< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/07/18

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/التيمم /الغلوة والغلوتين

واما خبر علي بن سالم عن ابي عبد الله عليه السلام: "قلت له: أتيمم (إلى أن قال:) فقال له داود الرقي: أفأطلب الماء يمينا وشمالا؟ فقال: لا تطلب الماء يمينا ولا شمالا ولا في بئر، إن وجدته على الطريق فتوضأ منه (به) وإن لم تجده فامض"[1] ، فهو محمول على مورد وجود الخوف عن التفحص بقرينة غيره لا سيما بملاحظة قرب اتحاد الواقعة التي سأل فيها الرقي في الخبر المتقدم الذي عرفت الجواب عنه، فلا إطلاق في خبر علي بن سالم، يضاف الى ذلك ضعف سنده لتردد علي بن سالم بين المجهول وبين علي بن ابي حمزة البطائني الذي قيل فيه بأنه من عمد الواقفة وان كان لنا كلام في هذا الشخص يأتي بيانه ان شاء الله تعالى، ومع ذلك فهو مخالف للإجماع كما عرفت.

ومنه يظهر ضعف ما ذكره المحقق الاردبيلي في مناقشته لخبر علي بن سالم بأنه أوضح دلالة وسنداً وان كان علي بن سالم مجهولاً، وقال بأن خبر السكوني ليس بصحيح ولا بصريح.

والنتيجة لا اشكال في ما ذكره المصنف من الفحص في الأرض الحزنة والسهلة بالطريقة المذكورة، والحاصل من جميع ما تقدم أمور:

الأول: ان وجوب الفحص يحتمل فيه أن يكون نفسياً كما عن قواعد الشهيد، والحبل المتين والمعالم، ويحتمل ان يكون غيرياً، لكون الطلب شرطاً في صحة التيمم تعبداً، كما اختاره في الجواهر ولعله المشهور، او يكون عقلياً لملاك وجوب الاحتياط مع الشك في القدرة، والاظهر هو الأخير كما ذكرناه آنفاً.

وما استدل على الأول بأن الأصل في الامر كونه نفسياً والثاني بأن الطلب شرط في صحة التيمم تعبداً، الأول خلاف الأصل الثانوي، والثاني خلاف إطلاق الآية التي تدل على مشروعيته بمجرد الوجدان واقعاً، فلابد من حمله على الارشاد لأن ارتكاز الوجوب العقلي يصلح قرينة على الارشاد فقط، وعليه فلا دخل للطلب في صحة التيمم لا ظاهراً ولا واقعاً، بل هو راجع الى تأمين المكلف عن خطر تفويت الطهارة المائية.

نعم يمكن لنا القول بأنه بعيد عن ظاهر صحيح زرارة المتقدم لكن ذلك لا يضّر بعد ما ذكرنا من أن الأصل يقتضي الفحص والطلب، وحينئذٍ ان مقتضى لزوم تأمين المكلف عن الخطر تفويت الطهارة المائية يكون الطلب شرطاً في الحكم الظاهري بصحة التيمم لا شرطاً في الصحة واقعاً، ولا واجباً نفسياً ولا واجباً عقلياً بحتاً فلا يبعد الالتزام ايضاً في الطلب لغير المسافر، فيكون الاجماع عليه راجعاً الى الاجماع على الغاء الأصل على عدم الوجدان.

الثاني: لم يرد لفظ السهم في الأدلة وانما ذكر في كلمات الفقهاء، نعم ان لفظ الغلوة المذكور في الأدلة يدل عليه عرفاً، لأن الغلوة[2] ، وان كانت تأتي بمعنى رمية سهم الى غاية مداها 400ذراع[3] ، والرمية تختلف باختلاف قوة الرامي وآلة الرمي وسائر الجهات، فيكون المدار على المعتدل من جميع تلك الجهات ومن أجل ذلك اختلف اهل اللغة في تحديدها، فمن قائل بأنها مائة ذراع، ومن قائل بأنها ثلاثمائة ذراع الى اربعمائة، ومن قائل بغير ذلك، ويمكن رفع الاختلاف بأنه يحصل عادة بحسب الاختلاف في انحاء آلة الرمي وقوة الرامي ونحوها، فلا اختلاف في المعنى حقيقةً، ومع الشك وجب الاحتياط لقاعدة الاشتغال، ولكن الذي ذكرناه يرفع الغموض والاجمال.

الثالث: ذكرنا أن الحزنة قد تتحقق لأجل الأشجار كما نص عليه في الجواهر وغيرها، والحزنة -بالفتح فالسكون- ما يختلط من الأرض


[2] بفتح فسكون المرّة من غلا جمع غلوات وغلا: الغاية.
[3] ويعادل في المقاييس المعاصرة 80/184متراً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo