< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/10/26

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/التيمم /الخامس من المسوغات

 

الخامس: الخوف من استعمال الماء على نفسه (4)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

4_ اجماعاً، ونصوصاً:

منها: صحيح ابن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام: "إنهّ قال: في رجل أصابته جنابة في السفر وليس معه إلاّ ماء قليل ويخاف إن هو اغتسل أن يعطش. قال عليه السلام: إن خاف عطشاً، فلا يهرق منه قطرة وليتممّ بالصعيد، فإن الصعيد أحبٌ اليّ"[1] .

او أولاده وعياله أو بعض متعلقيه أو صديقه (1) فعلاً أو بعد ذلك من التلف بالعطش، أو حدوث مرض، بل أو حرج أو مشقه لا تتحمل (2) ولا يعتبر العلم بذلك، بل ولا الظن، بل يكفي احتمال يوجب الخوف (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنها: صحيح الحلبي: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الجنب يكون معه الماء القليل فإن هو اغتسل خاف العطش أيغتسل به أو يتيممّ؟ فقال عليه السلام: بل يتيمم وكذلك إذا أراد الوضوء"[2] .

ومنها: موثق سماعة قال: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلّته، قال عليه السلام: يتيمم بالصعيد، ويستبقي الماء، فإن الله عزوجل جعلهما طهوراً الماء والصعيد"[3] .

ومنها: معتبرة ابن أبي يعفور قال: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لشربه أيتيمم أو يتوضأ؟ قال عليه السلام: يتيممّ أفضل، ألا ترى أنه انما جعل عليه نصف طهور"[4] .

فإن إطلاق هذه الأخبار يشمل مطلق العطش لمطلق ذي الروح، سواء كان متعلقاً بنفسه ام بغيره.

كما يصرح به المصنف (قده).

1_ لإطلاق النصوص الشامل لجميع ما ذكر، وإطلاق أدلة نفي الحرج، وقاعدة تقديم الأهم على المهم الذي له البدل عقلاً وشرعاً وعرفاً، يضاف الى ذلك اجماع الفقهاء على أصل الحكم.

وقد يشكل على الاطلاق، بأن الصحيحين ظاهران في عطش نفسه، وكذلك خبر ابن ابي يعفور نعم، موثق سماعة يقتضى العموم، لان الظاهر من قلة الماء بنحو لا يفي بما يحتاج اليه مما حمل لأجله، سواء كان ريّ نفسه، أم عياله، أم رفقائه وصحبه الذين معه، أم دوابه، أم حيوانه مما كان مقصوداً له ريه ورفع عطشه. لكن لا مجال للأخذ بأطلاقه، لاقتضائه جواز التيمم مع خوف قلة الماء عن استعماله في سائر حوائجه، كطبخه، وغسل ثيابه وأوانيه ونحو ذلك مما يقطع بعدم مشروعيته لأجله، ومن أجل ذلك اقتصر بعض على عطش نفسه، كما في الشرائع، وفي المعتبر

والقواعد: او عطش رفيقه أو حيوان له حرمة، وخص بعضهم الرفيق بالمسلم، وعممه آخرون للكافر الذي يضرّ به تلفه أو ضعفه.

والصحيح إنّ المستفاد من مجموع النصوص المتقدمة والقواعد التي تقدم ذكرها التعميم لكل ما يلزم من صرف الماء فيه، الوقوع في الحرام أو الضرر البدني أو المالي أو الحرج. كما ذكره المصنّف (قده). ولا اشكال على الموثق أيضاً لانصرافه الى صورة لزوم المحذور من قلة الماء، كانصراف المريض في الآية، والكسير والجريح والقريح في النصوص الى المتضرر، ولأفرق بين المقامين، فلا إشكال في عموم الحكم المذكور.

2_ كل ذلك لإطلاق أدلة المقام، وإطلاق دليل نفي الحرج، بل اختصاصه بذلك، وقال السيد الوالد (قده) أن أهل الوجدان يستنكرون الوضوء بالماء مع الالتفات الى أن له البدل فلا نحتاج بعد ذلك الى دليل آخره.

3_ لما عرفت سابقاً من أن المناط تحقق الخوف المعتد به عند متعارف الناس، وهو كما يحصل من العلم والظن يحصل من الاحتمال المعتد به أيضاً.

 

حتى اذا كان موهوماً، فإنه قد يحصل الخوف مع الوهم اذا كان المطلب عظيماً (1) فيتيممّ حينئذ، وكذا اذا خاف على دوابه أو على نفس محترمة وإن لم تكن مرتبطة به (2). وأما الخوف على غير المحترم كالحربي، والمرتد الفطري، ومن وجب قتله في الشرع فلا يسوّغ التيمم. كما أن غير المحترم الذي لا يجب قتله بل يجوز كالكلب العقور، والخنزير، والذئب ونحوها لا يوجبه وان كان الظاهر جوازه (3). ففي صور خوف العطش يجب حفظ الماء وعدم استعماله بخوف تلف النفس او الغير ممن يجب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن ذلك يظهر الاشكال في قول المصنف (قده): "حتى اذا كان موهوماً" فإن الخوف الحاصل من الاحتمال الموهوم لا يعتني به الناس في امورهم العرفية وكذا الشرعية، وأن المعيار عندهم صدق الخوف الاحتمال المعتدّ به للأمر المكروه، إلاّ أن يقال، بأنّ الوهم كان قبل حصول الخوف وأما بعده فهو المناط وحينئذ لا ينظر الى منشأ الحصول، فيكون الخوف كالقطع، وعليه فلا فرق بين حصوله من الأمور المتعارفة أو غيرها ولو من كثرة الجبن، لاسيما في العطش حينما يكون في الصيف والصحراء.

1_ فإن في هذه الصورة يتعاظم الخوف في النفس ولو كان سببه الوهم، كما عرفت فيكون الخوف معتدّاً به.


[1] وسائل الشيعة، باب25، أبواب التيمم، ح1.
[2] نفس المصدر، ح2.
[3] نفس المصدر، ح3.
[4] نفس المصدر، ح4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo