< قائمة الدروس

الأستاذ السيد علي السبزواري

بحث الفقه

45/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: كتاب الطهارة/الأغسال المندوبة /ما يكون لأجل الفعل

السابع: غسل من شرب مسكرا فنام، ففي الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما مضمونه: " ما من أحد نام على سكر إلا وصار عروسا للشيطان إلى الفجر، فعليه أن يغتسل غسل الجنابة " (1)

الثامن: غسل من مس ميتا بعد غسله (2)

(مسألة 1): حكي عن المفيد استحباب الغسل لمن صب عليه ماء مظنون النجاسة، ولا وجه له (3)

وربما يعد من الأغسال المسنونة غسل المجنون إذا أفاق، ودليله غير معلوم (4) وربما يقال إنه من جهة احتمال جنابته حال جنونه، لكن على هذا يكون من غسل الجنابة الاحتياطية، فلا وجه لعدها منها، كما لا وجه لعد إعادة الغسل لذوي الأعذار المغتسلين حال العذر غسلا ناقصا مثل الجبيرة، وكذا عد غسل من رأى الجنابة في الثوب المشترك احتياطا فإن هذه ليست من الأغسال المسنونة (5)

(مسألة 2): وقت الأغسال المكانية كما مر سابقا قبل الدخول فيها أو بعده لإرادة البقاء على وجه (6)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1_ نقله في المستدرك عن جامع الاخبار[1] ، ومقتضى صدر الحديث ان الغسل هو غسل الجنابة، ولكن مقتضى ذيله -كما نقله في المستدرك- "وجب ان يغتسل كما يغتسل من الجنابة" والتنظير فقط، والظاهر حمل الصدر عليه ايضاً، لعدم دليل على ثبوت الجنابة المعهودة من الشيطان.

2_ لقول ابي عبد الله عليه السلام في خبر عمار -على ما في التهذيب- "وكل من مسّ ميتاً فعليه الغسل، وان كان الميت قد غسل"[2] .

3_ لعلّ وجهه الاحتياط، والتجنّب عن النجاسة والتحفظ عنها مهما أمكن، كما قالوا في استحباب الغسل على من افاق من الجنون، وكذا الغسل على واجدي المنّي في الثوب المشترك، وعلى من اغتسل لعذر وقد زال عذره الى غير ذلك من الاغسال المبنيّة على الاحتياط، ويمكن ان يكون مراده (قده) الغَسل (بالفتح)، وحصل تصحيف فقرأ (بالضم) فحينئذ لا اشكال في الاستحباب.

4_ ويمكن التماس الدليل له اما من اجل الاحتفاظ على الطهارة الظاهرية، لانه كان غير بال بالنجاسة، وليس من اجل ما ذكره السيد المصنف (قده).

5_ لا منافاة بين كون الحكمة فيها رفع الجنابة الاحتمالية، وكونها مسنونة ايضاً، اذ يمكن ان يكون لتشريع شيء حكماً كثيرة.

6_ بعد ان كان المناط في هذه الاغسال هو شرف المكان، وهو كما يكون بالنسبة الى الدخول فيه يكون بالنسبة الى البقاء ايضاً، فهما سيّان من هذه الجهة، يضاف الى ذلك خبر ذُريح قال "سألت الباقر عليه السلام عن الغسل في الحرم، قبل دخوله او بعد دخوله، قال عليه السلام: لا يضرّك أي ذلك فعلت، وان اغتسلت بمكة فلا بأس، وان اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس"[3] ، وحمله على الغسل لدخول المسجد او الكعبة بلا شاهد. نعم في خبر ابن عمار "اذا اردت دخول الكعبة فأغتسل قبل ان تدخلها"[4] ، ويمكن ان يكون النزاع لفظياً، اذ لا ريب في ان الأفضل انما هو في التقديم، كما لا ريب في وجود الفضل في غيره.

 

ويكفي الغسل في أول اليوم ليومه، وفي أول الليل لليلته (1) بل لا يخلو كفاية غسل الليل للنهار وبالعكس من قوة (2) وإن كان دون الأول في الفضل، وكذا القسم الأول من الأغسال الفعلية وقتها قبل الفعل على الوجه المذكور (3) وأما القسم الثاني منها فوقتها بعد تحقق الفعل إلى آخر العمر (4) وإن كان الظاهر اعتبار اتيانها فورا ففورا (5)

(مسألة 3): ينتقض الأغسال الفعلية من القسم الأول، والمكانية بالحدث الأصغر من أي سبب كان، حتى من النوم على الأقوى (6) ويحتمل عدم انتقاضها بها مع استحباب إعادتها كما عليه بعضهم، لكن الظاهر ما ذكرنا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1_ تقدم وجهه في اول الاغسال المكانية.

2_ لما ورد في خبر جميل المتقدم عن ابي عبد الله عليه السلام: "غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك"[5] ، وقد عمل به الصدوق (رحمه الله) وطريقه الى جميل معتبر، فلا وجه للمناقشة سنداً تارة. واعراض الاصحاب أخرى. وان اللام بمعنى (الى) ثالثة.

وقد عرفت ان السند معتبر، وأنّ الاعراض مبنّي على اجتهادهم، والأخير خلاف الظاهر، كما لا يخفى.

3_ لما عرفت من انه المنساق عرفاً من الأدلة، نعم لو كان للفعل امتداد زماني يصّح الغسل في أثناء الفعل ايضاً، وان كان الأولى ان يكون اتيانه بقصد الرجاء.

4_ لإطلاق الأدلة مع عدم دليل على التقييد.

5_ لكونه من المسارعة والاستباق الى الخير، وهو مطلوب مطلقاً.

6_ الكلام تارة يكون من ناحية الأصل، وأخرى من ناحية الأدلة الخاصة.

اما الأولى: فان مقتضى الأصل بقاء أثرها بعد الحدث الا ان يدل دليل على النقض من جميع الجهات.

وفيه: انه محكوم بإطلاق أدلة النواقض ان قلنا بأن الاغسال المندوبة ترفع الحدث وتجزي عن الوضوء، نعم يمكن ان نقول بأن الاطلاق يقتضي الانتقاض من جهة رفع الحدث فقط، وان كان يبقى أثرها من سائر الجهات للأصل، الا ان يدل دليل على النقض من تمام الجهات.

ولكن نوقش في الأصل بأنه من الشك في المقتضي، وقيل: بعدم جريان الأصل فيه.

ويرد عليه: أولا ما ذكرنا في الأصول من أنه لا فرق في اعتبار الاستصحاب بين الشك في المقتضي وغيره

وثانياً: ان المقتضي محرز بالوجدان، اذ لا فرق بين النظافة المعنوية بجميع مراتبها، والنظافة الظاهرية كذلك، فانه لو شك في عروض نجاسة على ثوبه او بدنه بعد تطهيره فانه يبني بفطرته على بقاء الطهارة، وكذلك الامر في النظافات المعنوية في أي مرتبة من مراتبها.

واما الثانية: فان الأدلة الخاصة على اقسام:

القسم الأول: صحيح جميل عن ابي عبد الله عليه السلام قال: "غسل يومك يجزيك لليلتك، وغسل ليلتك يجزيك ليومك"[6] ، وقريب منه غيره، ومقتضى اطلاقها عدم النقض بالنواقض التي يبتلي بها المكلف عادة في اليوم والى الليلة وبالعكس.

القسم الثاني: صحيح ابن سويد عن ابي الحسن عليه السلام: "عن الرجل يغتسل للإحرام ثم ينام قبل ان يحرم، قال عليه السلام: عليه إعادة الغسل"[7] ، وفي المصابيح: ان الاصحاب لم يفرقوا بين غسل الاحرام وغيره، وفي خبر إسحاق عن غسل الزيارة يغتسل بالنهار ويزور بالليل بغسل واحد قال عليه السلام: يجزيه ان لم يحدث، فان احدث ما يوجب وضوءً فليعد غسله بالليل"[8] .

القسم الثالث: صحيح العيص عن الصادق عليه السلام: "عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ثم ينام قبل ان يحرم. قال عليه السلام: ليس عليه غسل"[9] ، وقوله عليه السلام "ليس عليه غسل" يحتمل وجهين:


[1] مستدرك الوسائل، باب35، أبواب الجنابة، ح12.
[2] وسائل الشيعة، باب3، أبواب غسل الميت، ح3.
[3] وسائل الشيعة، باب2، أبواب مقدمات الطواف، ح1.
[4] نفس المصدر، باب36، ح7.
[5] وسائل الشيعة، باب9، أبواب الاحرام، ح1 و6.
[6] تقدم مصدره.
[7] نفس المصدر، باب10، أبواب الاحرام، ح1.
[8] وسائل الشيعة، باب3، أبواب زيارة البين، ح2.
[9] وسائل الشيعة، باب10، أبواب الاحرام، ح3.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo