< قائمة الدروس

 

الموضوع: كتاب الطهارة/التيمم /المزاحمة بين الوضوء والغسل

كما اذا كان بدنه أو ثوبه نجساً ولم يكن عنده من الماء إلاّ بقدر أحد الأمرين من رفع الحدث أو الخبث ففي هذه الصورة يجب استعماله في رفع الخبث ويتممّ لأن الوضوء له بدل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والنصوص كثيرة منها قول الصادق عليه السلام: "لا تطلب الماء ولكن تيمم فإني أخاف عليك التخلف..."[1] ، فإن التعليل يدل على وجود الأهمية في حفظ النفس من طلب الماء الذي هو المهم فيجب ترك الطلب وترتيب عليه مشروعية التيمم.

ومنها: قوله عليه السلام: "لا آمره أن يغرّر بنفسه فيعرض له لص أو سبع"[2] .

ومنها: وقوله عليه السلام: "ليس عليه ان ينزل البئر إنّ رب الماء هو رب الأرض فليتيمم"[3] .

ومنها: قوله عليه السلام: "إذا أتيت البئر وانت جنب فلم تجد دلواً ولا شيئاً تغرف به فتيممّ بالصعيد، فإنّ هو رب الصعيد، ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم"[4] .

الى غير ذلك مما ورد في المقام، وهي تدل على الحكم المزبور من صرف الماء في رفع الخبث او يقيم للحدث. ولا إشكال فيه.

الثانية: في كيفية دلالتها عليه.

فقيل: أنها تدل على ما تقدم ذكره من تقديم الأهم الذي هو رفع الخبث على المهم الذي هو الطهارة المائية، وحينئذ منّ التماس السبب في كون أحد الطرفين أهم من الآخر. وهذا هو الذي يظهر من كلام السيد الوالد (قده)، وغيره.

وقيل: ظهور النصوص المذكورة في الملازمة بين سقوط وجوب الطهارة المائية ومشروعية التيمم بتوسط المناسبات الارتكازية العرفية، وقيل في تقريب الملازمة المذكورة. كما سبق ذكره – بأنه اذا سقط وجوب الوضوء فإما أنّ تلتزم بسقوط الصلاة، وهو خلاف الاجماع، وخلاف ما دل على أنه لا تترك الصلاة بحال.

أو بوجوب الصلاة بلا طهارة، وهو أيضاً خلاف الاجماع، وخلاف قوله عليه السلام: "ولا صلاة إلاّ بطهور"[5] ،

أو نلتزم بمشروعية طهارة غير المائية والترابية، وهو خلاف الضرورة.

وأخيراً: هو المصير الى مشروعية التيمم، وهو المتعين. ومن أجل ذللك بنى الفقهاء على مشروعية التيمم بمجرد لزوم حرج أو ضرر في استعمال الماء، أو في طلبه أو في شرائه، أو نحو ذلك، بحيث استفادوا أنه مهما دل دليل على نفي وجوب الوضوء كفى عندهم في الأدلة على مشروعية التيمم بالخصوص.

وعليه فلا تتوقف مشروعية على ثبوت أهمية الواجب المزاحم للطهارة المائية، بل يكفي فيها عدم ثبوت أهميتها بالنسبة الى ذلك الواجب. مع أنّ فرض ثبوت العلم بأهمية الطهارة المائية او احتمالها بعينها فرض نادر لم يتعرض الفقهاء للتمييز بين ما يكون من الواجبات أهم من الطهارة المائية، او ما تكون أهم منه، وما يستويان.

وقيل: بأن المستفاد من تلك النصوص توسعة الامر في التيمم وأنه يجب في الاعذار العقلية والشرعية

 

وهو التيمم بخلاف رفع الخبث مع انه منصوص في بعض صوره (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والاعذار العرفية أيضاً، فيكون صرف الماء في إزالة الخبث شرعاً بالإجماع عذر شرعي مانع عن استعماله في رفع الحدث

وقيل: بأنها ترشد الى تقديم ما لا بدل له على ما له البدل عند الدوران بينهما وهو مقتضى الفطرة السليمة، فيكون حينئذ من الاعذار العقلائية لا الشرعية المحضة. ومن المعلوم أن تقديم ما لا بدل له على ما له البدل خارج عن مورد التزاحم أصلاً.

الثالثة: الصحيح من تلك الأقوال الذي يفهمه العرف من تلك النصوص هو القول ما قبل الأخير، والقول الثاني هو الاوفق الى الذوق العلمي نظراً الى أن تقديم سائر الواجبات والمحرمات على الطهارة المائية عند التزاحم إنما يكون اذا كان في استعماله محذور ترك الواجب أو فعل الحرام وبه تحقيق موضوع مشروعية التيمم فيجب عقلاً ارتكاب الحرام أو ترك الواجب المزاحمين له. ويمكن ارجاع الأخير والأول من الاقوال المتقدمة الى ما ذكرناه فلا اختلاف.

1_ أما وجوب التيمم فقد عرفت قيام الاجماع عليه او لدلالة القواعد العقلية علية ايضاً، والتعليل الذي ذكره المصنف (قده) وأن ذكره جمع من الفقهاء، ولكنه لا يفي بالمطلوب، إذ لا يدل على جعل البدل على عدم الأهمية، ولا عدمه على الأهمية، بل الجعل وعدمه تابعان لوجود البدل وعدمه ولا دخل للأهمية وعدمها فيها أصلاً.

وأما النص الذي يشر اليه المصنف (قده) هو صحيحة ابي عبيدة قال: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المرأة الحائض ترى الطهر وهي في السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها وقد حضرت الصلاة؟ قال عليه السلام: اذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم تتيمّم وتصلي"[6] ، فإن إطلاقه يشمل ما اذا كان الماء بقدر الوضوء، وكان الوضوء واجباً مع غسل الحيض ايضاً، ولكن استظهار ذلك من الخبر بعيد.


[1] وسائل الشيعة، باب2، أبواب التيمم، ح1.
[2] نفس المصدر.
[3] نفس المصدر، باب3، ح4.
[4] نفس المصدر، ح2.
[5] وسائل الشيعة، باب14، من أبواب الوضوء، ح4.
[6] وسائل الشيعة، باب21، أبواب الحيض، ح1.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo