« قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/10/05

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الطهارة/التيمم /لا يجوز اراقة الماء/

 

الموضوع: كتاب الطهارة/التيمم /لا يجوز اراقة الماء/

 

الاحتياط بالإعادة (1) وأما اذا ترك الطلب باعتقاد عدم الماء فتبين وجوده وانه لو طلب لعثر فالظاهر وجوب الإعادة أو القضاء (2)

مسألة 13: لا تجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل بعد دخول الوقت اذا علم بعدم وجدان ماء آخر (3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيتعن الحمل إما على الثالث أو الرابع: والعرف يساعد الأخير. فإن المنع العقلي بعدما كان موجباً لسلب القدرة، وكان كالمنع الشرعي.

وعليه فما ذكره المصنف (قده) من صحة الصلاة فيما اذا اعتقد ضيق الوقت خطاً، نعم إذا كان الخطأ في الاعتقاد لا يوجب منعاً عقلياً -كما في الفرض الثاني- لم يكن وجه للأجزاء ومع ذلك فلو تفحص بعد ذلك ولم يظفر على الماء وصلّى يكون من صغريات المسألة العاشرة التي تقدم ذكرها.

1_ ظهر وجهه مما تقدم من الإشكال في صحة البدار لذويه الأعذار، وغيره مما تقدم ذكره.

2_ لعمومات وجوب الطهارة المائية من غير ما يصلح للتخصيص، ولا أثر للاعتقاد ومع تبين الخلاف، كما لا وجه للتمسك بما مره من صحيح زرارة لاختلاف المورد.

مع أن اعتقاد عدم الوجود لا يجوب صدق عدم الوجدان، ولا منع عقلي يستوجب ذلك أيضاً، كما في الغرض السابق.

3_ في المقام حالات: الأولى إراقة الماء بعد دخول الوقت والعلم بعدم وجدان الماء الكافي للوضوء أو الغسل. والمشهور بل أدعّي الإجماع على حرمته وفي الجواهر لم يعرف فيه مخالفاً إلاّ ما في المعتبر".

واستدل عليه ايضاً بحرمة تفويت التكليف الاختياري المنجزّ الفعلي إجماعاً، وقبح ذلك عقلاً، واستنكار المتشرعة، بل العرف لذلك أيضاً. ويمكن اعتبار ذلك قاعدة فقهية، وهي قبح تفويت التكليف الاختياري الفعلي المنجز عقلاً وشرعاً وعرفاً.

ولما تقدم من أن بدلية التكاليف العذرية عن الاختيارية، بدلية اضطرارية لا اختيارية حتي يكون للمكلف اختيار إيجاد أيهّما شاء وأراد. فلا أشكال في الحكم المذكور المعروف بين الأصحاب من حرمة أراقة الماء الكافي للطهارة المائية.

ثم أنه (قده) استدل لما ذهب اليه في المعتبر بإطلاق وجوب الطهارة المائية، كما هو ظاهر قوله تعالى: ﴿اذا قمتم الى الصلاة فاعسلوا...﴾ وقوله تعالى: ﴿حتى تغتسلوا﴾.

ويرد عليه: بأنهّ وإن كان ظاهرهما يقتضي ذلك، إلاّ أنّ مقتضى الجمع بينه وبين ما بعده من قوله تعالى: "فلم تجدوا ماء..." كون موضوع الطهارة المائية خصوص واجد الماء، كما هو الحال في امثاله مما ورد فيه مطلق ومعتمد، نظير اطلاق أدلة وجوب التمام، فإنهّ وإن كان يقتضي وجوبه مطلق، إلاّ أنّ الجمع بينه و بين ما دل على القصر للمسافر يقتضي اختصاصه بغير المسافر، فيكون التمام والقصر حكمين لموضوعين: احدهما: المحاضر، والآخر: المسافر، وحكم كل واحد منهما معلوم. وكذلك نقول في المقام، فإنّ مقتضي الجمع بين أدلة الطهارة المائية، والتربية، كون موضوع الأولى الواجد، وموضوع الثانية الفاقد، فكما لا مانع عقلاً من الانتقال من الضر الى السفر، وبالعكس، كذلك في المقام يجوز الانتقال من الوجدان الى عدمه وبالعكس لو أمكن وامثالهما في الفقه كثير.

ولكن يمكن مناقشته بأنّ ذلك صحيح، وقد عدهّ الفقهاء من القواعد الفقهية، وهي قاعدة تبدّل الحكم يتبدل موضوعه، وقد ذكرنا ما يتعلق بها في كتاب الطهارة، وذكرنا شروط أحكام تلك القاعدة، فراجع.

إلاّ أن هذه القاعدة تختص بما اذا لم يكن عنوان المقيد عنواناً إضطرارياً، فإنه لو كان كذلك فإن العرف يأبى عن الجمع بالتقييد، بل يكون المفهوم عنده من الدليلين، هو وجود ملاك حكم المطلق مطلقا غير شروط بنقيض عنوان المقيد، وانه في ظرف عذر المكلف عن موافقة حكم المطلق ولأجل الاضطرار يثبت حكم المقيد، ومن يراجع العرف يرمى ذلك بوضوح في القيود الاضطرارية، يضاف الى ذلك ارتكاز بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل عند المتشرعة، فيتبين الرجوع الى ملاكها في ظرف مشروعيته، لا أن يكونا موضوعين حتى تدخل في تلك القاعدة. فإن بإنتفاء ملاكهما لا معنى للبدلية عنهما، فلو كان الوجوب مشروطاً بالوجدان، فيكون عدم الوجدان موجباً لإنتفاء الملاك كما هو ظاهر، وربما يتشكل على ذلك

أولاً: معارضهّ ذلك بما دل عل الإجزاء، مثل قوله (عليه السلام): "يكفيك الصعيد عشر سنين"[1] ، وقوله (عليه السلام): "إن الله جعل التراب طهوراً كما جع الماء طهوراً"[2]

ولكنه مردود بأنّ مفاد هذه الأدلة ليس إلاّ نفي الإعادة أو القضاء، ولا نستفيد منها أن التيمم يفي بتمام ما يفي به الوضوء أو الغسل. كما سيأتي بيان ذلك.

وأما التشبيه في الخبر الأخير فإنمّا هو بين الجعلين فقط فيدل على تساويهما، لا أن يكون بين نفس المجعولين ليدل على تساويهما في المصلحة، يمتنع الترتيب بينهما.

ثانياً: إذا كانت مصلحة الطهارة المائية أهم و أعظم لزم عدم جواز فعل الغايات المشروطة بها إلاّ عند الضرورة مع بنائهم على انه يستباح بالتيمم كل ما يستباح بالطهارة المائية ولو مع عدم الاضطرار، فلو تيمم عند عدم الماء أو الخوف من استعماله جاز له القضاء وغيره من الواجبات والمستحبات وإن كانت موسعة، وجاز لغيره استئجاره لذلك، وجاز الاكتفاء بفعله في الكفائيات، ونحو ذلك، ولما جاز البدار مع انه مذهب جماعة، بل قبل بانه الصحيح كما يأتي إن شاء الله تعالى.

وفيه: ان ما ذكر أغلبها محل منع عند الفقهاء، كما سيأتي، وعلى فرض القبول فإن تمّ اجماع في جميع ما ذكر أو قام دليل عليه فان ذللك يمكن أن يكون كاشفاً عن رفع الشارع الأقدس اليد عن المقدار الزائد.


logo