< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بيع الخمر كل مسكر.

نستدرك مسألة بيع الميتة أو غير المذكى على من يستحل:- الآن كان كتابياً أو كافراً أو مخالفاً باعتبار أن هذه مسألة محل ابتلاء فلا بأس أن نذكر جملة من فتاوى السيد الخوئي ، ومرّ بنا أن النصوص الواردة في الجواز هي عدة نصوص المشهور لم يعملوا بها في مقابل قواعد باب المعاملات ، ومقابل عموم المنع عن بيع الميتة وتحريم الميتة ، إلا أنَّ السيد الخوئي في جملة من فتاواه في صراط النجاة أو غيره سؤال وجّه إليه يقول هل يجوز بيع ما لا يؤكل لحمه لمن يستحل أكل لحمه كبيع الأرنب للمخالف مثلاً ؟ والسيد الخوئي قال لا بأس في الفرض ، هنا لا بأس في الفرض ظاهر محل الفرض هو بيع الأرنب وليس بيع لحم الأرنب ، يعني السيد الخوئي يريد أن يفرّق بين لحم الأرنب بعد الذبح والصيد مثلاً أو نفس الأرنب قبل ذلك ، ففي هذا الفرض لا إشكال فيه ولو أنه الآن ربما المشتري يشتريه لأجل أن يأكله ، ولماذا يجوز ؟ يجوز لأنَّ الأرنب له مالية وماليته ليست منحصرة بالأكل ، بل توجد منافع محللة وتوجد منافع محرمة ، فبالنسبة إلى الأرنب ليس خصوص اللحم ، هو كمالية سوقية الأرنب ليست ماليته ناشئة حصراً من لحمه بل فروه أو غير ذلك ، وكلامنا ليس في السؤال فإن السؤال وقصد السائل شيء وقصد المتعاملين شيء والعرف السوقي شيء آخر لما مرّ بنا من أنَّ المالية تتبع العرف السوقي ولا تتبع القصود الخاصة ، افترض الجرّي وهو حي افترض أنَّ له منافع معينة منها محللة ومنها محرمة بينما هذا يأخذه لأجل الأكل ، وماليته الناشئة من غير الأكل كماليته الناشئة من الأكل هنا بيع ما لا يؤكل لحمه وهو حي لا إشكال هي أو حتى وهو غير حي ، إذا كنا نفترض ان هناك منافع محللة تساوي في مشايتها لمالية للمنافع المحرمة ، وسيأتي في بيع العنب على من يصنعه خمراً لا يحرم البيع إلا إذا انحصر العنب بالبائع ويعلم بأنَّ المشتري سيصنعه خمراً هنا لا يجوز أما إذا لم ينحصر بيع العنب بهذا البائع فهذا المشتري سواء هنا أو هناك هو يحصل عليه فهنا ليس من الاعانة على الاثم ، وإن كان بعض الفقهاء كالسيد الخميني لا يقبل بذلك وهذه الروايات لم يعمل بها ، ولكن المشهور شهرة عظيمة أنهم يفصّلون بحسب الروايات كما سيأتي أنه في البيع او المعاوضة لمن يريد أن يرتكب معصية إذا لم يكن حصرياً فهو سائغ إنما الاثم على المشتري وليس على البائع.

وهناك سؤال آخر وجه إلى السيد الخوئي:- وهو أنه هل يجوز بيع دم الانسان لإنسان آخر لغرض التداوي أو لا ؟

قال السيد الخوئي:- لا بأس ببيعه ، طبعاً لأنَّ الدم ماليته في هذه الموارد ليست منحصرة بالأكل بل ايضاً الانتفاع منه في جسم انسان آخر ربما هذه المالية إن لم تكن أزيد فهي ليست بأقل ، فالمالية ليست منحصرة بالمنافع المحرمة.

وهناك سؤال آخر وجه إلى السيد الخوئي:- وبيت القصيد سيأتي قليلاً قليلاً وتوجد فذلكة فتوائية لطيفة عند السيد الخوئي ، والسؤال هو أنه هل يجوز للمسلم أن يبيع لحم الخنزير مع كون المشتري كافراً حربياً أو ذمياً وهل يجوز بيع الطعام المتنجس كالخل المتنجس من دون اخبار المشتري مع كون المشتري مخالفاً أو كافراً ؟

هنا يقول السيد الخوئي:- لا يجوز التسبيب في أكل النجس أو المتنجس ولو كان الآكل كافراً.

فهذه أيضاً على القواعد التي مرت مع أن السيد الخوئي يبني على عدم تكليف الكفار بالفروع فهو قاعدة تكليف الكفار بالفروع لا يبني عليها ، مع ذلك هنا لا يجوّز لأنه في باب النجاسات والمتنجسات الذ استظهره السيد الخوئي موافقاً للمشهور أنه يحرم أكل النجس والمتنجّس ويحرم التسبيب لأكله وهذا غير قاعدة تكليف الكفار بالفروع وإنما هذا الحكم متوجه إلى نفس المسلم ولم متوجهاً للكافر ، يعني أيها المسلم أو أيها المؤمن لا تأكل النجس أو المتنجس ولا تسبب في أكله لأي احد من البشر.

وهنا سؤال آخر – وهذا كله ليس محل الشاهد ولكن تحوم حول ما نحن فيه -:- وهو أنه هل يحرم على صاحب مطعم في دولة كافرة - وطبعاً هذا الترقيم للمسألة هو 852 في صراط النجاة - هل يحرم على صاحب مطعم في دولة كافرة[1] بيع اللحم الذي لم يحرز تذكيته[2] أو غير المذكّى[3] وتقديمه لغير المسلمين للأكل بناءً على عدم كونهم مكلفين بالفروع كما هو المعروف من رأيكم الشريف ؟

قال السيد الخوئي:- أما بيع غير المذكّى فلا يجوز للمسلم ولا للكافر ، نعم[4] لا بأس بتقديمه للكافر لاستنقاذ مبلغ من المال منه[5] ، وأما ما لم يحرز تذكيته[6] فلا بأس ببيعه للكافر ، وأما المسلم فلا يجوز بعنوان الأكل.

وبعض تلاميذ السيد الخوئي وافقه أنه لا بأس مع الشك بتذكيتها من بيعه على الكافر والمخالف ، وبعضهم قيد مع إعلام المشتري.

وأصل هذه الفتوى من السيد الخوئي ما هي ؟

هنا أحد الوجوه التي ذكروها:- وأحد الوجوه نحن نقلنا عن بعض الأعلام الروايات في باب جواز بيع الميتة أو غير المذكى على من يستحلّ في الباب السابع من أبواب ما يكتسب به بعض الأعلام من الكبار من الطبقات المتقدمة فسّروا هذا من باب استنقاذ المال ، ومقصودهم من استنقاذ المال يعني ليس بيعاً حقيقياً ، إنما بيع صوري فإنَّ الميتة ليس لها مالية عند الشارع فبيعها سراب بقيعة ، فإنه ليس لها مالية عند الشارع إذا لم تكن لها منافع محللة ، فالبيع ليس حقيقياً ولا صحيح لكن هذا البيع الصوري يمكن أن ترجيه لأجل أن تستنقذ المال ، يبقى هذا الاشكال الذي توقفنا فيه سابقاً وهو أنه أنت سوف تسبب لأكل الحرام وهذا حرام أيضاً فلا يجوز ، فحتى البيع الصوري أيضاً لا يصح ، وإن فرّقنا أنَّ نفس استنقاذ المال لا اشكال فيه لكن تسبيبه حرام تكليفي ، وهذا البحث مرّ بنا ، ولكن حتى الحكم التكليفي يمكن التخلص منه لأنه إذا لم ينحصر أكل الميتة بنفس البائع فعند عدم الحصر الفقهاء يقولون هذا ليس من التسبيب المحرّم ، نعم توجد غضاضة لكن هذا بحث آخر ولكنه ليس من التسبيب المحرّم ، فمن جهة التسبيب الحرام ليس موجوداً في البين ، فهو طبعاً بيع صوري وليس بيعاً حقيقياً لأنَّ الشارع لا يعترف بماليته ، فيصير استنقاذ المال من الكافر في محلّه بالنسبة إلى الاخوة المؤمنين الذين يفتحون مطاعم في الغرب.

وماذا عن المخالف فإنَّ المخالف يستحل ذبيحة أهل الكتاب فهل يجوز البيع عليه ؟ البيع أيضاً كبيعٍ هو ليس بصحيح ، لأنَّ الميتة لا مالية لها عند الشارع فالبيع ليس حقيقياً ، وهل يصح البيع الصوري ؟ نعم يصح من باب الزموهم بما ألزموا به أنفسهم ، أو حتى في سوق المسلمين كالجرّي وغيره ، فبالتالي إذا لم يشتر منّي فسوف يشتري من غيري الآن توجد غضاضة فهذا بحث آخر ، والوالي يلزم أن يحول دون انتشار هذا فهذا بحث آخر ، ولكن كحكمٍ فردي فيوجد فرق بين الوظيفة الحكومية والوظيفة الفردية ، كوظيفة فردية يصير كبيع صوري أعطي المخالف الجرّي ومن هذا القبيل وهذا ليس تسبيباً للحرام ، والبيع صوري وليس حقيقي ، وآخذ المال منه من باب قاعدة الالزام ( ألزموهم بما الزموا به أنفسهم ) ، ففي الشق الأوّل الكافر هو من باب الاستنقاذ وهنا من باب قاعدة الالزام ، ولا يوجد تسبيب حرام تكليفي في حالة عدم الانحصار ، لذا فتاوى السيد الخوئي في محلّها وهذه الفذلكة فيها صحّة.

فإذاً يوجد تخريج لكلام السيد الخوئي ، ولو أنَّ السيد الخوئي لم يذكر الشق مع المخالف ، ولكن مع المخالف عندنا قاعدة الإلزام ، فإذاً هذه الروايات الواردة يمكن قبولها بهذا التوجيه الذي ذكره بعض المتقدمين ، هو قال من باب استنقاذ المال مع الكافر أو قاعدة الالزام مع المخالف بشرط أنه في صورة عدم انحصار هذه العين المحرّمة الأكل بالإنسان.

بقي أنَّ السيد الخوئي لماذا فرّق - وحتى بعض تلاميذه - بين معلوم الميتة ومشوك التذكية ففي مشكوك التذكية جوز البيع للكافر لا للمسلم فلماذا ؟ ، أما هذا الوجه الذي ذكرنا في الكافر أو المخالف لا يفرّق فيه بين ما علم عدم تذكيته وبين ما شك فيه بل هو يجري ، وهذا محل ابتلاء للتجار وأصحاب المطاعم وغيرهم ، وهذا مثمر وهو تخريج فذلكي ، لكن لماذا فرّق السيد الخوئي في البيع هناك جعل المعلوم عدم تذكيته البيع صوري أما في المشكوك تذكيته جعله بيعاً حقيقياً على الكافر لا على المسلم فما السبب في ذلك ؟

السبب في ذلك:- هو أنَّ السيد الخوئي يبني خلافاً للمشهور ووفقاً منه النراقي على التفرقة بين عنوان الميتة وعنوان غير المذكى ، في الأبواب الفقيهة فرّق السيد الخوئي بين عنوان الميتة وبين عنوان غير المذكى ، فالان أتي لك بلحم مشكوك فالسيد الخوئي يبني على أنه لا يجوز أكله ولكنه طاهر ، حتى السيد الخوئي ذكر أنه يجوز شرب المرق ، ولكن هذه الفتوى فيها إشكال صغروي ، فالمهم من جهة الطهارة يبني على الطهارة ولكن لا يجوز الأكل ولا يجوز الصلاة فيه ، ولماذا فرّق ؟ لأنه بنى على أنَّ الأكل أخذ في موضوعه ﴿ إلا ما ذكيتم ﴾ ، فعدم التذكية تثبت حرمة الأكل فإنَّ حرمة الأكل - وليس حرمة البيع - ليست خاصة بالميتة أما النجاسة فهي خاصة بالميتة ، فعلى مبنى السيد الخوئي لا يوجد عندنا دليل على أن غير المذكى نجس ، المانع في الصلاة ليس خصوص الميتة حتى غير المذكى ممنوع الصلاة فيه ، ففرق في الآثار فبعض الأبواب رتبة الآثار على غير المذكى ولعض الأبواب والآثار رتبت على الميتة ، هنا في المقام المشكوك تذكيته حرمة بيع الميتة رتّب على الميتة ولم يرتّب على غير المذكى فمع الشك في تذكيته يجوز بيعه ، ولكن فرّق بن الكافر والمسلم فإن الكافر حتى يأكلها لا تسبب أنت للحرام مع عدم الانحصار وسيما أنه عنده الكفار ليسوا مكلفون بالفروع أو هذا التسبيب ليس تسبيبا مع عدم الانحصار ، ونفس السيد الخوئي مشكوك التذكية لم يجوز بيعه للمسلم ، لأنَّ المسلم يشتريه لأجل الأكل فلا يسوغ البيع عليه ، لأنه إذا يحكم عليه بكونه غير مذكى فلا يجوز أكله من قبل المسلم ، فالسيد الخوئي خصّ الجواز بالكافر سواء في المشكوك أو في المعلوم ، ولكن على الوجه الذي ذكرناه يمكن تعميم الأمر للكافر استنقاذاً للمال وفي المخالف من باب قاعدة الالزام والحرمة التكليفية يمكن تفاديها بموارد عدم الانحصار.

هذه تخريجة فذلكية لا بأس بها ، ويمكن حمل روايات الجواز على ذلك ، فهذا جيدٌ ، وهو محل ابتلاء.

إذاً المقصود خلاصة من باب الفذلكة الصغروية يمكن تخريج البيع الصوري للميتة أو غير المذكى على من يستحل ، تكليفاً يسوغ في موارد عدم الانحصار والالية من باب استنقاذ المال و من باب الالزام لا أنه بيع حقيقي وإنما هو بيع صوري.

نرجع إلى ما كنّا فيه من مستثنيات بيع الأعيان النجسة:- بيع العبد المملوك الكافر وبالأمس انتهينا إليه سواء كان أصلياً أم مرتداً فإنه يجوز بيعه.

الكافر الأصلي أو الكافر المرتد من باب أنه مرتد ملّي أيضاً الوجه فيه أيضاً هو هذا ، لأنه بالتالي له مالية ويصير عبداً وهلم جرا ، نعم هو ارتد وخرج فيكون كافراً فيسترقّ ، عموم استرقاق الكافر سيما المرتد الفطري ، أما المرتدّ الفطري كيف ؟ ، يعني هل هذا أيضاً يجوز بيعه أولا ؟

وتوجد نقطة يجب الاشارة إليها في المرتد الفطري:- المعروف عن المرتد الفطري أنه لا تقبل توبته ، لكن بعد التتبع مرّة بعد أخرى وقفنا على أن مشهور القدماء يقبلون توبة المرتد الفطري إلا في الأصلين ، يعني الشهادة الأولى والثانية ، افترض أنه أنكر وجوب الصلاة أو أنكر وجوب مودة أهل البيت عليهم السلام ، فالمودة ضرورة قرآنية أعظم من فريضة الصلاة في القرآن الكريم بنص القرآن الكريم ، فهو يصير مرتداً فطرياً لأنه أنكر ضرورة قرآنية ولكن تقبل توبته عند مشهور القدماء ، خلافاً لما نسب إليهم من عدم قبول توبة المرتد الفطري مطلقاً ، فإنَّ هذه النسبة ليست بصحيحة ، بل المرتد الفطري تقبل توبته عندهم إلا إذا كان ارتداده في الشهادة الأولى أو الشهادة الثانية أي في التوحيد والنبوة ، وهذا قد نقحناه في آخر كتاب الصلاة وذكرنا كلمات القدماء ونصوصاً دالة على هذا التفصيل ، فالصحيح خلافاً لما اشتهر قروناً من أنَّ المرتد الفطري لا تقبل توبته مطلقاً ، كلا بل تقبل توبته على تفصيلٍ ، فإن كان في الأصلين لا تقبل توبته ، أما في بقية الأصول الأخرى فتقبل توبته كالملّي ، هذه فقرة معترضة يلزم الالتفات إليها ، وإن كان كما ذكرت لكم أنَّ المشهور شهرة الآن عند المتأخرين أنَّ المرتد الفطري لا تقبل توبته مطلقاً ولكن هذا ليس بصحيح بل توجد نصوص تفصّل والقدماء أيضاً يعوّلون على هذا التفصيل ، وهذا هو الصحيح.

إذاً في موارد المرتد الفطري تقبل توبته مادام إمكان قبول توبته موجودة فليس يعدّ كعينٍ تالفة لأنه يمكن أن يتوب ، لكن مادامه كافراً يجري عليه عموم الحيازات أنه ( من استولى على كذا فهو له ) ، أما إذا كان مرتداً فطرياً في الأصلين فهل هذا يمكن بيعه أو لا ؟ ، وطبعاً أصل البحث هو أنَّ الكافر سواء كان مرتداً أو غير مرتد مع الشقوق المختلفة باعتبار أن الكافر نجس العين ولكن في نفس الوقت كما مرّ أنه يسوغ بيعه والنصوص متواترة أو مستفيضة في ذلك ، فوقع الكلام عند الأعلام في خصوص المرتد الفطري الذي لا تقبل توبته ، الآن على التفصيل كما هو الصحيح أو مطلقاً حسب المبنى أنه هذا إذا لم تقبل توبته يلزم إعدامه وإتلافه فلا مالية له ، فكيف فرض المحقق الحلّي في بعض الأبواب أنه يباع ؟ ، والعلامة في بعض كتبه دون بعض وقد نقل الشيخ أقوالاً متعددة.

فأجيب عن ذلك:- أنه هذا المرتد ولو كان فطياً وحتى الملي إذا لم تب فهو واجب قتله ايضاً او الفطري أو الملّي الذي تقبل توبته ولم يتب أيضاً يجب قتله ولكن وجوب قتله ليس بالضرورة يستلزم إعدام ماليته ، لأن قبل التلف له مالية الآن الشارع حكم بوجوب إتلافه فهذا بحث آخر ، ولكن أصل المالية موجودة الآن ، ربما لسببٍ وآخر ولمانعٍ ولكن بالتالي له فوائد الآن ، الآن ماليته تكون أقل لأنه على شرف التلف وليكن ذلك ولكن بهذا المقدار له مالية ، فالمهم أنَّ هذا مورد ذكره الشيخ الأنصاري والنصوص فيه كثيرة أنه مع كونه من الأعيان النجسة إلا أنه يجوز بيع.

المسألة اللاحقة:- وهي المسالة الثانية من مستثنيات بيع الأعيان النجسة: ( يجوز المعاوضة على غير كلب الهراش في الجملة بلا خلافٍ ظاهر إلا ما عن ظاهر اطلاق العماني ولعله كإطلاق الكثير من الأخبار بأنَّ ثمن الكلب سحتٌ ) ، والهراش هي الكلاب السائبة ، ويوجد اتفاق على جواز المعاوضة على كلب غير الهراش مثل كلب الصيد يقول الشيخ الأنصاري ، وسنقرأ الروايات ، والنصوص طبعاً هي واردة في كلب الصيد ، ولا بأس بقراءة النصوص ثم نأتي إلى كلام الشيخ ، وهي في أبواب ما يكتسب به الباب الخامس:-

مثلاً موثقة السكوني ( السحت ثمن الميتة وثمن الكلب[7] وثمن الخمر ومهر البغي ) وهذه كلها موارد حكم إلزامي في السحت ، وفي درجها ثمن الكلب بلا قيد.

وأيضاً رواية أبي بصير ويمن اعتبار سندها إن كان فيه عليّ بن أبي حمزة البطائني ، لأنَّ البطائني قبل انحرافه يعمل بروايته وتمييز ذلك بتوسط الراوي الذي يروي عنه إن لم يكن من الواقفة فهذا يدل على أنَّ روايته قبل انحرافه ، لأنَّ البطائني حينما انحرف قاطعته الطائفة ، وهنا الراوي عنه ليس واقفياً ، فعلى أيّه حال هذه الرواية أيضا كذلك ( ثمن الخرم ومهر البغيّ وثمن الكلب الذي لا يصطاد من السحت ) فهنا قيّد بلا يصطاد وهذا يشمل حتى كلب الحراسة أو كلب الحائط أو كلب الماشية لأنه استثنى خصوص كلب الصيد.

وكذلك مرسلة الصدوق وهي في نفس الباب:- ( أجر الزانية سحتٌ وثمن الكلب الذي ليس بكلب الصيد سحتٌ وثمن الخمر سحتٌ ).

والشيخ الأنصاري يقول هنا كلب الصيد الذي استثني ليس هو كلب الصيد وإنما الكلب الذي يصطاد ، أو ليس الصيود بل كلب الصيد ، فيقول هناك فرقٌ فكلبٍ صيود قد يكون منصرفاً إلى نمطٍ خاص من جيل الكلاب مثل السلوقي أما الكلب الذي يصطاد فهذا أعم ، فالصحيح التعميم في الكلب ، لأنَّ الذي هو الوارد هو بصيغة الفعل ، وصيغة الفعل لا يمكن دعوى انصرافه لخصوص السلوقي.

وهذه التفاتة لطيفة منه في ألفاظ النص ، فرقٌ بين الصّفة وبين الفعل ، واجمالاً هذا أيضاً نهي عن كلّ كلبٍ غير كلب الصيد.

وهناك رواية أخرى وسندها يمكن اعتباره ، وهي رواية حمّاد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه جميعاً عن جعفر بن محمد ، لو أنه عامي ولكن يمكن اعتباره ، وهذا طريق متكرر للصدوق ولو أنَّ الرواة من العامة ، فعلى كلٍّ هذه الرواية فيها أحكام كثيرة وهي رواية حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه جميعاً عن جعفر بن محمد ، والراوي حينما يعبّر جعفر بن محمد يعني راوٍ عامي فإنَّ الرواة العامّة حينما يروون عن الصادق عليه السلام يقولون عن جعفر بن محمد عن أبيه ، ونفس قولهم ( عن أبيه ) كأنما الامام راوٍ ، فهم يتعاملون معهم هكذا ، وأيضاً التعبير بجعفر بن محمد بخلاف رواة الامامية فإنهم يعبرون مثلاً بـ( عن أبي عبد الله ) ، فيقولون هذه قرينة روائية على كون الراوي عامي أو خاصّي ، وهذه الرواية أيضاً نفس الشيء ذكرت مطلق الكلب ، وهي الرواية الثالثة عشر.

وإذا كانت هناك روايات أخرى في هذا الباب فسوف نتعرّض إليها والتفصيل في بحث الكلب وأقسام الكلب.


[1] وهذا محل ابتلاء للكثير من المؤمنين في الغرب.
[2] أي مشكوك التذكية.
[3] أي علم أنه ليس بمذكّى.
[4] هنا الفذلكة.
[5] يعني بيع صوري وإلا فهو ليس بيع صحيح وضعاً فهو فاسد ولكن كبيع صوري حتى يستنقذ الأموال من الكافر فهذا لا حرمة له، والتسبيب هنا لا إشكال فيه عنده لأن الكافر ليس مكلفاً بالفروع، ونحن نوافق السيد الخوئي في هذا وسنبين ذلك.
[6] يعني مشكوك التذكية لأنهم ايضاً يجلبون لحوماً من دول اسلامية.
[7] مطلق من دون تقييد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo