اللثام أو النقاب، فحلق اللحية مبتلى بشكلين إما بالاستمرار فيصير من الاصرار فيصير كبيرة أو تجاهر فهو أيضاً كبيرة فلا مفر عن الكبيرة في معصية حلق اللحية هذا التقريب الذي ينبه عليه السيد الخوئي، وهناك نكتة ثالثة نبّه عليها السيد الخوئي في استفتاءاته وهو أن حلق اللحية حتى لو بني على الاحتياط الوجوبي في الحرمة ايضاً هي فسق قد ارتكبه المكلف إلا إذا كان هناك مسوغ لذلك أما إذا يبقى على مخالفة هذا الاحتياط الوجوبي يعتبره فسق ولذلك في الكثير من فتاوى السيد الخوئي يستفتونه في انه هل يمكن ان نعتمد على شاهد من حالق للحيته فقال إن كنّا نبني على الاحتياط الوجوبي إلا أنَّ مخالفة الاحتياط الوجوبي توجب الفسق، ولماذا توجب الفسق مع أنه لا توجد فتوى بالحرمة فإنَّ الفسق كبيرة فكيف توجب الفسق؟ قال لأن العمل بالوظيفة العقلية عملاً ملزم إلا أن يأتي مرخص فمن دون المرخّص والاستمرار على هذا التجاه به يكون فسقاً وليس استقامة ولذلك السيد الخوئي يقول من يرتكب خلاف الاحتياط الوجوبي لا يحكم بعدالته بل يحكم بفسقه، بالتالي هذا لم يلتزم بالشرع، فإنَّ من مقررات الشرع هو الاحتياط العقلي، وأيضاً فيها تجري والتجري حرام كما أنه فسق من جهة عدم الالتزام بالوظيفة العملية وفسق من جهة التجري هذا شرحه السيد الخوئي في فتاوى عديدة فلاحظوا كتاب صراط النجاة وغيره، فإذاً هذه ثلاث نكات لطيفة في مسألة حلق اللحية أولاً فيها اصرار واستمرار وهذه كبيرة بناءً على الحرمة، وهي فيها تجاهر وهو كبيرة أيضاً فتصير كبيرة من جهتين، بل ينبه السيد الخوئي على انه حتى لو بني على انها احتياط وجوبي فهذا المكلف يحكم بفسقه وعدم عدالته لنكتة أنه لم يراع الوظيفة في الخروج عن عهدة التكاليف الشرعي ومن جهة التجري فلذل لا يحكم بعدالته وإنما يحكم بفسقة، نعم السيد الخوئي يعتبر السكسوكة لحية وهذا بحث آخر، فهذه صناعة فقيهة ذكرها السيد الخوئي يلزم أن نلتفت إليها.

نعود إلى ترخيص فذلكة الاستدلال وقبل أن نذكر التخليص كنا نتابع هذا المطلب ليلة أمس: - وهو أنَّ رواية جند بني مروان وواقعاً التتبع عجيب غريب ولكن لا يوجد مجال للتبع فإنه لو تتبع الباحث يرى أن الكثير من الخدشة في أسانيد هذه الروايات واهية لأن متون هذه الروايات لها طرق عديدة في كتب كثيرة لم تذكر في الوسائل أو في الكتب الأربعة، مثل قضية رواية تحف العقول التي وقفنا على أربعة مصادر أخرى غير تحف العقول.

وقبل أن ندخل في هذه النكتة الصناعية أيضاً: - وقفنا على كلام للمجلسي وقد كنت واقفاً عليه ولكن لم أركز عليه ولكن ركزت عليه أمس، وهو أنَّ المجلسي ينقل عن جماعة من الأعلام بأنهم يلتزمون حرمة فتل الشوارب، فهناك من ذهب من علماء الامامية بأن اطالة الشوارب كالصوفية والمجوس وغيرهم هناك من التزم بالحرمة، يعني ليس فقط وجود الشارب وإنما فتله بشكل معين، هذه نكتة أخرى في الأقوال.

وهناك نقطة أخرى في المصادر زيادة على ما سبق:- فهذه الرواية وهي رواية مسندة مرت بنا وقد نقلها صاحب الوسائل عن الكليني وهي مسندة إلى حبابة الوالبية والراوي ه عبد الكريم بن محمد الخثعمي يروي عن حبابة الوالبية وحبابة الوالبية هذه معجزة مجسد لأئمة اهل البيت عليهم السلام وهي امرأة عشت أكثر من قرن وربما قرنين من زمن أمير المؤمنين عليه السلام إلى زمن الامام الرضا عليه السلام والروايات تدل على انها أدركت امير المؤمنين والحن والحسين وعلي بن الحسين والباقر والصادق وقد التقت بهم، وهناك وروايات متواترة عندنا حول شخصيتها وهي كانت عبارة أخر من خواص الأئمة، لا أنه فقط الأمة كانوا يطبعون على الحجر الذي كان عندها إنما كانت تتردد ذهاباً وإياباً ومهمات وأدوار، فهي من الخواص ووعدت أن تكر، فإنَّ أمير المؤمنين عليه السلام وعدها بأنها من النساء اللاتي يرجعن مع المهدي عجل الله تعالى فرجه، عشرة نساء وهنَّ بنت رشيد الهجري وأم ايمن وغيرهن وحبابة واحدة منهن ولهنَّ دور مركزي في ظهور صاحب العصر والزمان وحبابة الوالبية بدوية يمنية، وكانت صاحبة سرّ الأئمة ويعزون لها مهمات عديدة، وأصلاً وجودها هو معجزة فهي مرتين هرمت وأعيدت للشباب مرة على يد الامام زين العابدين عليه السلام ومرة على يد الامام الرضا عيه السلام، فعود الشبابية لها على يد إمامين، وأما مشافاتها من الأمراض فكان بعلاج كل الأئمة عليهم السلام، هذه حبابة الوالبية اليمانية هي الراوية لقضية جند بني مروان وهي أول لقاء خاص بينها وبين امير المؤمنين في مسجد الكوفة وفي هذا اللقاء حصل طبع من أمير المؤمنين على حجر عندها وقضية وقوع هذه الواقعة وما شابه ذلك موجود في روايات كثيرة، يعني نفس مضمون هذه الرواية واصله ليس محل ترديد حتى تقول إنَّ سند هذه الرواية فيه مجاهيل فإنَّ هذا تعامل خاطئ إنما نفس هذه الرواية مصدقة من قبل روايات كثيرة وأن الأئمة حيث ذكروا أنَّ هذه الواقعة حدثت فهذا النقل إذا انضم بعضه إلى بعض سوف يصير وثوقاً بالصدور، وطبعاً رواها الصدوق عن الكليني ايضاً في ككمال الدين للصدوق، فالمهم أنه توجد روايات موجودة إلى الباقر عليه السلام حول حبّابة الوالبية وتوجد روايات مسندة إلى الرضا عليه السلام إلى حبابة الوالبية وتوجد روايات مسندة إلى الكاظم وإلى الصادق عليهما السلام وإلى ين العابدين عليه السلام فهي في قصتها ليست موهومة ولذلك حتى العامة ذكروها وهي شخصية تاريخية معجزة لأئمة أهل البيت عليهم السلام، فلا تقل إنَّ هذه الرواية ضعيفة وإنما الحدث الذي ورد فهيا صدّق من عشرات الروايات وحتى عند العامة فكيف تقول إن هذه الرواية ضعيفة؟!!، فـجند بني مروان أقوام حلقوا اللحى وفتلوا الشوارب فعوجلت لهم النقمة، فحبابة الوالبية امرأة عجيبة وكلما يصير شك عند الشيعة فهي ترفع الشك عنهم بما أوتيت من كرامات من عد أهل البيت عليهم السلام وهي كان لها دور في مواجهة الواقفية والفطحية والناموسية، يعني هي تقف أمام هذه الفرق المنحرفة بشواهد ودلائل، فالمقصود هي تاريخ ماثل وليس محل ترديد وأن هذه رواية ضعيفة أو قوية وإنما ورايات متواترة من أمير المؤمنين عليه السلام إلى الرضا عليه السلام، يعني ثمانية أئمة فثمانية من الأئمة أدركتهم وهناك أسانيد إلى الثمانية من الأئمة وليس فقط غلى أمي المؤمنين، ثمانية من الأئمة يمدحون مقامها وبأسانيد صحيحة، فإذاً أصل هذه الرواية لا يمكن أن نقول هي ضعيفة، وقد ذكت لكم أنه حتى الروايات التي تشير إلى المارماهي أنه توجد روايات تقول هو من المسوخ وأيضاً توجد فتوى متفق عليها بأن الجري والمارماهي حرام نه من المسوخ، فهذه الرواية لا تقل إنَّ سندها ضعيف هي متعاضدة بأسانيد عديدة، لذا هذه الرواية كما يقال هي عيار تام وكما مرّ بنا رواية جامع البزنطي وهي الموثقة عن الرضا عليه السلام هي تامة، فجملة من الروايات هكذا فلا توجد وسوسة في سندها، وأيضاً دلالة هي قوية جداً يعني يوجد تغليظ بالحرمة إذا كان مسخ بلحاظه يعني هو كبيرة وكبيرة لا لأجل المجاهرة ولا لأجل الاستمرار ولا لأجل التجرّي وإنما هي بنفسها كبيرة، فرفع اليد عنها مشكل وحتى رفع اليد عن كونها كبيرة مشكل فضلاً عن أن يقول قائل نرفع اليد عن الحرمة.

ولنضف ملخص فذلكة إلى هذا المبحث: - وهو أنه لماذا استعضنا الآيات التي قد ذكرها الأعلام؟ نحن استعرضنا الآيات لكي نبين أنَّ أصل الحكم في حرمة الحلق ترجع إلى تغيير الخلقة وهي نوع من تغيير الخلقة، فإذاً أصل الحرمة من هذا ولو أن حرمة حلق اللحية كل وحرمة المثلة شكل آخر فكلها تطبيقات أو تنزّلات لهذه الحرمة.

ويوجد إشكال عند السيد الخوئي في هذه الكبرى:- وهي تغيير الخلقة للآيتين الكريمتين إشكال صغروي وكبروي، فهو يقول إنه كبروياً لا يمكن الالتزام بحرمة كل تغيير للخلقة كما لو رفعت حجراً من مكان ووضعته في مكان آخر فهذا تغيير للخلقة وهلك جرا، فلا يمكن أن يلتزم أحد بأنَّ كل تغيير للخلقة حرام، هذا إشكال كبروي، وطبعاً تقريرات المكاسب للسيد الخوئي للسيد بقلم السيد علي الشاهرودي أمتن صناعياً بكثير من كتاب مصباح الفقاهة وكتاب الدراسات في الفقه الجعفري.

وقد أجيب عن هذا الاشكال الكبروي:- وهو أن التغيير في الخلقة إذا كان لإعمار الخلقة وتنمية الخلقة وإصلاحها سواء كان للأرض أو بدن الانسان أو النباتات أو الأشجار فهذا لا بأس به والقرآن الكريم يحث على ذلك ، وإنما الواضح في الآية أن المراد من التغيير هو الافساد والتخريب وهو مثل الافساد في الأرض مثل لسان آيات الإفساد في الأرض فهذا لا يجوز وأن تغيير كل شيء من الفطرة هو هذا فكبرى هذا الاشكال التي ذكرها السيد الخوئي مدفوعة لأن كل هذه هي في مجال الانماء أو التوسعة أو ما شابه ذلك أو التي لا تضر بالأرض وكلامنا ليس في هذا، وإما كلامنا في تغيير الخلقة وتشويهها وتبديلها، فإن ( وليبتكّن آذان الانعام ) هو تغيير للخلقة وتشويهها وإفساد الخلقة فإنَّ هذه أمانة من الله تعالى ولا يسوغ الله تعالى فيها الفساد، فهذه الكبرى التي ذكرها السيد الخوئي ليست تامة.

وأما الصغرى فمن قال لك إنَّ حلق اللحية من تغيير الخلقة أو أنه مُثلة أو ما شابه ذلك؟!!، وهذا بحث مهم في موضع الآيتين يجب الالتفات إليه، موضوع الآية الكريمة وهو تغيير الخلقة أو تبديلها بعدما تبين بشواهد وقرائن أنَّ المراد به التغيير أو التبديل الذي فيه إفساد والذي فيه تخريب وهلم جرا وليس المطلق نأتي إلى البحث الموضوعي المصداقي، لأنَّ هذا النمط من الاشكال أشكله السيد الخوئي في بقية الأدلة والروايات دعونا نعالجه بشكل صناعي حتى يصير واضحاً موضوعياً من البعد المصداقي.

مرَّ بنا أنَّ كل ما كانت أفراده متفاوتة في الوجود شدة وضعفاً كصلة الرحم والكذب وغير ذلك، فهذا العنوان حينما تتفاوت أفراده في الشدة والضعف والذي يعبر عنه بالاصطلاح المنطقي بالتشكيكي فمن الواضح أنَّ هذا العنوان لا يمكن أن يكون بذاته على مرتبة واحدة في الحكم لأنَّ طبيعته مشككة، أليس مثلاً هذا العنوان وجوبي أو تحريمي بعبارة أخرى إما أن تكون هناك مفسدة أو مصلحة، فحينما يكون نفس هذا العنوان هو ذو درجات متفاوتة فالملاك أيضاً سوف يتفاوت لأنَّ الملاك مطبع مع هوية نفس العنوان، مثلاً مفسدة الكذب فإن مفسدة الكذب في العقيدة اين ومفسد الكذب في الأخلاق أين ومفسدة الكذب في السياسة أي ومفسدة الكذب الاجتماعي اين ومفسدة البعد الفردي الخاص أين، فهناك درجات كثيرة في المفسدة ( والفتنة أشد من القتل )، فحينما يكون العنوان ذو درجات في المصلحة أو في المفسدة فتلقائياً بعض درجاته إذا تخففت وتخففت يعني يتناسب أن يكون مع الكراهة أو الاستحباب لا مع اللزوم، ومن غير المعقول أن يكون درجاته شديدة هي كراهة واستحباب وإنما بالعكس يكون إلزام، وقد مرَّ بنا عدة مسائل الشيخ الأنصاري وقبله من الفقهاء استدلوا على حكم إلزامي بالفحوى بحكم استحبابي لأنهم قالوا إنَّ الأولوية هنا بشكل أشد يعني مثلاً المكروه الشديد إذا كان شيئاً آخر ملازم أشد منه بكثير فهذا المكروه هو مكروه شديد ويتعامل معه الشارع بلسان يقرب من لسان التحريم - ولو أنَّ هذا مثال - وكراهة الشديدة فكيف بما هو أشد منه فنفس هذا هو إيماء بالتحريم فالشيخ الانصاري استدل بهذا وهو صحيح، وكذلك إذا كان مستحباً فبالتالي إذا تفاوتت الدرجات كيف نطالب أن هذا الحكم إما مستحب أو واجب ولا يصير اثنين، كلا بل يصير اثنين وثلاثة وأربعة صغيرة وكبيرة وكراهة وهذا لا مانع منه لأن طبيعته متفوت ذو درجات وليس درجة احدة، يعني الكذب في المزاح الأكثر التزم بأنه مكروه وليس بحرام - ويوجد من ذهب إلى الحرمة - مع أنه كذب، فهنا يصير كراهة وهناك يصير حرمة وهناك يصير صغيرة وهناك يصير كبيرة وهناك يصير أكبر الكبائر وهلم جرا، فإذا كان الحال كذلك فكذلك الحال في تغيير الخلقة فلو أراد شخص أن يغير إنسانية الانسان فهذا أين أو يريد أن تغيير شيئاً لقطع النسل فهذا شيء آخر، فطبيعة تغيير الخلقة إذاً ذو درجات، وهذه نقطة تندفع بها النقوض التي نقض بها السيد الخوئي على هذه القاعدة التي استند إليها الفقها ليس فقط في القام وإنما في أبواب عديدة، فليس مستنكر ولا مستغرب أن يكون هناك بعض المصاديق غير إلزامية، نعم بعض المصاديق مسلم انها غير إلزامية ولكن مع ذلك هي من المصاديق ولن تخرج لخفة من الملاك ولا يوجد أي استغراب وأي استيحاش، ولا يوجد أي قرينة على أن الحكم في الآية أو القاعدة غير إلزامي كلا بل هو إلزامي.

وهناك نقطة أخرى نضيفها إلى هذا الاشكال المصداقي أيضاً:- وهي مهمة جداً، وهي أنَّ بعض العناوين التي أخذت موضوعاً في الأحكام أو في القواعد الفقهية وهذه معروفة في علم الأصول وعلم الفقه، فإنَّ بعض مصاديق هذه العناوين هي مصاديق تكوينية وهي مصاديق بيّنة جليّة وبعض المصاديق مشتبه فيها، وبعض المصاديق بتعبد من الشارع هي مصداق ولو كان المتشرعة أو العقلاء مع أنفهم لم يدركوا أنَّ هذا مصدق للموضوع وإما الشارع يأتي ويقول إنّ هذا مصداق تعبّدي وإن لم تدركه عقولكم، وهذا الأمر لا يوجد فيه أي مانع، فواقعاً المصاديق هي على ثلاثة أقسام إن لم تكن أكثر، فإذا تبين هذا المطلب فما المانع من تغيير الخلقة؟!! نقول:- إنَّ الشرع هو يجعل حلق الرأس ليس من تغيير الخلقة والمثلة ولكن حلق اللحية من المثلة، وحلق الشارب ليس من المثلة ولكن حلق اللحية من المثلة، وحلق شعر الابطين والعانة وغيرهما ليس من المثلة ولا من تغيير الخلقة ولكن حلق اللحية من المثلة، وما المانع من ذلك إذا تعبّدنا الشارع بذلك، فإنَّ هذا التعبد لا مانع منه، وحتى عقلائياً يوجد فرق بين شعر العانة أو شعر الابطين وشعر اللحية فإنَّ ذاك موضع القاذورات أما اللحية فهي زيّ وجمال، وحتى بالنسبة إلى الفرق بين الشعر واللحية فإنَّ اللحية أكثر سهولة في التنظيف والغسل وهي زيّ بارز خلاف الشع فإنه قد يجعل عليه عمامة أو ثوب آخر وما شابه ذلك، فيوجد فرق بين هذه الموارد مع ارشاد وتنبيه الشارع على هذا الشيء، فهذه التفرقة ما المانع فهيا؟!!، أضف إلى ذلك أنه مرّ بنا أنَّ روايات الفطرة الحنيفية ومنها إعفاء اللحية كمصداق للقاعدة في الآتين، هذه الروايات ليست وراية واحد أو اثنتين وإنما هي موجودة عندنا وعند العامة وهي متطابقة ولا يوجد فيها احتمال التقية وما شابه ذلك، بل بالعكس أنَّ الفطرة هي الملَّة الحنيفية، وعنوان الفطرة الحنيفية التي أتى بها النبي وآله عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام في ابواب الفقه روايات عديدة وبعضها يذكر كل العشر خصال وبعها يذكر سبع وبعضها يذكر ثلاث لكن أصل تشريع الملّة الحنيفية للنبي إبراهيم ليس محل ترديد وأن هذا مصداق، ولذلك ذكر أنَّ هذا المصداق كإعفاء اللحى وحفّ الشوارب ليس في رواية واحدة وإنما يوجد وثوق بالصدور، يعني مطمأن به، فالترديد هو من هذه الجهة والوسوسة فيها هي من هذه الجهة، فإذاً اشكاله في الآيتين صغرى وكبرى ليس في محلة.

وهناك إشكالات أخرى من قبل السيد الخوئي في بقية الروايات تعرضنا لها، ولكن نركز على جوابها أكثر في الجلسة اللاحقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo