< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/02/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:قاعدة تبييض الأموال _ النوع الثالث ( بيع ما لا منعة فيه ) المكاسب المحرمة.

كنا في باب ثالث وردنت فيه الروايات من الاتجار بمال الغير ووصلنا إلى الرواية السابعة من هذا الباب باب من يجب عليه الزكاة الباب الثاني وهي طائفة ثالثة هي صحيحة زرارة وبكير عن ابي جعفر عليه اللام قال: - ( ليس على مال اليتيم زكاة ألا أن يتجر به فإن اتجر به ففيه زكاة والربح لليتيم وعلى التاجر ضمان المال )، إذا هذ الرواية تدل على أن الاتجار دائماً بنحو ولكن لأن الداعي والعزم من الأول عند هذا الأخ أن يتاجر بمال أخيه أو الوصي إما امتزاجاً أو انفرداً بالتالي يقع الاتجار للصغير وإن أوقعه كلياً ، مما يؤكد كما مر بنا أن قصد الأداء من المال العام حين إنشاء العقد تلقائياً يعني أن يصير طرف العقد، فالآن لاحظوا أبواب الدين هكذا وأبواب ما يكتسب به الباب الخامس والسبعون أيضاً هكذا وهي طائفة ثانية، وهذه الطائفة الثالثة وهي أبواب من ما يجب عليه الزكاة الباب الثاني أيضاً بنفس المفاد.

فعرفاً يقال هو اتجر بهذا المال يعني من الأول عزمه أن يعمل استثمار وإن أوقع العقد لنفسه ولكن عزمه من الأول عزمه أن يستثمر هذا المال فهو لا يوجد عنده ممال آخر أو ماله ليس منفرداً بالتالي يقع العقد لهما، كما لو كان عنده عزم في أن يسد من الال المشترك لأنه مزج ماله مع لمال الحرام أو مع مال اليتيم بالتالي العقد يقع لهما بالنسبة فالكلام هو الكلام.

ومرت بنا الطائفة الرابعة وجوب نية التسديد مرت بنا في أبواب الدين.

الباب الخامس وهو من ابواب الزكاة الباب الثاني والخمسين وهي أبوبا مستحقي الزكاة الحديث الثالث، الرواية علي بن أبي حمزة عن أبيه هو علي بن أبي حمزة الثمالي وليس البطائني وكأن البطائني أدرك الصادق عليه السلام ، فعلى كل هذه الرواية فيها ارسال خفيف لكن المهم مفاد الرواية وهي أبواب مستحقي الزكاة الباب الثاني والخمسون الحديث الثالث:- ( سألته هعن الزكاة تجب علي في موضع لا تمكنني أن أؤديها ؟ قال: قال اعزلها فإن اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح وإن تَويَت في حال ما عزلتها من أن تشغلها في تجارة فليس عليك فإن لم تعزلها فاتّجرت بها في جلمة مالك فلها بقسطها من الربح ولا وضيعة عليها )، إذا هذا المال العام يأخذ نفس حكم مال اليتيم، ( قال اعزلها فإن اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح وإن تويت في حال ما عزلتها من غير تجارة فإن تويت فليس عليك ) أي ليس عليك ضمان، ( فإن لم تعولها فاتجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها من الربح ولا وضيعة عليها، هذا أيضاً طائفة أخرى مستقلة في مال الزكاة وربما نجد روايات أخرى في باب الزكاة شبيهة بهذه الرواية أو يجد سنداً لهذه الرواية وهي مرتبطة بالقاعدة.

ودعونا قبل أن ننتقل إلى طائفة أخرى نشرح هذه الفذكلة:- وهي أنَّ مال اليتيم أو المال العام أو قل المال الحرام أو مال الغير حينما يتاجر بهذه الانسان كيف هذه القاعدة وهي أنه إن ربح فالربح للمال إن كان ممتزجاً وإن تلف عليه الضمان كيف تخريج هذا صناعياً مع أنه مرّ بنا الفرق بين المضاربة والقروض الربوية فما هو التخريج الصناعي ؟، يعني مع أنَّ الروايات تعبدية لكن المهم في البحث الفقهي إذا استطاع الفقيه أن يفسّر الدليل الخاص بحسب مقتضى القواعد لا تصل النوبة إلى تعبد خاص سيما في باب المعاملات والايقاعات كما مر بنا مراراً ، وقبل أن نشرح هذا شرح فذلكي جيد هذه الصورة الأخيرة التي مرت بنا في باب الزكاة أو غيره ومرت بنا أيضاً في مال اليتيم يجب أن لا ننساها فتارة يتجر بمال الغير فقط - سواء كان مالاً حرامًا او ما القصّر أو غيره - فالربح كله للغير إذا لم يكن مأذوناً وإذا تلف كان ضامناً له، وتارة يمزج مال الغير مع ماله فعقود التجارات تقع للاثنين لأنه من الأول أن يدفع من المال المشترك فلو كان المال المشترك سبعين بثلاثين فالربح أيضاً سبعين بثلاثين.

ولو قيل لأنّض قصد البعض من مال الغير فنقول إنه يوجد عنده قصدان قصد أنه يوقعه لنفسه فهذا ليس له جيدة لأنه لا يدفع من ماله فبالنسبة إليه لا يكون العقد وأيضاً عنده قصد أن يدفعه من مال الغير فيكون للغير وهذا هو الصحيح، أما أنه كيف يصحح من الغير؟ الآن سنعالجه؟ توجد ثلاث نقاط سنعالجها الآن قبل الطوائف الأخرى، فإنه في باب المعاملات من الضروري عرفة ان المعاملات كأنما هي ماكنة مؤلفة من عدة قطع ويلزم أن تركّب وتولف بينها فإن باب المعاملات هو هكذا والفقه عموماً هو هكذا هو علم رياضي قانوني وإن كان في مقام الاستظهار فيه جنبة أدبية أو علوم الأدب ولكن ما بعد الدلالة والاستظهار يصير معادلات رياضية بحته، فهو علم نقلي من جهة ورياضي عقلي من جهة أخرى فمراحل الاستنباط تستطيع أن تقسمها إلى مراحل نقلية وهي الدلالة وعلوم الأدب أو تتبع الروايات ومراحل عقلية رياضية هي المعادلات وكيف التوفيق بينها فيمكن تلخيص مراحل الاستنباط بهذا ما ذكروه.

إذاً كان من قصده حين العقد إنشاء عقود التجارة أن يدفع من المال المشترك فتلقائياً يعقد العقد للاثنين بحسب النسبة لو كانت الشراكة ستين بأربعين فيع ستين بالمائة من العقد لصاحب الستين وأربعين من العقد يقع لصاحب الأربعين بالمائة والربح أيضاً هكذا وهذا ليس توزيعاً للربح وإنما باعتبار أنَّ الربح يتبع الأصل لأنه فرع يتبع الأصل، فهذه الصورة يجب أن لا نغفل عنها سواء تفرّد في مال الغير أو جعل مال الغير شراكة مع ماله فبالتالي يصي العقد مشتركاً، ومرّ بنا أنَّ الشراكة الاستثمارية هي نمط من المضاربة ولكن لا يوجد فيها اعطاء لعامل المضاربة نسبة ، وقد تعطى نسبة لعامل المضاربة فأيضاً هذا يصح لأنه مر بنا أن الشراكة الاستثمارية يمكن ان تقع على صور.

النقطة الأخرى في هذه الرواية: - هل هذا تعبد خاص في مال اليتيم أو مال القصّر أو المال العام بأنه يصحح العقد إن حصل الربح للمال العام أو مال الغير ولكن الغرم ليس عليه فهنا قاعدة ( من له الغنم عليه الغرم ) لا تطبّق والمفروض أنَّ طبيعة عقد المضاربة من له الربح عليه الخسارة ومن عليه الخسارة فله الربح ؟ فقاعدة من له الغنم فعليه الغرم أو من عليه الغرم فله الغنم تطبّق في التمييز بين قاعدة المضاربة والقروض ففي القرض الذي يخسر هو المقترض لا المقرض فمادام المقترض هو الذي يخسر لو اتجر بمال القرض فالربح للمقترض وليس للمقرض لقانون من عليه الغرم فله الغنم، وكأنما هذا القانون يحدد ماهيات العقود فهو قاعدة فوقية وهي ( من له الغنم فعليه الغرم، أو من عليه الغرم فله الغنم )، مثل قاعدة أخرى مقابل الواجبات والوظائف هناك حقوقاً يستحقها من عليه المسؤولية، فلماذا هنا استثني مال الزكاة أو ممال اليتيم لها الغم وليس عليها الغرم فكيف تصوير هذا صناعياً فهل نقول إنَّ هذا استثناء في باب المضاربة أو هو استثناء في قاعدة القرض أو ماذا فما هو التخريج الصناعي ؟ أولاً هذه الروايات تعبدية، قال الأعلام إنه له تخريجاً صناعياً فذلكياً، ولو أن بحثنا هو الاتجار بال الغير حراماً ولكن نريد أن نعرف ذلك حتى إذا جاءت للباث صورة جديدة فسوف يلتفت إلى زوايا والمناشئ والوجوه كيف هي؟ قالوا هذا الآن يتجر بمال الغير إما أنَّ الغير ليس بآذن له فيكون مالاً حراماً أو أنَّ الغير رعايةً له وليه وهو الشارع - افترض أن الشرع ولي القصّر - هذا الولي رعاية لهذا القاصر يقول لعامل المضاربة إني آذن لك في خصوص الاتجار المربح أما التجارات التي فيها خسارة فلا آذن لك أن تتجر فيها، فلاحظ أنَّ إذنه مقيد بالتجارة الربحية ليس إذنه مقيداً بما تطمئن له أيها العامل المضاربة أيها المستثمر أنه مربح لكي يقول أنه لم نفرط وإنما قام بالذي يجب عليه فلماذا يضمن، كلا لم يعلق ولم يقي الإذن بموارد قدرة العامل وعلم العامل وظن العامل وتشخيص العامل وإنما قيده بواقع ثبوتي علم به العامل أو جهل، ربما العامل يشخص أن هذا فيه خسارة ولكنه قال لا بأس ولكن لأجل استرضاء أصدقائي في التجارة أنا أقوم بهذه التجارة مع أني أعلم أنها خسارة ولكن خرج من هذه التجارة ربح فالربح لليتيم أو لمال الزكاة أو للمال العام ، ولماذا؟ لأن الاذن مقيد بالثبوت واقع الربح علم به او جهل، عكس ذلك أراد أن يدخل في تجارة مطمئن أنها فيها ربح لوكنه لم يدرس الأمر جيدا ولكن حسب قدرته يرى أنها مربحة ولكن بحسب سوق المال تكون فيها خسارة فهنا لا يوجد إذن وإن جهل، فلاحظوا أنَّ هذه نكتة مهمة وهذا نوع من الذكاء في تقييد أو توسعة الإذن المرخِص من المال لطرفٍ آخر، وهذا بحث الأعلام ليس في المضاربة فقط وإنما بحثوه في المضاربة والاجارة والعارية وفي الوديعة، ولماذا هذه الأبحاث فإنَّ الاجارة العين المستأجرة ملك المؤجر أي هي ملك الغير ويجعلها تحت تصر فالغير فيقلو انا اعطيها لك لوكن إذا تلتفت فأنت ضامن وإن لم تكن مفرطاً فإن قبلت بهذا فأنا أؤاجرها عليك، حتى لو بذلت جهدك في الرعاية والحفاظ على العين التي تستأجرها إذا تلتف فأنت ضامن فإن قبلت بهذا فسوف أؤاجرها لك فقبل المستأجر بذلك فلو لم يفرّط واتلفت العين تصدير يده يد ضمانية لأنه في موارد التلف يده غير مأذونة فتصير ضامنة لأنه ( على اليد ما أخذت حتى تؤدي )، هذا في الاجارة وأيضاً الكلام نفسه في الوديعة أو العارية، أعيرك هذا الشيء ولكن بشرط إذا تلف فأنت ضامن حتى لو تهمل بل حتى لو بذلت جهدك في الحفاظ، هذا مالك هذه العين العارية إنما أذن في أن تضع يدك عليها في غير موارد التلف والاتلاف فإنه في موارد التلف والاتلاف انت غير مأذون فتكون ضامناً، فأنت ضامن يعني هل يشترط عليه الضمان أو أنَّ الإذن المزيل للضمان ؟ يقولون لا يحتاج أن يشترط الضمان بل كفيه الاذن المرخّص فإن اليد هي سبب للضمان والذي يرفع سببية اليد للضمان هو الإذن، وهذه فذلكة صناعية ركز عليها الفقهاء، فسبب الضمان موجود وهو وضع اليد لا الشرط في العارية لا الشرط في الاجارة لا الشرط في المضاربة فإنَّ الأصل الأولي ( على اليد ما أخذت من مال الغير ضامنة إلا أن يكون الغير آذن ) الإذن مانع مزيل للضمان هذا الاذن المانع يضيقه الآذن فيقول لا آذن لك في ذلك وإنما آذن لك في عين الاجارة أو عين الوديعة في غير موارد التلف فلو كانت هناك بيئة معينة توجب التلف فأنا لا آذن لك فيها فرط أم لم تفرّط، محسن كنت أو مسيئاً فحتى لو كنت محسناً فأنت ضامن، إذاً الضمان ليس بسبب كونه قرضاً وإنما بسبب المضاربة والاتجار حيث لم يؤذن من قل الشارع بقول مطلق بل في موارد الربح فقط فيصير ضامناً، هذا هو تخريج الضمان من دون قرض، فذلكية صناعية قانونية ذكية من دون أن يكون فرضاً ومن دون أن يكون الشرط هو سبب الضمان فهنا سبب الضمان هو وضع اليد والمانع من سببية اليد للضمان هو الإذن، ومادام يكون على القاعدة فلا مشكلة، ولكن لنرى قضية الربح ففي الربح أيضاً الأمر سهل فإن عامل المضاربة ليس من الضروري أن يكون لعامل المضاربة أجرة أو نسبة من الربح وإنما قد يكون متبرعاً فإنه لا مانع من ذلك، أنت عامل المضاربة أصلاً ليس لك ربح وقد قلنا هذا لا مانع منه، وقلنا إن لعامل المضاربة فائدة لأنَّ دخول عامل المضاربة في بيئة المال بمال مهم ويستثمر هذا يولد له خبرة وسمعة وأس مال فنفس السمعة هي رأس مال كبير، فلا يوجد مانع فعامل المضاربة يقبل بإجراء عقد المضاربة من دون أن يكون له نسبة من الربح، فمع أن المال هو له ضامن، وضامن بأي معنى ؟ يعني أنَّ يده هي يد غير مرخّصة غير مأذون في موارد التلف الربح لصاحب المال كاملاً أو بالنسبة فإذاً هذا حل شرعي فالنمال تلقائياً يصير المال مضموناً عند الخسارة والربح للمال أو بينهما حسب التصوير الذي ذكرناه.

بقية هذه النقطة حتى نستفيد منها استفادة عامة: - وهي أن الاتجار بمال الغير حراماً أو المال العام إذا حصل ربح فهو اتجر من غير إذن هب أن الذي فرضناه من أنَّ فذلكة أنَّ العقد يقع لصاحب المال صحيحٌ لا للغاصب أو السارق ولكن هذا صير عداً فضولياً ولكن لماذا تمضى المعاملة؟ هنا إمضاء العقد للمال العام نستطيع أن نستفيده من هذه الرواية بأنَّ هذا احسان للمال وفي مال اليتيم أيضاً نستفيد الاذن، في هذه الطوائف التي استعرضناها نستفيد أن المال المغصوب أو ما اليتيم أو مال القصّر إذا وقعت عليه التجارة نفعاً عقلائياً فهذا احسان ويمضى، سيما في الغائب ولا نقول في كلّ المغصوب وإنما الغائب الذي لا يأتي أو القاصر أو مال أوقاف أي المالك للمال الأصيل لا يتواجد أو ليست عنده شراكة افترض فهنا وليه الشارع فهنا الشارع يمضي لأنه هنا توجد غبطة لأنَّ الشارع ولي فيمضي فيما هو غبطة، والغبطة هنا موجودة وهي الربح، فنخرج بقاعدة أخرى ، تتمة للقاعدة التي مرت - وهي الاتجار بالمال الحرام - فأنَّ الربح يقع للمال لأنَّ الشارع ولي صاحب المال وهي قاعدة استخلصناها من هذه الطوائف، بقيت طوائف أخرى سنتعرض إليها ، فلاحظوا هذا مبحث ابتلائي وفيه قواعد عجيبة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo