< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

كان الكلام في الأدلة التي يتمسك بها للحرمة التكليفية أو للحرمة الوضعية في هذا القسم الأوّل من النوع لثاني وهو ما لا يقصد به إلا الحرمة ، فمر أنه من جهة الحرمة التكليفية والحرمة الوضعية تارة يستدل بـ ( إذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه ) في بعض هذه الأمثلة التي ذكرها الشيخ مثل آلة القمار محرّمة وآلات اللهو وأواني الذهب والفضة بناء على أنَّ اقتناءها حرام أو لزينة أو هياكل العبادة أو قاعدة أكل المال بالباطل ، طبعاً تتمة لمفاد الآية وإن كان للآية جهات عديدة في البحث يجب أن نلتفت إليها أكل المال بالباطل أمسّ مرّ بنا أنه أكلاً للمال بالتحايل طبعاً ليس مفاد الآية الكريمة حصراً بهذا المعنى لأنَّ بعض الأعلام فسّر أكل المال بالباطل بأنَّ الباء سببية ، يعني بسبب بمعاملة بعقد هو في نفسه باطل ، وهذا التفسير صحيح أما أنه هل الآية مفادها حصراً هذا أو لا ؟ ، وهذه الآية الكريمة من ضمن محكمات القرآن في باب المعاملات أو قل في باب الاقتصاد هذه الآية الكريمة هي ركن من أركان الاقتصاد الاسلامي ، لأنها تريد أن تحدد المنظومة.

وكما مرّ بنا أمس أنَّ البحث ليس على صعيد المكاسب في البعد الوظيفة الفردية للأفراد بل الأهم من هذا أو المساوي لأهميته التعرف على الكاسب المحرمة على صعيد البعد الاجتماعي أو الدولة وهلم جرا ، أو المؤسسات الكبيرة ومن هذا القبيل ، فهذا البحث على هذا الصعيد أكثر حساسية وأهمية ، فهذه الآية الكريمة ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ تحدد النظام المالي والاقتصادي والمعاملي والتجاري في هذه المساحة ، فالآية ليست بالسهلة وإنما هي مهمة وخطيرة ، والآية الكريمة في الحقيقة تضع يدها على غدّة سرطانية خطيرة في عالم المال وعالم الاقتصاد ، هذه المحرمات في الآيات والأدلة بالدقة عبارة عن حظر إلهي على غدد سرطانية في الاقتصاد وليس على فردي فقط وإنما على صعيد البيئة المالية العامة والتجارة والاقتصادية ، وهو أنَّ هذا يشلّ التجارة ويؤزم المجتمع وهو أكل المال بالباطل ويسبب فساداً في الأرض والمجتمعات ﴿ الّا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ﴾ ، ففي الحقيقة هذه المحرّمات الاقتصادية أو الخطوط الحمر في القرآن الكريم على صعد الاقتصاد الكل والذي يعبرون عنه علم الاقتصاد يعني اقتصاد المجتمع ككل وليس اقتصاد الفرد الجزء الذي يسمونه اقتصاد الجزء باصطلاح علم الاقتصاد ، فهنا الآية الكريمة مهمة إذاً ، مثل تحريم الربا ، فإنَّ تحريم الربا ليس بعده فردي فقط وإنما الأهم والأخطر أن النظام المصرفي نظام حركة السيلة والتجارة في المجتمع يجب أن لا تبتلى بهذا الوباء الخطير المهدد الذي يفرز الكثير الأمراض الاجتماعية والسياسية والأمنية وحتى يشعل الحروب ، فهذه الغدد السرطاني دورها هو هذا ، مثل تحريم الربا ، فدائماً النظرة تكون نظرة مجموعية مجتمعية أو نظرة بلحاظ حتى فعل والنشاط الدولة أو الوزارات ، فإذاً أهمية آية ﴿ لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ﴾ هي في هذه الأبعاد.

هذا البعد كتقنين شرعي أساسي لا اختلاف فيه بين المسلمين بالباطل ما هو هنا ؟ جملة من الأعلام صحيح ما ذكروه ، ولكن يحصر به فهذا بحث آخر.

وجملة من الأعلام فسّروا ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ يعني السبب باطل سبب غر مورع مثل القمار سبب لم يمضه الشارع بغض النظر عن حرمته التكليفية ، المجون والفحشاء والأفعال المحرمة لم يمضها الشارع ، كل هذه محظورات وضع الشارع عيها خطوط حمراء هذه لا يصح ابتلاء الاقتصاد بهذا ، وهذا الكلام صحيح ولكن يحصر مفاد الآية فيه فهذا ليس بصحيح ، فهذا قول ، وهناك قول آخر وهو أنه لتحايل والتحايل والغش والخداع ما هو فرقه عن هذا القول ؟ هذا القول يريد ان يقرر أن اصل المعاملة في نفسها فاسدة في رتبة سابقة فهذه الآية الكريمة تأتي وتنهى عن الجري والتعامل ، يعني كأنما تصير إرشاد ، والآن بغض النظر عن كونها ارشاد الآن أو مولوية أو وضعية بالتالي على هذا القول لا تكون الآية في صدد الابطال ، هو في نفسه باطل ، تنهى عن التعامل بالمعاملة الباطلة ، بينما على القول بالتحايل تنهى عن التحايل وما شابه ذلك فحتى لو كانت المعاملة في نفسها بيع ولكنه بيع شيء مغشوش أو بيع شيء مغرر أو فيه خداع مثل التطفيف أو ما شابه ذلك ، كلما يصير تحايلاً مالياً أو غير مالي ، مالياً في المعاوضات خداع نصبٌ واحتيال هذه الآية تنهى عنه وتدل على أنَّ البيع فيه إشكال ، بل هو فاسد ، وهذا هو المعنى الذي مرّ بنا ، ولا منافاة بين المعنيين فكلا المعنيين في الآية الكريمة مراد.

القول الثالث:- يقول إنَّ ﴿ لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ﴾ بالباطل يعني أنَّ الآية في صدد تحريم السرقات المالية تحت غطاء صوري صحيح ، السبب صحيح مثلاً العوضين أو الأعواض صحيحة صورياً ولكن واقع المعامل لا هي بيع ولا هي معاملة صحيح بل واقع المعاملة مثلاً يصب في شرقة الأموال ونهبها.

وهذا القول في تفسير الآية صحيح أيضاً ، ولكن حصره به ليس بصحيح ، وأيضاً هو لا يتنافى مع القولين السابقين.فالمقصود الذي نحن بصدده هو أنَّ هذه الآية الكريمة لو تُراجع لأنها من القواعد الأم في باب المعاملات في باب التجارة في باب الاقتصاد الاسلامي وحتى في باب فعالية البنوك وغيرها فمراجعة مفاد الآية الكريمة مهمة ، وفي الحقيقة أننا نبني أن جل هذه الأقوال لا تنافي بينها ويمك الالتزام بها مجموعاً لشواهد للالتئام مع بعضها البعض ، وهذه نكتة مهمة في الآية الكريمة.الآن هذه ( لا تأكلوا ) هنا هل هي لا وضعية ، أو لا تكليفية ، أو هي نهي أعم ؟ الصحيح أنها تدل على كلا الأمرين فهي تدل على البطلان الوضعي وأيضاً تدل على التحريم التكليفي ، سواء كان إرشاداً للبطلان الوضعي أو هي تدل على البطلان الوضعي فالنتيجة تقريباً ستكون واحدة وهذه نكتة أخرى في هذه الآية ، أصلاً هذه الآية الكريمة لو ألّف شخص فيها رسالة كقاعدة فقهية فهذا مهم جداً ، فيصير بحثاً جيداً ، ويكون هذا عمود من أعمدة الاقتصاد ينجزه الاسنان وقليلاً قليلاً يستطيع أن يكتب منظومة اقتصادي على وفق مذهب أهل البيت عليهم السلام.

ومرارً مرّ بنا هذا المطلب هو أنَّ ﴿ حرم عليكم الميتة ﴾ العلامة الحلي في منتهى المطلب يقرب كلام القدماء حرّم بيع الميتة يصير وضعياً ، وحرم أكل الميتة يصير تكليفياً بل حتى في حرمة بيع لميتة حرّم من جهة الإقدام على البيع يصير تكليفياً أو ذات البيع يصير وضعياً ، ففي اسناد واحد تقدر أفعال متعددة فتكون الحرمة بمنزلة جمل متعددة وليست جملة واحد وحينما تكون جملة فلا تصير من استعمال لفظ في أكثر من معنى وإنما استعمال كل جملة في معنى وهذا لا مانع منه ، نعم الأداء ولكن واقع الكلام هو أربع جمل أو خمس ، مثل ﴿ إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها ﴾ يقول العلماء أنَّ هذا تقدير لفعلٍ آخر ( استكبروا عليها ) حذف عليها ( وصدّوا عنها ) حذف صدوا ، فحينما حذف عليها وحذف عليها شبك بين الجملتين ، يعني استكبروا عنها أيها السامع هذه جملتين وليست جملة واحدة ، مثل قوله تعالى ﴿ وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون ﴾ ، فالاستكبار والصد ذكر في سورة الجمعة ، وهنا في سورة الأعراف لم يذكر ، وهذا الاستعمال في اللغة العربية موجود من باب التضمين ومن باب التقدير ، وهذا غير باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، لذلك علم النحو مهم وعلم الصرف مهم ليس أصل علم النحو والصرف وإنما غور علم النحو وعلم الصرف أو الاشتقاق أو غور علم المعاني في البلاغة في يوميات الفقيه والاستنباط هو يوثر ، الشهيد الثاني بعد أن اجتهد وصار فقيها رجع مرة أخرى بينه وبين نفسه دراس علم النحو الصرف والبلاغة وهو يذكر ذلك في كتابه منية المريد ، وقد التقينا ببعض الأعلام رحمة الله عليه الاغا رضا المدين درّس مغني اللبيب مرتن بعدما كتب الرسالة العملية يقول حينئذٍ كتبي الاستدلالية التي الفتها بعد تدريسي مغني اللبيب ازدادت رصانة في دقة الاستنباط اللفظي ، فالمقصود أنَّ هذه امور مؤثرة.

فإذاً ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ يستفاد منها كل هذه المعاني وهذا لا مانع منه مثل ما استفاد العلماء الأعلام من ﴿ أحل الله البيع ﴾ أحل حلية وضعية تكليفية وحلية وضعية ، ما هو الحل الوضعي ؟ بنفس المعنى اللغوي يجتمع بجامع معنوي مشترك مع الحلية التكليفية ، الحلّ إرسال ، يعني ارسال من ناحية الأفعال يصير حِلّاً تكليفياً ، أو إرسال ماهية المعاملية يعني وجودها فيصير وضعياً ، فالحِلّ الوضعي يجتمع مع الحِلّ التكليفي في معنى جامع مشترك معنوي ، و ﴿ وحرم الربا ﴾ كذلك ، فإنَّ الحرمة عند مشهور القدماء لها جامع لعدة أقسام معاني وضعية ولعدة أقسام من الحرمة التكليفية باختلاف تقدير الفعل ، فهنا نفس الكلام ، في الأكل فسّر أنه أُكول هذه الأكل أو الأُكول فسّر بمعنى التملّك يصير بحثاً وضعياً ، وتارة يقصد التصرّف ، فلا يعوز على الفقهاء الاستنباط ، وهذا ليس تكلّفاً منهم وإنما هو التفات إلى نكتة ، فـ ( أكلت أموالي ) يعني تملكتها ونهبتها ، فنفس الأكل قالوا إنَّ فيه معنىً جامع ، أنه توجد فيه معاني عديدة كلها تنهى عنها الآية الكريمة ، فهذه الآية الكريمة فيها بحوث كثيرة ستأتي تباعاً في موارد ومسائل ، ولكن يمكن للباحث أن يستخلص منها قواعد مهمة يستفيد منها.

الدليل الآخر لحرمة هذا القسم الأول من النوع الثاني:- استدل الشيخ والأعلام بالقواعد العامة التي قرروها في رواية تحف العقول ، لأنَّ رواية تحف العقول المضامين التي فيها مشهور فقهاء الامامية بنوا واعتمدوا عليها رغم أنَّ الرواية مرسلة في كتاب تحف العقول ، ولكن مضامينها وفق الأصول القواعد في الأبواب ، ولذلك عملوا بها ، ولذلك يكون استدلال الشيخ بـ ( كل ما أتى منه الفساد فقد حرم الله التقلب فيه والتصرف فيه ) في محلّه ، وقد ذكرنا أنَّ هذه الرواية الشريفة لها خمسة مصادر من خمسة طرق وهي مسندة وليست مرسلة ، والبحث عنها قد تقدم في بداية المكاسب المحرمة ، ونحن نذعن بالوثوق بصدورها اعتماداً إلى قرائن المضمون التي اعتمد عليها مشهور القدماء.

أيضاً استدل الشيخ على الحرمة التكليفية أو الوضعية بالنصوص الخاصة الوارد في بعضها:- النصوص الخاصة الوارد في بعضها سواء كانت هذه النصوص استفيد منها الحكم الوضعي والتكليفي معاً ، أو الوضعي أو التكليفي فقط ، لأنه إذا كان وضعياً وتكليفياً يصير الأمر واضحاً أنها دالة على المطلوب في كلا بعديه الوضعي والتكليفي، أما إذا كان دالة الحكم التكليفي فقط فيكف تدل على الكم الوضعي ؟ هذا يعتمد على الدقة من الأخوة في مراجعة مسألة عن النهي يقتضي الفساد ، ودائماً يتم التنبيه على هذا المطلب لا في خصوص هذه المسألة وهذا المثال وهو ان فهرست أي بحث في أي مسألة في أي فصل أهم من الخوض في معمعة البحث ، لأنَّ فهرست البحث عبارة العمود الفقري وعبارة عن النخاع والمخ ، فالفهرست مهمة جداً حتى لو كانت فهرست لمسألة واحدة فإنَّ المسألة الواحدة أيضاً فيها فهرست ، كم جهة بحثت في تلك المسالة وعن ماذا بُحِث ؟ ، فالفهرست مهمة جداً ، ليست الفهرست لكل الكتاب ولكل العلم وإما الفهرست حتى للمسألة الواحدة هو نخاع شوكي ومخ البحث.

كذلك الحال في بحث ( النهي يقتضي الفساد ) فأيّ نهي يبحثه الفقهاء وأي حرمة ؟ فالأقوال تختلف وتتعدد وتتنوع على أيّ حرمة ؟ ، شخص قد يدخل في معمعة البحث وغماره وهو لا يعرف أصل المشية ، لأنه أي حرمة أنت تبحثها ؟ عليك أن تلتفت إلى أنَّ البحث هو عن أيّ حرمة في ( النهي يقتضي الفساد ) ، وهذه نكتة مهمة ، ومن ضمن النكات في ذلك الباب يعني ربما جلّ الأعلام إن لم يكن الكل أو قل الأكثر اتفقوا على أنَّ النهي التكليفي الذي يتعلق بالأفعال التكليفية التي تترتب على المعاملة لا أقول الآن اتفاق وضرورة ولكن الجلّ إن لم يكن الكل بل الأكثر اتفقوا على أنَّ النهي التكليفي الذي يتعلق بالفعل التكليفي المترتب على المعاملة يقتضي الفساد ، ولو أنَّ هذا النهي ليس وارداً في خصوص هذه المعاملة ، تصادق مع أدلة إمضاء هذه المعاملة وتطابق مع أدلة إمضاء هذه المعاملة في هذا المورد من باب أنه خصوص في المورد تطبيقي ولكن مع ذلك يدل على الفساد ، ولماذا فإن مفاده ليس بفساد ؟ يقولون إذا حظر الشارع الأفعال تكليفاً التي هي لازمة مترتبة ذاتية للمعاملة فهذه المعاملة مجمدة ، فصارت فاسدة ، ودليلهم في التوسع في ذلك لا نريد الدخول فيه ولكن اجمالاً هو هكذا ، هنا هكذا في القمام بعض هذه الأمور التي ذكرها الشيخ وارد فيها نهي تكليفي - ونحن يعنينا التحليل الصناعي - فهذا يوجب فساد المعاملة من هذه الهة ، هذه جملة الوجوه التي ذكرت في المقام لفساد القسم الأول من هذا النوع وهو ما يقصد به إلا الحرام.وبقيت جهات أخرى في هذا القسم غير بحث الحرمة التكليفية والوضعية تعرض إليها الشيخ الأنصاري ، منها أنه لو بيعت هذه الأعيان.

ودعونا نعيد الفهرست كي لا ننسى:- فمود بحثنا هو الاشياء التي هي ليس لها منافع إلا أن يقصد بها الجانب الحرام مثل آلات القمار وما شابه ذلك ، فالآن بالفعل هي آلة قمار وبالفعل هي آلة موسيقى بالفعل هي هيكل عبادة هذا هو مورد البحث ، هذه الوارد التي لا يقصد منها إلا الحرام لو بيعت بلحاظ مادتها هل يصح البيع أو لا لا بلحاظ هيئتها ؟ هنا الشيخ الأنصاري ينقل عبارة عن الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، والشيخ الأنصاري يعتمد كثيراً ويُجِلّ دقة الشيخ الكبير ويعبّر عنه في موارد بالشيخ الكبير ويقصد منه الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، لأنَّ الشيخ جعفر كاشف الغطاء عنده كتاب في شرح قواعد العلامة ولكن ليس كل القواعد بل معاملات القواعد - والنسخة الحجرية موجودة ولعله طُبِع - فهو ينقل عنه هذا المطلب وهو كأنما استظهر من كلمات المشهور أنَّ هذا القسم من هذا النوع يحرم بيعه مطلقاً حتى بلحاظ المنافع المحللة إلا أنَّ تتلف هيئته ، فإذا تلفت هيئته وبقيت مادة من دون هيئة صح التعامل عليه ، أما مع وجود الهيئة استظهر الشيخ جعفر كاشف الغطاء أنَّ المشهور يمنعون عنه منعاً باتاً ولو بلحاظ المنافع المحرّمة.

والشيخ الأنصاري يدخل في نقاش مع الشيخ جعفر كاشف الغطاء:- وهو أنَّ كلمات المشهور ناظرة إلى حيثية المنافع المحرمة وليست ناظرة إلى حيثية المنافع المحللة ، ويعيد الشيخ هذه النكتة الصناعية التي مرّت بنا مراراً من أول المكاسب المحرمة وهي أنه كيف نميز المالية بين مالية الجهة المحرمة في العين أو الجهة المحللة في العين رغم أنَّ المنافع المحللة أو المنافع المحرمة لا تقابل بمالية العين في باب البيع وهذا قد مر قبل أيام أنَّ الحيثية لتقييدية لا تقابل بالمنافع او الهيئة ، ولكنها كحيثية تعليلية لها دور ، والشيخ يعيد هذه الضابطة ومن الضروري للإنسان أن يهضم هذه الضابطة ، فهذا من هذه الجهة لا نحتاج إلى تكراره.

ثم ينقل الشيخ بعض الكلمات وهي أنه هل يشترط أن تشترط على البائع أن يهدم الهيئة لأنَّ مالية المادة قيمتها قليلة بخلاف لو باعها بمالية الهيئة فإنَّ مالية الهيئة كبيرة كآلة موسيقية أو آلة شطرنج لكن إذا باعها كمادة خام كخشب يستفاد منها في مكان كمادة تجميلية أو غير ذلك فقيمتها تكون أقل ، فهل يلزم أن أشترط عليه أو أبيعها ممن اثق بأنها سوف يتلف الهيئة ؟ الأعلام عندهم الاشتراطات.فهذا المبحث فيه تتمة يندرج حينئذٍ هذا القسم الأول في الأقسام اللاحقة كما سيأتي إذا فرضنا أن البيع بلحاظ المادة ولا يندرج في القسم الأول بخلاف ما إذا بيع لحاظ المادة فإنه يندرج في هذا القسم ، فلاحظ عين واحدة يمكن أن يندرج بيعها تارة في ها القسم وتارة يندرج في قسم آخر بلحاظ اختلاف جهة البيع وحيثية البيع ومالية البيع ، فهي عين واحدة ولكنها مسألتين وليست مسألة واحدة مع أنها عين واحدة ، وهذه نكتة مهمة يلزم أن يلتفت إليها الباحث ، نعم هو بيع عين واحدة ولكن يمكن أن يجري البيع على نحوين أو ثلاثة أو أربعة فتصير ثلاث أو أربع مسائل والجواب يكون ليس واحداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo