< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/10/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المكاسب المحرمة _ النوع الثالث ( بيع ما لا منفعة فيه).

كنا في النوع الثالث من أنواع ما يكتسب به ، يعني ما يحرم الاكتساب به ، قبل أن ندخل في النوع الرابع ، النوع الرابع فيه مسائل كثيرة خطيرة ومهمة والذي هو ما يحرم التكسب به لأجل أنه في نفسه فعل حرام ، أما النوع الثالث الذي وقفنا عنده فهو ما يحرم التكسب به وطبعاً يحرم بمعنى أعم من الحرمة التكليفية أو الوضعية - بمعنى الفساد - ، ما يحرم التكسب به لجل عدم المنفعة ، وطبعاً هنا الحرمة في البين هي في الأصل حرمة وضعية كما مر وليست حرمة تكليفية ، ولذلك السيد اليزدي سجّل مؤاخذة على الشيخ الأنصاري وبتبع السيد اليزدي السيد الخوئي وبقية الأعلام بعضهم سجل مؤاخذة ، هي مؤاخذة تبويبية أرشفية في الأرشيف التبويبي على الشيخ ، وهي أنه إذا كان الحكم وضعياً بيع أو معاملة أعم من البيع ، فالمعاملة أو المعاوضة على ما لا منفعة فيه بمعنى الفساد أو عدم الصحة لا الحرمة بمعنى التكليف إذا كانت الحرمة بهذا المعنى الذي هو وضعي وليس تكليفياً فلماذا أدرجها الشيخ في المكاسب المحرمة بل عليه أنَّ لا يجعلها في المكاسب المحرمة لأنها معقودة في الحكم التكليفي والأنسب أن يجعلها الشيخ في شرائط العوضين ، يعني يجب أن يكون العوضان في البيع أو في العاملات أن يكونا متموّلين ، أي لهما منفعة.

بينما الشيخ الأنصاري في مسألة جعلها في شرائط المتعاقدين أو قل المتعاوضين وهي بيع المصحف على الكفار أو بيع العبد المسلم للكافر مع أن تلك المسألة أنسب بالمكاسب المحرمة منها بالمتعاقدين لأنها تكليفية وليست فقط وضعية.

وعلى أيّ حال الأمر هيّن لا سيما بعد ما مرّ بنا في بداية المكاسب المحرمة أنَّ الصحيح في هذا الباب ليس خصوص الحرمة التكليفية بل يشمل الوضعية ، ومرّ بنا خمس تفسيرات لحرمة المكاسب المحرمة وأنها كلها صحيحة ، أنَّ المتعين معنىً منها ، وهذا مرّ بنا في بدايات مبحث المكاسب المحرمة.

فالمهم مضوع البحث نعيد استذكاره كي نواصل حيث توقفنا في هذا البحث ، ما لا منفعة فيه مثل الحشرات هم يمثلون بها أو جملة من الدواب أو الطيور التي أصلاً لا منفعة فيها ، والمقصود ما لا منفعة عقلائية لها ، والمقصود مما لا منفعة عقلائية لها يعني بحسب عادة العقلاء أو عرف العقلاء أو المعرفة العلمية التمدّنية للعقلاء لم يقفوا على منفعة فيها.

فلاحظ هذا المبحث يشبر إلى البعد المتغير من الأحكام ، وهو بعد الموضوع أو مصاديق الموضوع موضوع الموضوع ، بعد الموضع بعد متغير في الفقه ولا ربط له بعدم تبدل احكام الشريعة وخلودها فهذا كله على حاله صحيح ، تبدل الحكم بسبب تبدل الموضوع الحكم موضوعه الكلي لا يتبدل والمقصود مصداق موضوعه ، هذا بعد متغير دائماً في الفقه ، فهنا حينما يقال الحشرات لا منفعة لها الآن بحسب العلم الحديث بعض الحشرات المعينة صار البحث عنها كثيراً لأنهم اكتشفوا فهيا فائدة علمية معين وهذا بحث آخر ، الآن حتى الحيات أو نوع من العقارب اكتشفوا أنَّ فيها فوائد عجيبة غريبة وصار استئصال لها ، فالمقصود مما لا منفعة له يعني بحسب علم العقلاء وقدرتهم ، مع أن ظاهر هذا الوصف ثبوتي وليس اثباتياً ولكنه يتقوم بشيء اثباتي وهذه ظاهرة عجيبة في باب المعاملات والمعاوضات جانب اثباتي يؤثر في الثبوت ، يعين يؤثر ثبوتاً في الثبوت ، عدم اطلاع العقلاء على منافع شيء معين يعدم مالية هذا الشيء ، والمالية وصف ثبوتي وليس اثباتياً ، وهذا شبيه شيء ذكره السيد الخوئي وربما ذكره بعض الأعلام قبله ولكن في حاشية أجود التقريرات ذكر السيد الخوئي مبحث صعب في التزاحم أو في الورود والتوارد ، وفي مباحث عديدة في خلل الصلاة وخلل العبادات وخلل المعاملات ، والنقطة المشتركة التي أثارها السيد الخوئي هي هذه وهي مرتبطة بهذا البحث الآن ، وهي أنه تارة العلم يؤخذ قيداً في الحكم والعلم إذا أخذ قيداً في الحكم فهو تنجيز ، فإنَّ العلم هو قيد تنجيز في الحكم ، أما القدرة قيد عقلي ، العلم قيد عقلي في تنجيز الحكم مثل أنه يتنجز الحكم إذا كان عالماً به يعني يستحق العقوبة عليه ، فالعلم قيد عقلي في التنجيز للحكم وهذا معروف في بحث الأصول في مبحث مقدمة الواجب ومبحث الضد ، الآن قد يأتي دليلاً خاصاً يأخذ العلم قيداً في اصل فعلية الحكم يعني أنَّ الشارع في بعض الأبواب قد يأخذ العلم قيداً في الملاك كما إذا لم يحصل زول الشمس فإنَّ صلاة الظهر لا مصلحة لها ، ففي بعض الأبواب الشارع أخذ العلم دخيلاً في الملاك ، وتتذكرون مبحث العلم في الوجوب يؤخذ قيداً في لوجوب أو لا وهل هذا دور أو لا فهذا البحث موجود وقد حلّوا هذا الاشكال.

فإذاً مقتضى القاعدة العامة العقلية العلم قيدٌ عقلي في تنجيز الحكم وليس دخيلاً في ملاك الحكم وليس دخيلاً في فعلية الحكم ، فليس دخيلاً ثبوتياً وإنما هو دخيل اثباتي ، اثباتي في أي مرحلة اثباتية ؟ إنه في فعلية الحكم ليس له دخالة ثبوتية وإنما اثباتية ، أما في التنجيز فدخالة العلم في التنجيز فتستطيع أن تقول اثباتي بمعنى وتستطع أن تقول ثبتي ، اثباتي يعني هو لا يخلق فعلية الحكم فإنَّ فعلية الحكم بزوال الشمس - وجوب صلاة الظهر - فإنَّ علم بالوجوب يتنجز عليه وجوب صلاة والظهر وإن لم يعلم فلا تتنجز فبلحاظ فعلية صلاة الظهر لا تدور مدار العلم ، أما بلحاظ فله دخالة ، لكن دخالة العلم في استحقاق العقوبة هل هي دخالة واقعية أو هي دخالة ظاهرية ؟ إنها دخالة واقعية ، العلم في مثال ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾ ليس دخيلاً ثبوتاً في ثبوت الحكم واقعية الحكم وإنما اثباتي فهو فقط كاشف لكنه دخيل في تنجيز الحكم ، وتنجيز الحكم يعني استحقاق العقوبة ، دخالة العلم في استحقاق العقوبة يمكن أن تقول دخالته ثبوتية ويمكن أن تقول إنَّ دخالته اثباتية ، اثباتية يعني أنه بلحاظ الفعلية وليس بلحاظ النجيز ولكن بلحاظ النجيز لولا العلم واقعاً هل يمكن أن يستحق إذا لم يكن مقصراً ؟ كلا ، فدخالة العلم في التنجيز ثبوتي ، ما معنى ثبوتي واثباتي ؟ ثبوتي يعني دخل واقعي ، اثباتي يعني خذ صوري وليس واقعياً بل قد يكون الواقع موجوداً ، هذا معنى الثبوت والاثبات.

وأنا عمداً أغوص في هذا المبحث لأنه له دخالة في المعاوضات في المعاملات والآن سنربطه ، وهذا من الموارد الفريدة البديعة في دخالة الاثبات في الثبوت ، لذلك يلزم أن نلفت إلى هذه الجوهرة الثمينة ، ولها ثمار كثيرة سيما في المسائل المستحدثة في باب المعاملات لابد أن نتوقف عندها ، ففرق الاثبات والثبوت واضح يعني هكذا عرفه الاعلام الاثبات ، يعني ليس له دخل واقعي وإنما صوري ، الواقع لا يتأثر بالاثبات وجوداً ولا عدماً ، لا أنه إذا وجد الثبوت وجد الاثبات وإذا لم يوجد الاثبات لم يوجد الثبوت كلا بل الثبوت ليس له ربط بالاثبات لن الثبوت له مكوناته ومقوماته الخاصة به اما الاثبات فهو كاشف مثل النور كاشف عن الجدار ، ولكن سواء كان النور مطفأ أو كان موجوداً بالتالي وجود الجدار على حالة ، فالإثبات كاشف وليس علّة موجدة ، فالعلم في ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾ بالنسبة إلى فعلية وجوب الصلاة دوره اثباتي وليس ثبوتي ، لأن ليس في لسان الآية الكريم ( أقم الصلاة إن علمت بالوجوب عند دلوك الشمس ) وإنما الموجود ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾ ، فالعلم ليس دخيل ثبوتاً في وجب صلاة الظهر ولكنه دخيل في التنجيز في استحقاق العقوبة ، الآن دخالة العلم في استحقاق العقوبة هل هي دخالة اثباتية أو ثبوتية ؟ ، فلاحظ هذا العلم هنا جعلنا الآن نقول هذا العلم نور دوره في فعلية الحكم هو دور اثباتي وليس ثبوتياً اما دوره في التنجيز فهو ثبوتي ، وكيف يكون دوره في التنجيز ثبوتي ؟ لأنه واقعاً إذا لم يكن هناك علم فلا يوجد استحقاق عقوبة.

فلاحظ أنَّ هذا المطلب كم هو نفيس ، وقد أشار إليه حذّاق الأصوليون في بعض الموارد ، ( رفع عن أمتي ست أو تسع ) قال الأصوليون الرفع في الفقرة الأولى ظاهري البراءة ترفع الحكم ظاهرياً وليس واقعاً أما نفس الرفع في الفقرات الخمس البقية ما اضطروا إليه والنسيان وما لا يطيقون والوسوسة والحسد ذاك الرفع في البقية الخمة واقعي فغن المضطر واقعاً ليس مؤاخذ فقال العلام بأنَّ الرفع في الفقرات الخمس واقعي أما في الفقرة الأولى فهو ظاهري ، حينها في بحث البراءة أن هذا ليس مراداً نهائياً للأصوليين وإنما هذه مسامحة ، وكيف هي مسامحة ؟ ، ولا يتيه البحث عليكم إذ لازلنا في بحث الثبوت والاثبات وربطه بالمعاملات ولكن كله نكتة واحدة ترى في أبواب أصولية وفقيهة ، ولحدّ الآن لم ننقل كلام السيد الخوئي في حاشية أجود التقريرات ، هي نكتة واحدة ، قالوا في الفقرة الأولى التي هي ( رفع ما لا يعلمون ) يعني البراءة ، ( ما اضطروا وما لا يطيقون والخطأ والنسيان ) كل هذا رفع واقعي ، يعني واقعاً الحكم ليس موجوداً ، وسطح كلامهم هو هذا ، ولكن واقع كلامهم هو أنه ليس هناك فرق بين الفقرة الأولى والقرات الخمس ، ولكن كيف يكون ذلك فإنه في الاضطرار الرفع واقعي للحكم أما في ما لا يعلمون الرفع ظاهري فيكف لا يوجد فرق ؟! إذا لاحظنا الرفع رفع ما لا يعلمون يعني دخالة العلم الذي نحن نبحث فيه الآن وهو الاثبات ، فما لا يعلمون يعني عدم توفر قيد العلم ، وقيد العلم دخيل في ماذا ؟ ، فإذا أردنا أن نلاحظ في ما لا يعلمون المؤاخذة فدخالة العلم تكون واقعية ثبوتية وليست اثباتية ، وإذا أردنا أن نلاحظ دخالة العلم في الحكم فنعم دخالة العلم في الحكم اثباتية وليست ثبوتية فيلزم أن نرفّق بين نفس متن الحكم وبين تنجيز الحكم والمؤاخذة عليه ، العلم اثباتي بلحاظ متن الحكم واقع الحكم وليس له دخل واقعي وكلنه بلحاظ المؤاخذة والتنجيز دخله واقعي ثبوتي ، في ما اضطروا إليه والنسيان أيضاً نفس الكلام الحكم الأولي لا يرتفع بل المؤاخذة ترتفع على الحكم الأولي التام لذلك لا فرق بين الفقرة الأولى والقرات الأخرى بمعنى ، فعلى كلّ ليس حديثنا في حديث الرفع أكثر مما بحثنا هو في العلم ، العلم الذي الآن في بحث المالية له ارتباط وطيد حساس ، مالية ما لا منفعة له كيف أنَّ العقلاء إذا لم يعلموا بالمنفعة يقولون لا منفعة له مالية وملا منفعة له مع أنه ثبوتًا له منفعة سيأتي بعد قرنين أو ثلاثة يكتشفون أن له منفعة فكيف يصير لا مالية له فكيف العلم الذي هو اثباتي له دخل ثبوتي ؟ ، وهذا يلزم أن نكتشفه ، وهذا بحث مهم في المعاملات ، مع أن العلم دائما بحثه اثباتي ، كلا بل العلم ليس كل بحثه اثباتي نعم هو في متن الحكم اثباتي أما في التنجيز فدخله ثبوتي ، لذلك الأصوليون ذكروا هذا المطلب.

ولا بأس أن نذكره وهذا مبحث ذكروه وهو نفس المطلب ولكن بلغة أخرى:- لاحظ أنه يوجد عندنا حكم واقعي وحكم ظاهري الظاهري اثباتي والواقعي ثبوتي قالوا إنَّ الحكم الظاهري قد يكون موضوعاً لحكم ظاهري فوقه ، هذا الظاهري ظاهري واقعي ولكن نفس هذا الظاهري قد يكون ظاهرياً لظاهري فوقه وموضوعية الظاهري الأوّل للظاهري الثاني ثبوتية دخالته ثبوتية وليست اثباتية ، فإذاً هذه نكات ذكروها.

إذاً لا ننخدع بأنه مجرّد أن نرى الحكم الظاهري بناءنا أنه ليس له أي دخالة ثبوتية ، كلا بل في بعض الآثار نفس الاثبات يصير له دخل ثبوتي.

وأذكركم بشيء مرّ بنا في الاستصحاب في الأصل المثبت:- قالوا إن الأصل المثبت إذا ترتب على الظاهري حكم آخر ظاهري فالأصل المثبت بالنسبة إليه ليس مثبتاً وإنما يصير أصلاً حقيقياً ، وهذا شبيه لهذا البحث ولا نريد الدخول فيه كي لا نتوسع ولكن نفس النكتة ، فهذه النكتة لها أبواب عديدة وهي أنَّ الشيء الذي هو اثباتي ليس على الدوام آثاره اثباتية صورية لا دخل له في الواقع ، فتنبَّه والتفت أيها الباحث سواء كان في العبادات أو المعاملات أو باب القضاء أو باب الاجتهاد والتقليد أو باب المعاملات ، لذلك اللطيف أنه من أسرار باب القضاء البينات والأيمان أليس هي اثباتية ؟ نعم هي اثباتية ولكن قالوا إنه رغم أنه اثباتي ولكن له دور ثبوتي في بعض الآثار في باب القضاء ، مثلاً إذا طلب المدّعي من المنكر الحلف حلف المنكر وفي الواقع المدّعي محق والمنكر مبطل ولكن طلب المدّعي من المنكر الحلف لأنه لا توجد عنده بينة وحلف المنكر كذباً لا يحق حينئذٍ للمدّعي أن يقتص منه في الواقع بان يأخذ منه الأموال ، وهل تبدل الثبوت ؟ نعم تبدل الثبوت ، ولو قيل إنَّ اليمين اثبات وليس ثبوتاً ؟! يقال إن بعص آثار الاثبات ثبوتي فهو رضي أن يكون الحلف بدل حقه فلا حق في أن يقتص فيما بعد.

فلاحظ أنَّ نفس النكتة هي نكتة واحدة إن الإثبات ليس هو دائماً اثبات نعم هوتيه اثبات وصوري ولا يتغير الواقع به هذا نعم ولكن إلا في بعض الآثار التي هي مترتبة عليه فيصير له دخل ثبوتي ، الآن نفس هذا المدّعي والمنكر طلب المدّعي المحق من المنكر أن يحلف فحلف وحكم القاضي بأنه مادام قد حلف فدعوى المدّعي باطلة والدار للمنكر ولكن بعد فترة قامت بينات عديدة على أنَّ الدار دار المدّعي وأتى المدّعي عند القاضي بالبينات يقال لا يجوز له أن يفتح الدعوى مرّة أخرى لا واقعاً ولا ظاهراً ، يعني لا حق له في أن يقتص الدار ، صحيح ذاك المنكر بينه وبين الله هي حرام عليه فإن الواقع لا يتغير ولكن بالنسبة على المدّعي يتغير الواقع فليس له حق في أن يقيم دعوى مرّة أخرى يستأنفها وليس له حق أن يقتص الواقع ، اليمين اثبات هذا صحيح ولكن الاثبات ليس هو اثبات بلحاظ كل الآثار صوري ولا يغير الواقع بل في بعض الاثار الاستثنائية دخله ثبوتي ، وهذه نكتة مهمة يغلف عنها حتى الأكابر ويؤاخذ الأكابر بعضهم البعض عليها ، وتوجد أمثلة إلى ما شاء الله ، ونحن ما نحن فيه وهو ما لا منفعة له أيضاً هكذا وسندخل فيه.

ونذكر مثالاً آخر:- يقولون إنَّ حكم القاضي اختلف الفقهاء في تصويره الصناعي فإن بحث القضاء خطير ومعقد وحساس ، ( أقضاكم علي ) يعني أعلمكم علي ، لأنَّ القضاء الذي يعلم به معناه أنه أعلم شيء فهو يعلم بالدين كله ، فكناية ( أعلمكم بالدين امامكم في الدين ) ، فلذلك اتسدل علماء الامامية على إمامة أمير المؤمنين عليه السلام بهذا الحديث المتواتر ( أقضاكم علي ) يعني أعلمكم بالدين كلّه ، فالقضاء معقّد ، ومن البحوث الجدلية في باب القضاء عند الفقهاء وهو أنه حكم القاضي هل اثباتي أو ثبوتي أو فيه جنبتين ؟ بعضهم تبنى أنَّ حكم القاضي طريقي واثباتي ، والبعض قال عن حكم القاضي له موضوعية ، ومقصودهم من موضوعية يعني أنَّ له دخل ثبوتي ، يوجد اصطلاح آخر من الدخل الثبوتي للإثبات يسمّونه ( له موضوعية ) فحينما يقولون لك ( له موضوعية ) فاعرف أنَّ له دخل ثبوتي ، فهذا المثال لا نستعجل فيه وإنما نوضحه غداً وهو حقيقة الحكم القضائي ، وهو من أحد المباحث الخطرة المعقدة الصعبة في باب القضاء ، ونحن نذكره كمثالٍ لنفس نكتة بحثنا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo