< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/07/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النوع الثاني

كنا في هذه الطوائف الثلاث الواردة في مسألة بيع العنب أو التمر على من يعلم أنه يصنعه خمراً وبقيت الطائفة الثالثة التي هي في الباب التاسع والخمسون ، ومر أن هذا الباب ليس خاصاً بهذا الفرض والمسألة وإنما هو من باب المثال وإلا فهو بيع عوض فيه منافع محللة وفيه منافع محرمة ولكن البائه يعلم أن المشتري أنه من شأنه يستعملها في الحرام فأصل فرض المسألة بالدقة هو هذا ، وقد قرأنا الرواية الأولى وفيها تسويغ والمشهور استظهروا من هذه الصحيحة كما مر ليس العلم التفصيلي ولا قصد البائع فإن قصد البائع يعني تواطؤه ، القصد باللغة العصرية الآن يعني تواطؤ البائع من المشتري فهذه شبكة فساد وهذا لا يسوغ لأنها تدخل في التعاون على الاثم أو في غير ذلك ،وإنما ليس هناك تواطؤ أو تباني ولكن يعلم بان هذا المشتري دأبه هكذا فهنا لا يحرم بهذا المقدار ، وجوب دفع المنكر أو القواعد الأخرى أو النصوص لا تفتضي منه التعامل ويعبرون عنه باللغة العصرية في القانون الوضعي تعامل مشروع ضمن منظومة مشروعة ، نعم الحكومة تدخل على الخط أو الوالي يدخل يمنع سلسة البيوعات إذا رأى أن مجموعة البيوعات المحللة تستثمرها شبكات منظمة للفساد في المجتمع هنا يدخل الوالي على الخط وهذا بحث آخر ، ومر بنا أنَّ المشهور أيضاً يفرقون بين وظيفة الوالي في حالات فإن الوالي لا يصح أن يمنع سلسلة المعاملات المشروعة بمجرد وقوع الفساد شبيه الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي لأجل بقعة من مساحات الفساد يمنع المساحات المحللة الضرورية ، لأن المعيشة أيضاً في توازنات الوالي والحكومة هذا غير مسوغ فهذا نوع من الموازنات في الملاكات ، فهنا الروايات على طبق القاعدة ولا يوجد فيها أي إشكال وإن استشكل بالعمل بها جماعة من الأعلام قليلين وعمل بها المشهور.

الرواية الثانية:- مر وأنها وإن رويت عن البطائني ولكن الراوي عنه القاسم بن محمد والقاسم بن محمد مختلف فيه أو غير موثق ولكن تتبع حاله يوقف الانسان على شيء ، رحمة الله عليه السيد البروجردي الوحيد البهبهاني وكبار الأساطين عندهم أن علم الرجال ليس منسد فيه باب العلم ، قرون من الأعلام إبراهيم بن هاشم الكوفي والد علي بن إبراهيم صاحب تفسير القمي كان هو أول من نشر حديث الكوفيين في قم فقد هاجر من الكوفة إلى قم وقد روى عن ستين رجلاً من أصحاب الامام الصادق عليه السلام العلماء سنيناً اعتبروه غير موثق وبعضهم يستحسن حاله على تردد أو على خيفة ووجل ، ولكن تراكمت الجهود في تنقيح حاله فرأوه من الاجلاء الكبار ، فهذا يدل على أنَّ باب الاجتهاد في علم الرجال مفتوح ولكنه يحتاج إلى مؤونة تتبع ودراسات في المفردات ، رحمة الله عليه المجلسي الأول والد صاحب البحار في كتاب شرح من لا يحضره الفقيه باللغة الفارسية ، فعنده باللغة الفارسية وعنده باللغة العربية الذي هو روضة المتقين وليس أحدهما ترجمة إلى الآخر وإنما هما شرحان مستقلان نعم هناك جهاد مشتركة وكلا الموسوعتين مطبوعتان ، فيذكر في مقدمة كتابه شرحه الفارسية على كتاب الفقهية أنه تتبع ابن أبي عمير خمسين عاماً مع أن ابن أبي عمير من الأجلاء ومن اصحاب الاجماع ، ولماذا يتتبع ابن ابي عمير ؟ لأن ابن أبي عمير ليس مفردة مقطوعة مبتورة وإنما له اساتذة وله تلاميذ وله معاصرين وأقران فإذا اكتشف حال ابن أبي عمير يكتشف شجرة كبيرة من الرواة بسبب اتصالهم بابن أبي عمير من تلاميذه وأساتذته ومقارنيه ومعاصريه وغير ذلك ، فيصير ابن أبي عمير شمس تضيء ما حولها وأنهم ثقات أو غير ثقات أو غير ذلك وهذا نمط من العمل في علم الرجال وهو أنه من خلال مفردة معنية أنت تكتشف مساحة تاريخية رجالية كبيرة.

فعلى كلٍّ علم الرجال بابه مفتوح ولا يوجد فيه حسم ، بل حتى من وثقوه قد تتأمل فيه أنت وإن لم تكن الوثاقة من زاوية واحدة بل من زوايا متعددة ، وقد يكون من ضعفوه أنت تكتشف أن تضعيفه ليس من كل الزوايا أو أنه ضعيف ولكن ليس من الزاوية التي ذكروها وهنا يوجد فرق كبير لأن توثيق الخبر له زوايا عديدة وليست زاوية واحدة ، فهذه الأمور صارت نسياً منسياً في علم الرجال وعلم الأصول مع انها عروفة عند مشهور علماء الامامية ، التضعيف درجات وجهات وكذلك التوثيق وللأسف الآن صارت القضية مجملة مبهمة وكأنه مسطرة وتمشي عليها ، كلا بل هذا أسلوب تقليدي مبهم في علم الرجال وإلا المشهور بالقيراط يفككون بين الجهات الزوايا والدرجات.

على أية حال فروايات البطائني في أيام استقامته يعول عليها ، عن أبي بصير قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ثمن العصير قبل أن يغلي لمن يبتاعه ليطبخه ) فإن العصير إذا غلى حرم أما إذا غلى وذهب ثلثاه يعاود إلى الحلية الطهارة كما مر بنا ولكنه هو الآن يبيعه قبل أن يغلي ولكنه يعلم بأن الطرف الآخر سوف يغليه فهو دأبه هذا فهو من العامة وليس من الخاصة فهل يحرم البيع عليه أو ، ( قال:- سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ثمن العصير قبل أن يغلي لمن يبتاعه ليطخه ليجعله خمراً ) ، فإنه إذا طبخه صار خمراً فإنَّ عصير العنب إذا غلى حرم ونجس لأنه صار خمر ، خمر استصغره الناس مثل البيرة ماء الشعير فهي خمر استصغره الناس وهو ما يسمّى بالفقاع ، ماء الشعير الحلال كتابة فهو بيرة حرام واقعاً ، ( سألته عن ثمن العصير قبل أن يغلي لمن يباعه ليطبخه ليجعل خمراً ، قال: إذا بعته قبل أن كون خمراً فلا بأس ) ، فبهذا المقدار هذه معاملة مشروعة ضمن النظم المشروع في المعاملات فلم ترتكب محرماً أما أن ذاك يستفيد منه في الحرام فهذا شيء آخر كما أنه لا يوجد تواطؤ ولا توجد سلسلة أعمال منظمة للفساد فبهذا المقدار لا يوجد إشكال ولا تمنع عنه الروايات ولا حتى القوانين البشرية الوضعية حسب درء الفساد والافساد.

فأقصد استبشاع قلة قليلة من الأعلام العمل بهذه الروايات تحت بعض العناوين ، كلا بل هذا حتى ضمن الحسن القبح العقلائي لا شيء فيه بل بالعكس هو ضمن نظام موازنات كما مرّ مفصلاَ في القواعد الأربعة.

الرواية الثالثة في الباب:- الكليني عن أبي علي الأشعري بإسناده عن محمد بن عبد الجبار الذي هو ثقة ومن الأجلاء عن صفوان الذي هو من أصحاب الاجماع عن ابن مسكان الذي هو من أصحاب الاجماع عن يزيد بن خليفة ويزي بن خليفة حسن الحال وهو الذي يروي استحسان وحسن عمر بن حنظلة ، سأل الصادق أن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت - في أوقات الصلاة - قال: ( إذاً لا يكذب علينا ) ، ولو نحن توجد عندنا شواهد وأسانيد صحيحة على جلالة وزعامة وفقاهة عمر بن حنظلة لا وثاقته فقط ولكن عل كلٍّ ذكر يزيد بن خيفة ، فعلى كلٍّ يستحسن حاله لرواية الكثير من أصحاب الاجماع أو الأجلاء عنه وهذا المقدر يكفي لاستحسان حالة من دون طعن فيه ، وإلا فأنت ترى أن شخصاً ليس مطعوناً فهي ويجالسه ويصادقه الأجلاء ويأتي يشهد على طلاق مثلاً فهل تقول إن هذا حسن الظاهر لا يكفي لاحراز عدالته ؟! ولو أنه أمارة ظاهري ولكنه يكفي ، والسيد الخوئي أيضا عمل بها في باب الشهادات حيث قال إنَّ حسن الظاهر مع عدم ظهور أي غمز فيه أمارة على العدالة ، ففي كل مبحث الشهادات السيد الخوئي يبني على هذا وإن نتناسى هذا المبنى في علم الرجال ، فهو كأمارة لا إشكال فيها ، أصالة العدالة ليست قصة أصالة عدالة ، بل أصالة حسن الظاهر مع عدم الطعن لا أنَّ العلامة الحلي أو القدماء يبنون على أصالة العدالة التي زعمها السيد الخوئي ، كلا بل هي نفس حسن الظاهر الذي هو نفسه في باب الشهادات عمل بها وإلا الطلاق كيف يصير والقضايا الأخرى في الشهادات كيف تصير فإنه نفس الشيء.

( قال:- كره أبو عبد الله بيع العصير بتأخير ) لأنَّ التأخير يسبب غليان كيماوي كما مرّ وإن لم يحصل الغليان الفيزياوي ، وقد مر الفرق بين الغليان الكيماوي عن الغليان الفيزياوي ، والمراد أن عصير العنب أو ماء الشعير إذا غلى فهو الغليان الكيمياوي غايته إما بسبب الغليان الفيزياوي الذي هو حرارة الار أو بسبب حرارة الجو تسبب الغليان الكيمياوي والغليان الكيمياوي يسبب تبدل تركيب العناصر.

الرواية الرابعة في الباب:- وهي صحيحة الحلبي قال:- ( سألت أبا عبد الله عن بيع عصير العنب ممن يجعله حراماً ) يعني شأنه ودأبه هو هذا لا أنه يوجد تواطؤ وتباني وهلم جراً وعمل منظّم للإفساد فإنَّ ذلك شيء آخر وهو حرام وهنا لم يفرضه الراوي ، فهل هذا التعاطي المعاملي ضمن نظام مشروع فالإمام عليه السلام يقول له نعم هو مشروع ( قال:- سالت أبا عبد الله عن بيع عصير العنب ممن يجعله حراماً ، قالك لا بأس به تبيعه حلالاً فيجعله حراماً فأبعده الله وأسحقه ) يعني هو بعد ذلك يقيض هذه المعاملة المشروعة في المجتمع إلى الحرام وأنت لا يوجد عندك علم تفصلي وإنما هذا الشخص أنه هذا ولكنه هو يوقع هذا العوض في سلسلة الفساد فهو يلاحق قانونياً إذا ثبت عليه هذا فهذا بحث آخر أما أنت فلا شيء عليك ، وأنا ائتِ بها باللغة العصرية حتى يصير واضح أن استظهار الأعلام كالسيد الخوئي وقبله وبعد توجد جماعة قليلة أن هذا لا يمكن أن يصدر من معصوم أو غير ذلك ، كلا بل نقرأها بقراءة عرفية موجودة الآن حتى في الوعي العصري لا يوجد فيها أي استقباح ولا يوجد فيها دخول في أي مسار الفساد والافساد ( قال لا بأس به تبيعه حلالاً ليجعله ) ، أي ضمن المقررات المشروعة ولكنه بعد ذلك يوظف هذا في الحرام وأنت لا يوجد عندك تواطؤ معه ولا يوجد عندك علم تفصيلي وإنما دأبه هو هذا ( فأبعده الله واسحقه).

الرواية الخامة في الباب:- صحيحة عمر بن أذينة:- ( قال كتبت إلى أبي عبد الله أسأله عن رجل له كرم فيبيع العنب والتمر ممن يعلم أنه يجعله خمرا أو سكراً ، فقال: إنما باعه حلالاً في الابّان الذي يحل شربه أو أكله فلا بأس ببيعه ) يعني في مرحلة العنب فهو لم يبعه عنباً متخمراً ، فهو مثلاً باعه عصيراً لم يغلي أو باعه عنبا لم يتخمر فلا إشكال في ذلك يعني هذا ضمن المنظومة والمسار المشروع في تنظيم المعاملات ، فلا يوجد فيه أي إشكال.

الرواية السادسة في الباب:- وهي موثقة إلى حنان عن أبي كهنس وأبي كهنس يوثق حاله ، وحنان فطحي ولكنه وسدير أبيه وعمّه ثقات وإن كانوا فطحية وهو بيت ملازم للأئمة عليهم السلام قال:- ( سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن العصير فقال: لي كرم وأنا أعصره كل سنة وأجعله في الدنان وأبيعه قبل أن يغلي ، قال: لا بأس به وإن غلى فلا يحل بيعه ، ثم قال هو ذا نحن نبيع تمرنا من نعلم أنه يصنعه خمراً ) ، و ( نعلم ) يعني أن دأبه هو هذا لا أنه يوجد تواطؤ أو يعلم بالتفصيل أنه حتماً سوف يصنعه خمراً وإنما دأبه هو هذا ، فنحن نعمل ضمن العمل المشروع ، يعني فنحن كما نبيع له هذا نبيع له غيره ضمن النظام المشروع للمعاملات.

وقال البعض إنَّ هذه الرواية لا يمكن تعقلها ، فليس المراد أن الامام يدخل ضمن شبكة منظمة للفساد في صناعة الخمور أو غير ذلك فهذا ليس هو المقصود بحيث أنَّ هذه لا يكن استساغة إمكانها للإمام المعصوم وإنما الامام المعصوم أنت سلعتك تبيعها ضمن النظام المشروع وأنت تعلم أنه من ضمن الزبائن الذين يشترون شخص لا أبالي ودأبه هو هذا ولكنه قد يعمل وقد لا يعمل وليس بالضرورة أنه يعمل ، نعم هو دأبه أنه يصنعه خمراً ولكن ليس بالضرورة ، لذلك قال المشهور نعم يحرم حتى إذا لم يكن هناك تواطؤ وانحصر بك وتعلم علماً تفصيلياً أنَّ هذا سيعمله خمراً فغنك وإن تقصد التواطؤ معه ففي هذه الصورة لا يجوز لأنك تدخل ضمن السلة المنظمة للفساد ، ولكن هذه الرواية ليست في هذا المورد حتى نستنكر مفادها أنها كيف تبين أن الامام شأنه ودأبه هو هذا ، طبعاً هو يقوم بالمعاملات المشروعة وإن تعلم بأن هناك جملة من الزبائن دأبه هذا لا أنه يوجد علم حتمي مبرم أنه يستخدم منهم إلى الفساد ، وهذا المقدار أيضا هو ليس ضمن الاعانة على الاثم أنه مرّ بنا أن سلسلة مقدمات الاعانة على الاثم إذا بنينا على أنها ملزمة له ما بلغ فيلزم أن يتوقف النظام الاجتماعي وهذا لا يمكن الالتزام به ، هذا من تزاحم المصالح مع المفاسد القليلة ، كالجمع بين الحكم الظاهرية والواقعي فهو من هذا القبيل فهو من هذا القبيل ، يعني لا يمكن الالتزام به أن نقول هذا سلسة عمل غير مشروع فهذا لا يمكن الالتزام به ، فماد الرواية ضمن القراءة المنظومية لا إشكال فيها.

وبعبارة أخرى:- لاحظ نفي هذا التشريع من أهل البيت عليهم السلام اين المعاملات المسوغة وأين العاملات غير المسوغة هذه الممارسة التشريعية من أئمة أهل البيت عليهم السلام واضح أنها في مسار وسياق بنا مجتمع ليست هي وظيفة فردية بحتة ، وحتى تصدي الفقهاء في الغيبة الكبرى الآن لتعيين النظام المعاملات المشروع ونظام المعاملات غير المشروع ماذا يعني هذا ؟ إنه بعبارة عصرية ، يعني أنَّ الهدف من هذه التشريعات ومنظومة هذه التشريعات بناء مجتمع مؤمن صالح ولو بين المؤمنين أنفسهم أو بين المؤمنين والمسلمين ، وإلا لو كان الهدف قضية فردية بحتة مبتورة عن كل نسيج المجتمع وبناء المجتمع فهذه ليس قراءة للنصوص ، ما كانت هذه الوظيفة في وظيفة مسؤوليك أيها البائع مع المشتري فإنَّ المشتري ليس هو نفسك أنت باب هو طرف آخر هو مجتمع فكون الشرع والفقهاء يحددوه المسؤولية تجاه المجتمع معنى ذلك أنَّ فقه فقهاء الامامية في الغيبة الكبرى أنهم يحددون مسؤوليات اجتماعية مسؤوليات اقتصادية في المجتمع مسؤوليات تجارية مسؤوليات ترتبط بالأمن الأخلاقي في المجتمع ترتبط بالمسيرة الصالحة ، فهذه نكات مهمة في قراءة النص الشرعي ، كما مرّ هذا النص الشرعي وارد في مسألة مرتبطة بالمسؤولية العامة لا انها مرتبطة بالمسؤولية الفردية بما هي هي ، فإذا قرانا النصوص بهذه القراءة أولاً سنلتفت إلى أنَّ جلَّ مسائل المكاسب المحرمة هي عبارة عن رسم نظام تجاري واقتصادي صالح يبني مجمع صالح من الجهة المالية والاقتصادية والأخلاقية ، وبصراحة نقرأ قراءة عصرية أنه كيف الآن العقوبات الاقتصادية تحل محل الحرب العسكرية في اقامة نوع من العلاقات بين الدول والشعوب بع النظر عن كون الصيفة شريرة أو خيرة ، بهدف شرير وتغلب واستئثار واستعمار أو بهدف خيري ، معنى ذلك أن نفس الآلية الاقتصادية والنظام الاقتصادي هي نوع من الآليات لبناء المجتمع وبناء الشعب وبناء الدولة وبناء الحضارة ، إذاً الكاس بالمحرمة ليست مسائل فردية بحتة وإنما هي عبارة عن نظام اقتصادي ، بل هي نظام تجاري ، بل ليس فقط نظام اقتصادي ونظام تجاري وإنما هي أيضاً نظام سياسي وستأتينا مسائل كثيرة في ولاية الجائر ومتى يجوز تولي ولاية الجائر ومتى لا يجوز أي مواقع من دولة الجائر يجوز للمؤمن توليها وما هي أبعادها ، يعني المسائل التي تطرح في الحقيقة صحيح هي مكاسب ولكنها مكاسب على الصعيد المالي ومكاسب على الصعيد السياسي يعني المعاملات ترتبط بالساسة ومعاملات ترتبط القضاء ومعاملات ترتبط بسيادة أرض الون ومعاملات ترتبط بالسيولة النقدية ومعاملات ترتبط بالقضايا الأخلاقية كالقمار والغناء ، فإذاً لاحظ المعاملات صحيح أننا نسميها معاملات مالية ولكن هذه المعاملات المالية يمكن أن يكون آلية اقتصادية أو آلية عسكرية ، اقتصاد يوجب تدبير معين في القضايا العسكرية مع أنه اقتصاد ، اقتصاد أو تجارة إلا أنه يوجب تدبير معين في الجانب الأخلاقي في المجتمع ، فإذا قرأنا النصوص والمسائل في هذا الجو وهذا الفرض وهذا المشهد فالقراءة لم تكن مبتورة فردية ، هنا أيضاً هكذا هذه المسائل وهذه الروايات لا نقرأها كوظيفة فردية وغنما ضن المسؤولية الاجتماعية فنلاحظ أن لها معنى آخر وليس كما استشكل الأعلام.

وهذه قرائن حالية لابد من الالتفات إليها.

الرواية السابعة:- وهي صحيحة أبي المعزى - أو أبي المغرى - فتوجد نسخ كثيرة في لقب هذا الراوي وهو ثقة جليل ال:- ( سأل يعقوب الأحمر أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر فقال إنه كان لي أخ وهلك وترك في حجري يتيماً ولي أخ يلي ضيعة لنا ويبيع العصير من يصنعه خمراً ويؤاجر الأرض بالطعام ..... قال فقال: أما بيع العصير ممن يصنعه خمراً فلا بأس خذ نصيب اليتيم منه ) ، لأنَّ هذه المعاملات هي ضمن السمار المشروع.

الرواية الثامنة:- صحيحة رفاعة بن موسى قال:- ( سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا حاضر عن بيع العصير ممن يخمرّه ، قال: حلال ، ألسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شراباً خبيثاً ) ، وقد ذكرنا أن هذه الرواية قرأها المشهور وقراءته في محلها يعين من أنه هو هذا لا أنه يوجد قصد يعني تواطؤ وتباني وإلا لا يسوغ أو في صورة انحصار البيع به ويعلم علماً تفصيلياً بأنه سيستخدمه في الحرام هنا في هاتين الصورتين لا يبني المشهور على الحلية ولا يستظهر ويستنبط المشهور من هذه الروايات أنها واردة في هاتين الصورتين بل في غيرهما ، ( قال: حلال ، ألسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شراباً خبيثاً ) يعني أنت تقوم بنشاط مشروع معاملي تجاري وهناك فئة فاسدة توظفه للفساد وهذا لا يجمد ولا يسد باب المعاملات المشروعة ، هذا هو المقصود منه ، فنقرأ الرواية ضمن المسؤولية العامة لا أننا نقرأها ضمن زاوية فردية.

الرواية التاسعة:- وهي صحيحة الحلبي عليه السلام:- ( أنه سئل عن بيع العصير ممن يصنعه خمراً فقال بعه ممن يطبخه أو يصنعه خلاً أحبُّ إليَّ ولا أرى بالأول بأساً ) ، يعني تبيعه على ممن دأبه الحلال خير من أن تبيعه ممن دابه الافساد والفساد ولم تكن عليك مسؤولية مادمت تمارس نظام التجارة ونظام المعاملات في ضمن المسار والسلسلة المشروعة كوظيفة حتى تجاه المسؤولية العامة.

الرواية العاشرة:- وهي أيضاً رواية يزيد بطريق آخر رواها الشيخ الطوسي غير طريق الكليني الذي مرّ ، عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( قال: سأله رجل وأنا حاضر قال إن لي الكرم ، قال: تبيع عنباً ) فلاحظ أنَّ الرواية الأولى التي مرت فيها سقط أما هنا في رواية الشيخ ذكر السقط ، فهذه قضية اسخ في الروايات أو أنَّ الحديث يفسّر بعضه بعضاً هو باب عظيم في اكتشاف نكات ألفاظ الروايات وأنه فيها اختصار أو فيها سقط أو لا أو غير ذلك ، وراية واحدة تروى بطرق متعددة أو الشيخ الطوسي يرويها في مواضع عددية وهذا هو دأبه هو يروي الرواية الواحدة بعدة أبواب بطرق مختلفة من مصادر مختلفة فتجد نفس الرواية ألفاظها تختلف وهذا يؤثر على الاستنباط ، هذا التتبع اليسير في الحديث ما أعظم خطورته في الاستنباط وفي اكتشاف المعنى الحقيقي للحديث وهذا من ضمن مهارات ، فإن علم الحديث إذا بناها الباحث في ملكته العلمية ويحتاج إلى ممارسة وإذا لم يمارسه الانسان فسوف لا يأنس به ولكن إذا مارسه مرة بعد أخرى فسوف يأنس به ، وهذا أهم حتى من بحث الطريق والسند ، ولكن لا تغفل ذاك الجانب ولكن هذا الجانب أهم ، ثبت العرش ثم انقش ، ربما حتى الطريق تلاحظ فيه خطأ ولبس والتباس في الاسماء وفي غير ذلك وهذا سمونه التثبت ، المادة التي أخذها سليمة - الرواية أو الطريق - وليست مادة موهومة ، مع اختلاف الطرق أو النسخ تصير المادة موهومة فأنت في وهم في هذا الطريق أو هذا اللفظ ، فأنت أتعبت نفسك وأجريت تحليلاً استنباطياً لدلالة الرواية ولكن كل هذا مبني على أنَّ ألفاظ الرواية هكذا وبكن بعد ذلك حتينا تتثبت تلتفت إلى أنه يوجد فيها سقط أو فيها زيادة أو فيها نقيصة ، فكل الاستظهار الذي بينته يكون سراب بقيعة لأنَّ المادة التي استندت إليها غير لسيمة ولا يوجد عندك تتبع ، وما أكثر هذا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo