< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/08/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : معنى قاعدة لا ضرر
كان الكلام في ما ذهب اليه المحقق الخراساني من ان المراد من حديث لا ضرر نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ولهذه المقولة موردان الاول في باب الحكومة بمعنى نفي اطلاق الحكم وليس نفي اصل الحكم بنفي الموضوع بنكتة التلازم بين الحكم والموضوع، الثاني يستعملون مقولة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ويريدون معناه الحقيقي أي نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ولذلك اقسام ثلاثة :-
القسم الاول : ان المراد من الحكم هو الوجود الاعتباري الذي له في عالم التشريع والتقنين محمول وموضوع فينفون الوجود الاعتباري لهذا الحكم
القسم الثاني : ان يكون المراد منه نفي الوجود المقبول الاستساغي للموضوع المعنون بلسان نفي الموضوع
القسم الثالث : ان يكون الحكم المستساغ المقبول له دخل في وجود ذلك الموضوع فان له وجود خارجي، فاذا اريد من اطلاقات هذه المقولة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع فلابد من تفسيره بهذه التفسيرات الاربعة فأي كلام يرد على هذا السبيل مثل لا ربا في الاسلام ولا رهبانية في الاسلام ونحو ذلك فلا يمكن منه ارادة هذه الوجوه الاربعة الا بقرينة وعناية فائقة
وكلام المحقق الخراساني رحمه الله مختلف فيه فعبارته في الكفاية انما يستفاد منها نفي اطلاق الحكم بنكتة التلازم بين الحكم والموضوع وشبه ذلك بقوله (يا اشباه الرجال ولا رجال) فهذا التشبيه يدل على نفي الاثار المترتبة على ذلك الموضوع وليس نفي اصل الحكم بينما عبارته في حاشيته على الرسائل انما يريد الاقسام الثلاثة الاخرى نفي الوجود الاعتباري او نفي الوجود المقبول للحكم او نفي الوجود الخارجي بلحاظ مقبولية الحكم واستساغته فمن هذا التشبيه يستفاد انه يريد نفي الحكم بالوجوه الثلاثة المتقدمة ولذلك قال لا يمكن استفادة نفي الاحكام الضررية من حديث لا ضرر ولا ضرار في الاسلام اذا كان المراد منه نفي الحكم بلسان نفي الموضوع هذه المعاني الثلاثة .
لا ريب ولا اشكال في ان هذه الوجوه التي ذكرناها في تفسير هذه المقولة انما تحتاج الى عنايات وهي وجوه اعتبارية عقلية فان اللفظ لا يدل على ذلك بل ان العقل وقرينة تدل على ذلك ومن دون ذلك لا يمكن استفادة احد تلك الوجه الاربعة، ولو كانت مستندة الى اللفظ فلا نحتاج الى ذلك فلفظ لا ضرر ولا ضرار في الاسلام لا ربا بين الوالد وولده ولا رهبانية في الاسلام ونحو ذلك كلها لا يستفاد منها احد الوجوه المتقدمة الا بقرينة تدل على ذلك فلا يمكن المصير لهذه الوجوه الا بعناية خاصة وفائقة وقرينة تدل على ذلك اذ لو كانت مستندة الى ظاهر اللفظ لما احتجنا الى تلك العنايات الزائدة هذا بالنسبة الى اصل الوجوه، مضافا الى ان هذه الوجوه منافية لما استدل به صاحب الكفاية حيث انه استدل على ما ذهب اليه بان هذا الوجه هو الموافق للقواعد العربية قال بان نفي الحكم بلسان نفي الموضوع مستنده القواعد العربية وانه مستعمل في كلمات الفصحاء وهذا يدل على ان المراد من حديث لا ضرر نفي الحكم بلسان نفي الموضوع، لكن هذه الوجه عقلية وكلمات الفصحاء وقواعد اللغة بعيدة عن هذه الوجوه التي ذكروها فانها اعتبارات العقل يدل عليها وقواعد اللغة العربية مبنية على ظواهر الالفاظ وهي لا تدل على هذا الامر
اما ما استدل به صاحب الكفاية على ما ذهب اليه من انه موافق لقواعد اللغة العربية وانه مستعمل في كلمات الفصحاء فان ذلك غير صحيح لانه اولا مخالف لظاهر اللفظ اذ ان الظاهر ان هذا الوجه يحتاج الى اضمار وتقدير وبدونهما لا يمكن المصير الى ان المراد نفي الحكم بلسان نفي الموضوع وهو مخالف للأصل لان الاصل عدم الظاهر وعدم التقدير الا ان يثبت ذلك ولان هذا لا يخلوا عن تعقيد فلأجل هذين الامرين فان كلامه يتصور له معنيان :
المعنى الاول : ان يكون المراد من لا ضرر ولا ضرار في الاسلام الفعل الذي امر به النبي صلى الله عليه واله وسلم لا يسمى ضرر مثل قولهم لا ربا بين الوالد وولده فان الربا يكون بأخذ الزائد من شخص وباعتبار ان مال الولد هو مال الوالد فان هذه الزيادة التي يأخذها الوالد من مال نفسه فلا تسمى ربا وهنا دخول سمرة على الانصاري بغير اذنه لا يسمى ضررا وهذا خلاف ظواهر اللفظ فهذا الاحتمال بعيد
المعنى الثاني : ان يراد منه المعنون وليس العنوان والضرر هو المعنون قلع الشجرة ورميها على وجهه فهذا الفعل صدر خارجا وهو قلع الشجرة لا يعد ضرر ابدا باعتبار ان سمرة بلغ مبلغا من الحقارة فلا يعد مثل ذلك ضررا بالنسبة اليه، وهذا المعنى وجهه بعض المحققين منهم السيد البروجردي قدس سره في قواعده حيث انه قال ان المراد من عبارة صاحب الكفاية المعنون وليس العنوان أي الفعل المضر لا يسمى ضررا حينئذ، وذكر المحقق العراقي في بعض التقريرات التي كتبت عنه قال ان ما ذهب اليه صاحب الكفاية اردء الوجوه اذا اريد منه هذا المعنى تقطع الشجرة وترميها ولا يعد ضررا وحاول ان يصحح قول المحقق الخراساني قال انه ليس المراد هو نفس الفعل باعتبار انه لا يعد ضررا قلع الشجرة ورميها فهو خلاف التحقيق، لكن كيف ما كان فهذا الاحتمال بعيد اذ يستلزم منه خلاف ما يريده الحديث فمعناه ان الاحكام الضررية لا اعتبار بها فلا ضرر ولا ضرار أي لا احكام ضرريه مترتبة على الضرر وهذا خلاف ما يريده ظاهر اللفظ وذلك ان الفعل الذي ثبت له حكم في الشرع يأتي الشارع الاقدس وينفي الحكم المترتب على ذلك الحكم مثل الربا فان له حكم مترتب عليه فاراد ان ينفي الشارع ذلك الحكم بين الوالد والولد وكذلك للشك حكم ولابد من مراعاته فيأتي الشارع ويقول لا شك لكثير الشك أي ينفي الحكم عن الذي كثر شكه، الا انه قد يستشكل في المقام ما الفرق بين حديث لا ضرر ولا ضرار في الاسلام وبين حديث رفع عن امتي ما لا يعلمون فهناك قلتم بان المرفوع هو المعنون وهنا تقولون في حديث لا ضرر انه لا يمكن ان يراد منه المعنون باعتبار ان رفع المعنون يستلزم رفع الاحكام المترتبة على الضرر .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo