< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الأصول

35/07/12

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : قاعدة لا ضرر
الحق ان يقال ان هذا الحديث الشريف (لا ضرر ولا ضرار) من جوامع كلمات النبي صلى الله عليه واله وسلم وهو القائل (وأعطيت جوامع الكلم)[1] فان تكرار امر النفي هو اسلوب خاص يدل على التأكيد والاهتمام بنفي الضرر بشرع الاسلام والنبي يعلم بابتلاء الناس بأنواع الضرر فلابد ان يكون الكلام عام وشامل لجميع ما يتصور من التطبيقات فحينئذ يشمل هذا الحديث الضرر الشديد كما يشمل الضرر المتعمد كما يشمل الضرر المتقابل كما يشمل الضرر الفردي والضرر الجمعي أي الذي يجعل الضرر وسيلة لابتزاز الاخرين كما يشمل الضرر المادي والمنفعة وفي العرض، ولا يستلزم من اشتمال هذا الحديث استعمال اللفظ في اكثر من معنى انما هو معنى عام له تطبيقات متعددة وليس له لفظ خاص فنستعمله فيه فيكون من استعمال اللفظ في اكثر من معنى ولابد ان يكون هذا على سبيل القاعدة والقانون العام الشامل وهو المستفاد من الحديث الشريف، ومن جميع ما تقدم بظهر انه لا فائدة علمية من اطالة الحديث بذلك فقد احسن السيد الوالد رحمه الله في تهذيب الاصول صنعا حيث ترك التفصيل في ذلك، وينبغي التنبيه على امور :-
الامر الاول : الضرر مطلق ومقيد من ناحيتين فتارة يكون الضرر مطلق من ناحية الموضوع كنقص عضو من اعضاء البدن وتارة يكون الضرر مقيدا بضرر خاص كالحاصل للتاجر الذي لم يربح في تجارته فانه انما يستهدف من هذه التجارة الربح فلو لم يربح في تجارته فانه يتضرر بذلك، فلا ريب ولا اشكال في ان الحديث يشمل القسم الاول واما القسم الثاني فلا يشمله الا اذا كان عاما والخسارة تشمل الجميع، ومن ناحية اخرى يكون الضرر ايضا مطلقا من نظر الحاكم والناظر فالضرر الحاصل الذي يوجب نقص المال او البدن فهو يسمى نقص حقيقي مطلقا فانه يعده ضررا وفي نظر حاكم اخر او قانون اخر لا يعد ضررا كإهراق خمر الغير ففي نظر مالكه يعد ضررا اما في الشارع الاقدس لا يعد ضررا وكذلك احياء الارض لم يوجب الملكية عند النظام الاشتراكي لكن في النظام الاسلامي وفي النظام الرأس مالي انما يثبت الملكية ففي هذا القسم لا ريب ولا اشكال في شمول الحديث للقسم الاول أي الضرر الحقيقي اما القسم الثاني اذا لم يكن قانون يثبت فلابد ان يعرض على شرع الاسلام فان امضاه يعد ضررا وان لم يمضه فلا ضرر في البين .
الامر الثاني : قد تقدم سابقا ان الضرر قيل انه بمعنى النقص وهذا القسم يشمل النقص المادي أي النقص في البدن والمال بلا ريب ولا اشكال عند الجميع وكذلك بالنسبة الى الحقوق فمن يسلب حق يسبب الضرر لصاحبه، ولكن هل يشمل النقص بالنسبة الى الكرامة والعرض ؟ فذهب بعض الاصوليين الى عدم شمول الضرر لهذين النقصين باعتبار ان النقص يطلق على الضرر المادي فيختص الضرر بما اذا كان نقصا في البدن والمال والحق اما النقص الحاصل في العرض والكرامة فلا يشمله الضرر، لكن ذكرنا سابقا ان النقص في العرض والكرامة يمكن ادخاله في الضرر بمعنى النقص اذا استلزم منه نقص وضرر في حق ثابت للشخص فان الضرر في الكرامة والعرض يستلزم نقص في حق من حقوقه، نعم اذا لم يستلزم ذلك فلا يمكن ادخاله في الضرر فان النظر الى عرض الغير وان كان محرما لكنه لا يستلزم منه نقص في حق ليدخل في قاعدة الضرر، كذلك يشمل ما اذا كان الضرر في العرض والكرامة بحيث يوجب الكره عند الناس، ولكن القسم الاخير ليس على اطلاقه فلابد ان يقيد بما اذا كان موجبا لسلب حقا من حقوقه فمنع الناس من السفر او من الخروج من منازلهم هو سلب حق الاختيار والحرية فيستلزم ما يكرهه، وهذا القسم هو المتداول الان فان الشركات والامتيازات التجارية التي تحصل في عصرنا الحاضر انما تمنع الناس من الدخول في هذا النوع من البضاعة او الشراكة التي تنتجها فاذا كان هذا النوع موجب لسلب حق من الحقوق فلا شك انه يوجب الضرر وهو منفي بشرع الاسلام اما اذا لم يكن موجبا للضرر بل يكون موجبا لرفع قدرة الانسان مثلا هذه الشركة تصنع هذه المادة جعلت له امتياز يمنع قدرة الغير من صنع نفس ذلك الشيء فلا يستلزم الضرر والحديث لا يشمل ذلك، وقد تقدم البحث في ان الضرر الوارد في هذا الحديث الشريف يشمل النقص ويشمل المعنى الثاني وهو ما يكرهه ومن هذا يتضح ان حق العرض والكرامة داخل في النقص لا في غير ذلك .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo