< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/05/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الكلام في قاعدة الاعانة.

مرّ بنا أن قاعدة حرم الاعانة على الاثم أو ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ في الحقيقة هذه القاعدة حسب استظهار استعمالات التعاون في الآيات الكريمة هي في مورد الفعل إما نسميه كظاهرة فيها جري عرفي لبناء اجتماعي معيّن وما شابه ذلك ، وليست بعداً فردياً بحت ، بخلاف عنوان حرمة الاعانة على الاثم الذي إذا ما استبدلنا عنوان التعاون إلى عنوان الاعانة ، فقالب القاعدة يتبادر منها حينئذٍ في الأصل والأساس طابع فردي ، بينتما هنا نستطيع أن نقول ظاهر طابع ﴿ وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ طابعه طابع الفعل الاجتماعي الفعل المشاركي ، وبتعبير عصري طابع فعل شبكي فهو من هذا القبيل ، لذلك لو كنا نحن وهذه القاعدة الشريفة في الآية الكريمة موارد النصوص في الطائفة الثالثة وهي بيع العنب أو التمر أو العير العنبي على من يصنعه خمراً لا تدخل في هذه القاعدة لو كنا نحن وهذا المقدار من الاستظهار حتى لمن يعلم بأنه سيعمله خمراً كما في تعبير الروايات ( إنما بعته عنباً إبّان حلّه ) ، يعني أصلاً هذا العنب وتعاكي العنب في المجتمع كدوران بيع عنب هذا ضمن مدار صلاح المجتمع ، انتقال الأغذية والأطعمة كدورة معاملية تسويقية تتوزع فهي ضن سياقات بناء صحيح في المجتمع وليست سياقات لبناء ظواهر أو طابع فساد في المجتمع ولو بخصوص هذا الفرد لمن يعلم ، ولماذا ؟

ودعونا نمثل بها المثال لكي يصير أوضح:- وهو أنه في الحيل الشرعية للتخلص من الربا وهذا لا صلة له بالمقام إلا من جهة معنية ، الحيل الشرعية للتخلص من الربا بالضبط يعني فيها تشابه ، فهي وإن كانت لا صلة بها بالمقام لأن موضوعها شيء آخر وحكمها شيء آخر وليست محل بحصنا ولكن لها تشابه جداً من زاويتين في المقام ، حيل شرعية للتخلص من الرحام وجملة منها وردت فيها نصوص ، هذه النصوص نفس الكلام بعض الأعلام منهم السيد الخميني فترة كان يعمل بها ويفتي بها والمشهور طبعاً يعملون بها ويفتون بها ، الحيل الشرعية للتخلص من الحرام ، بعد ذلك ظاهراً السيد نتيجة مثلاً اثنين من تلاميذه كان عندهم باع اقتصادي وجامعي وأكاديمي ، فالمهم بشكل مداولة من السيد حسب ما يذكر فعدل من الحلية إلى الحرمة ، وطبعاً هذين العلمين من تلاميذه اللذين سبّبا عدوله لم يكونا من أهل التخصص في اقتصاد وإنما تخصصهم شيء آخر ولكن يوجد عندهم اطلاع ، فالمهم فذكر السيد الخميني إشكالات على الحيل الشرعية كثيرة وأنه وأنه وليس السيد فقط وإنما قبله جماعة وبعده ، نفس الخبراء الدوليين في المصرف وفي النقد والمال ذكروا نكتة لطيفوا فقالوا هذه الحيل الشرعية لا تسمن ولا تغني من جوع أن تكون بديلاً عن الربا لمن يريد ان يشكل نظاماً ربوياً ، دققوا في هذا المطلب ونحن ذكرناه في مقدمة بحث فقه المصارف ، هذه الاشكالات التي توجه على الحيل الشرعية كلها دفعناها ، وماذا ذكر خبراء المال الدوليون والذين عندهم كتب وموسوعات ومصادر هناك كبحث موضوعي في الشبهة الحكمية ؟ قالوا هذا البنك الاسلامي الذي يأتي ويبني حيل لجل تفادي الربا وليبق البنك على حيويته في النشاط المالي والمصرفي - بنك لا ربوي افترض مثل اطروحة الشهيد الصدر أو غيره من الأعلام الذين قبله أو بعد - فقال الخبراء الدوليين إنَّ هذه البدائل لا تسمن ولا تغني من جوع عن الربا ، يعني لا تحقق للبنك الربوي المسار الذي يجري فيه ، كنظام ربوي هذه لا تنفع أن تكون ذلك انظام الذي يكونه النظام الربوي ، قد تكون هذه الحيل تلتقي مع الربا في بعض المقاطع وبعض الطريق أما في تام الطريق فهي مفترقة.

ونوضح هذا أكثر:- مثلاً بعض الحيل الشرعية سواء جعلت العقد ربوياً أو جعلته بالحيلة الشرعية النتيجة واحدة من جهة الفائدة المالية التي تحصلها ، ولكن النتيجة واحدة في البداية أما في الاستمرار النتيجة ليست واحدة ، وكيف ذلك ؟ لأنه هذا العقد الذي هو حيلة شرعية يعطيك هذه الفائدة افترض بيع الدولار بالدينا وأحدهما نقد والآخر نسيئة فهذا لا مانع منه ، ولكن هذا لا ينتج انتاج الراب على طول المسار ، ففي البداية افترض أنت بعته ورقة مائة دولار بمائتي دينار عراقي لمدة شهر أو شهرين فإذا أخّر بعد الشهرين فهل لك بمقتضى منطق البيع أن تزيد عليه ؟ كلا لا قانوناً ولا شرعاً ، بينما في الربا تلقائياً العجلة تزداد ، فهنا صار التقاء بين هذه الحيلة الشرعية وبين الربا في بعض الطريق ولكن في استمرار الطريق لا يوجد تلاقي ، وهذا هو معنى الفرق الجوهري بين الحيلة الشرعية وبين الربا ، لأنَّ الحيلة الشرعية لا تنتج لك نظام ربوي ، قد تلتقي معه في بعض الطريق ولكن هل هي جوفاء ومتماهية إلى حقيقة الربا ؟ كلا ، بل هي لها حقيقتها وماهيتها المباينة عن الربا ، في بعض الطريق التقت به وأنت بمجرد أنك رايتها التقت معه في بعض الطريق قلت هي نفس الربا ولا فرق بينهما ؟!! إن هذا غير مقبول فلابد أن يكون كلامك تحليل علمي وهذا ليس إشكالاً.

لذلك هذه الحيل الشرعية سرطان الربا ومفاسد الربا لا تنتجها ، اتفاقاً يوجد أكبر فقهاء العامة في زمن الامام الباقر اسمه محمد بن المنكدر فجاء عند الامام الباقر وقال له يا ابن رسول الله سمعت أنك تقول في الصف كذا وكذا وهي نفس الحيلة الشرعية ، فقال: والله ما هي إلا ليست حيلة للفرار عن الحرام ، فقال عليه السلام:- ( ونعم الحيلة الفرار من الحلال إلى الحرام ) ، فهو لم يلتفت إلى هذا القضية وهي أن الربا طبيعته أنه يتضخم تضخم سرطاني بلا نشاط بخلاف الحيلة الشرعية فالحيلة الشرعية تعطيك فائدة في مقطع ، وإلا فالبيع أيضاً في موارد عديدة يفيد فوائد أخرى فأنت من الأول أبعه لك الآن نقداً فبعشرين وإذا بعته منك بعد سنة فأبيعك إياه بمائتين وهذا منصوص عليه ، اتفاقا نص القرآن يخطئ اليهود ﴿ قالت اليهود إنما البيع مثل الربا وأحلّ الله البيع وحرّم الربا ﴾ ، فقالوا من الأول أنا أقول أنا أبيع بعشرين وكلما يؤخر إلى سنتبن مثلاً يزداد مائتين فما هو الفرق فلأقول له من البداية بعتك هذه الدار او هذه السيارة او هذا المتاع إلى ثمن مؤجل إلى سنة أو سنتين بمائتين فما هو الفرق ؟ فأصل اليهود أصل اعتراضهم على التشريع هو في هذا ، ولكن الباري تعالى خطأهم وقال أحلّ الله البيع المؤجل وحرّم الربا ، ولماذا ؟ لأن مكينة الربا كلما تتأخر يزداد ، بينما هذا البيع يقف ، فأصل نزول الآية هو لتخطئة اليهود وأنه يوجد فرق بين الحيلة الشرعية أو البيع والماهية الصحيحة وبين الماهية الفاسدة ، إذا التقت الماهية الصحيحة مع الماهية الفاسدة في بعض الطريق فهذا لا يعني أنَّ الالتقاء في دوام الطريق ، بل يبقى الفرق موجوداً في البين.

ونذكر لكم مثالاً آخر أما أنه كيف ربطه بالمقام فسوف نذكره:- والمثال الآخر هو أنَّ بعض الأعلام في المعاوضات المحللة أنت تريد أن تصل إلى شيء معين كفائدة تجارية هل توقعها بنحو الاجارة أو توقعها بنحو البيع أو توقعها بنحو الهبة المعوّضة أو توقعها بنحو الصلح فيوجد عندك أربع خيارات ، البعض قال هذه لقلقة لسان وتغاير صوري ، فهذا العقد إما هو بيع ولا غير أو اجارة ولا غير أو صلح ولا غير أو هبة معوضة ولا غير أما أنَّ هذا العقد يمكن ايقاعه بمسارات أربعة تصب في نتيجة واحده فهذا ليس بصحيح ، وما هي الثمرة ظ الثمرة واضحة فإنه يوجد اختلاف في أحكام البيع وأحكام اجارة وأحكام الصلح وأحكام الهب المعوّضة ، أحكام كثيرة تختلف عن بعضها البعض ، فالبعض قال باستحالة أن هذه ماهيات أربع في مورد واحد ، يعني إمكانية أن تأخذ أحد الماهيات الأربع في مورد واحد ، فهنا يمكن أن تأخذ ماهية واحدة ولكن يلزم أن تشخصها ، والبعض الآخر كما هو المشهور قال صحيح هو الآن الاجارة والبيع والهبة المعوضة وغيرهما قد تنتج نتيجة واحدة ولكن هذا لا يعني أن الماهية واحدة ، ولماذا كبحث صناعي معاوضي ؟ قالوا لأنَّ الفائدة سواء كانت تكوينية أو شرعية أو أي شيء آخر التي تترتب بعد المعاوضة تغاير البحث فيها عن نفس متن المعاوضة ، ولا نريد أن نغوص في هذه البحوث وإلا ليست الاجارة في كل مواردها هي تلتقي مع البيع ولا البيع في كل موارده يلتقي مع الصلح أو غيره من المعاوضات.

وما هو ربط هذه الأمثلة بالمقام ؟ ربط هذه الأمثلة في المقام كيف أن البيع يلتقي مع الربا في بعض الطريق وهذا قد سبَّب خلطاً عند اليهود ، كذلك الحال في باب النسيج الاجتماعي المتشابك الفئة الصالحة مع الفئة الفاسدة بينها شبكية اجتماعية تفاعل اجتماعي - وأنا أتِ بهذه العبارات العصرية حتى أوضح المسألة أكثر وإلا في الفقه لا يقولون تفاعل اجتماعي وإنما يعبرون في الفقه فعل مشترك - يصير تفاعل اجتماعي ولكن ليس معنى أنَّ هذه الفئة الصالحة يصب مسيرها في صالح هذه الفئة الفاسدة ، كلا ، هذه الروايات ( ها نحن نبيع العنب ونبيع التمر ممن نعلم أنه يعمله خرماً ) ، فنعلم بهذا المعنى ، لا أننا في ضمن شبكات انتاج الخمر أو هيئة تصنيع الخمر ، وإنما نحن في ضمن الفئة الصالحة غاية الأمر أنَّ أهل الفساد أبعدهم الله هم يستخدمونه في تلك الجهة ، فأنت تعطي ماء لمن تعلم أنه من أهل العصيان ولكن هذا لا يعني أنك تعينه على الشر ، لأنَّ هذا الفعل في اعطاء الماء والتزاوج وغيره من التفاعل الاجتماعي هو في نفسه محلل إنما ذاك يستخدمه في طريق بناء الاجتماعي الفاسد أو إفساد النظام الاجتماعي فذاك بحث آخر ، فهي ليست اعانة فإنَّ الاعانة والتعاون أن تكون في شبكته ، أصلاً أنت تكون بعبارة أخرى في نفس المسيرة وفي نفس المداولات فها يعبر عنه تعاون على الاثم والعدوان ، وإلا فأنت سواء بعته عليه او بعته على ذاك الصالح ، أصلاً نفس البيع في إبّان الصلاح يستخدم في طبيعة الدورة الاجتماعية أو في بيعة الدورة الاقتصادية والنظام الاقتصادي يستخدم في الشيء المحلل والمنافع المحللة غاية الأمر ذاك يجيّر لابن الاجتماعية الصالحة للفاسد فالقضية ليس معناها أني صرت في نفس الشبكة لذلك قال المشهور ، نعم لو كان البائع هو والي فالوالي شيء آخر ، أو كان هذا يعلم بأنَّ هذا العنب الذي عنده حصرياً ينتج منه الخمر ويعلم بقصده وهو يقصد ويعلم علم تفصيلي لا العلم بحسب العادة والطبع أصلاً ممن يجعله خرماً يعني هو لس من أهل الصلاح وإنما هو صاحب شركات خمر فيأتي ويشتري ، يعني ليس علم تفصلي وإنما هو بهذا المعنى يعني هو من الفئة الطالحة وأنا أتعاطى معه في التعامل هذا لا يعني أني نفس من انخرط في جماعته وفئته فإنَّ المراد هو هذا ، فهذا لا يقال له تعاون أو اعانة على الاثم والعدوان ، نعم في مورد تعلم به حصراً وهو قاصد وتعلم تفصيلاً وليس قضية شأن وشأنية قال المشهور إذا تعاطى الانسان معه وهيأ له الأمر فهذا حينئذٍ يسمونه مقدمة موصلة ونهائية وما شابه ذلك ، مثل افترض أنه في مكان واحد يبيع العنب في مكان واحد وافترض أنه بطريقة صناعية الآن يبدله خمراً وأنت تعطيه حصراً وهو لا يحصل مصدراً إلا من عندك فهنا يصير مقدمة موصلة واعانة ، بل قالوا هذا حتى ليس من باب التعاون وإنما قالوا هذا ليس من باب عموم ﴿ ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ أو إذا كان منطبقاً باعتبار كأنما يدرج الانسان فعله في فعل شبكة الفساد وإلا فأنت جالس في دكانك وتبيع العنب وتبيع التمر طلباً للرزق فأصلاً كجرم قانوني مقرر حتى في القوانين لا يقولون أنت أعنته ، افترض مادة معينة يستخدمها أهل المخدرات في المخدرات أو يستخدمها داعش في التفجيرات فهل يأتون لصاحب الصيدلية ويقولون له لما بعته هذه المادة الكيمياوية ؟!! إنَّ هذه المادة الكيمياوية مجاز بيعها حتى في القانون العقلائي ، فهو لم يدخل في شبكة داعش حتى يقال كذا بل أنت كدولة وكوالي عليك أن تمنع هذه وتقول هذه المادة بسب مخاطر أمنية معينة لا تابع في الصيدليات أو في مواد الأصباغ وغير ذلك ، فلاحظ نفس المجرى العقلائي وهذه هي النكتة التي توضحها آية ﴿ وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا عل الاثم والعدوان ﴾ هو هذا واقعها ، بخلاف شخص يذهب كما في الروايات قال إذاً لماذا في الروايات ( لعن الله غارسها ولعن الله ناقلها ولعن الله حالها ولعن الله كذا ) ، فهذا اضح ، فتارة الانسان يذهب في مصانع أو مزارع لشركات خمر الحقول ملك لها يزرع هذا العنب اصلاً هو داخل في شركات انتاج الخمر ولو كان زارعاً فهذا يشمله اللعن ، لأنه من الأول ذاهب إلى هذا الخط ، مثل زراعة المواد المخدرة فإنَّ زراعة المواد المخدرة هي في الأصل نباتات ولكن هذه النباتات أن تدرجها في مسار المخدرات المهلكة للمجتمعات فأنت ضمن شبكات المخدرات ، أما إذا زرع الانسان نبتةً هي في الأصل ليست مخدرات ولكن أهل المخدرات ينتجون منها صناعياً وبطرق معينة مخدرات فهذا أمر آخر ، أما هذه النبتة إلى الآن فهي ليست ممنوعة مثلاً بحسب قانون الدولة ولذلك حتى الدولة لا تجرّمه حتى لو باعة ممن يعلم بانه سوف يصنعه مخدرات ، لأنه ليس في الشبكة وليس معهم ، بل هو الآن نشاطه البيعي أو المعاملي أو المعاوضي ضمن نفس السياقات الصحيحة السديدة ولا شيء فيه ولكن ذاك يستفيد من البيئة الصالحة إنشاء كيان أو شبكة فساد وإفساد فأبعده الله وسحقاً كما يقول الامام الصادق عليه السلام لا أنَّ هذا صار في ضمن الشبكة ، هذا محصّل الكلام في القاعدة والآية الكريمة حيث هي في التفاعل الاجتماعي من هذا القبيل وليس من ذاك القبيل.

ودعونا نقرأ جملة موارد استعمال التعاون على الاثم والعون في الآيات والروايات مضافاً إلى ما مرّ من شواهد ، وسنذكر فيما بعد القالب المختار في هذه القاعدة ، لأنَّ هذه القاعدة محل ابتلاء:- فمثالٌ آخر نأتي به لكم وهو أعوان الظلمة ، يكتب في ديوان الظلمة ، فيوجد فرق بين بائع يتعاطى مع الدولة الجائرة فهو ضمن نشاط تجاري بيعي أو افترض حتى لو لم يكن تجارياً وإنما أفرضه زراعياً يمشي ضمن السياق الصحيح يعني مساره صحيح وصلاح فهذا لا يقال له من أعوان الظلمة ، أما تجد شخصاً يُعيَّن من قبل الدولة الجائرة لصناعة أسلحة التعذيب مثلاً أو مواد يستخرجها من المنجم لآليات التعذيب فهو يستخرج مقدمة بعيدة ولكن ضمن وزارة الدولة الأمنية فلاحظ أنه يصدق عليه عون واعوان الظلمة ليس من المقدمة الموصلة وإنما من المقدمة البعيدة لأنه من الأصل اندرج في شبكة نظام فساد أو شبكة شركات فساد أو بكة مؤسسات فساد أو شبكة فئة فاسدة وتنظيم فاسد حتى ولو بالمقدمات البعيدة وحتى ولو بلحاظ القانون العقلائي والادراك العقلائي يقول نعم أنت اندرجت في أصحاب الإثم والآثام وأصحاب الظلم والعدوان وهلم جرا ، بخلاف من كان ليس كذلك وضمن نظام الفعاليات الصالحة البناءة الخادمة للمجتمع غاية الأمر أهل الفساد يسيئون الاستفادة وهذا بحث آخر وليس معنى ذلك أنهم اندرج معهم وكان منهم ومن خاط لهم خيطاً وغير ذلك ، لذلك البعض فسّر هذه الروايات حتى من خاط لهم خيطاً ليس هو الخياط وإنما من هو مندرج في نظامهم ووزارتهم وتعيناتهم ومناصبهم فهو محسوب من ضمن الجهاز الكامل ولو من المقدمات البعيدة فصحيح هذا يصدق عليه أنه من اعوانهم ، أما بخلاف شخص أقرب منه مقدمةً ولكن هذه المقدمة هي من ضمن النشاط الصالح في المجتمع فهذا لا يقال له هذا عون وعليه وزرهم ، فإنه لا ربط له بهم.

ونقرأ الشواهد على ذلك:- توجد خطبة للإمام الباقر عليه وهي رسالة مفصلة إلى سعد الخير يقول الامام عليه السلام في صنف من العلماء :- ( والعلماء في أنفسهم خانة إن كتموا النصيحة عن رأوا تائها ضالاً لا يهدونه وميتاً لا يحيونه فبئس ما يصنعون لأنّ الله تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به وأن ينهوا عما نهوا عنه )[1] ، فلاحظ باب نظام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ماذا يقول بعد ذلك عليه السلام ؟ وهذا الذي مرّ بنا أمس التقارن بين أبواب ثلاث أو قواعد ثلاثة أو أربعة قاعدة التعاون وقاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقاعدة وجوب دفع المنكر هنا عليه السلام أيضاً هكذا يقارن فيقول ( لأنَّ الله تبارك وتعالى أخذ عيلهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما امروا به وأن ينهوا عما نهو عنه وأن يتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعاونوا على العدوان فالعلماء من الجهّال في جهد وجهاد ) هنا واضح في دور المسؤولية الاجتماعية للعلماء ومتى يكون العلماء في مسار صلاح إذا بينوا ذمة العلم ولم يكتموا علمهم وإنما أرشدوا الجهّال إلى العلم ولو آذاهم الجهّال ، جهاد العلماء أن يصبروا على ضغوطات الجهّال ولا تأخذهم في الله لومة الجهّال يفصحوا عن العلم وعن حقيقة العلم وإن استنفر عليهم أو آذاهم الجهّال ، بعبارة أخرى لا يكونوا في طريق وشبكة ومسار الفساد أو الغي أو الهدوان أو الضلال أو ما شئت فعبر.

فلاحظ كظاهرة مجموعية ، بخلاف ما إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، تعاون على البر والتقوى يعني المسؤولية الاجتماعية والنسيج الاجتماعي عندهم هكذا ، فإذاً البحث في ضمن سلسلة حلقات ومجموعة وليس بحثاً فردياً ، فواضح أنَّ الاستعمال هنا للآية الكريمة في قاعدة التعاون في الفعل الاجتماعي إذاً وضمن نظام إما صالح أو نظام اجتماعي طالح ، هذا هو المورد الأول ، وهناك عدة موارد سنكملها.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo