< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/08/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معنى قاعدة لا ضرر – ختام البحث
الاشكالات التي اثيرت حول هذا الحديث الشريف وفي استفادة المعنى النهائي منه بعد اقتناص نفي الحكم الضرري منه
الاشكال الاول : لا ريب ولا اشكال في ان هذا الحديث ينفي الاحكام الضررية وينفي الضرر الموجود بين الناس الا انه وردت على هذا الحديث تخصيصات كثيرة في الاحكام الفقهية مثل الصدقات الواجبة والحدود والديات والحج والخمس والزكاة والجهاد ونحو ذلك كلها احكام فيها ضرر فخصصت هذه القاعدة بهذه الاحكام بحيث قالوا ان الذي خصص اكثر من الذي بقي تحت العام واصبح من التخصيص الكثير المستهجن بل القبيح في المحاورات العرفية، ولذا ذهب جمع الى ان هذا الحديث مجمل لا يعمل به وذهب اخرون الى ان الحديث يعمل به في موارد عمل المشهور .
واجيب عن هذا الاشكال بعدة اجوبة : الجواب الاول انما عد انه تخصيص مستهجن وكثير فليس الامر كذلك فان الحديث يشمل كل ضرر حتى الضرر الحادث من الاحكام التكليفية التي شرعها الله تبارك وتعالى فاذا نسبنا الضرر الذي يحصل من الحكم الشرعي والضرر الحاصل بين الناس بعضهم مع بعض لكانت النسبة قليلة جدا بل ذكر بعضهم نسبته نسبة العشر بل اقل، فترك العمل بالحديث لأجل هذه الاحكام الضررية القليلة هو ايضا مستهجن فحينئذ الحديث لم يخصص بتخصيص الاكثر .
الجواب الثاني : انما ذكر ان من الاحكام الفقهية فيها ضرر فهو اول الدعوى فاذا اردنا ان نذكر معنى عام لتشريع الاحكام فان هذه الاحكام لم تعد ضررا ابدا فان الاحكام الالهية انما شرعها الله تبارك وتعالى على الناس في سبيل تكميل انفسهم وفي سبيل الوصول الى الكمال اللائق بكل فرد والفوز والنجاح في الدنيا والاخرة هذه هي الفوائد الجمة التي تترتب على هذه الاحكام، فقد ذكرنا فيما سبق من بحوثنا ان من يقول بان الاحكام الشرعية تابعة للمصالح والفاسد فهو من ضيق النظر ومن التعليم الابتدائي والا فان الاحكام والتكاليف شرعت لأعظم من ذلك بل انما شرعت في سبيل تكميل الانسان والوصول الى المقام اللائق به هو اسمى مقصد من مقاصد التشريع الالهي، واما اذا نظرنا الى التكاليف التي ذُكرت بانها تخصيص بالنسبة الى هذا الحديث نأتي الى الصدقات الواجبة انها لا تعد ضررا اذا كانت ترجع منافعها الى الناس فان الصدقات تأخذها الدولة او غير ذلك وتصرفها على الناس، واما الحج فهو لم يخرج عن سائر الاسفار التي ينفق فيها مالا كثير اذا كانت لغرض عقلائي فلا يعد ضررا، واما الحدود فانها شرعت لأجل ايقاف الناس من الاضرار بعضهم ببعض وايصال كل حق الى صاحبه، واما الجهاد فهو اعظم المقاصد وافضل مرتبة من مراتب الشهادة فكيف يعد من الضرر !
الجواب الثالث : ان اصل التشريع من حيث هو لم يكن فيه ضرر ابدا حتى يكون تخصيص من الاكثر بل انه حصل من الجهات الخارجية فخروج هذه التكاليف عن الحديث تخصص وليس بتخصيص حتى يعد انه من التخصيص المستهجن
الجواب الرابع : ما ذكره الشيخ الانصاري رحمه الله وهو اذا اردنا ان نعد كل حكم حكم يمكن ان نقول ان هذه احكام شخصية خصص هذا العام بها فيستلزم تخصيص الاكثر، ولكن اذا اخذنا النوع حينئذ التكاليف التي فيه هكذا كلها نوع واحد من حيث التكليف وهذا لم يكن تخصيص الاكثر فكأنما الحديث هكذا لا ضرر ولا ضرار في الاسلام الا التكليف الضرري فانه وان كانت افراده كثيرة لكن النوع الواحد خصص بهذا الحديث والنوع واحد ولم يكن من التخصيص المستهجن فلاحظ النوع في هذه الافراد ولم يلاحظ الافراد الخارجية حتى يقول انه من التخصيص المستهجن
استشكل عليه المحقق الخراساني رحمه الله من ان النوع لم يكن له وجود خارجي حتى يتعلق التكليف به وانما الافراد الخارجية اذا تعلق بها التكليف فالنوع طريق الى الافراد الخارجية فاذا قلت ان هذا العام خصص بها النوع فان النوع طريق الى الافراد فكأنما خصصته بالأفراد الخارجية فحينئذ عاد الاشكال فهو تخصيص مستهجن، الا في مورد واحد وهو ان يكون بنفسه عام خصص بنوع وان كانت الافراد كثيرة ولكن العام نوع وخصص بنوع او نوعين فلا يسمى من التخصيص الاكثر فكلام الشيخ الانصاري صحيح فيما اذا كان العام نوعا واما اذا كان العام ليس نوعا فالاشكال ان تخصيص العام بالنوع فان النوع طريق الى الافراد الخارجية فاستلزم منه تخصيص الاكثر
ولكن يمكن الجواب عن هذا الاشكال : اولا نختار ان العام هو نوع وخصص بالأنواع وان حديث لا ضرر ولا ضرار في الاسلام نوع الضرر منفي فيه الا نوع الضرر الحاصل في نوع المال والضرر الحاصل في نوع النفس والضرر الحاصل في نوع العرض فخصص هذا العام بهذه الانواع ولم يستلزم منه التخصيص بالاكثر، وان قلت ان النوع طريق الى الافراد ولا وجود له في الخارج حتى يتعلق به تكليف فاذا كان منظور اليه فإنما هو طريق الى الافراد الخارجية فيعود الاشكال وهو استلزام التخصيص بالاكثر
نقول في الجواب عنه انه ليس المراد من النوع المنطقي الذي لا وجود له في الخارج بل المراد النوع الطبيعي الذي وجوده عين وجود الافراد فان هذا النوع الطبيعي هو الذي خصص هذا العام بعد ان كان العام نوعا في حد نفسه
ويمكن الجواب عنه ايضا بانه لا كلام الشيخ الانصاري صحيح ولا كلام المحقق الخراساني فانه اذا اريد منه الافراد الخارجية فالاشكال باقي على حاله وان اريد به النوع الطبيعي والمفروض ان النوع الطبيعي هو عين الافراد الخارجية فلا فرق بين ان يكون التخصيص بالنوع اذا كان طريق الى الافراد الخارجية او يكون التخصيص بغير النوع أي بالأفراد الخارجية فانه على كلتا الحالتين يستلزم التخصيص بالاكثر
فالصحيح ما ذكرناه من انه ابدا ليس هنا تخصيص بالاكثر وعلى فرض انه هناك تخصيص من قال بان هنا ضرر حاصل من هذه الاحكام التكليفية حتى يقال ان هذا العام خصص بهذه الاحكام الضررية ويمكن الجواب عنه ان هذا التخصيص راجع الى التكليف والخطاب من حيث هو خطاب والتكليف من حيث هو تكليف لا ضرر فيه انما الضرر قد حصل من جهات خارجية .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo