< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:بيع الدهن المتنجس:-

كنا في صدد استعراض ما استدل به الشيخ الأنصاري على ولاً الحلّية التي استدل بها الشيخ الأنصاري ما الدليل على حلّية الانتفاعات ، طبعاً الحلية يمكن أن يستدل الانسان بالبراءة أو يستدل البراءة يعبرون عنها هنا بالبراءة الأصلية ، وهل توجد أصلية وغير أصلية ؟ نعم مقصودهم من البراءة الأصلية يعني حكم بعدم التحريم قبل بعثة سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم ، يعني الحكم قبل بعثة سيد الرسل لم يكن إلزاماً فيستصحب هذا عدم الالزام أو يبقى فيعبر عنه بالبراءة الأصلية مَيزاً له عن البراءة الأخرى التي تجري في الشبهات الحكمية مثلاً في شقوق وفي مسائل أخرى في الشبهة الحكمية أو الشبهة الموضوعية بالبراءة الشرعية أو البراءة العقلية ، فالمهم أن الحلية يمكن اثباتها بهذا ولكن من ضمن الآيات أو الأدلة التي اتند إليها الفقهاء هي قوله تعالى ﴿ وخلق لكم ما في الأرض جميعاً ﴾[1] فـ ( خلق ) جملة خبرية يعني هل استعملت في الإنشاء يعني أباح لكم ما في الأرض جميعاً ؟ كلا بل هذه جملة خبرية ، في موارد عديدة في الآيات الكريمة أو في الروايات يرد الدليل على الغاية التكوينية للإرادة التكوينية لله تعالى ، مثل ﴿ وجعل بينكم مودة ورحمة ﴾ أو ﴿ هنَّ لباس لكم وأنتم لباس لهن ﴾ مثل هذه إخبارات تكوينية ، هذه الآيات وإن كانت في صدد بيان غايات الخلقة الإلهية إلا أنَّ الفقهاء استفادوا منها احكاماً تشريعية ، ﴿ لتسكنوا إليها ﴾ إذاً السكينة وغيرها فهذه كلها إخبارات تكوينية عن حكم وغايات تكوينية من الله عز وجل ، مع ذلك الفقهاء استفادوا منها أحكاماً تشريعية ، وموارد عديدة من هذا القبيل ، مثلاً ﴿ كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ﴾ استئثار طبقي فاحش ، صحيح الاسلام ليس كالشيوعية يقول لا توجد طبقات وكلّها طبقة واحدة ، فالاسلام لا يقرّ بهذا الشيء ، فقد يكون انسان عنده جهد والآخر عنده جهد وشخص نشيط والآخر كسول فاصل الطبقية لا ينفيها الاسلام ولكن احتكار طبقة ثرية للأموال هذا ينبذه الاسلام كما في آية الفيء ﴿ كي لا يكون دولة بين الأغنياء ﴾ ، والفيء يعني غالب الأموال ، الآن وضع الغرب والنظام الغربي عموماً وبإحصائيات من الأمم المتحدة يعين قريب تسعين بالمائة من ثروات كل دولة - الآن تنقص أرقاما أو تزيد ولكن هذه الاحصائيات موجودة - تسعين بالمائة من الثروة ليس بيد عشر بالمائة بل بيد أقل من عشرة بالمائة من الشعب ، وهذه الاحصائيات ربما صار لها ثلاثين أو أربعين سنة إلى الآن يوماً بعد يوم التفاوت الطبقي الفاحش يزداد وهذا يؤدي إلى انفجار.

فالمقصود أنَّ الاسلام كدين كتشريع والفقهاء جاءوا وشرعوا واستفادوا من نفس هذه الآية الكريمة مع أنها آية تكوينية وليست تشريعية ، ﴿ كي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم ﴾ ، مع أنه قد يكون ﴿ كي لا يكون دولة ﴾ قد يكون حكمة تشريع ليس ما نحن فيه ولكن المقصود يعني عدم التفاوت الطبقي الفاحش هذا غرض تكوين للشارع ، والسؤال يقع هنا وهو أنه هناك جملة من الآيات في صدد الاخبار التكويني كيف استفاد الفقهاء تشريعات ؟

فتارة الجملة الخبرية كناية عن جملة انشائية فهذا مقبول فهي في الحقيقة لبّاً صورة الاستعمال جملة خبرية ولكن المراد الجدي أو التفهيمي جملة إنشائية فبالتالي تصير جملة إنائية فهي تشريعية إذاً ، لكن الفرض أنه في جملة غفيرة من الآيات المفاد التكويني حتى المفاد الجدي تكويني فمن أين استفاد منها الفقهاء أمر تشريعي وكيف ؟ وهذا محل ثمرة ، وعلى ضوء هذا الآيات حصرها بعدد خمسمائة هذا لابد أن يحمل هذا التعبير على الآيات التي مفادها إنشائي الآن استعمالاً أو تفهيما أو جداً إنشائي ، أما الآيات التي ليست مفادها إنشاي لا الاستعمالي ولا التفهيمي ولا الجدّي ومع ذلك استفاد منها الفقهاء التشريع فهذه ليست خمسمائة آية بل ربما يصير أكثر آيات القرآن بحسب نباهة الفقهاء يمكن أن يستفاد منها أحكام تشريعية لا فقط خمسمائة ، الخمسمائة ما كان مفادها المطابقي مثلاً إنشائي تشريعية.

وقبل أن نشرح مبنى الفقهاء:-

في نفس هذه الظاهرة التي لدى الفقهاء لا أنهم استفادوا منها أموراً تشريعية فقط وإنما استفادوا منها شيئاً خطر ، وهو أنهم استفادوا من الآيات التكوينية يعني التي مفادها اموراً تكوينية فهم استفادوا منها أصول التشريع لا التشريع فقط بل استفادوا منها أسس التشريع يعني استفادوا منها أنها تشريعات دستورية لأبواب الدين ، فهم استفادوا منها أنَّ هذه التشريعات محكمة مهيمنة على بقية التشريعات ، فصارت هذه ظاهرة اقوى بحيث يحددون اطلاقات التشريعات أو قوالب التشريعات بها ، مثلاً السيد اليزدي وجماعة آخرين يقول لا يجوز اعطاء الخمس لسيد فقير بحيث تجعله ثري من الأثرياء المليارديرية وبقية السادة فقراء ، وبأي دليل تقول هذا لا يجوز ؟ يقول إنَّ سهم السادة يسدّ حاجة الفقراء السادة من بني هاشم أعزهم الله وأكرمهم وهذا يتنافى مع الغرض ، فجعل الحكمة مهيمنة ، كذلك في الزكاة السيد اليزدي في العروة يستشكل أن تعطيها للفقير غير السيد بشكلٍ تجعله من الأثرياء ، أما أنه ثري بمعنى متمِّول فهذا لا إشكال فيه ، أما أنك تجعله من الأثرياء المليارديرية وبقية الفقراء متقعين محرومين فهذا ليس بصحيح ، فمن هذا القبيل إذاً الفقهاء جعلوا هذه المفادات التكونية في الروايات والآيات أسساً للتشريع حاكمة على الاطلاق ، وإلا الاطلاق ﴿ إنما الصدقات للفقراء ﴾ ، والفقراء عموم استغراق بلغ ما بلغ ، فيقول كلا ، بل الموارد الأخرى التعديل أو الظاهر التي أتت من الشارع تصير حاكمة على الاطلاقات وتبيّن الاطلاقات والذي يعبّر عنه فقهاء الشيعة كثيراً ما بروح الشريعة أو مذاق الشريعة أو مذاق الدين ، ومقصودهم هو هذا ، ومن أين اصطادوا روح الشريعة أو وقفوا عليها ؟ من خلال هذه الأغراض التكوينية المذكورة في الآيات والروايات فإذا هم جعلوها أسساً للتشريع ، وأسس يعني محكمات دستورية مهيمنة على البقية وهذه ميزة أكبر من أصل التشريع ، فتارة تسميه تشريعاً في عرض بقية التشريعات فهذا امرٌ ، أما أنه يستفاد منها أنها حاكمة ومهيمنة على بقية التشريعات فهذا شيء مهم وكبير فمن اين استفادوا الفقهاء هذا المطلب ؟

والشهيد الصدر في اقتصادنا ينقل عن الشيخ الطوسي مثلاً في المباحات أفرض أنَّ ثرياً من الأثرياء يستولي على كل سمك النهر ويمنع الفرص عن البقية فهنا لا يجوز ، أو ثري من الأثرياء يمكنه أن يحيي الموات لأنه توجد عنده إمكانيات كبيرة بحيث يطبق ويحوز كل أراضي البلاد أو مساحات ضخمة فهنا ينقل السيد الشهيد عن الشيخ الطوسي بأنه لا يجوز ، ويوجد تعليل أو حكمة تكوينية وهو ﴿ وخلق لكم ما في الأرض جميعاً ﴾ أنه هذه المنابع والمنافع سواسية الكل يلزم أن ينتفع منها فإذا صار احتكار ، يعني حتى الشهيد الصدر رحمة الله عليه في اقتصادنا واقتصادي يعني أنه يريد أن يقول المذهب الاقتصادي للإسلام ، ومذهب يقصد به طابع المنظومة رأسمالي أو شيوعي أو متعادل متوازن ، ومن أين استفاده ؟ ، ونقل عن كبار الفقهاء استفادة من نفس هذه الظواهر التكوينية الموجودة في الآيات والروايات حكّمها الفقهاء على اطلاقات التشريع وإلا يتمسّك إنسان بـ( من حاز ملك ) بلغ ما بلغ ، وعلى هذا سوف يتقدم الأثرياء على الفقراء والمتوسطين ، ومن هذا القبيل فعلل وتفعلل الكثير .

فهذه الظاهرة من أين استفادها الفقهاء ، أوّلاً هذه الخطوة الأولى وهي أنه كيف يستفاد من الآيات التي هي في صدد إخبار تكويني كيف يستفاد منها اموراً تشريعية ، والخطوة الثانية لماذا هذه التشريعات جعلت أسس التشريع وأسس يعني موازين فوقية دستورية تحكّم على القوانين الأخرى كأنها قوانين برلمانية أو وزارية ، فدائماً الدستور عنده أي قوانين تُحكَّم على منظومة القوانين هل القوانين البرلمانية أو الوزارية أو الادارية أو البلدية ؟ كلا ، بل التحكم للقوانين الدستورية ، يعني هي مهيمنة ، يعني حتى نفس منظومة القوانين فيها حاكم ومحكوم ، فإذا أردنا بقول مطلق الحاكم هو القوانين الدستورية ، ومن المهم للفقيه في أي باب من الأبواب يشخص طبقات التشريع الوارد عن الشارع حتى يحّكم الأعلى على الأسفل ، مثل هذه التعبيرات لصاحب الجواهر مذاق الفقه وروح الشريعة فهذا هو مقصوده ، يعني كأنما بقية طبقات قوانين الشريعة جسد وعظام أما أصل حياة منظومية قوانين الشريعة هي بتلك القوانين الفوقية يسميها روح الشرعية ومذاق الشريعة وهذه منهجية مهمة يسمونها بالعلم الاكاديمي الآن ولو أنه علم حديث في العلوم الأكاديمية وإلى الآن لم ينضح باعترافهم يعبرون عنه بأصول القانون ، وأصول القانون يعني تشخيص القوانين الدستورية والمهيمنة على ما دونها ، وطبعاً هي نسبية فكما أنَّ القوانين الدستورية هي الحاكم المطلق كذلك القوانين البرلمانية حاكم متوسط على ما دونها وهي القوانين الوزارية والقانين الوزارية حاكم دون المتوسط على ما أسفل فأسفل من القوانين كالقوانين البلدية.إذاً طبقات القانون وهذا علم مهم وحياة القانون وحياة افلقه بتشخيصها ، الآن هذا النظام القانوني يدخل تحت ضوابط العام والخاص أو المطلق والمقيد أو الحكومة والورود فتحت أي شيء يدخل ، وعلى كلٍّ نحن عالجناه في علم الأصول ، وذكرنا أنَّ مشهور الأصوليين والفقهاء عالجوه أو صاغوه وقولبوه تحت عنوان غير هذه العناوين التي ذكرتها الآن وإنما صاغوه تحت عنوان المبادئ الأحكامية فعادة في علم الأصول يعبرون عنه بالمبادئ الأحكامية ، والمقصود من المبدأ يعني أساس وأصل بمعنى ترادف لغوي ، مبادئ حكامية يعني أسس القانون فيلزم أن تشخص الأسس عن غير الأسس فالأصوليون عموماً والفقهاء ملتفتون ارتكازاً لهذا المبحث ولهذا العلم ولكنه غير العناوين المعهود في ذهننا عام وخاص ومطلق ومقيد وحاكم ومحكوم وحكومة وورود أو بحث المفاهيم أو غيره ، وإنما هذا داخل في المبادئ الحكامية في صاول القانون ، فإذاً هذا المبحث مهم فأصول القانون ليست خاصة بعلم أصول الفقه بل حتى في الفقه فالفقه أيضاً فيه أصول قانون وأصول قانون يعني ماذا ؟ يعني طبيعة قوانين الفقه طبقات ، هذه ظاهرة الطبقات يلزم أن نلتفت إليها ، وهذه في الحقيقة طفرة جديدة في علم الفقه وعلم الأصول إذا أمكن إنجاز جهود في هذا المجال يشهد علم الفقه وعلم الأصول وحتى العلوم الدينية عموماً تشهد طفرة ونهضة عجيبة غريبة في تخيلي القاصر لم يشهدها يعني إذا ساهم هذا الجيل في هذا المطلب وينجز فيه شيء كثير تصير طفرة غير الطفرات السابقة جداً ، مدرسة فقه المقاصد أو روح الشريعة أو أصول القانون هذه مدارس تحوم حول هذا البحث نفسه وهو طبقات القانون.

الان لنعد إلى الخطوة الأولى:-

وهي أنه كيف استفاد الفقهاء من الآيات الواردة في التكوين استفادوا منها التشريع ؟ والخطوة الثانية كيف استفادوا أسس التشريع وهذا مبحث أعقد وأصعب ؟

أما الخطوة الأولى ففي الحقيقة في علم أصول الفقه أشار بعض روّاد المحققين هكذا ( كل ما حكم به العقل حكم به الشرع ) ، والعقل حينما يحكم بشيء فعادة القعل هل يدرك التكوينيات أو يدرك ماذا ؟ بالقدم العقل عادة يدرك التكوينيات ، مثلاً حتى لو قلنا الكذب قبيح لأنه يدرك نقصاً في الكذب فيقول هو قبيح لا أنَّ الذم يختلف عن النقص فإنَّ الذم منشؤه النقص ، أو حينما يقول الصدق حسن ، أو العدل حسن ليس فقط هو يمدح فهل رأيت مادحاً من دون كمال ؟ ، وهل المدح يتحقق بنقص أو أنه يتحقق بكمال ؟ فإذا كان كمالاً فسوف يرجع إلى التكوين ، فأحكام العقل سواء العقل العملي فضلاً عن العقل النظري هي تكوينيات ، إذاً كل ما حكم به العقل حكم به الشرع يعني بالدقة نستطيع أن نبدّل هذا القاعدة المعروفة بتطابق التكوين مع التشريع ، العقل يعني التكوين و ( حكم به الشرع ) يعني تشريع ، فإذاً ( كل ما حكم به العقل حكم به الشرع ) بعض روّاد المحققين من الأصوليين ونعم ما أبدعوا في تفسير وبيان هذا الشيء أو بعض متكلّمي الامامية من الروّاد أيضاً هكذا غاصوا في هذا المبحث ، فكل ما حكم به العقل يعني تكوين ، فإذاً نظام التكوين إذا اكتشفناه وسيما إذا كان الكاشف لنا ليس هو العقل وإنما هو الوحي ﴿ وجعل بينكم مودة ورحمة ﴾ يعني الزوجية قائمة على المودة ، ﴿ لتسكنوا إليها ﴾ والآية التي قبلها ﴿ ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ﴾ السكينة ﴿ هن لباس لكم وانتم لباس لهن ﴾ ، فجملة من التشريعات استفاد منها الفقهاء ، فقالوا كل واحد من الطرفين أيّ شيء يريد أن يصنعه مع الآخر فهو له ، وهذا قد استفادوه من نفس الآية ، ﴿ هن لباس لكم ﴾ يعني التستر على حاجتها في هذا الجانب وهي تتستر على حاجتك في هذا الجانب ، استفاد الفقهاء ذلك من هذه الآية الكريمة ، ومن هذا القبيل كثير من الأمور ، كجواز النظر كل منهما إلى الآخر حتى هذا استفادوه من هذه الآية الكريمة.

إذاً إذا كان التكوين يكشف عنه الشرع فأعِظم وأعظِم ، لأنَّ العقل البشري محدود في اكتشافه للتكوين ، فإذا كان كل ماحكم به العقل أي أدركه العقل حكم به الشرع يعني تطابق التكوين والتشريع فكيف إذا كسف التكوين بتوسط الوحي فهذا أوسع إدراكاً فإن الوحي يدرك ما لا يدركه العقل البشري ، فإذاً هذا وجه ، إذاً الآيات التكوينية بالدقة يجري فيها قاعدة الملازمة نستبل قاعدة الملازمة كل ما حكم به العقل أو أننا نستطيع أن نستعيض عنها بعنوان أعم وهو تطابق الارادة التكوينية ، أو قل التكوين مع التشريع.ولذلك من البحوث المهمة التي بحث فيها فلاسفة الشيعة ومفكريهم حتى غير الشيعة إلى حدّ ما أنَّ تشريعات الله في الدين لا تتناقض مع الطبائع التكوينية ن ولماذا بحثوا هذا البحث ؟ واضح أنه شيء مسلّم أنَّ التشريع يلزم أن يتناغم مع التكوين لا أنه يتناقض ويتدافع ، ولذلك هم والعياذ بالله هذا النظام الآخر الاباحي او المادي أخزاهم الله يريدون أن يثبتون أنَّ اللواط أو السّحاق هو غريزة طبيعية ، وطبعاً هذه دعوى كاذبة ، فهم يقولون إنَّ الفسلجة التكوينية هي هذه ، وهذا كذب ، الخنثى ليس سوي الخلقة ، هي معوجّة ، الخنثى هو ليس سوي الخلقة ، فسوي الخلقة ليس خنثى ، فالخنثى ليس مثلياً أو لوطياً أو سحاقياً ، فاللوطية والسحاقية ليست طبيعة سوية ، ولماذا هم يبحثون هذا المطلب ؟ لأنه حتى يعرفون ما هي الطبيعة التكوينية كي يطابقها التشريع .فإذاً الدليل الأوّل لتبديل الآيات التكوينية إلى آيات تشريعية هي قاعدة الملازمة.

الدليل الثاني عند الفقهاء والأصوليين أيضاً:-

هو أنَّ الارادات التشريعية فإنَّ التشريع خلفه ووراءه إرادات تشريعية هذه الارادات التشريعية هي في صدد الوصول إلى الكمال التكويني وهذا واضح ، بناءً على مذهب العدلية أنَّ الأحكام تروم إلى الغايات فلا بد أن تطابق ، فهذا وجه آخر ذكروه ، وهناك وجوه أخرى أكثر ذكروها في علم الأصول وعلم الكلام على لزوم تطابق الارادة التشريعية للتشريع مع الارادة التكوينية لله تعالى ، فتوجد أدلة كثيرة أخرى ، حتى النائيني تعرض إلى هذا المبحث في دورته الأصولية تطابق الارادة التشريعية مع الارادة التكوينية وهذا بحثه الكثير من الأصوليين في موارد عديدة وبوجوه عديدة هذ اجمال الخطوة الأولى وهو أنه كيف استفاد الفقهاء من الآيات التكوينية في القرآن الكريم أو الروايات المعتبرة الوحيانية استفادوا التشريع.

أما الخطة الثانية:-

وهي صعبة ، وهي أنهم من أين استفادوا أن هذا من أسس التشريع وهو مهيمن وحاكم ؟ وهذا أخطر من الخطوة الأولى وإن كان يتوقف على الخطوة الأولى .استفاده الفقهاء أو المتكلمون أيضاً بأنَّ بدء الأمور التكوينية دوماً هي غايات للتشريع ، يعني أنَّ الارادة التشريعية دائماً تنطوي على غايات تكوينية ، فالتكوين هو الغاية النهائية ، فالكمال التكويني هو الغاية النهائية ، فإذاً هكذا العلاقة بين التشريع والتكوين أنه هذه الغاية والغاية فواضح أن الغاية تحكم وتتحّكم في الوسيلة أو في المقدمة أو في ذي الغاية ما شئت فعبر ، أنت تريد سفر زيارة أو سفر اقامة أو سفر حاجة سريعة ، فلاحظ أنَّ الغاية من السفر تتحكّم في الوسيلة وفي نمط السفر وفي غير ذلك وهذا من باب المثال وهلم جرا ، فإذاً الغايات أساس يتحكّم في المقدمة أو في الوسيلة أو في ذي الغاية ، فإجمالاً هذا هو البيا ، وهذا مبحث مهم ، فعلى كلٍّ إجمالاً هو هذا.

فالدليل الأول الذي استند إليه الشيخ غير البراءة والبراءة الأصلية وما شابه ذلك وغير الحل - ( كل شيء لك حلال ) - استفاد منها النراقي دليلاً اجتهادياً وليس أصلاً عملياً – أي ليس أصالة الحل - بلحاظ صدر الجملة ووافقه عليه الكثير من الأعلام ، فهذه مجمل الأدلة الدالة على أنَّ الانتفاعات غير المنصوصة بالخصوص في أعيان النجاسات أو في المتنجّسات جائز.

والآن يريد الشيخ أن يعالج الأدلة التي تمسّك بها للمانع ، ونحن استعرضناها إجمالاً ، ولكن ندخل فيها تفصيلاً دليلاً دليلاً آية آية ورواية رواية ، واجمالاً المحصّل كما سنرى إن شاء الله تعالى أنه في غير المحرّمات المنصوصة ، يعني مرّ بنا أنه غلق باب الانتفاعات بقولٍ مطلق في أعيان النجاسات أو المتنجّسات شبيه بما مرّ بنا وهو النفايات النووية ، يعني نوع من إزالتها عن البيئة وابعادها عن البيئة بقول مطلق ، فترجمتها القانونية العصرية هذا معناه ، في قبال أنه دعها تبقى في البيئة ، خنازير موجودة وكلاب موجودة والشارع يريد أن يرفع كل الخنازير من وجه الأرض وكذلك الكلاب أو غير ذلك أو أيّ شيء ومن هذا القبيل ، مثل مادّة الفساد هل تزال بالمرّة أو أي شيء ؟ ، فالمشهور قد ينسب إليهم ولو كان يوجد اختلاف في السنبة كما مرت الاشارة إليه أن بقية المنافع غير المنصوصة بالخصوص على الحرمة الأصل فيها الحلّية ، نعم بمقدار أن تتلوث بيئة المكلف يؤدي إلى تلوث الأكل والشرب ولو بوسائط أو الصلاة فنعم هذه البيئة المحيطة بالمكلف بما يصبُّ في صلاته وأكله وشربه أو أثر رابع وخامس يشترط فيه الطهارة فنعم هو بهذا المقدار منفيّ كما مر في الأدلة ، أما أزيد من هذا يبقى على الحلّ ، وسنخوض في تفاصيل أدلة المانعين إن شاء الله تعالى.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo