< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/التيمم /اذا تيمم بأعتقاد الضرر

 

2_ لوجود الملاك في الطهارة المائية اذا كان موضوع مشروعية التيمم منحصراً باعتقاد الضرر وخوفه، فإنه عليه يكون المشروع له واقعاً هو الطهارة المائية فقط. ووجود الضرر واقعاً لا يصلح للمانعية الاّ اذا كان مانعاً عن قصد التقرب والمفروض عدم المنع لمكان الجهل هذا.

وأما لو كان الضرر الواقعي موضوعاً لمشروعية التيمم فقد يشكل الوضوء أو الغسل، لكون المشروع في حق المكلف التيمم. لكن عرفت فيما تقدم أن الطهارة المائية واجدة لملاكها في جميع موارد مشروعية التيمم فتصح اذا أتى بها المكلف إن لم يكن ماّنع من التقرب بها، والمفروض عدمه في مورد الجهل، كما عرفت.

3_ أما الصورة الأولى فلاحتمال أن يكون الخوف الذي هو منشاءً الانتقال الى التيمم هو الخوف المستقر لا الحادث الزائل. وأما في الصورة الثانية فلاحتمال أن يكون وجود أصل الخوف له الدخل في الانتقال ولكن كلا الاحتمالين خلاف اطلاق الدليل. فلا يصلح للاعتماد عليهما، وإن صلحا للإحتياط.

4_ لما تقدم في المسألة الثامنة عشر من حرمة الوضوء او الغسل مع الخوف و اعتقاد الضرر فهما واقعان على وجه المعصية، فلا يمكن التقرب بما هو كذلك فيبطل، بلا فرق بين وجود الضرر واقعاً وعدمه لأن للخوف واعتقاد الضرر نحو موضوعية في الحرمة

قد يقال بانه مع عدم الضرر واقعاً وإن كان يكشف عن عدم الحرمة واقعاً لكن يقتضي وقعها بعنوان التجري الذي هو كالمعصية الحقيقية في كونه مبعداً ومانعاً عن التقرب، وعليه فيختص الحكم المذكور بما لو كان الضرر المعتقد وجوده أو المحتمل مما يحرم ارتكابه، كما هو ظاهر المتن. أما اذا كان يجوز ارتكابه فلا موجب للبطلان

ولكن الصحيح انه لا حاجة الى التجري في اثبات المعصية، لأن حرمة التجري موضع خلاف من بين الأصوليين، فراجع.

كما أنه إذا تيمّم مع اعتقاد عدم الضرر لم يصحّ وإن تبيّن وجوده (1).

مسألة20: اذا اجنب عمداً مع العلم يكون استعمال المال مضراً وجب التيمم وصح عمله (2) لكن لما ذكر بعض العلماء وجوب الغسل في الصورة المفروضة وإن كان مضراً (3)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الى ما ذكره السيد الوالد (قده) بأن منشاء المبعدية كون الخوف واعتقاد الضرر لهما نحو موضوعية في الحرمة، وهو الذي يقتضيه الامتنان وسهولة الشريعة فيسقط الطهارة المائية.

1_ الاحتمالات التي يمكن تصويرها في هذه الصورة هي:

الأول: عدم الضرر واقعاً، ولا ريب في بطلان التيمّم وعدم صحته، وعدم الملاك له.

الثاني: وجوده واقعاً وعدم حصول قصد التقرب ولا ريب في بطلانه، لفقد قصد التقرب.

الثالث: وجوده واقعاً مع حصول قصد التقرب في التيمم، والوجه هو الصحة والبطلان كان من جهة عدم قصد القربة، والمفروض وجوده، وكون خوف الضرر له نحو موضوعية لا يراد به إسقاط الواقع من الموضوعية رأساً، لما عرفت من أن الطبيعة المهملة الجامعة بينهما التي تنطبق على كل منهما مورود الحكم، وحينئذ المقتضي للصحة موجود والمانع عمها مفقود. وقد تقدم من الماتن (رحمه الله تعالى) في المسألة22، من فصل الجبائر ما ينفع المقام.

2_ على مشهور بل المتسالم عيله بين الاصحاب، لإطلاق ادلة البدلية الشامل لهذه الصورة أيضاً، فلا فرق بينه وبين غير العامد، وظاهرهم كون الحكم كذلك في جميع التكاليف العذرية لو أوجد موضوعهما المكلّف بالاختيار.

3_ نسب ذلك الى الشيخ في الخلاف مدعياً عليه اجماع الفرقة، والى المفيد في المقنعة، والى الصدوق في الهداية.

قال في كشف اللثام: "إن على المتعمد الغسل وإن خاف على نفسه، ولا يجزؤوه التيمم، وحكي عن ظاهر أبي علي، وفي الهداية والخلاف وإن خاف التلف، ويحتملّه كلام المفيد"

واستدلوا عليه تارة بالأجماع. ولكنه موهون بذهاب المشهور الى الخلاف، بل أدعّي الاجماع عليه،

وأخرى: بأنه هو الذي ادخل الضرر على نفسه. (وفيه): أن مقتضاه حرمة الجماع – مثلاً – ولا يقول بها أحد للأصل والاطلاقات، مع أنّه لا ريب في أن حفظ النفس أهمّ شرعاً وعقلاً من الطهارة المائية التي لها بدل سواء كان ذلك بالاختيار أم بدونه. مضافاً الى الاطلاقات الدالة على وجوب التيمم على المريض والمجروح والمقروح والخائف الشاملة لما اذا حصل السبب بالعمد والاختيار أيضاً.

وثالثة: بجملة من الاخبار، منها: صحيح ابن مسلم قال: "سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تصيبه الجنابة في أرض باردة ولا يجد الماء وعسى أن يكون الماء جامداً، فقال عليه السلام: يغتسل على ما كان فإنه لا بد من الغسل. وذكر أبو عبد الله عليه السلام أنهّ اضطر اليه وهو مريض فأتوه به مسخناً فاغتسل، وقال: لابد من الغسل"[1] .

ومنها: مرفوع علي بن أحمد عن أبي عبد الله عليه السلام: "سألته عن مجدور اصابته جنابة، قال عليه السلام: إن كان أجنب هو فليغسّل وإن كان احتلم فليتمّم"[2] . ونحوه مرفوع إبراهيم هاشم[3] .

ومنها: صحيح سليمان بن خالد وأبي بصير وعبد الله بن سليمان جميعاً عن أبي عبد الله عليه السلام: "انه سئل عن رجل كان في أرض باردة فتخوف إن هو اغتسل ان يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع؟ قال عليه السلام: يغتسل وإن أصابه ما صابه، قال: وذكر أنه كان وجعاً شديد الوجع فأصابته جنابة وهو في مكان بارد وكانت ليلة شديدة الريح باردة فدعوت الغلمة فقلت لهم احملوني فاغسلوني، فقالوا: إنّا نخاف عليك، فقلت: ليس بدّ، فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبوا علّي الماء فغسّلوني"[4] .

 


[1] وسائل الشيعة، باب17، أبواب التيمم، ح4.
[2] نفس المصدر، ح1.
[3] نفس المصدر، ح2.
[4] نفس المصدر ح4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo