< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/11/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة_ المكاسب المحرمة _ النوع الثالث ( بيع ما لا منفعة فيه).

كنّا في التعرض إلى الصورة الرابعة التي ذكرها السيد اليزدي في عامل المضاربة ولكن هذه ليس الصورة خاصة المضاربة وإنما عامة لكل الاتجار بمال الغير أي بالمال الحرام سواء كان يعلم به أو يجهله، فحتى في موارد الجهل ايضاً هكذا وبعد فترة يعلم أن هذه الأموال للغير وكان من قصده أن يعقد الصفقة في ذمة نفسة لنفسه وكان حين العقد قاصداً تسديد الدين من مال الغير فالعنصر الذي تختلف فيه الصورة الرابعة عن الصورة الثالثة هو هذا وهو القصد، أما الصورة الثالثة يوجد فيها تسديد خارجي من مال الغير ولكن الرابعة علاوة على التسديد الخارجي بمال الغير فيه قصد التسديد حين العقد من مال الغير، الروايات التي لم نكمل قراءتها في الباب الخامس وهو باب الدين حيث مرّ بنا أن صاحب الوسائل عنونه بأبواب الدين وليس ابواب القرض مع أنَّ صاحب السوائل عنده كتاب القرض، فلماذا عنون أبواب على حدة أسماها الدين وعنوان كتاباً آخر بعنوان القرض كما فعل الأعلام الآخرين ولا يخفى عليكم أن صاحب الوسائل بوّب وفهرس كتاب السوائل على طبق الشرائع حذو القذة بالقذة، تبويب السوائل أبواباً وكتباً وفصولاً هو على حذو كتاب الشراع، وهذه نكتة مهمة في معرفة ابواب الوسائل أنها متطابقة مع كتاب الشرائع تبويباً وفصولاً وهذا ما ينبه على أن كتاب القرض وكتاب البيع نعس العلامة الحلي فصل بينهما.

فعلى كلٍّ روايات الدين التي وردت في الباب الخامس وإن ورد فهيا القرض وغير القرض ولكنها في مطلق الدين، ومرّ بنا أمس أنَّ الدين ماهيته بعضية سارية في جملة كثيرة من المعاوضات، لأن الدين عبارة عن تملك الغير في ذمتك أمر كلي إما بسب بالقرض أو بسبب البيع أو بسبب الاجارة او بسبب النكاح أو بسبب الصلح أو بسبب آخر من المعاوضات، فالروايات التي وردت في النكاح أو القرض إذا كان مضوعها الأصلي ليس النكاح وإنما موضوعها هو الدين وتبين أن الذي لا ينوي قصد الواء هذا سارق غاصب فهي ليست مختصة بالقرض فلا تكون مختصة بالنكاح أو غيرها من الروايات ولكنها مرتبطة بالدين ولم نقرأ كل الروايات وسنقرأها ولنفترض أنَّ هذا هو مفاد الروايات فكيف نستثمرها في البحث الكلي الصناعي في المقام، طبعاً سبق أن تمت الاشارة والتنبيه إلى أنَّ اتفاق المشهور على أنَّ المقترض المديون يجب عليه تكليفاً يجب عليه تكليفاً حين العقد وبعد العقد مستمراً إلى سداد الدين أو القرض يجب عليه نية الأداء لهذه الروايات، بل جماعة كثيرة من الأعلام افتوا زيادة على الوجوب التكليفي بأنَّ المقترض المديون حين العقد إذا لم ينوِ ولم يقصد سداد الدين ويوجد فرق بني العمل الذي هو سداد الدين وبين قصد العمل وهو قصد أداء الدين مثل الاقامة الخارجية وقصد الاقامة الخارجية، فهم قالوا إذا ككان المقترض المديون حين العقد لا يقصد في قلبه سداد الين هذا العقد يكون عصباً وسرقةً، فكلامهم القصد حين العقد يقولون بأنَّ هذا يكون غصبا وسرق ولكن هذا حكم وضعي غير الحكم التكليفي ولكنه غير متقف عليه، ولكن ذهب إليه جماعة كثيرة، وما هو التحليل العلمي لهذا القول أو لهذه الزيادة التي التزم بها جماعة كثيرة ؟ التحليل العلمي لذلك قالوا بأنَّ هذه الروايات علاوة على دلالتها على الحكم التكليفي فيها دلالة ارشادية على الحكم الوضعي وهو أن إنشاء المتعاوض المتعاقد التزام فإذا كان في قرارة نيته ليس جدياً في هذا الانشاء يصير نصب وتحايل وحينما يصير تحايلاً لا ينعقد القرض ولا تنعقد المعاوضة، فمن أين جرجر هؤلاء الأعلام القبض والتسديد إلى الصحة فإنَّ القبض شرط لزوم وليس شرط صحة؟ إنه بتوسط القصد لا بتوسط نفس القبض، إذا كان قاصداً بأن يسدد من الحرام فهذا يتحايل لأن هذا القابض الدائن لم يملك هذا المال وهو لم تبرأ ذمته فمعنى هذا أنه بانٍ على أنه لا يملّك الدائن الدين لأنه لم يسدد وقصده من التسديد بالمال الحرام أنه لا يسدد ويخدع ويغش ويحال على هذا الدائن فإذاً قصده ليس ديناً وإنما قصده أن يأخذ ماله ولا يسدد له الدين وإنما يخدعه بمال آخر وهو نوع من غسيل الأموال، يعني يسرق مرة أخرى ويعطي مالاً سرقةً أخرى، فقصد الدفع والأداء وإن لم يكن القبض شرط في صحة البيع أو الشراء أو الاجارة أو الصح أو المعاوضة ولكن وإنما هو شرط في اللزوم ولكن قصد الوفاء شرط في صحة العقود المعاوضية هنا السر في أنَّ إنشاء الصحة يجب أن يتضمن معنى الالتزام لكون هذا البحث لم نحسمه، فقد أثرناه ولم نحسمه قبل كم جلسة أنه عرّف إنشاء الصحة بالالتزام قالوا إن معنى وهبت أني ألتزم بأن أملّك أنا الواهب الموهوب الهبة وبعت يعني أنا البائع التزم بأن أملّك المشتري المبيع فانا التزم بالتمليك، ولماذا كل الفقهاء في المعاوضات والعقود حتى العقود التي هي ليست معاوضات فالهبة عقد وليست معاوضة والصدقة عقد وليست معاوضة والوقف عقد وليس معاوضة، وقد مّر بنا أنه يوجد عهد عقد معاوضة العقد فيه ربط ولكن لا يشترط أن يكون ربطاً معاوضياً أما في الصدقة والهبة عقد ولكن من طرف واحد وليس معاوضة ولكنه عقد، هذا يتعهد بالتمليك وذاك يتعهد بقبول التملّك ينفعل، فمرّ بنا أنه يوجد فرق بين العقد والعد والمعاوضة فهي طبقات، فلماذا عرّف كافة الفقهاء واللغويين إنشاء الصحة - الذي هو غير إنشاء اللزوم - سواء كان في العقود التي هي ليست معاوضية كالهبة والصدقة وفي المعاوضات كالبيع عرّفوا الصحة والماهية بالتزام الماهية وانشا التزام الماهية، وما الفرق بين إنشاء الماهية وإنشاء التزام الماهية فهنا حجر أساس وبيت القصد ومجهرياً نغوص طبقة طبقة حتى نصل فما الفرق بين إنشاء الصحة وإنشاء الالتزام كيف أن الفرق بين العقد والمعاوضة، هذه بحوث فهنا أيضاً هذا بحث فما الفرق بين إنشاء الصحة وإنشاء اللزوم ؟

لتسليط الضوء بين إنشاء الصحة وإنشاء اللزوم أو الالتزام نقحم حيثية أخرى في هذا البحث الصناعي حتى يصير ثلاثياً: - أصلاً ما الفرق بين الزوم وبين إنشاء الالتزام؟ مرّ بنا ان صحة العقود امرٌ ولزوم العقود أمر آخر الصحة حكم شرعي واللزوم حكم شرعي آخر، اللزوم غير الالتزام، فلا نخلط بين اللزوم والالتزام، لا نخلط بين الصحة وبين إنشاء الصحة، ولا نخلط بين إنشاء اللزوم وبين الزوم الشرعي، وما هو الفرق؟ نعم يوجد فرق، الصحة الشرعية هي وجود الماهية عند الشارع، وجود الماهية عند الشارع تسمى الصحة، فالصحة ليست شيئاً وراء الوجود للماهية سواء كانت ماهية أيقاع كالطلاق أو العتق أو ماهية عقد أو ماهية عهد أو ماهية معاوضة فإنَّ الماهيات عديدة، الصحة الشرعية معناها وجود الماهية في أفق اعتبار الشارع وهو حكم وضعي، وما هو اللزوم، اللزوم يعني أنَّ هذه الماهية الموجودة متمرة باقية غير قابلة للإزالة تمنعها عن الازالة والتفتيت والفسخ وعن الانحلال هذه الخاصية في الماهية تسمّى لزوماً شرعياً فاللزوم خاصية وراء وجود الماهية، وهذا ذكروه اللزوم حكم وضعي يختلف عن الصحة.

وماذا عن إنشاء الصحة إنشاء الالزام والالتزام فإنهما يخالفان اللزوم؟ قولون إنَّ إنشاء الصحة وإنشاء الماهية هو سبب للصحة وللزوم فهذا مسبب وذاك سبب، وما هو إنشاء الصحة؟ استعمال لفظ بعت في الماهية تبديل عين بمال بداعي الانشاء والانشاء في اللغة يعين أنشأ السماوات أي خلقها أبدعها، فالإنشاء إيجاد إذاً إنشاء الصحة يعني استعمال اللفظ في الماهية، لأنَّ الصحة هي وجود الماهية والانشاء إيجاد الماهية سواء كانت ماهية أيقاع أو ماهية عقد أو ماهية معوضة، وما هو الالتزام واللزوم؟ الالتزام يعني إنشاء التعهد بإيجاد ووجود الماهية، هنا بيت القصيد الذي يجب أن نتدبّره أكثر، فإنشاء الماهية بالقدة التحليلية العقلية يغاير إنشاء التعهد بالماهية، فالماهية شيء والتعهد بها شيء آخر، فصار واضحاً أنَّ إنشاء الالتزام غير إنشاء أصل الصحة، ولكنهم يقولون إنَّ الصحة لا تنوجد ولا يمكن إيجادها إلا بإنشاء العهد والتعهد، ولماذا هذا ؟، ولشرح هذا المطلب ونغوص في كلمات الأعلام في قواعد معاملية خطيرة في أبواب المعاوضات ذكرها الأعلام وهي بمنزلة الضوابط الكلية لأجناس ماهيات المعاملات وهي في غاية الأهمية توضيحاً لهذا المطلب أكثر حيث وصلنا إلى هذه الفقرة ولشرحها يقولون إنَّ هناك من العناوين المعاملية إذنية مثل العارية، فالعارية إذنٌ والوديعة إذنٌ ، فصار عندنا إذنٌ وعهدٌ وعقدٌ ومعاوضةٌ، فلاحظ هذه طبقات المعاملات وإيقاع إذن ، قالوا إنَّ الإذن هو قسم من الايقاع وليس عقداً ولا عهداً ولا معاوضةً، ففي الإذن لا يوجد تعهّد، الوكالة عهدٌ أو إذن ؟ يقولون الوكالة قسمان قسم وكالة عقدية أو عهدية وقسم آخر وكالة إذنية، أما ما هي الآثار فذها بحث آخر، الاذن ايقاع اما الوكالة العهدية او العقدية فهي عقد، ليس كل إيقاع إذن بل بعض الايقاع إذن وبعضه عهد، الطلاق عهد وليس إذنٌ.

فإذاً الإذن - وهو ماهية سيّالة - غير العهد، وإن كانا في بعض الموارد متلازمان وليكن ذلك ولكن هما متغايران، فيوجد إذنٌ وعقدٌ وعهدٌ ومعاوضةٌ وإيقاعٌ، فهذه كلّها ماهيات قد تندمج وقد تتفكك، وهنا بيت القصيد، هنا قالوا إنشاء الصحة وهو ايجاد الماهية لا يمكن أن يكون إذنياً بل لابد ان يكون عهداً ، لا يتصور في إنشاء وإيجاد الماهيات سواء كانت الماهيات الايقاعية أو الماهيات العقدية أن تكون إذنية بل لابد أن تكون عهداً والتزاماً، العهد بالشيء والتعهّد بالشيء وإن غاير ماهية الشيء وجود الشيء زلكن في عالم المعاملات لابد من التعهد بالشيء في اصل صحة وجود الشيء، إنما تنوجد الماهيات في العقود أو الايقاعات بالتعهد لا بصرف الانشاء بداعي الاستهزاء أو اللعب أو اللهو أو التحايل، لأنَّ التحايل ليس إرادة جدّية، بل يجب أن يكون بداعي الجدّ والتعهّد، فحينما تقول ( امرأتي فلانة طالق ) يعني تتعهد جداً بأنها تنفصل عنك، وحينما تقول ( وهبت ) فأنت لابد أن تكون جادّاً في النقل، أما أردت التحايل عليه فهذا لا يصح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo