< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الدهن المتنجس.

هناك أدلة للمانعين استدلوا بها على أنَّ الأصل الأوّلي يعني كأنما مثل ما مرّ بنا أنَّ هذا البحث هل المتنجسات والنجاسات عبارة عن نفايات بيئية يلزم أن ننفيها عن البيئة بالمرّة كل البيئة أو لا وإنما الموارد التي حرّم فيها الانتفاع بتلك النجاسات أو المتنجسات في تلك الموارد الأخرى التي لم ينه فيها بدليل خاص يسوغ الانتفاعات الأخرى المحللة ، فعلى أية حال تقريباً إذاً لو أردنا الترجمة باللغة العصرية هل هي من قبيل النفايات النووية التي هي وباء على البيئة مطلقاً ، فهذا هو معنى أنها تعدم يعني مثل الوباء أو أنها فقط في الموارد المخصوصة التي نصّ على حرمة الاستعمال فيها يمنع.والآن نقرأ الآيات الكريمة:-

استدل المانعون بقوله تعالى:- ﴿ إنما الخمر والميسر وانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ﴾ ، هذه الآية الكريمة استدل بها منع مطلق الانتفاعات في المتنجّس ولمنع مطلق الانتفاعات في عين النجس ولنرى تقريبها الآن في المتنجّس ثم لنرى تقريبها في عين النجس.

أما تقريبها في المتنجّس:- فهي أنَّ الموارد هي أعيان نجاسات فكيف تقرر في المتنجّسات ؟ إلا من باب أنَّ رجاسة المتنجس شعاع لأعيان النجاسة ، فبهذا اللحاظ.

ولكن هذا محل تأمل:- لأنه ربما آثار عين النجس تختلف عن آثار المتنجس بالنجس ، فترتب نفي الكلام هو اول الكلام الان الكثير من الأعلام فرّقوا بين المتنجس بالنجس فرقه عن المنجس فإذاً ثارت آثار النجس غير آثار المتنجس ، أو من هذا القبيل الكثير ، نفس الأعلام جملة منهم فرقوا أن اعطاء العين النجسة للطفل حرام أما اعطاء المتنجس للطفل لا مانع منه ففرقا بين اعيان النجاسات وبين المتنجّسات ، فأعيان النجاسات فيها مضرة وفيها مفسدة ، وهذه الملاحظة ليست فقط على هذه الاستدلال بهذه الآية الكريمة كذلك على الاستدلال بهذه الآية ﴿ والرجز فاهجر ﴾ ، فإذاً يوجد تأمل ولو استدل بها على العين النجسة ايضاً فيها تأمل وكيف ذلك ؟ ﴿ إنما الخمر والميسر[1] والأنصاب والأزلام رجس من علم الشيطان فاجتنبوه ﴾ ، يعني ما كانت سبب نجاسته الشيطان يجتنب ولكن ليس كل أعيان النجاسات سببها الشيطان ثم أن اجتناب الميسر يعين بعدم تعاطيه وليس عدم لمسه ولو من بعض الروايات من باب التنزّه الانان يغسل يده إذا لمس الشطرنج وآلات القمار ولكن بالتالي الميسر رجاسته معنوية وليست رجاسته مادية واجتنابه بلحاظ ما يتعار فمن التعاطي به وهو التقامر أو العب به لا اجتنابه أنك لا تلمسه أو تضعه في البيت ، وكذلك الانصاب التي هي الأوثان نفس الشيء ، والأزلام هي القداح التي يقرع بها باسم الأوثان أو الشياطين أيضاً اجتناب هذه يعين لا تستعمل هذه القرعة التي فيها توسل بالشياطين أو الاصنام أن الإنسان يجري القرعة في الدِّين ، طبعاً هذه الآية الكريمة تركز على هذا الجانب أنه كان في سنن الجاهلية يعرفون الحق بالباطل بالقرعة ، في العقائد وأو في الدين أو في أصل التشريع الاحتكام إلى القرعة من عمل الشيطان ، لأنه القرعة ليست مصدراً للتشريع وليست مصدراً للدين ، الآن هذا النهج يوج مرة أخرى في الفرق المنحرفة لأنه من الشيطان ولم يركز عليه القرآن الكريم إلا لأجل أنه اسلوب شيطاني يتكرر بمرور الزمان ، وإلا ليس فقط بعد تشريعية ، أياً ما كان الأزلام التي هي القداح في القرعة أو الأوثان أو الميسر رجاستها معنوية وليست مادية والتجنب منها بلحاظ هذه الآثار التي تتعاطى معها إما بعبادتها أو باللعب بها أو بالاقتراع بها ، فحجر الوثن أكسره واستفيد منه كمادة بناء فما المانع في ذلك أو عِصِي القداع استفيد منها إلى أمور خشبية أخرى فما المانع في ذلك ، إنه لا يوجد مانع ، فنفس هذه الآية الكريمة لا تدل على عموم حرمة الانتفاعات وإنما المقصود الانتفاعات المعهودة المعروفة منها هذه حرام أما مطلقاً بلغ ما بلغ لن يستفاد منها.

إذاً هذه الآية الكريمة لا في المتنجسات فهي بعيدة جداً ولا في أعيان النجاسات يمكن الاستدلال بها على أنَّ الأصل الأوّلى ( فاجتنبوه ) يعني كل المنافع حتى غير المعروفة منافع محللة في طعها محرمة في أعيان النجاسات هذا أوّل الكلام استفادته.

كذلك إذا استدل بالآية الكريمة ﴿ والرجز فاهجر ﴾.

ولكن أوّلاً هي في سياق ﴿ وثيابك فطهر ﴾ ، فهي في صدد الصلاة أو البيئة افترض فهذا صحيح وهذا المقدار مسلّم عند القدماء ومسلّم عند بعض المتأخرين وهو صحيح هو أن توقية البيئة عن النجاسات البيئة المساورة للصلاة أو المساورة للأكل والشرب أو مساورة لما يشترط فيه الطهارة إذا كان الانسان لا أبالي هذا يستلزم تفريط ويعاقب عليه يعني لابد أن يقي بيئة الصلاة كما وردت عندنا رواية في الصيقل أنه يعمل جلود الميتة قال ( اتخذ لصلاتك ثوباً ولعملك ثوباً ) يعني تتوقى ، فتعزل بيئة العمل التي فيها نجاسات عن بيئة الصلاة ، تلوث البيئة بلا حد فاصل في نفسه معصية غير المعصية في تفويت الصلاة أو أكل المتنجس أو شربه ولو لم يعلم تفصيلاً مادام هو في المقدمات القريبة هو سبب ذلك هذا المقدار يستفاد من ﴿ والرجز فاهجر ﴾ أما أكثر من هذا فلا يستفاد ، أن مطلق المنافع حتى لو يوقي بيئة ما يشترط فيه الطهارة عن بيئة العمل فلا مثل رواية الصيقل التي مرت بنا وهي معتبرة عندنا فهذا لا يستفاد من قوله تعالى ﴿ والرجز فاهجر ﴾.

وـأيضاً استدل بالآية الثالثة:- وهي قوله تعالى:- ﴿ ويحرم عليهم الخبائث ﴾ ، فخباثة الخبث في أكله وشربه ولكن هذا القبيل التعاطي به ، أو افترض خبث في الرائحة فالمهم خباثة في جهة معينة ، فنفس هذه الخبائث في كل جهة هي خبيثة هو أوّل الكلام فالترحيم والمنع منها هو في الجهة البرزة المعهودة منها لا في كل الجهات ، والكلام هو الكلام سواء في أعيان النجسات فضلاً عن المتنجسات.

وقد استدل برواية تحف العقول التي قالت في بيع وجوه النجس:- ( ذلك كله محرم أكله وشربه وامساكه وجميع التقلب فيه فجميع التقلب في ذلك حرام ) ، فهذا نصّ في رواية تحف العقول على أنَّ كل الانتفاعات مغير جائزة.

والجواب:- إنَّ نفس رواية تحف العقول موجود فيها ( إذا كان شيئاً فيه من وجوه الفساد ووجوه المنافع المباحة وبيع لأجل وجوه المنافع المباحة فهو حلال ) فهل نأخذ بهذا المقطع أو نأخذ بذاك المقطع أو قل هذا المقطع مفسّر لذاك المقطع فإنَّ المراد من جميع التقلب فيه يعني التقلب فيه من جهات الحرام وإلا التفصيل في الرواية بين ما كان ذو لونين وما كان ذو لون واحد واضح في أن هذا تقابل يعني في بعض شرّ مثلاً سم أو ما شابه ذلك أو وجوده خطر بيئي والتخلص منه واعدامه لابد منه ولكن ليس كل النجاسات من هذا القبيل ، فإذاً نفس رواية تحف العقول فيها فقرات هي دالة على لتفصيل ، وهذا يدل على أنَّ الاطلاق هناك ليس المراد منه الاطلاق وإنما هو اطلاق في جهات المنافع أي تقلب من لمنافع البارزة الظاهر المحرمة هي لا تسوغ فهو بهذا المعنى.

أيضاً قد استدل بالروايات بإهراق الكثير من المائعات:- وهي الروايات الواردة في باب الأطعمة والأشربة من كتاب الوسائل الباب أربعة وأربعون والباب ثلاث وأربعون ، وطبعاً هذا الأمر بإلقائه كناية عن النجاسة سيما الكميات قليلة وما شابه ذلك وليست في صدد أنَّ المتنجس بمجرد أنه يتنجس صار وباءاً بيئياً يعدم في المفاوز البعيدة ويحفر له حفيرة مثلاً شيبيه بعض المواد الخطرة ، شبيه الميتة المتعفنة مثلاً التي تسبب ضرراً في البيئة فمن هذا القبيل لا نستفيد ، لذلك ذكرت لكم أنا نترجم فرض المسألة بعبارة عصرية هو بهذا المعنى ، يعني إذا كانت كل المنافع محرمة يعني كأنما هذه مادّة فساد الشارع يريد أن يعدمها من البيئة على أي حال وهذا لا يستفاد من أدلة حرمة النجاسات كلها هكذا ، فتعال اقتل كل الكلاب السائبة أو الخنازير فالأدلة لا يستفاد منه ذلك ، فعلى كل هذه الطائفة من الروايات أيضاً لا يمكن الاستفادة منها لنفس النكتة لأنها في صدد الأكل والشرب لا مطلقاً.

كما استدل على المنع بالاجماعات:- وصاحب الجواهر ومفتاح الكرامة قالوا في المتنجسات لا يوجد اجماع بل يوجد خلاف ، لكن في الأعيان النجسة يوجد اجماع مطبق.

ولكن هذ أوّل الكلام:- لأنَّ نفس ابن زهرة يخالف وجملة من القدماء يذكرهم الشيخ الانصاري وحتى السيد المرتضى في بعض الانتفاعات ، ثم إنّ السيد المرتضى أيضاً في بعض الانتفاعات مما يدل على أن اطلاق كلامهم ثم حتى فتاوى الأقدمين هي مستندة إلى الأدلة التي هم صرحوا بها فالأدلة ليس نطاقها تحريم هذه النجاسات كمادة وباءٍ بيئي وإنما الجهات المحرمة من الانتفاعات هي حرام أما البقية فلا.

هذا جل الاستدلال ، والشيخ طبعاً يستشهد بكلمات الكثير من القدماء المنافع غير منصوصة الحلية سوّغوها ، فرجعوا تعبيرات الشيخ لأنَّ نقل الكلمات الأمر فيها سهل ، والسيد ابن زهرة أيضاً في الغنية ، يعني حتى عن خلاف الشيخ الطوسي أيضاً نقل.

 

على أية حال هذا الاستدلال نفسه الشيخ كثيراً ما يترصّد الكلمات وقد ذكرت لكم لأنه شبهة السيرة أو غير ذلك يحاول الشيخ يبعدها فيطيل في استعراض الكلمات والفتاوى أنه ليس هناك إجماع مسلّم ، ضافاً إلى رواية الصابون التي ذكرناها والتي هي في الدعائم ومروية في الأشعثيات ومروية في كتاب الراوندي يعني كمؤيد ومعاضد لنفس الفذلكة التي مرّت بنا.

ومن الآيات التي استدل بها ويه آية رابعة حرّم عيلكم الميتة والدم ولحكم الخنزير وما أهل به لغير الله وسابقاً ذكرنا مراراً أنَّ القدماء قالوا ﴿ حرم عليكم الميتة ﴾ لا يستفيدون منها حرمة واحدة وإنما يستفيدون منها عدة حرمات ، حرمة بيعها حرمة أكلها وحرمة بيعها وحرمة لمسها بلحاظ الصلاة يعني تقريباً العلامة الحلي في منتهى المطلب ذكر أنَّ القدماء يستنبطون من ﴿ حرم عليكم الميتة ﴾ خمسة أحكام مختلفة متعددة بعضها وضعي وبعضها تكليفي وهذا ليس من استعمال اللفظ في اكثر من معنى كما نبه لذلك الشيخ الأنصاري تبعاً لقاعدة بلاغية ، وما هي القاعدة البلاغية فإنَّ ﴿ حرم عليكم الميتة ﴾ جملة واحدة ، فهذا فعل اسند إلى الميتة ، فالميتة هنا ناب فاعل فلماذا هي أكثر من استعمال ؟ قالوا إنه في علم البلاغة هنا يقدّر ، فحرّم عليكم الميتة يعني حرم أكل الميتة وحرّم لبس الميتة وحرّم بيع الميتة فإذاً هذه جمل وليست جملة واحدة ، صحيح أن التركيب جملة واحدة ولكن المقدّر عدة أمور خمسة أو ستة ، فلاحظ استنباط الفقهاء من جملة واحدة ، لذلك دائماً لابد من الاصرار والتأكيد على هذا المنهج وهو أنَّ روايات أهل البيت عليهم السلام الواردة في تفسير القرآن الكريم مشهور مفسري الخاصة أو غير المفسرين يحملون هذه الروايات على التأويل ، يعني عدة معاني للجملة الواحدة تذكر الروايات والظهور لا يتحمل أزيد من معنىً واحد أليس هذا هو المعروف ، فإذا كان لا يتحمل أزيد من واحد ، فهذه هي بطون الآية وليست الروايات تعالج ظهور الآية ، وهذه النظرة وهذا المنهج حول الروايات الواردة في تفسير الآيات الكريمة هذه النظرة محل خدشة ، وأنا شخصياً لم أجد مورداً واحداً الروايات لا تعالج الظهور ، أو تعطي معنى من الباطن مثلاً ليس له صلة ومعالجة من الظاهر فأنا شخصياً غلى الآن لم أجد ذلك ، أما أنها كيف هي سيرة متفشية عند علماء الامامية ولا أقول الكل بل الأكثر في التفسير وفي الفقه وهذا سبَّب أنَّ النظرة لروايات تصير أنها معنىً من المعاني ، تعبّداً تؤخذ كمعنىً من المعاني وبطن من البطون أما ظاهر الآية فنرجع إلى اقوال اللغويين فقط أو أقوال المفسرين الآخرين الذين يعالجون الظاهر كالسدي وغيره ، ولا مانع من أن تراجع والأئمة عليهم السلام لا توجد عندهم حساسية حينما تراجع الاخرين ولكن الكلام هو أنَّ كلام الأئمة في الروايات لا يعالج الظاهر فها عجيب ، فلاحظ الآن نفس القضية الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم هم انفسهم المشهور عندهم أن ﴿ حرم عليكم الميتة ﴾ جمل واحدة استفادوا منها خمس جمل فراجعوا المنتهى للعلامة الحلّي في بحث نجاسة الميتة فلاحظوا دليل المشهور في نجاسة الميتة ما هو ، فالعلامة الحلي يستدل في المنتهى ويذكره ويستفاد منه كذا وكذا فإذاً من جملة واحدة بهذا التقريب البلاغي هي خمس جمل وليست جملة واحدة ، حينئذٍ إذا أتت رواية في الآن ليس في المعارف بل في آيات المعارف أو في آيات الأخلاق أو آيات التاريخ أو آيات أخرى واعطتك من الآية الواحد خمس معاني عيدة ومتباينة ، فنعم طبعاً هذا موجود ، فبطلان البيع مباين لنجاسة الميتة ونجاسة الميتة وضعي وبطلان لبيع وضعي ولكنهما متباينان ، أيضاً الصلاة في الميتة باطل لا من جهة النجاسة فقط بل حتى من جهة المانعية ، أو لمس الميتة يلوث اليد ، أو شرب المتنجس بالميتة ممنوع عنه ، فنستفيد جملة متعددة من الأحكام كلّها من جملة واحدة ولا مانع ، لذلك فهي جملة واحدة صورة ولكن حينما تقدر تظهر عندك خمس جمل أو ستة وفنون أخرى من آليات البلاغة ما المانع في ذلك بل يمكن الاستفادة منها ، نفس ( حرّم ) وهي كلمة واحدة استفيد عدة معني ، سيما عند متأخري هذا العصر أنَّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى بابه واسع وموجود ، فعلى كل هذه فائدة معترضة اردنا ذكرها.

والأن مرّت بنا أيضاً ( كل شيء لك حلال ) و ( كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه نجس ) ، كان الكثير من العلماء والفقهاء يستدلون بها فقط أصل عملي أصالة الح أو أصالة الطهارة ولكن النراقي استفاد منها ثلاث قواعد ، قاعدة اجتهادية فالأصل الولي في الأشياء كلّها الحلية والأصل في الأشياء كلها هو الطهارة أو قل الاستصحاب ثم ( كل شيء لك حلال ) استفاد منه دليلاً اجتهادياً ، بعد ذلك كلمة ( حتى ) التي هي كلمة واحدة استفاد منها قاعدة ، والنراقي ليس متساهلاً بل يعتبر من المدققين والمحققين في الاستنباط فهو استفاد من لفظة ( حتى ) قعدة ، وقد مرّ بنا في المستند أنه يذهب إلى استحباب الشهادة الثالثة وينص على استحباب الشهادة الثالثة في التشهد في الصلاة تبعاً لأستاذه صاحب الحدائق وهو أيضاً تلميذ الوحيد البهبهاني ، فهو يستدل من كلمة ( حتى ) الاستصحاب ومن كلمة ( تعلم أنه نجس ) أو ( حرام بعينه ) يستفيد منه أصالة الطهارة أو أصالة الحل ، ووافقه على ذلك صاحب الكفاية ووافقه على ذلك العراقي وأكثر من أتى بعده وافقه عليه ، فمن كلمة واحدة يستفيد جملة وهل أحد قال إن هذا من باب التأويل ؟ كلا بل النراقي آخذ في معالجة الظاهر ، فلماذا حينما تأتينا روايات في آيات عديدة في العارف من كلمة واحدة تستفيد معنى ومن كلمة ثانية تستفيد معنى آخر ولكنك تقول هذا من باب التأويل ؟!! ، لماذا لا نعنّي أنفسنا أن نحلل التركيب البلاغي أو الأدبي التي تذكره الرواية ، هذه فائدة معترضة ولكنها منهم في الروايات الواردة في التفسير ، أكثر الأعلام عطر الله مراقدهم ونحن ننتهل من جهودهم ولكن لا يمنع ذلك أن نناقش علمياً مع حفظ الاحترام والقدسية للكل ولكن البحث العلمي له شأن آخر أي من جهة النقض والابرام ، أنه هذه الروايات ليست تأويلية وإنما هي أصلاً تعالج الظاهر ، ومن الحيف أن لا نستفيد من هذه الطاقة الوحيانية الموجودة في العِدل الآخر لتفسير القرآن ولا نجعله هو الأوّل والمهمين في حين نطلع على الأقوال الأخرى فهذا لا يمانع منهج الوحي ومنهج أهل البيت ﴿ الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ﴾ يعني كلّ قول ولكن بعد ذلك اتبع أحسنه أي الموزون .

نعود:- فالآية الكريمة ، أصلاً من باب ولماذا نذكر محل شاهد فقهائي مسلّم لمباحث أخرى تنفعنا ، كما مرّ بنا أنه الأدلة الخاصة في المكاسب المحرّمة استفاد منها الفقهاء أنها ليست خاصة أصلاً ، سبع أو ثمان مسائل وذات شقوق عديدة ليس خاصة وإنما تفيد نفس العمومات والعمومات محكمة عليها لا هي وقد قلنا هذه ظاهرة فقهية مهمة نستفيد منها أنَّ جملة من الموارد العمومات تحكّم على الخصوصات ، وهذه نكتة صناعية ، فالمقصود من الموارد الملحمية عند الفقهاء الإنسان يستفيد مذاق وممشى الفقهاء كيف هو حتى يلتفت إلى أنَّ هذه المنهجية هي صيلة.

نعود:- ففي قوله تعالى ﴿ حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ﴾ غاية ما ذكره الفقهاء القدماء أو من جاء بعدهم هو أنهم قالوا نقدر خمسة أحكام أو ستة ، لا أنه مطلق المنافع وأن الميتة وباء بيئي يباد بادة تامة ، فهذه الاستفادة لم يستفدها الفقهاء - وهو أنَّ كل المنافع المحرّمة -.

فإذاً الاستدلال أيضاً بهذه الآية الكريمة بإطلاقها محلّ تأمل ، فإنها ليس فيها اطلاق بل فيها أفعال مقدرة معروفة فنعم يستدل بها ، هذه جملة الروايات والآيات أو القواعد التي ربما يستدل بها ، والطيف أنه عندنا شعر الخنزير ورد أنه تستعمله حبل لاستقاء الزرع ، وقد أفتى به الفقهاء ، وطبعاً هذه موارد منصوصة خاصة ولكن اتفاقاً الراوي استعمله وجاء يسأل عنه.

فالصحيح أنَّ هذه الأدلة الواردة في المنع عن الانتفاع بأعيان النجاسة أو المتنجسات يعني فيما اشترط فيه الطهارة ، أما أن كل المنافع محرمة ولا مالية لها ولا سوغ بقية المنافع والبيع بلحاظ بقية المنافع فهذا مما لا يمكن استفادته من الأدلة الشريفة ، وإن أصرّ على ذلك صاحب الكفاية.

هذا تمام الكلام في النوع الأوّل من المكاسب المحرمة وهي ربما كانت ثمان مسائل وهي بيع الأعيان النجسة أو المتنجسات.

والآن يدخل الشيخ الأنصاري في النوع الثاني ، ونحن نعنون ونواصل فيما بعد:- النوع الثاني عبّر عنه الشيخ الأنصاري ليس أعيان النجاسات أو المتنجسات ، وإنما ما يحرم التكسب به لحرمة ما يقصد به لا لأجل النجاسة او التنجس وإنما ما يقصد به مثل آلات القمار وآلات اللهو أو المغنية أو المغني فهذا ليس بحث النجاسات ولأعيان النجاسة ، وإنما ما يقصد من هذه الأعيان يقصد منافع محرّمة فلا يسوغ البيع والمعاملة حولها وهذه المسائل التي ستأتي فيها أبعاد كثيرة مرتبطة بأمثلة عصرية جديدة من اللطيف الالتفات إليها ، ويمكن أن يقال هي مرتبطة بالفقه السياسي أيضاً ، يعني البعد الاجتماعي في هذه المسائل.


[1] المقصود من الميسر القمار.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo