< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : المكاسب المحرمة _القسم الثالث ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأناً بيع السلاح من أعداء الدين.

كنا في الرواية الثانية من روايات الباب الثامن من أبواب ما يكتسب به وهو بيع السلاح على أعداء الدين ذيل هذه الرواية وهي رواية هند السرّاج ، طبعاً الرواية سندها إلى الحسن بن محبوب والحسن بن محبوب ليس فقط من اصحاب الاجماع أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فقط وإنما الحسن بن محبوب موقعيته تقريباً كزرارة من تلاميذ الامام الصادق عليه السلام ، فإن زرارة ليس فقيهاً فقط وإنما هو وتد ( أربعة لولاهم لاندرست آثار أبي ) فزرارة ومحمد بن مسلم صاروا هم بث الامام الصادق عليه السلام من خلالهم والامام الباقر من خلالهم أكثر من غيرهم فهم صاروا من المرايا المتميزة ، فالحسن بن محبوب أيضاً هكذا فهو ليس فقيهاً ، فالرعيل الأول في فقهاء تلاميذ الرضا هو الحسن بن محبوب ، هذا سمونه علم رجال ، لا أنك تقول لي هذا ثقة وهذا ضعيف هذا علم رجال فإنَّ هذا يسمونه محفوظات ابتدائية للروضة في علم الرجال ، علم الرجال يعني كأنك عايشته كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة عشت دهرهم كأول ولدٍ وُلِدَ فيهم وآخر عجوز شيخ توفى فيهم فتلم بأخبارهم ، هذا يسمّى علم رجال حتى تعرف مصادر الحديث ومصادر الرواية ، فالروايات التي يتبناها ابن محبوب غير الروايات التي يتبناها شخص آخر ، فهي ليست قصة أن ابن محبوب راوٍ فقط كلا بل ابن محبوب فقيه يعتمد طابع فقهاء المذهب من تلاميذ الرضا يعتمدون هذا المطلب ، فإنَّ قاعدة الاجماع هكذا تفسّر لا التفسير الذي ذكره السيد الخوئي ، فلاحظ حتى هذا المعنى العميق لمباني وقواعد علم الرجال لا تراه في كلمات السيد الخوئي ولو ارتكازا السيد الخوئي يمشي عل هذه القضية ولكن بلورة ليس هكذا ، علم الرجال يعني كأنك تدرس الرجال كتاريخ تحليل مترامي الأطراف هذا هو علم الرجال ، تحلل تنقح تلتفت غير ذلك ، ومن هو الذي بعد ابن محبوب ؟ هو أحمد ببن محمد وهو إما ابن خالد البرقي أو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري فهما متعاصران وكلاهما فقيهان زعيمان ، فأقصد أنَّ السند ليس هو طريق وإنما السند أو الطريق مراراً نقلت لكم كلام الكبار وإنما السند والطريق عبارة عن تاريخ علمي تاريخ بأنَّ هذه الرواية تداولت على أيدي من والتزمت من قبل أيدي من ، وهذا بحث آخر لدراسة الطريق ، وهو حث تحليلي معمق ، علم الرجال هو هذا وإلا فلا ، تاريخ تحليل بسط نكات تعيش تلك الأجواء وذلك التاريخ العلمي الآن الكثير من الأكاديميات الغريبة وربما يستخدمون عقولاً خاصة من عندنا تذهب وتدرّس هناك يبحثون عن تاريخ المذهب ، طبعاً فإنَّ هذا التحليل يهمهم ، تاريخ هذه العقيدة مثلاً عند الشيعة متى بدأت ومن الذي التزمها ، فالتاريخ العلمي يعطيك بعداً تحليلياً كأنك تعيش أجواءهم هذا هو علم الرجال ، وبعده أيضاً علي بن الحسن بن رباط وهو أيضاً ثقة ، عن أبي سارة عن هند السرّاج ، وأبي سارة الآن راجعت ونسيت المراجعة ولكن المهم أنه ربما لم يكن فيه توثيق خاص ولكن لا يخلو من تحسين أو شيء معين ، عن هند السرّاج ، وهذا هند السرّاج ليس فيه توثيق خاص ، ولكن لمهم أنَّ الرواية استقبلت ممَّن ، نعم هند السرّاج ليس من أهل العلم وإنما كان كاسباً عادياً وقد سأل الامام الصادق عليه السلام عن كسبه فتلاقف العلماء الرواية من بعده ، ونحن الآن في ذيل الرواية ، هذا يسمونه بحث الرجال ، هذا بحث الرجال بشكل تحليل يجعلك حتى فقه الدلالة يتنمر المستنبط فيه يسعفه في استنباط الدلالة أكثر ، ومن باب المثال عالم الأظلة ممن ألف فيه ، وهذا من باب المثال وأنه كيف يؤثر علم الرجال في هذه المدرسة التي هي تاريخ تحليل وأنه كيف يؤثر على الاستنباط ويؤثر حتى على المستنبط حتى في علم الكلام وفي علم التفسير وفي كل شيء ، أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمّي عنده كتاب روائي جمع فيه كل ما استطاع من روايات عالم الأظلَّة ، ومن هذا هو أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري ؟ إنه زعيم قم وكان متشدداً ضدّ الغلاة ومتشدداً في تنقيح الروايات ولكن مع ذلك هو روى هذا البحث وهو عالم الأظلَّة ، فلاحظ أنَّ هذا يعطيك قيمة علمية أن روايات عالم الأظلة لا تحسبها من الروايات الباطنية لأنه إذاً الفقهاء لماذا رووها والتزموا بها وتبنوها ؟!! فإن هذا عالم معرفي مهم ، أنا لا أنظر هنا لهذا الكتاب وطرق هذا الكتاب وطرق وراياته ، نعم أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي ثقة وقد روى هذا الكتاب ، فلعله ثقة ولكنهم خدعوه ، كلا هذا ليس ثقة فقط وإنما هو زعيم مذهب وزعيم علمي وترسانة علمية فمن الذي يخدعه ؟!! فهو تنبى تصفية وتنقية الأحاديث ، فلاحظ هذا يسمونه علم رجال ، فإنَّ علم الرجال لو كان هذا ثقة وذاك ضعيف فهذا محفوظات روضة ابتدائية للذي يريد أن يتعلم علم الرجال فإنَّ علم الرجال هو أن تغوص تحليلاً وتحل المسألة وهذا يؤثر حتى عليك أنت ، لذلك الشيخ المفيد حيما يصل على عالم والأظلة وعالم الطينة يقول لا ريب في تواتره.

فالمقصود أنَّ علم الرجال يؤثر حتى على موقف العالم في أي علم من العلوم الدينية وفي استنباطه من متون الروايات.

نرجع إلى يذيل الرواية الذي كنا فيه:- ( قال:- احمل إليهم فإنَّ الله يدفع به عدونا وعدوكم – يعني الروم - ) ، فلاحظ هنا الأولويات فلاحظ هذه قاعدة عندنا كيان يرفع راية الاسلام وهم بني أمية الذين يشربون الخمور والليالي الحمراء وغير ذلك أصلاً كتب كتبت في ذلك حتى في زمن الامام الصادق عليه السلام من سلاطين بني أمية كيف عربدتهم فلاحظ الموقف السياسي والموقف الاستراتيجي وموق فالأولويات عند الامام الصادق عليه السلام مع أن الامام الصادق هو الذي صدر منه ما صدر روايات كثيرة بالتبري من بني أمية وهذا موجود بلا شك مع ذلك في الحفاظ على راية الاسلام لا لأجل دعم هؤلاء الفسقة الفجرة من بني أمية ، كلا بل حفظ راية الاسلام لا أننا نصير حطباً لهم فإنَّ هذا ليس هو المراد ، وإنما يقول أولوية هذه راية الاسلام إذا أردت أن تقارن بينها وبين راية الصليب فهذه راية اسلام ، فهذه موازنة وهي قاعدة فقهية هي رواية واردة في مسألة مطوي فيها قواعد بنيوية بالتعبير العصري استراتيجية خطرة في الفقه والحال أنها رواية واحدة ، وهي رواية الباقر عليه السلام وليست رواية الصادق عليه السلام :- ( قال قلت لأبي جعفر عليه السلام:- أصلحك الله إني ... ) ، فلاحظ أنه حتى تعيين زمان جواب المعصوم مهم لأنك سوف تعرف البيئة فهذا يسمونه علم رجال يعني قرائن تفيدك في دراسة متن الرواية ، ( قال قلت لأبي جعفر عليه السلام:- إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم فلما عرّفني الله هذا الأمر ) ، فهذا الأمر مسؤولية وليس هذا الأمر لقلقة لسان وإنما هو التزام في نشاطي التجاري وفي نشاطاتي الأخرى ، ( فلما عرّفني الله هذا الأمر ضقت بذلك وقلت لا أحمل إلى أعدا الله ، فقال لي:- احمل إليهم ) ، وعلل الامام عليه السلام أنه لماذا يحمل إليهم ، فهو ليس لأجل عربدتهم وفسقهم وفجورهم وتلاعبهم ببيت المال ، فهو ليس لأجل هذا ولو أنَّ هذه الأمور موجودة وإنما بقدر أن تمدَّهم بالقوة لا أنك تصير جندي عندهم فإنَّ هذا بحث آخر أصلاً موجود في نفس الرواية ، والشهيد الثاني صاحب المسالك في شرح اللمعة رواية واحدة يستدل منها عدة قواعد وعدة فوائد ، صحيح أنَّ الفقهاء كروها في بيع السلاح وصاحب الوسائل ذكرها في بيع السلاح ولكنها مرتبطة بشيء اخطر من بيع السلاح وهو أنه ما هي الأولويات بين الدولة الاسلامية المخالفة أو دولة الصليب ، طبعاً دولة الاسلام غيره فهي تختلف ، هذا بحث موازنات خطر لا أنه بيع سلاح وإنما هذ بحث أولويات ( فقال لي:- احمل إليهم فإنَّ الله يدفع بهم عدونا وعدوكم - يعني الروم - ).

فإذاً في الأولويات لاحظ مع أن أهل البيت عليهم السلام وهم الباقر والصادق قالا ( أنَّ الناصبي شر ... ) ، يعني أكثر شرّية من جانب ولكن هذا لا رب له بالكيان فإنَّ هذا الكيان ليس مربوطاً ببني أمية ولا ببني العباس ، طابع الاسم هذا هو تراث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم ولا ربط له بهؤلاء ، فلاحظ تفكيك الملفات هو بحث حساس في الفقه الساسي وفي الفقه العقائدي وفي القواعد الفقهية وهو باصطلاح الفقهي يسمّى تفكيك الحيثيات وبالاصطلاح العصري فنحن ملزمون أن نأتي باللغة العصرية حتى نعيض الفقه حيوياً في بيئتنا المعاصرة يسمى تفكيك الملفات وهو تفكيك الحيثيات في الصناعة الفقهية ، فلاحظ هذه الرواية واحدة كم هي رواية مباركة عظيمة ، ( فقال لي:- احمل إليهم فإن الله يدفع بهم ) ، فلاحظ كيف هي هذه المناورة ، وهذا تدبير وهو تدبير آخر ، الآن غير الأولويات هذه قاعدة خطرة كبيرة جداً الأولويات ماهي وكيف تفكيك الأولويات هي قاعدة ثانية وتوجد قاعدة ثالثة من نفس الجملة وهي ( فإنَّ الله يدفع بهم عدونا وعدوكم ) ، يعني أنت اجعلهم وقاءاً لك ، وهذا تدبير سياسي مناوري أو ما يصطلح عليه بالعلم الحديث السيناريو ، فأنت مدّهم ودهم هم الذين يواجهون حتى تصير حماية لراية الاسلام وتراث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنه في هكذا مواقف هي في محلها ، فهذه قاعدة ثالثة هي أنك تجعلهم هم آلية لك لا أنك تصير آلية لهم وهذا لا مانع منه والغرض شامخ وهو حفظ راية الاسلام ، فلاحظ أنه في سطر واحد توجد قواعد ثلاث ذكرها الامام الباقر عليه السلام ، ( فإنَّ الله يدفع به عدونا وعدوكم - يعني الروم - فبعه فإذا كانت الحرب بيننا .... ) أما إذا صار الاختلاف بين الصليب والاسلام وإنما صار اختلافاً داخلياً فانتبه ( فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحمله فمن حمل إلى عدونا سلاحاً يستعينون به علينا فهو مشرك ) ، يعني أن أصل الايمان يختل ، فهذه المسألة وهي مسألة بيع السلاح ليس مسألة فرعية عادية وليس كبيرة من الكبائر فقط وإنما هي من اكبر الكبائر ، وهذا يعطينا قاعدة أخرى وهي أنَّ المسائل الفقهية المرتبطة بأصل أسّ الايمان ليست مسألة كبيرة عادية من الكبائر بل هي ترتبط بأس الكبائر وهذه قاعدة ، فلاحظ أنه رواية واحدة الفقيه كم قاعدة يستنبط منها ، فهذ الآن كسياسة عامة ومعذرة أنا استخدم هذه العبارة حتى نوصل الفكرة وبعبارة عصرية نعيشها ونتعايش معها هذا مثلا الاصدار الوزاري أو القرار الوزاري بيّن الامام عليه السلام مواده الدستورية ما هي حتى تلتف إلى أنَّ هذه المواد الدستورية هي الأساس ، وهذه الرواية باصطلاح الفقهاء يسمونها رواية تعليمية وليست رواية افتائية ، وتعلمية يعني يعكيه النتيجة ولكن النتيجة هي هذه القاعدة وهذه القاعدة فالتفت إلى هذه القواعد ، قد لا يلتفت هند السراج إلى هذا ولكن الامام يحمله علماً إلى من هو أعلم منه فيسمونها رواية تعليمية وليست رواية افتائية من الامام عليه السلام ، فبهذا المعنى ( فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا فمن حمل إلى عدونا) هذا تفصيل آخر ، وأيَّ شيء لا تحملوا ؟ إنه حتى السُّرُج لا السلاح فقط ، يعني حتى المعدات التي هي ليست معدات قتّالة ولكنها جزء من اللوجستيات العسكرية بالاصطلاح الحديث فإنه حتى هذه اللوجستيات لا يجوز جلها إلى الطرف الآخر ، السيد اليزيدي قول في حاشيته هذا ( يستعينون به علينا ) ذكر الامام قاعدة فقهية أخرى وهي حرمة تقوية راية الباطل عند احتدام الحرب بما يشمل ليس الكفار فقط وإنما يشمل حتى أهل الضلال وهذه قاعدة فوقية ، فسبحان الله هذه الرواية فيها رسم خارطة لموازنات في أبواب الفقه عديدة وليست فقط في بيع السلاح.

يعني هذه الرواية الثانية بالدقة ليست وراية لهذه المسألة فقط بل هي رواية لأبواب عديدة ، فلا تذهب إلى تلك الأبواب وتقول لا توجد عندنا روايات ، صابح السوائل فقط أدرجها في هذا الباب نفس صاحب الوسائل أظن هكذا لم يدرج هذه الرواية في باب الجهاد والحال أن لها وطيد الصلة بباب الجهاد والموقف العسكري والسياسة العسكرية في منهاج ومذهب أهل البيت عليهم السلام ، وهذا هو الذي حرّك السيد الخوئي والسيد البروجردي حيث يقولان إنَّ كتاب الوسائل يحتاج إلى ترميم كثير في التبويب ، روايات ذكرها صاحب الوسائل في باب وهذا جد ولكن هذه الروايات لها صلة بعشرة أبواب أخرى لم يأت بها صاحب الوسائل والفقهاء يعتمدون على تبويب وتصنيف صاحب الوسائل فهم يقلدوه من حيث لا يشعرون ، وقد ذكرنا مراراً أنَّ متابعة صاحب كتاب الحديث في التبويب هو تقليد له هنا يسمّونه اجتهاداً وفقاهةً ، فلا تتابع ما جمعه الكليني فقط أو الطوسي فقط أو من لا يحضره الفقيه فقط أو صاحب الوسائل فقط أو الوافي أو النوري أو صاحب البحار فقط من هذه الروايات في هذا الباب ، بل هم أدرجوا روايات في أبواب أخرى لم يتنبهوا أو غفلوا او تنبهوا وغفلوا أن يدرجوها مرة اخرى في عشر أو خمسة عشر باب آخر ، فكم قاعدة وكم بحث في هذه الرواية ، أن أهل الضلال هل يعتبرون أعداء وهذا بحث مهم ويهو يؤثر في النكاح وفي الذبائح وفي بحث تجهيز الميت يؤثر وفي أبواب عديدة لا أقل بنفس العنوان وهو عنوان ولي وعدو ، فهذه الرواية ومهمة وهي تصلح لهذا الباب وصاحب الوسائل لم ذكرها في تلك الأبواب ، فقضية مراجعة الأدلة يحتاج إلى ملكة علمية صراحة ، كيف أنت تتفطن إلى الروايات أين هي وأين مصادر الروايات ، فقط تراجع الباب الذي عنونه صاحب الوسائل وهو باب تجهيز لميت والحال أنَّ هذا الباب الذي هو باب تجيز الميت له روايات أخرى لم يتنبه صاحب الوسائل إلى أن يجلبها إليه ، إذاً حتى الرجوع إلى المصادر لا أنه يحتاج إلى اجتهاد فقط وإنما يحتاج إلى ممارسة الفقاهة وتضلّع الفقيه ، يقولا لا توجد رواية فإنَّ صاحب الوسائل أورد روايتين ضعيفتين فتجري البراءة ، فهذا ليس اجتهاداً ، هذا تقليد ولا نسميه اجتهاداً ، من أحد أعلام تلاميذ المحقق العراقي والأصفهاني والنائيني والسد أبو الحسن الأصفهاني فهو درس عند الأعلام الأربعة وهو علم كبير وقد توفي قال إنَّ أكثر الاجتهاد الآن اسمه اجتهاد ولكنه ليس اجتهاداً لأنهم اجتروا انجازات الآخرين وهو يوافق عليه ويمضيه ويمشي وهذا ليس اجهاداً ، الاجتهاد أن تأتي بجهد جديد تنقيب جديد فحص جديد مواد جديدة غفل عنها الباقون الاجتهاد هو هذا ، فأيّ اجتهاد هذا ؟!! وإنما هذا اجترار فظاهره اجتهاد ولكن واقعه تقليد ، هذا هو كلامه وهو ينقل عن كبار ، وكلامه صحيح ، ومن هذا ذكرت لكم أنَّ السيد البروجردي والسيد الخوئي أصل كتاب طبقات الرجال للسيد الخوئي ومراراً ذكرت لكم وأن الكبار يذكرون هذا المطلب وهو أن هذا الكتاب كان السيد الخوئي يريد أن يجعلها دورة حديثية ولكنه حينما رأى السيد البروجردي بدأ جعلها دورة رجالي.

فالمهم أنَّ هذه نكتة مهمة وهي أنه كيف نتتبع الروايات ذات الصلة فلا أقل اكتب كلمة واحدة فتلاحظ أنهها تخرج لك روايات في أبواب أخرى ، اذهب إليها وسترى ، لها صلة ولكن لم يتفطن لها صاحب الوسائل أو لربما حتى الكثير من الأعلام ، هذه كيفية التتبع للروايات ذات الصلة بمسالة معينة.

الرواية الثالثة في الباب:- وهي صحيحة محمد بن قيس وهو من تلاميذ الباقر والصادق عليهما السلام ، وهل محمد بن قيس ثقة فقط ، فعليك أن تعرف شخصية محمد بن قيس وهل هو فقيه ؟ ، وقد روى كتاباً كاملاً في القضاء عن الباقر كلها أقضية أمير المؤمنين وهو أبرز راوٍ وفقيه في روايات باب القضاء هو محمد بن قيس ، وهذا يؤثر على الاستنباط ، يعني هو متميز حتى على زرارة في القضاء ، كل باب له رجال أعلام من الرواة ، هذا يلزم أن نلتفت إليه ، تضلّع ودربة ودراية محمد بن قيس في القضاء يختلف عن بقية الرواة اصلاً اختصاه وتميزه هو هذا ، هذا يسمّونه علم رجال ، حتى تلتفت إلى أنه ما هو الراجح وما هو المرجوح ، يتقن المتون ، فهو تخصصه في هذا الباب ، هذه نكات ، هذا يسمونه علم رجال تحليل ، فالمهم أن محمد بن قيس قال:- ( سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الفئتين تلتقيان من أهل الباطل ) فلاحظ هذ صورة أخرى وفرض آخر ، لا أنه صليب وهلال اسلامي بل كليهما هلال اسلامي وهما من أهل الباطل أي من الطرف الآخر ، ( عن الفتين من أهل الباطل أبيعهما السلاح ؟ قال:- بعهما ما يكنّهما ) فلاحظ موقف الشريعة ومنهاج أهل البيت عليهم السلام ، أي بعهما ما يقلل الحرب فهما رغم أنهما من أهل الباطل ولكن ماداما لم يرفعا الهلال فهذا هو حكمهم ، ( سألت أبا عبد الله عن الفئتين من أهل الباطل أبيعهما السلاح ؟ قال:- بعهما ما يكنّهما الدرع والخفّين ونحو هذا ) أي لا تبعهما آلات قتّالة ، وجملة من محشي الكاسب وحتى السيد الخوئي وغيره من الأعلام قالوا حرمة بيع السلاح عليهما إذا كانا محقونا الدم من أهل الباطل ، أما إذا كانا من النواصب لأنه تعرف أنه حتى داخل الفرق الداخلية ليسوا سواء ، فلاحظ أنَّ هذه قاعدة أخرى يذكرها نفس الفقهاء في ذيل هذه الرواية وهي أن الفئات التي تنتحل الاسلام ليست على درجة واحدة في الأحكام ، وهذا ذكره حتى السيد الخوئي في ذيل هذه الرواية ، هذا المبحث لن تجدوه في أبواب أخرى وإنما أخذوه حوالة ، سمعتم بالحوالة في الأبواب الفقهية ليس كتاب الحوالة وإنما الحوالة العلمية ، فهذه الحوالة شيء مهم ، الحوالة يعني أنَّ الفقهاء في مبحث معيّن في باب الطهارة لا يذكرون كل مطالبه وإنما يحيلونه على باب آخر وهم يصرحون في ذلك فهم ارتكازاً يجعلونه حوالة على ما ذكروه في باب الجهاد أو باب النكاح ، اكتشاف الحوالات الفقهية ضروري وهو دخيل في الملكة العلمية ، واعذروني أنا أبسط هذه البحوث لأنها الآن مغيبة عن المسار والجوّ العلمي وهذا خطير ونحن سمعناها وتعلمناها من الكبار وأنا أنقل لكم فوائد ومادة علمية عن الأكابر ، فمن المهم أن يلتفت الانسان إلى الحوالات ، تضلّع الباحث في البواب الفقهية أو في علم الكلام أو في أي علم من العلوم الدينة أن يعرف الحوالات في ذلك العلم وإن لم يصرح العلماء بالحوالة حتى يلتفت إلى أنه ما هي مبانيهم وأدلتهم فهم لم يذكروا كل أدلتهم في هذه المسالة اكتفاءً بما ذكروه في باب آخر هذا بحث صناعي مهم في الفقه.

السيد محسن الحكيم يذكر مطلباً عن الشيخ النائيني أذكره لكم بعبارة أصولية:- فهو يقول في المستمسك أنه لا يسألنا أحد ويقول إنَّ ماهية صلاة النافلة من أين أتيت بها فإنه لا توجد الأدلة خاصة على ماهيتها ؟

فهو يجيب:- بأنَّ الشارع عنده حوالة وإحالة ( الصلاة أولها التكبير وآخرها التسليم ) فإنه وإن وردت هذه الروايات في أبواب الفريضة ولكن الدليل لم يقيّد بالفريضة وإنما قال الصلاة ولم يقل الفريضة ، حينئذٍ لا تطالبني بصلاة جعفر الطيار من أين أتيت بها بالركوع أو السجود أو التشهد فإنَّ هذا حوالة واحالة على ما ذكر هناك ، لأنَّ الدليل الذي ورد في الفريضة عام ، أما وروده في الفريضة فهو موردي وليس تقييدي ، فهذه الحوالة في الأدلة إذا لم نعرفها فهذا أمر خطير فيلزم أن نلتفت إليها ، ومن ثم التشهد الذي ورد في باب الصلاة الروايات الخاصة في التشهد قال ليس في التشهد شيء مؤقت ، - يعني في الصلاة - فهذه حوالة على التشهد المذكور في أبواب أخرى هذه الاحالة منهج صناعي وليس استحسانياً ، وهذا يلزم الالتفات إليه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo