< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:قاعدة تبييض الأموال _ النوع الثالث ( بيع ما لا منعة فيه ) المكاسب المحرمة.

الأبواب الروائية التي بقيت لكي نراجعها باب الوصايا الباب السادس والثلاثون الحديث الخامس:- هذه الرواية صحيحة السند وهي صحيحة اسماعيل بن سعد الأشعري، والأشعريون في قم جلّهم اجلاء وثقات، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: - ( سألته عن مال اليتيم أن يعيّنه[1] أو يتجر فيه؟ قال: إن فعل فهو ضامن )، فلاحظ أنه مع أنها تجارة ومع أنَّ الربح لليتيم ولكن مع ذلك ضامن لرأس المال فكيف الجمع بين الربح وبين ضمان رأس المال وكون الربح لصاحب المال؟ إنه كما مر بنا أمس ومع ذلك يختلف عن القرض الربوي، فإذاً هذه الرواية أيضاً هي داعمة لهذا المطلب.

وهناك باب آخر وهو أبواب ما يجب فيه الخمس الباب السادس الحديث الأول:- والرواية هي صحيحة السند إلى أحمد بن ابي عبد الله عن ابيه يعني البرقي عمّن حدّثه، يعني البرقي أحمد بن محمد بن خالد ومحمد بن خالد البرقي أصله كوفي هو وابنه انتقلا إلى قم فإن قم كانت قرى متعددة أحد قراها برقرود فسكنا هناك وإلا فهما كوفيان، شبيه إبراهيم بن هاشم الكوفي وابنه علي بن إبراهيم فما كوفيان انتقلا من الكوفة إلى قم، هذه عملية انتقال العلماء من الكوفة إلى قم أو بالعكس من قم إلى الكوفة أو إلى بغداد هذه الظهرة موجودة كثيراً منذ زمان الامام الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام، فمحمد بن خالد البرقي طبقته تقريباً مثل طبقة ابراهيم بن هاشم يعني هو معاصر للرضا والجواد عليهما السلام وربما أدرك الكاظم عليه السلام فإننا لم ندقق في عمره بالدقة، ومحمد بن خالد البرقي والد صاحب المحاسن أحمد بن محمد بن خالد، وأحمد متعدد العلوم موسوعي مثل النراقي الابن والنراقي ليس راوياً وإنما من علماء الغيبة الكبرى، وهو من تلاميذ الوحيد البهبهاني من علماء القرن الثاني عشر ولكن توجد شبه بينهما فإن ابن البرقي موسوعي وهذا أحمد الابن موسوعي أيضاً ولكن الفاصل بينهما ألف سنة ولكن يوجد تشابه، فعلي بن إبراهيم وأبيه إبراهيم بن هاشم شبيه أحمد بن عبد الله البرقي وابيه محمد بن خالد، هذه نبذة عنهم، ( عمّن حدّثه ) هنا ليس ارسالاً فإنَّ البرقي الأب لم يذكر الاسم أو الرواة الذين بعده نسوا من قال لهم لا أنه مجهول بالنسبة إلى أبيه، أو هو نساه فإنه يحتمل ذلك، عن عمرو بن أبي المقدام عمرو بن ابي المقدام من فقهاء البترية الذين تتلمذوا على الامام الصادق عليه السلام وكانوا مخلّطين فهم يحبون أهل البيت ولكن ايضا يقولون بوجاهة الشيخين أو إمامة الشيخين فلا يوجد عندهم جانب التبري وإجماًلا جملة من فقهاء البترية رغم أنهم بترية إلا أنَّ المشهور عمل برواياتهم فإنه إن لم تكن هناك قينة مريبة في البين تعبر رواياتهم مأخوذ بها وهم عمرو بن ابي المقدام وجماعة، وحتى والد عمرو الذي هو أبن أبي المقدام على نفس الشاكلة، عن الحارث بن حصيرة الأزدي قال:- ( وجد رجل ركازاً[2] على عهد أمير المؤمنين عليه السلام فابتاعه أبي منه بثلاثمائة درهم ومائة شاة متّبع[3] فلامته أمي وقالت أخذت هذه بثلاثمائة شاة أولادها مائة وأنفسها مائة وما في بطونها مائة، قال: فنم ابي فانطلق ان يستقيله فأبى عليه الرجل ، فقال: خذ مني عشر شياه خذ مني عشرين شاة فأعياه فأخذ أبي الركاز وأخرج منه قيمة ألف شاة، فأتاه الآخر فقال خذ غنمك وآتني ما شئت فأبى فعالجه فأعياه فقال البائع لأضرّن بك فاستعدى أمير المؤمنين على أبي فلما قصّ أبي على أمير المؤمنين أمره قال: لصاحب الركاز أدِّ خمس ما أخذت من الركاز فإنَّ الخمس عليك فإنك أنت الذي وجدت الركاز وليس على الآخر شيء لأنه إنما أخذ ثمن غنمه )، هذه الرواية قد يستفاد منها خلاف ما مر بنا، لأنه هنا الذي استخرج الركز باعه قبل أن يؤدي الخمس والركاز لا يحتاج إلى أن تمضي عليه سنة وإنما خمسه يتعلق بالمال فيلزم أداءه فوراً فالخمس لازال في العين فهو باع العين وفيها الخمس فتصير داخلة في مسالتنا وهي الاتجار بمال الغير، فإذا باع والمفروض أنه صار ربح لأنَّ المفروض أنَّ المشتري باع الركاز وحصل منه أرباحاً كثيرة والفروض أنه إذا صارت الأرباح فإن الربح يصير للخمس فيلزم أن يزداد الخمس بينما قال امير المؤمنين عليه السلام أنَّ الخمس على صاحب الركاز المشتري لا يؤدي شيئاً، فالفرض هكذا وهو أن صاحب الركاز استخرج الركاز فهو يملكه ولكن يشترط أن يخرج خمسه فهذا الركاز الآن لا يحق له أن يبيعه كله وإنما هو يملك ثمانين بالمائة منه أما العشرين بالمائة منه لأصحاب الخمس ولكنه هنا أقدم على بيعه والمشتري قد اشتراه وأيضاً باعه بربح فإذا قلنا بأن الخمس يبقى في نفس الركاز ولو انه انتقل ولكنه يبقى ملكا لأصحاب الخمس فالمفروض أنَّ التجارة الثانية التي وقعت على الركاز المفروض أن أربحاها لأصحاب الخمس فإن ربح الخمس في الركاز كلّه للخمس لكن الامام عليه السلام هنا لم يحكم بأن ربح الخمس للخمس وإما قال الخمس يخرجه البائع الذي أستخرج الركاز ولم يقل الارباح هنا تتم لمقدار الخمس فإذاً هذا خلاف ما مرّ بنا، فهذه الرواية وإن وجدت هنا فهذا البحث يرتبط بالخمس، ففي بحث الخمس بالذات وقع الكلام عند الأعلام سيما إذا كان مؤمناً يبيع الخمس إلى مشتري والمشتري الأول يبيعه إلى مشتري ثاني ولا نحتاج إلى نسلسل عملية الشراء هنا كم احتمال في الخمس في بيع غير المخمسة فهنا كم يوجد احتمال؟، ونحن لسنا في صدد تفصيل هذا البحث وإنما فهرست الأقوال فقط، وهذا البحث مرتبط بباب الخمس وهو مهم، فهنا كم احتمال؟

يوجد احتمال أن يقال: - إنَّ الخمس تلف بالبيع فينتقل إلى ذمة البائع، وهذا هو الذي ذهب غليه السيد الخوئي والكثير من تلاميذه ونحن ذهبنا إليه إذا كان الباع مؤمنا ينتقل الخمس من العين إلى الذمة، فصحيح أنه فعل حراماً وليكن ذلك ولكن ينتقل الخمس من العين إلى الذمة، إذا كان المشتري مؤمنا والمشتري مؤمناً فإنه ينقتل الخمس من العين إلى الذمة.

ويوجد قوال ثانٍ في بيع العين غير المخمسة: - وذهب إليه كثيرون قالوا إنَّ الخمس يبقى في العين، يعني الخمس لم تنتقل ملكته إلى المشتري، وبالتالي الثمن الذي أخذه البائع من المشتري الأول لم يتملّكه الباع كله وإنما يتملك أربعة أخماس أما خمس الثمن باقٍ على ملكية المشتري ولكن العين لم تصف ملكيتها تماماً للمشتري وإنما لازال الخمس في العين فأيني ما تذهب العين يبقى الخمس فيها.

وهناك قول ثالث: - وهو أن العين غير المخمسة يتملكها المشتري تماماً ولكن الثمن ليس كله ملك المشتري وإنما أربعة اخماس للبائع وخمس منه لأصحاب الخمس إذا كان البيع الذي وقع ليس فيه خسارة أي إما أنه يوجد ربح أو ليس فيه خسارة، وهذ القول ذهب غليه السيد الكلبايكاني وجماعة كثيرون.

على القول الثالث هذه الرواية تقول الخمس يعطيه البائع الذي استخرج الركاز فهو يعطيه بقدر قيمة الركاز قبل البيع أو ربح البيع؟ إنَّ الرواية ساكتة عن ذلك ولا تنافي الروايات السابقة، فنفس الرواية حينما تقول إن المتخرج للركاز هو الذي يعطي الخمس فهذا معناه أن البيع ممضى وسالم للمشتري، فيلزم هنا أن تميزوا فإن الربح عند البائع وليس الربح عند المشتري، فإنَّ المشتري باع لمشترٍ ثاني وذاك كلام آخر وكلامنا في البيع الأول وليس في البيع الثاني والمشتري الثاني، ففي البيع الأول الامام عليه السلام حكم بأنَّ البائع الأول الذي استخرج الركاز هو الذي عليه الخمس ومعنى ذلك أن البيع نافذ وإذا كان البيع نافذاً وفيه ربح، فالرواية لا تنفي أنَّ هذا لبائع الأول يخرج الخمس مع الربح لأنَّ الركاز افترض أنَّ له قيمة ونفس البيع فيه ربح غير قيمة الركاز، فإنَّ الركاز كنزٌ استخرجه وهذا ربحٌ بحدّه فهو أصله غنيمة للمستخرج وهذا المستخرج حينما باعه فلعله حتى البيع فيه ربحٌ آخر غير أصل قيمة الكنز، كما لو كانت عنده خبرة في التجارة فباعه بقيمة فوق قيمته السوقية، فبالتالي فيه ربح فالإمام حينما يقول الخمس على البائع الأول فهو أعم من كونه باعه بقيمة الركاز فقط أو مع الربح، فإذاً هذ الرواية لا تنافى الروايات الأخرى بل تتطابق مع أنَّ البيع نافذ غاية الأمر لأصحاب الخمس الربح، يعني فكأنما صاحب الخمس أيضاً باع أمضى البيع غاية الأمر تقع المسؤولية على البائع الأول لأنه هو الذي تقاضى الثمن والثمن فيه ربح.

وأيضاً باب الأنفال الباب الرابع الحديث العشرون:- وهذه الرواية عن التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكري ونحن نعتمد ند ومتن التفسير وقد ذكرناه في الرجال الجزء الأول وفاقاً مع الصدوق، والصدوق اعتمد تفسير الامام الحن العسكري في لك كتبه بل وفي أهم كتبه مثل من لا يحضره الفقيه وكمال الدين وغيرهما، يعني الكتب المهمة الخطيرة للصدوق أورد فيها روايات كثيرة عن تفسير الامام الحسن العسكري، وأيضاً الطبرسي أعتمده ما ذكره في الاحتجاج والكثير من كبار علماء الامامية مذكور في الاجازة والمجلسي الأول والثاني والسيد هاشم البحراني والحر العاملي والفيض الكاشاني، يعني جهابذة أعلام الطائفة اعتمدوا هذا الكتاب أما من يناقش في هذا الكتاب فهذا بحث آخر.

وهناك ملاحظة رجالية لا بأس بذكرها وهي مفيدة:- وهي أن الحوزات الرائية للشيعة لا تنحصر بالكوفة وبغداد وقم وإنما هناك حوزات روائية كثيرة في المدينة المنورة فإنه كانت في المدينة المنورة كان حوزة روائية اثنا عشرية في زمن الصادق والكاظم والرضا عليهم السلام ومن نجوهما علي بن جعفر وعلي بن سويد السائي والذي قصته معروفة، وسويد من قرية أطراف المدينة المنورة، فتوجد حوزات روائية كثيرة، فإنَّ قزوين فيها وشيراز كان يوجد فيها، الآن عدم اطلاع علماء بغداد على بقية الحوزات لا يجعل أنَّ الميزان فقط هم علماء بغداد أو علماء الكوفة أو علماء قم، أو أبو هارون موسى التلعكبري وهو تقريباً يعتبر المرجع الأعلى للشيعة في زمانه أدرك أواخر الغيبة الصغرى وأدرك الغيبة الكبرة وهو طود محدّث متبحّر فقيه وهو معروف وأستاذه أبو علي بن همّام الذي هو أيضاً طود كان في زمن الغيبة الصغرى وهو مسيحي استبصر وصار مرجعاً أعلى للطائفة.

نرجع إلى أبي هارون موسى التلعكبر ولعل المفيد قريب من تلعكبر وهي من أطراف بغداد، فذها الفقيه المحدّث الجهبذ رئيس الطائفة كل عمره قضاه في السفر من حوزة شيعية إلى حوزة شيعية حتى أنه وصل إلى شيراز وأقصى النقاط ولذلك كان كثير الرواية ومعتمد فهو لم يتكتف بالمصادر الروائية في الكوفة ولا في قم ولا في بغداد وهذه سيرته، فالمهم أنَّ هذه نكتة يلزم الالتفات إليها وهي أنه إما أن يمر عبر الجوزة التي عندنا أو أننا لا نعترف به فإنَّ هذا غير صحيح فإنَّ الموازين لا تنحصر ببقعة جغرافية، وإنما المذهب والعلم لا يعرف بقعة دون بقعة، فعلى كلٍّ تفسير العسكري معتمد عليه وهذه الرواية هي من تفسير العسكري عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام:- ( أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قد علمت يا رسول الله أنه سيكون بعدك ملك عضوض وجبر فيستولي على خمسي من السبي والغنائم ويبيعونه فلا يحل لمشتريه لأن نصيبي فيه فقد وهبت نصيبي منه لكل من ملك شيئاً من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم )،فهذه روايات التحليل ليست من صاحب العصر والزمان عليه السلام فقط وإما من رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ومن امير المؤمنين وفاطمة عليهما السلام، ولكن هذه لا تنافي أخذ الخمس كما توهم ذلك غير المتفقه، كلا بل التحليل بدأ من فاطمة ثم من رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أمير المؤمنين ثم الحسن ثم الحسين وباقي الأئمة عليهم السلام ومع ذلك كان الأئمة يأخذون الخمس فيكف يحللون ويأخذون الخمس أيضاً؟!! إنَّ للتحليل معنىً آخر، وسنكمل الرواية غداً.


[1] يعيّنه: أي بيع العينة.
[2] الركاز: وهو الكنز القديم، وفيه الخمس.
[3] يعني الشياه مع أولادها التابعة لها، أو لعله اصطلاح خاص في المتّبع.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo